خاص : حاورته – سماح عادل :
“ناصر رمضان” شاعر وروائي وكاتب صحافي مصري.. من مواليد 1975 محافظة الفيوم، وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية وعضو جمعية حماة اللغة العربية، صدر له: (حديث النار) – شعر، و(علمني الحب) – نصوص أدبية، و(لن انسحب) – شعر، و(طيفك بين الرصاص) – شعر؛ وهو الديوان الفائز بالمركز الأول للنشر، و(للحب رائحة الأرق) – شعر، وكتاب (الوهابية تشوه الإسلام)، ومؤخراَ (بين حيرة الصياد) – شعر.
إلى الحوار:
(كتابات) : كيف بدأت رغبتك في الكتابة وكيف تطورت ؟
- بدأت الكتابة كشاعر بعد الجامعة، لكن السبب في كوني أصبحت شاعراً أن عدني الشعراء بينهم شاعراً كوني أحب الشعر وأحب حفظه، وبمكتبتي آلاف الدواوين لكل من كتب شعراً من جميع أنحاء الدنيا من العرب والعجم مترجماً. أدى ذلك إلى “دندنتي” للشعر ثم كتابته، وبعد التخرج من الجامعة حرصت على حضور الندوات الأدبية والثقافية والسياسية، ولأني من أبناء الفيوم كان لزاماً عليَ أن أعيش بالقاهرة، وقد كان لي، فحضرت إلى القاهرة، ومنذ أول يوم لي بالقاهرة اتصلت بإحدى المجلات الأدبية التي كان يكتب فيها الشاعر الراحل “أحمد مصطفى حافظ”، صاحب كتاب (دواوين وشعراء) طبعة مكتبة الأسرة، وله كتاب (شعراء معاصرون) عن الهيئة العامة للكتاب سلسلة المكتبة الثقافية، التي لم يعد لها وجود الآن. وطلبت منهم رقم الهاتف، وبالفعل قمت بالاتصال به، وقرأت له بعض النماذج من شعري فشجعني وطلب مني حضور الأمسيات الأدبية ودلني على ندوة هيئة خريجي الجامعات بشارع الألفي، والتي كان يديرها الشاعر الراحل “أحمد عبدالهادي”، صاحب ديوان (أحاسيسي)، وهناك بدأت الكتابة الحقيقة كشاعر عام ٢٠٠٣، والتقيت بشعراء من جميع أقطار الوطن العربي وتنقلت من مكان لمكان أسمع كثيراً وألقي قليلاً، حتى جاء عام ٢٠٠٩ وطبعت ديواني الأول (ترانيم روح) وقدم له الدكتور “عبدالعزيز نبوي”، أستاذ الأدب والنقد بجامعة عين شمس، وأشاد بالتجربة ولقي الديوان حفاوة النقاد والشعراء والمجلات والجرائد.
لكن الحقيقة أنني مع الوقت أرى التطور والتغير في بنية النص والقصيدة، ويرجع ذلك إلى الخبرة والتريس واحتكاكي بجميع الشعراء والاستمرار بالقراءة نفعني، والاستمرار يبعث على التطور، فقديماً كنت أكتب كثيراً وانشر بالجرائد أو بالطباعة كديوان إلى أن تغير الفكر فأصبحت أكتب قليلاً ونصوص صغيرة مكثفة ولا أستعجل النشر، والتطور طبيعي وألا سأعيد نفسي كأول نص وأول ديوان والقارئ من يحكم وللنقاد رأي يحترم.
(كتابات) : لما اخترت الشعر للتعبير عن نفسك ؟
- لم اختر الشعر، الشعر هو من اختارني.. فالشعر حالي وترحالي وقصتي وموالي الشعر أنا ذاتي، ونزواتي وفيوضاتي ونفحاتي ولفحاتي، به أحيا وبه أعبر.. ولا أعرف لماذا دفعت إلى الشعر دفعاً، والحقيقة أنني في المرحلة الإعدادية والثانوية كنت متفوقاً في البلاغة والنصوص والمطالعة، وكنت أحفظ شعر “المتنبي” وشدني إليه شداً ومازلت احفظ له.
أرق على أرق ومثلي يأرق
وجوى يلوح وعبرة تترقرق
وعذلت أهل العشق حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لا يعشق
ولا زلت أقف متعجباً من صورته الشعرية “على قلق كأني الريح تحتي”
و”المتنبي” تجربة شعورية معبرة عن الذات وطموحها ومعاناتها، وما الشعر إلا تعبير عن لواعج النفس ونزواتها وأطماعها وطموحها، ولعل الشعر كالحلم حين يعجز الإنسان عن تحقيق ما يحب يهرول للحلم ونحن نهرول للشعر.
(كتابات) : هل واجهتك صعوبات في طريق الكتابة ؟
- للحقيقة لم تواجهني صعوبات، فمنذ اللحظة الأولى الجميع مد لي يد العون وصرت كما يقول أهل العراق مدللاً، وما من مكان تقدمت للحصول على عضويته أو ندوة أردت إرتيادها إلا ورحب بي الجميع، نقابة الصحافيين ونقابة المحامين وورشة الزيتون واتحاد الكتاب واتيليه القاهرة و و و، حتى في النشر لم تقابلني صعوبات، لأني لم أعول على الطبع بدور نشر الدولة ولا ينقصني المال لأطبع مؤلفاتي شعراً ونثراً على نفقتي، وصرت أطبع كل عام كتاب سواء جاء شعراً أو نقداً أو رواية أو ما تجود به جعبتي، لكن هناك صعوبات من نوع آخر منها المثبطين والمعطلين وأصحاب القلوب السوداء وكارهي النجاح. لكن هؤلاء لا أنظر إليهم ولا أشغل بالي إلا بنجاحي وإبداعي ومكتبتي، والحمد لله حققت الكثير بل أكثر مما كنت أتمنى، كنت أتمنى طبع ديوان واحداً وإصدار واحد والنشر ولو بجريدة واحدة نصاً واحداً كان كل طموحي.. الآن صدر لي ١١ إصدار من بين شعر ونقد ورواية ونثر ونشرت في جميع أنحاء الوطن العربي، وصار لي قراء ومريدون من جميع أنحاء الدنيا.
(كتابات) : ما رأيك في حال الثقافة في مصر والعالم العربي ؟
- حالة الثقافة في مصر والوطن العربي مبشرة رغم الضباب الحاجب للصورة بفعل إهمال الإعلام وسيطرة رأس المال عليه، فمثلاً لو نظرتي إلي كمية ما يصدر من كتب من حيث الإصدارات اليومية تجدي أمراً مبشراً، وإن كان معظمه ضعيفاً إلا إنه مع الاستمرار يصبح قوياً، والثقافة في مصر متجذرة منذ القدم والناس موهوبون بالفطرة، لكن ينقصهم الإعلام والإلحاح ليظهروا للناس في عصر الزحام، فوسط الزحام يضيع الكل.
أما عن الوطن أنا لم أسافر إلى أي دولة عربية، ولم أخرج من مصر رغم أنه لي أصدقاء من جميع أنحاء العالم ويأتون لزيارتي، واستطيع أن أقول أن هناك طفرة ثقافية وأدبية ملحوظة بالوطن العربي، وكشاعر ملم بالنتاج الأدبي أجد قامات ثقافية وأدبية، فمن الأردن “راشد عيسى” ومن سوريا “قمر صبري جاسم” ومن لبنان “يسرا البيطار” و و، والقائمة تطول، ومن المغرب “حليمة الإسماعيلي”، والأدب هو أريج الثقافة وعبقها الذي يبعث على الجمال، والثقافة هي حالة معبرة عن حاله الشعوب الاقتصادية والسياسية، وضعف الاقتصاد لا شك يؤثر على الثقافة، لأن رغيف الخبز مقدم والسياسة غائبة والمشاركة معدومة كلها أمر تأثر سلباً أو إيجاباً على الثقافة.
(كتابات) : ما رأيك في قصيدة النثر ولما تتمسك بقصيدة التفعيلة والشعر العمودي ؟
- قصيدة النثر مرحب بها وصارت تقام لها الندوات والمؤتمرات وبرز فيها أسماء من جميع أنحاء الوطن، حتى هرول إليها شعراء كثيرون، وكتبها “محمود درويش” و”أسماء صقر القاسمي”، وشعراء قبلهم كثيرون، ومن العراق “ساجدة تميم” و”سلمى حرب” و و و، لكن لابد لمن يكتب قصيدة النثر أن يعرف كيف يصوغ النص وكيف يجعل الموسيقى الداخلية تجري مع القارئ تنعش عاطفته حتى لا يمل من القوالب المنحوتة الجامدة فالنص في الأصل إدهاش وفتق للغة وإبداع في المعاني قبل المباني، لكن أنا لست متمسكاً بقصيدة التفعيلة إنما الشعر عندي حالة والكتابة صلاة لها وقت أينما تدعوني، فثم وجه النص حسبما يأتي إلي…
أنا الراجي وهي المرتجى
حاشا أصادف غير ما يرتجى
فالشعر أو النص يفرض نفسه حسب ثقافة من يكتب وخلفيته وميوله، بالنهاية يحترم الإبداع وما يقدم ويقرأ والقارئ هو من يحكم وحكمه واجب النفاذ والكل له سوقه ومحبوه.
(كتابات) : في ديوان (بي حيرة الصياد) هل هناك شغف بموسيقى الكلمات والقافية ؟
- في ديواني (بي حيرة الصياد) شغفي بالموسيقى واضح لأني أعشق موسيقى الشعر وأتغنى بما أكتب حتى ما أقرأه من شعر لغيري أتغنى به، ومن هنا عندما أكتب أراعي بقدر الإمكان الموسيقى وذالك ما أبعدني عن الرواية لأني لاحظت في روايتي الأولى في المطار أنها تحتوي على الموسيقى والشاعرية في الألفاظ حتى في السرد للأحداث ومن هنا عزفت عن كتابة رواية أخرى حتى أتحرر من الموسيقى ولعل رجوع ذالك لكثرة حفظي للشعر العربي.
(كتابات) : في ديوان (بي حيرة الصياد) كيف صورت المرأة والعشق ؟
- في ديواني (بي حيرة الصياد) صورت المرأة في أجمل صورة فالديوان لحمته المرأة وقدمه التي يمشي عليها إن كان له قدم وقلبه الذي ينبض وكله قلب، فقلبه المرأة والعشق بها ولها ومعها يكون سراجا ودفئا لحياتي وحياة كل شاعر وأديب بل وكل رجل على وجه الأرض، فالديوان يعبر عن حبي للمرأة واحترامي وتقديري لها والعشق زاد الشاعر في رحله إبداعه وهو طاقة النور التي تفتح له كل صباح لكي يرى ويبدع، والإبداع بدون المرأة والعشق كرجل بدون ساق ويسعى إلى السباق.
(كتابات) : في رأيك هل ظلم الشعر في زمن رواج الرواية ؟
- لا لم يظلم الشعر وإنما صعدت الرواية بسبب تحويلها المعاني إلى صورة بمعنى سيناريو أو فيلم يشاهد، مصحوبا بتأثيرات كثيرة تساعد على رواجها ناهيك عن كثرة الشعراء وقلة الشعر، لكن مازال الشعر موجودا وبقوة وفي العام تطبع آلاف الدواوين بالوطن العربي، والقصيدة في الأصل قصة ورواية لكنها مكثفة أو مبنية على المجاز، فوراء كل قصيدة ألف رواية ورواية وبالمناسبة آخر قصيدة بديواني “بي حيرة الصياد” بعنوان “زمن الشعر”.
(كتابات) : هل ساعدتك وسائل التواصل الاجتماعي على الوصول للقراء ؟
- نعم ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على وصولي للقراء وخاصة في الوطن العربي، فالفيس على سبيل المثال صار جريدة ومجلة وقناة وصار الجميع فيه أسرة واحدة يقرؤون ويتفاعلون ويعلقون ويوجهون وو.
(كتابات) : ما هي أحلامك وطموحاتك ككاتب ؟
- أحلامي وطموحاتي بسيطة أهمها الاستمرار وأن أتطور أدبي أو ثقافي أو أن أساهم بأدبي في نشر ثقافة الجمال والتسامح والحب والصدق وأن يكون شعري بسمة على وجه من يقرأني فأزيل بنغمي حزنه وألمه وأن أترك في مسمعه طيفا يذكرني به بعد الانتهاء من قراءة نصي، وطموحي أن يكون لدي دار نشر أطبع فيه لغير القادرين ماديا ولو ١٠٠ نسخة فهذا حلم حياتي.