1 فبراير، 2025 8:51 م

مع كتابات.. نسيبة شرف الدين: في ساحات الاعتصام برزت ثقافة السودانيين وهويتهم الحقيقية دون تكبيل أو توجس

مع كتابات.. نسيبة شرف الدين: في ساحات الاعتصام برزت ثقافة السودانيين وهويتهم الحقيقية دون تكبيل أو توجس

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

“نسيبة شرف الدين” هي إبنة القرية التي دفع بها والدها للدراسة في الخرطوم لدراسة الآداب، متخطية عناء التنقل من قرية إلي أخري ومدرسة تلو الأخرى، حسب طبيعة عمل والدها شدها تنوع المناخات الاجتماعية المختلفة الطقوس، وفردت لها مساحة شاسعة من التخيل بأن الحياة ستكون ممتعة حين تزرع بذورا وتسقيها مرار العناء مبتسما بأن تلك البذور تنمو وأنت تراقبها فيزول العناء حالما تحصد بذرك أضعاف فرح. هكذا كانت نسيبة، مجتمعها الصغير يدور في فلك البساطة بما يملك حتى اكتشفت عالماً مختلف كليا مليء بتفاصيل جديرة أن يعبر عنها من خلال الكتابة.

ولدت سنة 1993 في القرية 36 وسط البلاد، وأكملت دراسة الآداب قسم اللغة الانجليزية في “الجامعة الإسلامية أمدرمان”. كان أول إصداراتها المطبوعة رواية “دم الشهيد” في نهاية العام 2019، ورواية “من وحي خلوه صالح” في العام 2021.

وكان لنا معها هذا الحوار الشيق:

** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– بدأ شغفي بالكتابة  في سن الثانية عشر في المرحلة الابتدائية في التعابير الانشائية، في ذاك الوقت كنت أعشق المطالعة في كتاب اللغة العربية، وقصص التاريخ وصياغتها. كنت أعجب بالمفردات التي تكتب بها تلك القصص، لذلك أحببت ماده التاريخ وحتي اللحظة أعشق الكتابة عن أي تاريخ كان سيئ أو حسن.

** نشرت رواية بعنوان “مرار البن” عن بائعات الشاي والقهوة على فيسبوك على حلقات .. كيف كان رد الفعل عليها، ولما اخترت أن تكتبي عن النساء اللاتي أتعبهن الشقاء في حياة بائسة؟

– “مرار البن” رواية لم يكن لها تخطيط مسبق مني بل جاءت وفرضت نفسها على، وسردتها علي شكل حلقات علي حسابي علي “فيسبوك”، فكانت لها صدي أدهشني، فأتممت حلقاتها ال30 وكانت تفصح عن مدي معاناة بائعه القهوة التي استجابت لنداء الإنجاب دون تخطيط منها، وعن مدي المشاكل التي تعرض لها أبنائها بين رافض ومؤيد لوضعهم، وسوء سكنهم حراسا  لمصانع الزيوت. وكيف تدرجت تلك العائلة التي وضعت ثقلها في كف فتاة تصارع في محل القهوة، وكيف تقاوم توافه العمال وتتجاوز ألفاظهم، وتكشف الوجه الآخر للواتي يتخبأن خلف ستار القهوة لتمرير أعمالهن الرامية لتدمير الشباب بالممنوعات.

** تعتبرين أن بدايتك رواية بعنوان “دم الشهيد”، كيف أثرت عليك الثورة السودانية وكيف تجلت في هذه الرواية؟

– رواية “دم الشهيد” كانت تحاكي ثورة بلدي العظيمة التي راح مهرها شبابها وعقولها أيضا، فكانت رواية “دم الشهيد” بمثابة توثيق رغم أن  فصولها خيالية، رغم ذلك كنت أظنها حقيقية حتى فرغت منها. لذلك دائماً أرى أن رواية “دم الشهيد” مازالت بفصول ناقصة، وأقول لنفسي سأكلمها طالما الثورة مازلت مستمرة.

لم تلق رواية “دم الشهيد” رواجاً بالميديا قبل طبعها ورقا، وقد تفاجأت حين نفدت من دور التوزيع و تعني لي الكثير.  أحب أن أقول أن “دم الشهيد” في ثورتنا السودانية يستحق الآلاف من الأوراق لكتابة بعض تفاصيله.

** في رواية “من وحي خلوة صالح” كتبتي عن قرية وتفاصيلها.. حدثينا عنها وما مدى قربها من الواقع؟

– رواية “من وحي خلوة صالح” مهدي الأول في الكتابة، أول رواية أكتبها كاملة الفصول، في بادي الأمر لم اعتبرها رواية بل واقعا أعيش فيه، مع كل ما أوده واقعا.  تلامس تلك الرواية وجداني وكياني أيضاً، وقوم صالح كانوا هويتي أيضاً والواقع يقول هو أن قوم صالح مجرد أشخاص أنا اختلقتهم من العدم، لمسوني ولم أوفيهم حقهم. تلك هي رواية “من وحي خلوه صالح”.

** ما تقييمك لحال الثقافة في السودان وهل تأثر بعد الثورة السودانية العظيمة؟

– الثقافة السودانية هي ثقافة لم تكن مندثرة من قبل، بل هي ثقافة أصيلة ومتشعبة طالما هناك أعمدة تستند عليها. حتى الشعب نفسه شعب أغلب أفراده تتمكن داخلهم الثقافة بالفعل. كانت الثقافة محتكرة وموجهة حسب الفئة الحاكمة. ولكن عادت الأضواء لأولئك الذين لا يوافقونهم الرأي، في أن يبدعوا في شتي دروب الثقافة، ليبدعوا وقد نجحوا في ذلك حين شيدت ساحات الاعتصام، وأبرزت كيف هم السودانيين وهويتهم دون تكبيل أو توجس.

** قلت في حوار لك أنك كتبت عن الحرب في دارفور احكي لنا؟

– نعم بالفعل لقد فرغت من كتابة روايتي “بنو آدم” التي تحاكي الحرب في دارفور، وتكشف مدي هشاشة وتفاهة قادة الحرب وروادها. كيف ينكسرون أمام المعضلات الاجتماعية التي تواجههم، رغم أنهم يثيرون الحروب ويسلبون الأرواح  زورا، وأيضاً تعرض أحداث الرواية مخلفات الحرب ومدي تأثيرها علي المجتمع  البدوي.

**ماذا مثلت لك الكتابة؟

– في بداية الأمر كنت أكتب لأرضي نفسي بمعني أن الكتابة تعد جزء أصيلا في تفاصيلي مثل الشرب والأكل. في الحقيقة لم أخطط لأصير كاتبة قط، حتى أني كنت أكتب دون الاكتراث لأمر اللغة، أكتب كل ما يجول بخاطري. تطورت عندما كتبت لأبي بعض المقالات التي كانت تعجبه، وهذا حفزني كثيرا لأكتب، حتى وصلت لرواية “دم الشهيد” بدأت أفكر مليا لما لا أجعل رواية “دم الشهيد” مقروءة لدي العامة، فكانت نقطة الانطلاق ل”نسيبة شرف الدين”.

** هل دخلت مجال الكتابة الأدبية لأن لك رسالة ما أو هدف تودين الوصول إليه وما هو؟

– رسالتي للمثقف السوداني أود أن أرمي عليه بعض اللوم لتقصيره الواضح في دوره لنشر الوعي في مجتمعاتنا البعيدة جغرافيا ومعرفيا، إذ بعضها يعاني الجهل والتمرد علي الذات، لذلك عليه النهش في الغوص أعمق، في نقاط الشدة، في تعليم النشء والشباب، في للنهوض بالثقافة. علي المثقف أيضاً عدم انجرار والانزلاق إلي قاع القبلية، وأيضاً له دور مؤثر لابد وأن يوظفه جيداً لخدمة الناس.

** هل واجهت صعوبات بسبب كونك كاتبة وما هي أحلامك وطموحاتك؟

– الصعوبات التي دائما ما تواجهني هي أولا: الكتابة نفسها، بمعني أني أخط بالقلم علي الورق ويجلهون كتابتي أولئك الذين يجلسون علي كراسي الحاسوب، وينعتونني ويشتمونني أيضاً. لا اكترث لهم، أحياناً اعتبره تنمرا.

ثانياً: من الصعوبات التي أواجهها في الكتابة هي كيف تأثر تلك المفردة علي أبي؟ هل سيتقبلها أم لا؟، من الأسئلة المرهقة بالنسبة لي ما رأي أبي بي? وقفت عند هذه النقطة كثيرا فتجاوزتها حين قرأ روايتي من “وحي خلوة صالح” وأشاد بها وقال لي الشخصيات هي التي تتحدث هذه لم تكن نسيبة.

** ما رأيك في النشر في السودان في الوقت الحالي؟

– دور النشر في بلدي لم تكن كما ينبغي أن تكون، وأرجح أن ذلك بسبب الوضع الاقتصادي للبلاد، في ظل عدم التعافي. وآمل أن يحدث التعافي قريبا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة