15 نوفمبر، 2024 12:29 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. نصرة إبراهيم: الشعر فعل إنساني راقي يتطلب تناغم روحي

مع كتابات.. نصرة إبراهيم: الشعر فعل إنساني راقي يتطلب تناغم روحي

خاص: حاورتها- سماح عادل

” نصره إبراهيم” شاعرة سورية، إجازة في اللغة العربية، عضو اتحاد الكتاب العرب، صدرت لها ست مجموعات شعرية منها (قال الشهيد- مشهد افتراضي- وكان حبا- على بعد وطن).

إلى الحوار:

(كتابات)  في ديوان مشهد افتراضي في قصيدة أنا امرأة

تقولين: (أنا المرأة الغيمة

فتحضرْ للمطر

أنا المرأة الهواء

في بحرك سأحرك النو

أنا المرأة الجمر

سأشعل الحرائق

في صنوبر دربك)

صورة رائعة عن المرأة القوية, حدثينا عنها؟

  • في ظل التطور الحاصل لم يعد هناك فرق بين الرجل والمرأة، سواء في العمل أو في الإنتاج الإبداعي, في بناء الوطن بكافة النواحي، فأصبح الأمر طبيعي أن تكون المرأة مرافقة للرجل، فهي صاحبة قرار, قادرة على إثبات نفسها في أي عمل تقوم به.

(كتابات) في ديوان (مشهد افتراضي) الإيجاز والتكثيف من سماته.. لِمَ؟

  • الإيجاز والتكثيف يعتمدان على ترك الكثير الذي لا يخدم المعنى والتقاط اللفظ الذي يحمل المعاني الكثيرة، تجنبا لتورط النص الشعري في شرك الحشو، في هذه المجموعة الشعرية مواضيع عاطفية وإنسانية, حاولت الوصول من خلال تلك القصائد إلى فضاءات جديدة كثفت فيها رؤيتي وإحساسي، فكان لابد من الإيجاز والتكثيف، فهما  روح المعنى ألذي أطمح لبلوغه عند المتلقي.

(كتابات)  في شعرك تحتفين بالطبيعة وتعبرين من خلالها عن انفعالاتك و أحاسيسك.. ما سر شغفك بالطبيعة؟

  • هناك مثل شائع في قريتي (كلٌ يحب مرباه)، وأنا ولدت في قرية جبلية تقيم الأشجار والورود في تلالها في براريها وعلى مفارقها، لنقل كيفما التفتِ ستشمين رائحة الصنوبر, الريحان, الحبق, وستسمعين أصوات الطيور، من يولد في هكذا طبيعة سيشعر مثلي أنه جزء منها. تلك الصور والمشاهدات التقطتها بعيني منذ طفولتي وحين بدأت الكتابة عادت تلك الصور بشكل عفوي وغير مقصود لتلتصق بقصائدي كهوية تشي بانتماء القصيدة للطبيعة، لاحقا أحببت أن أوظف جمال وسحر طبيعة قريتي بهدف نقلها إلى القارئ وهذه إحدى الوظائف الجمالية للشعر برأي.

(كتابات)  كيف بدأ شغفك بالشعر وكيف تطور؟

  • في بداية دراستي المرحلة الإعدادية بدأت أولى كتاباتي على قصاصات الورق كانت عبارة عن خواطر، وكثيرا ما كنت أكتب في نهاية كل رواية أو كتاب شعر أقرؤه، كنت آنذاك أقرأ أكثر مما أكتب بعد ذلك، من خلال دراستي الجامعية للأدب العربي اطلعت على الشعر أكثر من العصر الجاهلي حتى الحديث. ثم بدأت بنشر ما أكتبه في الصحف السورية مع المطالعة المستمرة، فالكاتب دون قراءة ومطالعة يبقى في ذات النقطة، ودون تحديد مسبق تطور النص ليأخذ شكل قصيدة النثر، وحتى هذه اللحظة التي نجري فيها الحوار في كل قصيدة أحاول أن أتجاوز ما كتبته سابقا.

(كتابات)  هل هناك صعوبات في طريقك ككاتبة؟

  • الأصعب دائما عند الكاتب تطوير أدواته الفنية، وتجاوز ما أنجزه من عمل أدبي نحو منجز جديد، يتجاوز من خلاله ما قدمه سابقا. الأدب يتسم بالحركة لا الثبات لمواكبة الواقع المتحرك دائما، ومعه تكون حركة الذات المبدعة وصعودها نحو الاكتمال. من جانب آخر في عالمنا العربي هناك صعوبات تعترض الكاتب، أهمها طباعة الكتب كونها ذات تكلفة مادية باهظة مقارنة مع دخل الفرد، كما أن التواجد على المنبر يقع على عاتق الكاتب ولا يوجد تبني لمشروع إظهار الكاتب عربيا، وللمحسوبيات دورها في الساحة الثقافية.

(كتابات) في رأيك هل يختلف الشعر لدى النساء عنه لدى الرجال.. وهل تعبر الشاعرة عن خصوصية أنثوية أم لا؟

  • الشعر فعل إنساني راقي, تناغم روحي نابع من إحساس الشاعر، لا فرق هنا بين رجل وامرأة بل الفرق بين قلم وآخر، وأسلوب الصياغة والمساحة، أتحدث هنا من خلال تجربتي، القصيدة متاحة للتعبير وإن اختلفت بعض تفاصيل مداها، قد تكون المرأة أكثر وجعا في أمور معينة وليس في كل القضايا, وهنا تكون أكثر قدرة في التعبير عن مكنوناتها.

(كتابات) هل فرضت قصيدة النثر وجودها أم مازال لها أعداء؟

  • منذ فترة تابعت فيلم عن فتاة تختبئ مع عائلتها في كهف يقوم الأب بمنعهم من الخروج إلا بعلمه، خوفا عليهم من كل غريب ومجهول، فكانوا لا يتجاوزون بضعة أمتار، حتى أتى أحدهم لإخراجهم من الكهف ليتعرفوا على العالم، وخوفا من انهيار الكهف بسبب الزلازل رفض الأب الفكرة وقام بطرده، إذ رآه خطر على عائلته ولكن حين شعر بأن الكهف سينهار أصبح الغريب هو منقذ العائلة الوحيد، نحن في العالم العربي نمثل هذه العائلة وكل جديد نخاف منه ظنا أنه يهدد التراث الأدبي، علما أن قصيدة النثر أثبتت وجودها بقوة وما كتب خير شاهد.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في سوريا وهل أثرت الأحداث على الثقافة والمبدعين؟

  • الثقافة سواء في سوريا أو العالم في حالة تطور دائم، نتيجة التطور التقني أصبح بإمكان الكاتب الاطلاع والتعرف على أدب الشعوب، أستطيع مثلا الاطلاع على الشعر في أمريكا أو أي مكان في العالم. وسوريا جزء من منظومة الثقافة العالمية، وهي تتطور تباعا للتطور الثقافي العالمي. مثال الــ هايكو أسلوب أدبي جديد انتقل من اليابان وأصبح رائجا ويكتبه الكثيرون، بالتأكيد كان للحرب الأثر الكبير على الأديب السوري وقد ظهر أثر الحرب في الشعر والدراما والرواية وسواها من العمل الأدبي، أنا مثلا قدمت مجموعة شعرية بعنوان (قال الشهيد)، ومجموعتي التي تلتها (على بُعد وطن) أيضا تضمنت العديد من القصائد الوطنية كذلك مجموعتي الشعرية الصادرة حديثا  ( قال: ثم ماذا؟).

(كتابات)  هل مازال للشعر دور في ظل التطورات الخطيرة  في المنطقة وصعود السرد؟

  • لا تقل أهمية الشعر عن السرد والعكس صحيح، يستطع أي متذوق للأدب حفظ أبيات من قصيدة لنزار قباني لكنه لا يستطيع حفظ مقطع من رواية أو قصة قصيرة حرفيا، وهّذا لا يعني أننا نظلم السرد فهناك روايات عالقة في أذهاننا منذ الطفولة ولا نستطيع النكران بأن هناك من تطفل على عالم الشعر وقد قض مضجعه، لكن الشعر الحقيقي حيا يرزق ولكل من الشعر والسرد مهمته.

(كتابات) ما هي أحلامك وطموحاتك ككاتبة؟

  • أولا قبل كل شيء أتمنى أن تنتهي هذه الحرب القائمة ضد وطني سوريا، أتمنى أن يتحسن الواقع الثقافي العربي, أن تكون هناك ملتقيات عربية للأدباء النخبة بعيدا عن المحسوبيات، وأن توجد مؤسسات لدعم الكتّاب العرب، والعمل على نشر أي منتج أدبي هادف، هذه مهمة وزارة الثقافة. على الصعيد الشخصي أتمنى أن أحمل علم الجمهورية العربية السورية وألف بقصائدي الوطن العربي كله.

 

قصيدتين لنصرة إبراهيم..

وكلَّ ظـني

قَـلبُـك بحجم حـبة فـستـق

واسعٌ كـشطّ الشمس

شفافُ العشقِ كخـمـرة أبـي الـنـواس

في عـيني أُخَـبئ أنـوثـة هـيـليـن

كأن الجـنـوبَ ،الـشرقَ ،

الـسلامَ، بـرحم المسافةِ

قـاب غــرابٍ يحـدق بفاكهةِ

بـاريـس

****

بعضَ تضخمِ الـدوران أصمتُ يستـرقُ قـلبي النظـرَ

أُغـلقُ كلَّ ألعابي المفـتوحةَ كانـت

عـلى اللهـو

أمـدُّ درجاً مـن نغمات النهاوند

المشابهةِ تماماً لأصابع جلجامش

تفـكُ أزرار قميص الجيـنـز

قُـلتُ أصعـد نحوك بقبلة

أظـنُ وكلَّ ظـني وطـنٌ

شفـتاه تلاشـت حينها بشفتي

****

ماذا لو لم تتعرف ملامحي ؟

الـمـرآة مكـسورةٌ ،

وآلـةُ التصويـر معطلة

قـد سـرق الـوحشُ مجسمَ النتيجة

ما رأيـك أن نُـفَـعِّلَ ذات الـبيـن ؟

***

لا سماء تحن إليك

وقل للحب: لم تعذبنا؟؟

ونحن بلغنا سن الكهولة،‏‏

ولم نبلغ سن‏‏

القصيدة الخالية‏‏

من قش الانفلاش‏‏

أدر جناحيك قليلاً،‏‏

لنقف مرة واحدة،‏‏

وننعتك بالعبثي‏‏

نذمك،‏‏

ندفع بك‏‏

إلى حيث كنت تختبئ‏‏

طيلة الحاجة‏‏

وقل للحب:‏‏

 

احمل معك البدايات‏‏

المولودة من النهايات‏‏

لا تتأسف‏‏

لفوبيا الأكاذيب المرهونة‏‏

للأمر،‏‏

للنهي،‏‏

ولغو المنحدر‏‏

وقل للحب:‏‏

دع حجر سيزيف،‏‏

عد إلى رشيم ذاتك‏‏

لا تبك مقامنا العالي‏‏

إياك وإنا شركاء العمى‏‏

نذبح الوقت ترغيباً ووعيداً‏‏

نصفع الحقل بالملح‏‏

نسقي الأغاني بماء نشاز‏‏

وقل للحب:‏‏

لا سماء تحن إليك‏‏

حين ينام في عينيها‏‏

لحد التجانس.‏‏

***

أفـتـش عـن أنـا

 

أفـتشُ عـن أنـا

من رآها فليدل على ذاته

الحالمون بما تيسر من رمق اﻷرض

الساجـدون على بساط من تراب

الذاهـبون إلى السماء في غايتهم

السعـداء بحفنة من عـشق

الجالسون على أرائـك

من مخمل الـبراري

الأطـفـال

اﻷطـفـال

يلعـب بهم قمـرُ العـيد

أفتش عن أنا

في صهيل الشتاء

في دفء طائر الحجل

في جعبة المقاتل عـدوه يقاتل

في صوت اليتامى يعلو سقفَ البرد

في خُـوذة امـرأة تهـزم الـذئب

من رآني فـليدل عـلى ذاته

لحبيبي قـوسُ قـزح الـقصيدة

ولي دلالُ الحمام عـند تحية العلم

لحبيبي ياحبيبي

نهاراتُ العنب

ليالي دمشق

وأغاني النواعـير في أنفاس الجبال

ولي ورقُ السنديان أقطفُـه،

وأزيـنُ الرصيفَ

كي يعبر صفُ العسكرِ،

حين يذهبون إلى أحلامهم مع حبيباتهم

ويقشرون حبات الشوكولا

على مرأى الفرح

لحبيبي ياحبيبي

خمسون قرنفلة على خد الصيف

وثلاث حبات كرز على ثغر نيسان

ولي عطـرُ شاله العسكري

أفـتش عـن أنا

من رآها  فـليدل عـلى ذاته .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة