9 أبريل، 2024 7:49 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. نور قزاز: اعتدت على تجسيد محبتي للوطن من خلال الكلمة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

“‎نور قزاز” كاتبة سورية، ولدت في مدينة حلب صدر لها روايتين.

إلى الحوار:

** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– بعد رحلة بحث  تأملية في عالم الكتب والحياة، كان عندي رغبة كبيرة في فهم الحياة من وجهات نظر مختلفة وفضول كبير لفك شيفرات الكون وضفائر الحياة.

في الحقيقة أنا أقرأ بشغف منذ الطفولة، أحب عالم القراءة الذي كان يخطفني دائماً من الواقع، وكل خطفة كانت تزيد من إدماني وأشعر بنشوة الخيال، وتحلق روحي في فضاء الكتابة إلى فضاءات متنوعة. كنت أقرأ كتباً متنوعة، أقرأ كل ما يقع تحت يدي من قصص، ثم كتب والدي وأهتم لسماع حكايا جدي.

وبعد أن كبرت قليلا بدأت أنفق نقودي لشراء الكتب، فالقراءة المتنوعة في مختلف مجالات الحياة والبحث في الأديان والفلسفة وعلوم الإنسان، والربط بينهما ربطاً منطقياً، وأيضاً من التجارب الحياتية مُحاولةً فهم العالم المحيط بي وزخم المعلومات، الذي أصبح بداخلي أشعل الرغبة بي للكتابة.

فالثقافة لا تأتي من التعليم الذي نجبر عليه في المدارس والجامعات فحسب، بل من الاهتمام بالمواضيع المحيطة بنا،ومعرفة الحقائق، والأحداث الجديدة، والكثير من الكتب الجديدة، والاختراعات المثيرة للاهتمام، والكثير من البرامج التعليميّة، كما أهتم بالتواصل مع الآخرين والسماع لتجاربهم وأحب صداقة المبدعين والافادة من نصائحهم وأفكارهم الجديدة.

وحين تركت وطني ورحلت شعرت بالغربة، وتألمت على ما حل به من خراب، وفي عمر السادسة والثلاثين في عام 2016 بدأت بكتابة مقاطع  من روايتي الأولى في برنامج الفيسبوك، على شكل حلقات ووقتها لاقت نجاحاً كبيراً ومنها انطلقت.

** في رواية “في دهاليز الفيسبوك” تعرضت “نورس” لأحداث متسارعة ما بين حب ومحاولة لنشر أفكار إنسانية وأمور أخرى خطرة وغامضة حدثينا عنها

– “نورس”أنثى ممتلئة بحماس الشباب ولديها رغبة جامحة لجعل بلدها أفضل، وكان يؤلمها أن يقتل الأخ أخيه وقت الحرب، فقررت الكتابة ونشر أفكارعن المحبة والسلام لتساهمبما ترى، من وجهة نظرها، أنه مفيد على منصة “الفيسبوك”، وكتبت عن لعبة الطائفية والتطرف وأن الدين في الأساس هو دين الإنسانية مهما اختلفت الطرق،إلا أن هدف الإنسان الوصول لأسمى مراحل الإنسانية ليصل الى الحكمة.

وكتبت عن كرهها للحرب والقتل، فتعرضت للتهديد من متطرف لاحقها وعرف معلومات عنها وعرف عنوانها في الواقع، وقام بتخويفها ثم وقع في حبها لاحقاً، وكان لها دوراً كبيراً في التأثيرعليه وتغييرأفكاره، لأنه أراد أن يتخلص من تعاسته ووجوده في بيئة قاسية فُرضت عليه وجعلته بذلك التطرف والعنف، وأقنعته بأن يغادر المكان الذي لا يستطيع أن يعيش سعادته فيه، وهاجر في رحلات البحر.

وبعدها تعلقت “نورس” ب”كارلوس” الذي أحبته على برنامج “الفيسبوك”، وسافرت والتقت به واتضح لاحقاً أنه ينتمي إلى منظمات غامضة، وطلبوا منه تجنيد “نورس” في صفوفهم وتم خطفها. وتعرضت لمغامرات كثيرة لا تشبه حياتها الهادئة، وتم تدريبها على الجاسوسية وكلّفت بمهمات صعبة وحدث لها المزيد من المفاجآت.

** في رواية “في دهاليز الفيسبوك” هل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي متغلغلة داخل تفاصيل حياتنا لدرجة أنها أصبحت تكتب في الروايات كجزء من الواقع المعاش؟

– بالطبع، فوسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة التواصل الأقوى اليوم، كل زمان وله أدواته واليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المتداولة أكثر والأسرع، وطبعاً استخدامها سلاح ذو حدين، وكل إنسان يسخر العلم في خدمته بحسب ثقافته المعرفية. فإما أن يستثمر هذه الفرصة الخارقة ليستفيد منها دون أن يدمنها، بشكل يجعلها تسيطرعليه وإما أن يجعلها وسيلة لانحداره واغتصاب وقته بما لاينفعه.

** في رواية “ليليا” تحولات نفسية كبيرة أثرت في البطلة وجعلتها تتغير من الداخل ثم عادت مرة أخرى لطريق الخير والمحبة حدثينا عن ذلك؟

– في الحقيقة أحببت أن أوجه رسائل إلى المرأة العربية التائهة التي فقدت بوصلة السعادة، في ظل التغيير الكبير الذي طرأ على المجتمع اليوم، فجميعنا يلاحظ تمرد المرأة في وقتنا الحاضر على واقع ذكوري ظالم لم تعد تحتمل سطوته، لكنها تمردت وثارت من دون بوصلة وفقدت المسار الصحيح.

أحببت من خلال الرواية أن أساعد المرأة على تفهم ذاتها وطبيعتها المختلفة عن الذكر، لتدرك أنه لن يكون كما هي تتوقعه دائماً، لأنه لا يفكر بنفس طريقة تفكيرها، فهي تغلب العاطفة في نمط تفكيرها وهو يفعّل المنطق بشكل أكبر.إلا إذا كان رجلا متوازنا تصالح مع عالم الأنثى بداخله وفهمه وكان مثقفاً حقيقياً وليس مدعياً.

كما حاولت أن أساهم في إعادة بناء ثقة المرأة بنفسها، من خلال ترميم  أعطابها الفكرية والنفسية، وتعليمها أن تثور بنعومة وبحب ولا تتطبع  بطباع من ظلمها كردة فعل فيها تنمروعنف. لأن الأنثى في الأصل تميل إلى اللين والحب والعطاء والصوت الناعم والقوة الداخلية، واستمرارية السعي نحو الابداع والكمال، وخروجها عن طبيعتها ومسارها الصحيح لن يجعلها سعيدة بل ستصبح نسخة عن جلادها،وشددت على أهمية وجود المعنى والهدف الخاص في حياتها، بعيدا عن أمنياتها لمن تحبهم وإلغاء أهدافها الخاصة.

** علمت بأنك تكتبين بأكثر من فن من الفنون الأدبية، وتكتبين المقالة أيضًا، ماذا تريدين أن تقولي من خلال مقالاتك؟

– هناك الكثير مما يمكن أن يقال في ظروفنا الراهنة، فنحن اليوم على أعتاب تغيير أيديولوجي عام، ونقلة نوعية كبيرة في الوعي الإنساني بالعموم، وفي مجتمعاتنا الشرقية بالخصوص، ولكن دافعي ومحركي الأول هو المحبة للإنسان. أما رسالتي الأهم هي إعادة تفعيل تواصل الإنسان مع ذاته والتصالح مع دواخله، وخلق حالة صلح بينه وبين نفسه من جهة وبينهوبين الناس من جهة اخرى، والقيام بتحديث برمجي فكري ونفسي وديني شامل، كان قد فقدَ صلاحيتهُ وفعاليتهُ وتم استهلاكهُ عبثياً في هذا العصر.

عدا عن الحد من نموه المعرفي فسُرقَت سعادتهُ وتسبب ذلك بإعاقات نفسية وسيكولوجية دفينة، وربما تطور الأمر ليطال الأمراض الجسدية، فالإنسان كتلة واحدة مترابطة من عقل ونفس وجسد، وعليه الاهتمام بتغذية كل ما يَخدم نبوغهُ الفكري والمعرفي والنفسي والجسدي، لينمو بشكل سليم وسعيد ويتطور على أثر ذلكعلى النحو السليم.

** هل تقودك اللغة نحو المتخيل أم تجعلين اللغة في خدمة المتخيل؟

– إن اللغة وسيلة والمتخيل والمحتوى أياً يكن مضمونه بأبعاده اللامحدودة فهو الأساس، أنا مثلاً ككاتبةأقدم أفكاراً وأطرح حلولاً ذات بُعد إنساني في المقام الأول، وقلمي مرآة للواقع، يتمحور حول مشاعر الناس المختلفة من حب وغيرة وحيرة وحزن وخذلان وتساؤلات ومخاوِف وإستهجان ودهشة، وأحاول أن أترجم كل المشاعر التي تختلج بصدر الإنسان إلى مادة مقروءة ومستساغة ومحببة ومقنعة.

الفن برأيي لايحتاج للكثير من التعقيد ليصل لقلب القارئ، الفن الحقيقي هو أن توصل ما تريد إيصاله للطرف المقابل، من خلال حرارة الكلمة وعمق الشعور وصدق الأحاسيس، وهذا يأتي من الصدق مع الذات أولاً وينبع من تدريب النفس على قوة الاحساس بالآخر، والجرأة والشجاعة على إخراجها من باطنه إلى النور، ولا مانع من السعي المستمر لتقديم المحتوى بأناقة وترتيب وفرادة، أو نظمها كمصفوفة كلمات جميلةتطرب المتلقي وتُضيف عُمقاً لِعُمق المعنى.

** عانت “ليليا” من خيانة زوجها ومن تلاعب “خالد” لذا قررت الانتقام.. هل من ضمن أهدافك للكتابة رصد معاناة النساء في مجتمعاتنا الشرقية ومدى الظلم الواقع عليها والدفاع عن حقوقها؟

-بالطبع فالكتابة مسؤولية أيضاً والمرأة العربية اليوم، والانسان العربي بشكل عام، بحاجة للخلاص من برمجة أفكار قديمة فقدت صلاحيتها، ولم تعد تساعد في تطوره وسعادته بل تحد من امكانيتها. ومسؤولية الكاتب طرح أفكار جديدة وتسليط الضوء على مكامن الخلل لاصلاحه، وخاصة أن الأنثى هي من تربي الأجيال.

** ما تقييمك لحال الثقافة في سوريا في الوقت الحالي وبعد سنوات من الصراع؟

– فوضى عارمة وانحدار يعقبهُ انحدار، ولكنها  بنظري قد تكون فوضى خلّاقة قابِلة للاستثمار، وقد تُثمرِ، فهي كحالة صحية تنشُط بعد سُبات طويل الأمد. وقد تؤسس لإعادة إعمار فكري وحضاري واجتماعي متنوع الأطُر، إن تمت إتاحة الفرصة لذلك.

كما أن تراكمات الموروث قد أثرت في  مجتمعاتنا العربية من حيث تلقي أي جديد والإكتفاء بالموجود، وألغت عمالة العقولوهذا ماقد يوصل الإنسان إلى مرحلة من الضياع والتوهان المُتشعّب واللامنتهي، وقد لايترك ذلك أمامه حلولاً كثيرة، فإما الاستسلام والانحدار إلى أسفل مراتب سلم الهرم الانساني، و إما السعي والاجتهاد للتنور والتطور والعمل على إكتشاف وتطوير مخزونه الدفين، من المهارات والأفكار الإبداعية الخلّاقة، والمساهمة في إعادة البناء من جديد بهيكلية تواكب التطور الحالي.

** هل تشعرين بالحنين لوطنك وهل تحاولين التعبير عن هذا الحنين في نصوصك الأدبية؟

– نعم أنا أنثى عاشقة لوطني قبل أن أكون كاتبة، وحيث يكون العشق لايوجد انفصال أبدا، فهو شوق مستمر دائم، حالة حنين حلوة ومؤلمة في نفس  الوقت، في بداية غربتي اشتقت كثيرا وتألمت، وبالتأكيد اعتدت لاحقا على تجسيد شوقي ومحبتي ولهفتي من خلال الكلمة.

 

** هل تفكرين في الدخول إلى عالم السينما وهل تجدين صعوبة في ذلك؟

-يقولون السينما هي فن الصور المتحركة بينما الأدب هو فن الكلمات وأنا أقول أننا اليوم بحاجة لدمج الفنين ليخرج عملاً ابداعياً مدهشاً، يحاكي  جميع الأنماط، فبعض الناس يحبون التلقي البصري وبعضهم السمعي وبعضهم الحسي، وعندما يكون كاتب السيناريو مبدعاً يضيف إلى فن الصور المتحركة التي في رأسه حوارات ثرية، يكتبها بشكل ممتع ويأت المخرج ويخرج مافي عقل الكاتب، ليجعله صوراً حية نابضة، ويختار لاعبين الأدواربعناية، لإيصال إحساس الكاتب ورسالته بشكل ممتع.

بدأت التفكير الجدي في دمج قلمي بعالم السيناريو النوعي والإنتقائي، لأن الناس اليوم يهتمون بالتلقي عبر الدراما أكثر من القراءة وعلى الكاتب اليوم أن يسعى لطريقة إبداعية تجعل صوت أفكاره يصل أسرع إلى الناس، وبالوسائل التي يراها مجدية وأقرب لقلوبهم لتنال قبولاً وصدى لديهم.

** هل تتفاعلين ثقافيا في تركيا وتحاولين التواجد ونشر كتاباتك؟

– اخترت منصة الفيسبوك للنشر اليومي للسهولة، لأنني أم وزوجة وهذا أسهل عندي في الوقت الحالي.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب