8 أبريل، 2024 12:56 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. نورة عبيد: الكتابة السرديّة، “قصّة ورواية”، هي حكاية الأزمنة تستنطق الفراغات وتنتشل الغريق من الهاوية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

“نورة عبيد” كاتبة وشاعرة تونسية. ولدت في 15 فيفري 1973 بقرية حارة الشعراء معتمدية حمام الأغزاز من ولاية نابل. درست المرحلة الابتدائية بحارة الشعراء ودار علوش المرحلة الثانوية بمعهد عبد العزيز الخوجة بقليبية. ثم العربية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية 9 أفريل.  تعمل حاليا أستاذة لغة وآداب عربية.

من أعمالها:

– مرايا التّراب قصص التّفاصيل المنسيّة

– بحث في أدب الرسائل: صورة العاشق في رسائل غسان كنفاني لغادة السمان.

– بوابات على ديدان النّسيان :مجموعة شعريّة.

– نوبات: رواية تشاركيّة مع معاوية الفرجاني.

الجوائز:

حصلت على جائزة الطاهر الحدّاد لأدب المرأة سنة 2018.

أجرينا معها هذا الحوار الشيق:

** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطوّر؟

-إنّ الشغف بالكتابة مرتبط بالشغف بالقراءة، وأنا خلقت لأقرأ، هكذا قيل لي وهكذا وعيت وجودي مشدودة للكتاب والورق والحبر والأقلام. تعلّقت همّتي بالمدرسة، ذلك الركن النيّر من قريتي، فأكبرت هذا الفضاء الذي جعل الصور التي تجتاحني كلمات! وصيّر الورق أمامي غذاء لعقلي ورصيدا لذاكرتي. فكان درس العربيّة بفروعه القراءة والكتابة والمشافهة فرصة لإبراز جدارة القراءة والكتابة، فانتبه المعلّمون والأساتذة إلى قدرتي على الوصف والسرد وتلخيص القصص، حتّى أقرّوا بحساسيتي ‘الإبداعيّة”. ومن ثمّ تمّ توجيهي إلى فضاءات المكتبة العموميّة والأنشطة الكتابيّة حتّى كانت أوّل مشاركة لي في ملتقى الأدباء الشّبان بقليبيّة وعمري لم يبلغ بعد أربعة عشر سنة، ملتقى الأدباء الشبان أشارك فيه بنصّ شعري وأنا طفلة بعد. كان ذلك بالنسبة لي حدثا غيّر حياتي.

** لك بحث في أدب الرسائل بعنوان “صورة العاشق في رسائل غسان كنفاني لغادة السمان”. لم اخترت هذا الموضوع الشيق؟ وإلام توصلت؟  

– هذا البحث تزامن مع سنة تخرّجي من الجامعة التونسيّة أستاذة في اللغة والآداب العربيّة. اخترت الرسائل لأنّي تعلّقت بخبر نشر “غادة السّمان” للرسائل المتوارد بالمنابر الثقافيّة والإعلاميّة. تعلّقت بجرأة “غادة السّمان” واسم “غسّان كنفاني”. كان ذلك قبل إنجاز البحث بثماني سنوات.

وهذا اهتمام مزدوج، اهتمام بأدب المرأة وشواغلها واهتمام بأدب الرسائل وخصوصيّته. وللأمانة لم يقبل أساتذتي بالجامعة اختياري إلاّ بعد لأي.

إنّ الشغف بالرسائل لائط بأدب السيرة. مرتبط بهذه الخصوصيّة الذاتيّة التي تقول نفسها، أو لا تقول، وهي تحاول أن تتعرّف على ذاتها. شغف ازداد بعد قراءة الرسائل قراءات والوقوف عند تفاصيل الكتابة “الترسليّة” والبحث عن صورة العاشق قبل صورة المعشوقة، كانت فكرة طريفة، أكسبت الرسائل طاقّة مرجعيّة تسجيليّة.

ف”غسان” الشّهيد الّذي احتفلت “غادة” بذكرى الشهادة بنشر “الرسائل”، رسائل الحبّ والغضب، رسائل السياسيّ والسارد، رسائل المناضل والقائد، رسائل الإنسان صورته “غسّان كنفاني” المسئول والأخ والأب والزوج والعاشق .رسائل “غسّان” الفنّان السارد يعيد ترتيب الحواس. إذن الشغف مرتبط بميل إلى أدب البوح المخاتل. إلى الرسائل ممارسة “انفعاليّة” تعبيريّة تأثيريّة بالأساس. خطاب من باث إلى متقبّل غايته التعبير عن هواجس الذات والتأثير في شجون أو صدود الآخر.

والفضل كلّ الفضل ل”غادة” التي أخرجت الرسائل من صناديقها السوداء إلى منتهى الضياء والعبور إلى الذاكرة الجماعيّة. فكانت أولى النتائج انقسام الجمهور إلى مساند ومعاد. زحف أقلام شابه تخوين “غادة” إذ أساءت للشهيد! وأهمّ نتيجة آمنت بها هي أنّ الذات الكاتبة للرسائل/ “غسان كنفاني”، كان يمارس منتهى عشق العشق؛ عشق الكتابة قبل عشق المعشوقة. إذ كانت أمّ الرسائل موجّهة في الأصل لأخته “فائزة” تهزج بفلسطين وبتأصيل كيان. رسالة جمعت كلّ وظائف الخطاب التداوليّة: التعبير والتأثير والمرجعيّة والجماليّة. فكانت رسالة احتجاج على الوجود والصدود. بيان وجود يؤسّس لقيم الوجود الإنسانيّ الأقصى؛ الحبّ والموت والوطن!

** كتبت الشعر والقصة والرواية. من منهم يعبّر عن ذاتك أكثر وتجدين فيه الملاذ؟         

– إنّ الممارسة الإبداعيّة تبدأ حساسيّة وجود ورغبة أصيلة في التعبير عن شوارد الذات. لذلك انساب القلم شعرا. وللأمانة استفقت أنّي أكتب “شعرا” إذ انتبه الآخر للشعر فيما أبدي كتابة وقولا. ولأنّني أتهيّب النشر كثيرا لم أفكّر أن أنشر مجموعة شعريّة. المجموعة هي التي داهمتني “بوابات على ديدان النسيان” قصائد أرسلتها إلى برنامجين مختصّين في أدب الناشئة. الأوّل “واحة المبدعين” بإذاعة المنستير للدكتور”محمّد البدوي”، شفاه الله.

والثاني “مع الأدباء الناشئين بالإذاعة الوطنيّة التونسيّة للدكتور “منجي الشملي”، رحمه الله، قصائد عبر الأثير وفي الصحف الوطنيّة والعربيّة تحوّلت إلى مجموعة شعرية بفضل الدكتور والمثقّف التونسيّ “محمد البدوي”. جمعها ووضّبها ونشرها كتابا أبعد من النسيان. ولوقع المفاجأة عليّ لم استطع حمل كتابي بين يدي. حدث ذلك وأنا طالبة لا أجيد إلاّ القراءة ومازلت. لذلك فالشعر حساسيّة وجود أصيلة، الشعر إيقاع الحياة الأصيل، موقّع بمقدار ما ننتمي للتخييل سبيلا لإدراك كينونة الإنسان الفاسدة بالضرورة. لذلك تغزوني القصيدة وأنا لا استطيع ردّ زيارتها إذا زارتني.

أمّا القصّ فوليد إقامة واعيّة، القصّة والرواية جنسان أدبيان كالحياة القصّة الأولى نأتيها لنكون في كفّها الغار أو في كفّها العدم كما قال أبو القاسم الشابي.

حين كتبت القصّة كبرت الحكاية وباتت رواية. أنا الآن أقيم في القصّ أكثر؛ إقامة تجريب عالمة. وحريّ أن أشير أنّ فنون الإبداع الأدبية تشهد ثورة أجناسيّة لم يسبق لها مثيل. ففي بعض الثقافات بات الحديث عن الحدّ الأجناسيّ جالب للتفكّر. وليس الأدب خواطر وتأملات جوفاء، ولا لغة عاشقة تمارس إيقاع الجناس والترديد، ولا فنطازيا تخييليّة عابثة، ولا تجربة حبّ فالتة وإن كانت الكتابة أكبر تجربة حبّ.

الأدب فنّ عالم، ومسؤوليّة وجوديّة ووطنيّة. فليس ملاذا كما يحلو للبعض اعتباره. إنّه ملاذ المريدين يقاومون زيف الوجود، يمنحون الكائنات جرعات حوار في شتّى الأزمنة. فالكتابة السرديّة قصّة ورواية حكاية الأزمنة تستنطق الفراغات وتنتشل الغريق من الهاوية.

** كيف بادرتك فكرة كتابة رواية مع الكاتب “معاوية الفرجاني “”نوبات”، وكيف كان برنامج العمل؟     

– “نوبات” تجربة روائيّة بمعيّة الروائيّ “معاوية الفرجاني”. كانت تجربة حتميّة. فالوسط الثقافيّ الذي عشنا فيه معا انتبهوا إلى التقارب إلى حدّ التماهي في تشابه الأسلوب الأدبيّ الذي به نكتب نصوصنا أو نقدّم به نصوص من نقرأ. حتّى اجتمعنا في نفس المؤسسة التربويّة، هو مدير معهد وأنا أستاذة عربيّة، حينها خامرتنا الفكرة وشاء القدر أن ننفذّها بأمانة ورغبة وشجاعة، وفعليّا لم نلتق حول الرواية إلاّ ثلاثا.

الجلسة الأولى لوضع خطّة رؤى أساليب ومضامين، والثانيّة بعد أن ظهر العنوان فارضا نفسه علينا “نوبات” شكلا ومضمونا والثالثة بعد أن باتت دفترا. الفضل، كلّ الفضل للتكنولوجيا جعلتنا نتناوب فعلا على كتابة الروايّة والتواصل في شأنها وتفاصيلها. برنامج العمل تمّ تنفيذه عبر النت.

** في رواية “نوبات” ذكرتما في بداية كل نوبة فقرة عن كتابة الرواية وإشكالياتها والأشخاص وكيف يتفاعل معهم الكاتبان. لم؟ وهل يندرج ذلك تحت بند كسر حاجز الإيهام بين القارئ والكاتب أم ماذا؟

– في أسئلتك وجوه ما للإجابات وفرضيات. تلك الفقرة استطرادات صاحبة كلّ نوبة. وهذه الاستطرادات مغامرة تجريبيّة واعيّة. ف”نوبات” كمغامرة روائيّة بالمعيّة قامت فعلا على مفهوم التناوب والكتابة بيدين كما حصل بين “جيل دلوز” و”فيلكس غتّاري”. كتابة تستزيد بالآخر وتكبر وتنمو وتحاور وتناقش وترتد وتحتدّ وتخاتل. الاستطرادات خلق رواية داخل الرواة.

الرواية التخييليّة “نوبات” ورواية كتابتها، نحن أخرجنا للقارئ غرفة عمليّات كتابة الرواية. لقد تمّ استعداء القارئ شاهدا على العمل برنامجا وتنفيذا ونصّا قد اكتمل. وفي هذا الشكل الذي ارتضينا اخترنا بحرص على إدراج الميتا سردي في السرديّ. فكانت دليلا أنّ “نوبات” رواية يديْن فعلا. فلا توجد نوبة لم تكتب بيدين وفيّة للتناوب شكلا ومضمونا.

** في رواية “نوبات” تناولتما المشاكل التي يعاني منها المجتمع التونسيّ بعد إجهاض ثورته العظيمة. احكي لنا عن ذلك؟                                                         

– الرواية عمل تخييليّ بالأساس وعلاقته بالواقع علاقة مساءلة وكشف واستدعاء للأخطاء، الرواية تحاور ولا تحاكم، الرواية تدريب على التعرّف على مرايا اجتماع الإنسان وعوائقه. والحقيقة لا أوافقك في الحكم على الثورة بالإجهاض! الثورة مستمرّة ودرّبت العقل التونسيّ على رفض الاستفراد بالحكم. وخلقت في الشعب التونسيّ محاربة النظام الدكتاتوريّ مهما كان هذا الدكتاتور. فلا يصدّق تونسيّ أن يهرب المخلوع زين العابدين بن علي، يتولاه الله.

الثورة مستمرّة ولذلك هي تحارب الحكومات الجائرة وتسقطها. ونحن ندفع الثمن اجتماعيا واقتصاديّا. فمكسب الثورة التونسيّة الاستماتة في الدفاع عن مدنيّة الدولة وحريّة الضمير والتعبير. وليست الديمقراطيّة مجرد إسقاط للحكومات، إنّها تدريب على رسالة الحياة في واقع عالميّ متشابك بطريقة نعجز عن فكّ مستوى التشبيك.

فالواقع الجيو السياسيّ العالميّ يؤثّر على تونس كما يؤثّر على أمريكا، قضايانا عديدة ومعقّدة. ومع ذلك فأنا منتصرة لثورة الياسمين وأبذل ويبذل التونسيين جهدا كبيرا في تجاوز أزمتهم التي باتت أزمات. وما الرواية إلاّ شكلا من أشكال الحضور التي تشير بجماليّة التسامح والحبّ إلى أشدّ المشاكل التي تهدّد السلم والسلام الاجتماعيّ وطنيّا وعالميّا. ف”نوبات” احتفلت بالتونسيّ الذي استنصر للحياة وقاوم الاستعمار وحارب المستعمرين، فكما قيل “الظلم في أيّ مكان مساس بالعدل في كلّ مكان”.

** في رواية “نوبات” كان الحبّ محرّكا للأحداث. وكان أيضا مكمن معاناة بعض الشخصيات والتفرقة وصراعات الهويّة. حديثينا عن ذلك؟  

– أعتقد ويعتقد نظيري “معاوية الفرجاني” أنّ الحبّ والمحبّة أكسير الحياة، والأهمّ أنّ الحبّ كالماء يتخذ شكل الإناء الذي يحتويه. فلا أحد يمتلك ماهيّة الحبّ أو نظريّة في الحبّ. إنّه يولد معنا فيتّخذ أسماءنا وهيآتنا وخيباتنا وعقدنا ونقصنا، لأنّنا بالحب نريد كمالا وبالمحبّة نريد عمارا، ولكن ذلك ليس متاحا دائما. لذلك تنوّعت قصص الحبّ وازدادت إمتاعا وغرابة وفنونا.

وليس كالحبّ الذي يجمع بين قلبين، فيبتدع صوره وشبقه وبقاءه، وكم كانت صراعات الهويّة والطبقيّة عائقا أمام تحقيق وصل حبيبين، فيضطرّا إلى كلّ شرور العالم. فالشرّ في العالم ينبع من “ماكينة” فاسدة تقولب الإنسان؛ فكره وعواطفه، وتسعى إلى تقنين وتعليب صبواته ورغباته واتجاهاته في السياسة والدين والأسرة. فالحبّ جوهر مفارق للهويّة لأنّه هو الهويّة. وقد عملنا في “نوبات” على كشف الصراع اليهودي/ المسيحي والصراع اليهودي/ الإسلامي والصراع المسيحي/ الإسلامي. من خلال تشابك علاقات تجمعّت في شخصيّة “شيار”.

** فزت بجائزة “الطاهر الحداد” لأدب المرأة سنة 2018. كيف كان شعورك بالجائزة؟ وهل تدعم الجوائز الكاتب وتساهم في تطوير مسيرته؟

– لا أحد ينكر تأثير الجائزة على المبدع، ففوزي بجائزة “الطاهر الحداد” لأدب المرأة عن مخطوطي القصصي “مرايا التراب؛ قصص التفاصيل المنسيّة” التي حظيت بطبعتين  عن دار البدوي للنشر2020و2021 عن دار ابن عربي للنشر. منحتني الجائزة الثقة بقصصي وبلغتي وبحكاياتي، وثمّنت التجريب الذي أمارسه على آليات القصّ طيلة عشرين سنة، ومع ذلك فالجوائز في العالم لا تمثّل الاصطفاء المطلق للعمل الأدبيّ المتوّج. فكم رواية غير متوّجة صنعت مجد جيل من القصّاصين والروائيين، فالجوائز بدورها أصابتها أمراض الساحة الثقافيّة وفسادها، فخضعت للمحسوبيّة وجانبت النزاهة والموضوعيّة، وأحكمت مساربها الأيديولوجيا والسياسة، ويكفي أن نذكّر أنّ “جون بول سارتر” رفض جائزة نوبل.

** ما تقييمك لحال الثقافة في تونس، لا سيما بعد ثورة الياسمين؟  

-تتمظهر الثّقافة في أشكال الوعي الموروث والمنتج، المكتوب والشّفويّ، التي تعبّر عن واقع المجتمع وتتكوّن من:

– الآداب و الفنون و كلّ أشكال التّعبير الرّمزيّ. وهو ما عرف بالثّقافة العالمة.

– العلوم الاجتماعيّة والإنسانية ذات المقاربات النظريّة الإجرائية في البحث العلميّ.

– الثّقافة الشّعبيّة أو المُتخيّل الثّقافي الشّعبيّ.

هذه الثّقافة تحتاج إلى وسائل الإنتاج والتّداول وتتمثّل في:

–  دور المؤسسات الثّقافيّة الرّسميّة و غير الرّسميّة.

–  البنية التّحتيّة للثقافة (مدارس، معاهد، دور النشر، قاعات العرض السّينمائي، المسارح، التلفزيون..).

– أشكال التّواصل الثقافي والفكري المغاربي والإفريقي والعربي والمتوسطي والعالمي .

كلام كبير حتّى أنّي خلت لوهلة أنّني في محاضرة لن يحضرها أحد، وسلفا تعاف نفسي التّحايا والوعود وأسأل أين نحن من المشهد الثّقافيّ الحيّ الذي قاد الشّعب التّونسيّ إلى التّحرّر والتّحرير منذ حروبه الأولى في نحت الهويّة التّونسيّة؟ أيّ دور لثقافتنا في مقاومة أشكال العطالة والاجترار؟ هل طوّرت ثقافتنا حساسيّة التّلقي الجماليّ للتّونسيّ تجاه أشكال التّعبير الموروثة والمستحدثة؟.

أستعيد هذه الأسئلة في ظرفيّة يفترض فيها أن تكون الثّقافة رافدا من روافد التّحولات الاجتماعيّة والسّياسيّة ومؤطّرة لوعي يدفع نحو التّغيير ويحرّك سواكن المجتمع وثوابت الأفكار والقيم.

إنّ الثّقافة وجود حيّ يؤسّس لمشروعيّته بعيدا عن مواقف السّلط السّياسيّة وخياراتها الأيديولوجية .

نعيش بثقافة برجماتيّة نفعيّة ذات حسّ وطنيّ انفعاليّ أحاديّ الاتجاه، ثقافة مهرجانيّة استهلاكيّة للماضي والحاضر على حدّ السّواء.

** هناك من يرفض أن تكرّس الكاتبة نصوصها للدفاع عن المرأة أو لتكشف التمييز الذي تتعرّض له أو لنقل قصص وحكايا واقعيّة عنها. ما رأيك في ذلك؟

– لابدّ أن نميّز بين الأدب النسائيّ والأدب النسويّ، ولمّا كانت الممارسة الإبداعيّة ممارسة حرّة، فلم نقيّده بهكذا تضييق؟ الأهمّ أنّ يكون المنجز أدبا يستوفي شروطه الأجناسيّة ويكشف شوقه للمعنى وللحوار. الأهم أن يكون تكريس النصوص وقد استوفت النصوص متعتها وتداولها ومشروعها الإبداعيّ. وأن تساهم فعليّا في دفع هذا التمييز.

وبصفتي أستاذة في اللغة والآداب العربيّة بالمعاهد الثانويّة، فنحن ندرّس محورا بعنوان “شواغل المرأة بقلم المرأة”، وإيقاظ المتعلّمين على هذا المشغل فيه تدريب على الخصوصيّة ودعوة إلى مشاركة المرأة هواجسها وقضاياها. ومع ذلك قد يجيد الرجل المبدع التعبير عن قضايا المرأة أكثر من المرأة. القضيّة الأساسية عندي في جودة المنجز الإبداعيّ، لأنّ التعبير اللّصيق بواقع المرأة وقضاياها له محاضن عديدة، كالجمعيات والتنسيقيات والاتحادات ووووو، فالأدب الخالص أكبر من  القضايا الجندريّة.

وختاما أقول ما قالت “أنايس نين”: “الكاتب هو ضمير الشعب، بل يجب أن يكون وخز الضمير”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب