9 أبريل، 2024 9:56 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. منى شكر: كل حرف يعني لون وإشراقة شمس في فضاء معتم

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

“منى شكر محمود ” كاتبة عراقية، مواليد 1974 العراق- ديالى، حاصلة على بكالوريوس لغة إنكليزية، وهي حاليا طالبة جامعية بكلية التربية للعلوم الإنسانية مسائي إنكليزي. صدر لها مجموعة قصصية بعنوان “نساء الضباب”.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

  • منذ سني المراهقة أحببت الكتاب وعشقته أثر حنان مفقود وعدم استقرار عائلي، تتداخل معه ظروف اجتماعية ليست سهلة، ثم تطور لرهافة الإحساس في عائلة تتكون من امرأة وبنات فقط، حيث خلت من حضور الرجل وسطوته التي تمنح كما من القوة والصلابة لا يستهان بها.

(كتابات) لما اتجهت لكتابة القصة القصيرة وماذا تحقق لك.. وهل هي خطوة بداية نحو كتابة الرواية؟

  • أنا أعشق الرواية أولا وأخيرا، بيد أن القصة القصيرة هي من أقحمت ذاتها داخلي فرحبت بها بذراعين مشتاقين لمسك القلم والتفاعل معه. الكتابة سواء أكانت للقصة القصيرة  أم الرواية أم لمجرد أن أمسك قلمي بحب، تحقق لي حلم الدخول إلى عالم الكتابة والقصص الجميل. حبي للرواية يجعلني أرى أن كل الطرق أمامي تؤدي إليها.

(كتابات) في مجموعة (نساء الضباب) قصة “غربة روح”  تحكي عن عزلة فتاة لم تجد رجلا رغم أنها تجاوزت الثلاثين.. حدثينا عن ذلك؟

  • أحيانا الكثير من القصص لا تتوغل بما تشعر به المرأة حين تتجاوز الثلاثين، بانتظار أن يطرق بابها للزواج وأن يحبها أحدهم وتبادله ذات الشعور. وهناك الكثير من النقد حين تكتب عن حالة داخلية في قلب المرأة وروحها وهو أن تلتقي نصفها الآخر. هل يحق لرجل أن يجد نصفه الآخر وليس من المهم أن تجد هي! وهل هذا إلا نصفا مكملا لذاك! وهل تكتمل المعادلة بغياب أحدهما! وتحلو!

(كتابات) في مجموعة (نساء الضباب) من أين تستلهمين الشخصيات والأحداث من الواقع أم الخيال؟

  • خيالي وحبي للكتابة والعزلة اللذيذة التي ترافقني، هم من يمنحني القصة وفحواها لكن هذا لا يعني أن الواقع بسلبياته لا يمنح شيئا آخر.

(كتابات) في مجموعة (نساء الضباب) الوحدة والحزن والغربة دلالات موجودة بكثرة في هذه المجموعة لما؟

  • لا أنكر أن “الوحدة” التي أعيشها وأنا بين الآخرين و”الحزن” الذي كان له جذور ذات يوم حتى نما واستفحل و”الغربة” التي تسكن داخل الروح كأنك لست من هذا العالم، كان للجميع تأثير ودافع نحو الأمام في عالم الكتابة وفي نواحي اجتماعية أخرى كثيرة. أحيانا أنت لا تختار لكن هناك أشياء تفرض عليك فترضخ لها ولو إلى حين.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق وهل يمكن الحديث عن نهضة ثقافية؟

وهل كانت الكتابة وعالمها الساحر إلا من منابع عراقية! نحن الأدباء والمثقفين في عالم “العراق ” المتدهور سياسيا إلى ما لا تعرف نهايته، نجاهد محاولين أن نسمو بمبادئ نؤمن بها وأن رفضها البعض وإن لم تجد فسحة أمل نحو نجاح أكبر.

كلما ادلهمت الظروف وازدادت العتمة كلما تمسكنا بأقلامنا فهي طوق نجاة وعشق لا يمل. وإن كان الساسة لا يبالون بمن يكتب ويطبع ويقرأ فهذا دافع آخر، بيد أن النهضة الثقافية في العراق تتأرجح كالكثير من ضروريات الحياة الكريمة وهي بحاجة ليد حقيقية ترفعها أكثر.  أن تعي من هو الكاتب! ما رسالته العميقة! ما له وما عليه!.

(كتابات) في رأيك هل تختلف كتابات النساء عن كتابات الرجال ولما؟

  • المرأة تكتب بعاطفة أخرى تختلف عما يبثه الرجل لأوراقه، فلكل حسه ونظرته للعاطفة وللحياة. أحيانا يبكينا الرجل بما يكتب ويبوح وأحيانا أخرى تستميلنا المرأة بما تشدو. أنا عن نفسي أحب أولا أن أقرأ للمرأة. أدرك أنني سأجد العاطفة التي أشعر، والإحساس الخجول الذي بداخلي، والتردد الذي يرافق المرأة عادة نحو الحصول على شيء هو من حقها لكنها تتردد لصالح الآخرين.

(كتابات) في رأيك هل يجد الكتاب الشباب الدعم من الكتاب الأكثر خبرة أم لا ولما؟

  • لا يوجد دعم من الكتاب الكبار إلا ما ندر، الكاتب الكبير اكتفى بأنه قد وصل إلى مرحلة اجتهد للوصول إليها حتى صار يرى الكتاب الشباب كأنهم مراهقين لا وقت للعبث معهم. يعتقد أن الكتاب الشباب يكتبون خواطر ليس إلا ، يكتبون قصة تخلو من كذا وكذا، لا يحق لهم الولوج إلى عالم الراوية، لا أحد ينظر فيما كتبوا إن كان يستحق العناء أم لا. عليهم أن يشقوا طريقهم بأنفسهم مع حذف عبارة “كاتب معروف”.

(كتابات) هل كتبتي الرواية.. وكيف كانت الاستعدادات لكتابتها؟

  • نعم كتبت الرواية بحب وألفة، الرواية تعلم أنني أحبها وإني أضع قدما في طريق يؤدي إليها، ومن سار على الدرب وصل وكما قال لي صديق راحل يوما “خطواتك ستدلك”.

كل استعداداتي لها تتلخص كالآتي:1- حب كتابة الرواية أولا وأخيرا.

2- أن أحقق الهدف الذي طالما كانت تصبو إليه الروح إلا تزال.

3- أن أترك أثرا خلف خطواتي، أن أضع بصمة في هذا العالم الكبير وقد اسميتها “منى”!

4- قلمي وقرطاسي ودعوة صامتة بيني وبين “منى” أن أصل لتلك القمة في أرض القصص.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟

  • الصعوبات! وهل سوى الصعاب تواجه المرأة في مجتمعاتنا العربية! لم تفعل شيئا محرما، لم تغتب أحدا، كل جرمها أنها أرادت أن تسمو عن الجاهلات بقلمها إلى عالم أكثر رقيا ورفعة. والصعاب تستمر وتنهال مطرا جارحا. في مولد بكرها “نساء الضباب “! بدل عبارة “مبارك”! ومع ذلك سأكتب! سأصل بكل جديد.

أما عن جديدي فهناك روايتان تحت الدراسة والطباعة بعنوان “دعوة للمغفرة” و “أرصفة الوداع”، ومجموعة قصصية “سيدوري”.

وفي النهاية أتساءل هل يدرك النقاد أن ما يكتبه الكاتب لم يأت من فراغ! ليس عبثا! ليست الولادة سهلة بحال! إن كل حرف يعني لون وإشراقة شمس في فضاء معتم! مودتي والورد.

قصة لمنى شكر..

قصة “فراغ”..

دفع بملعقته حبات الأرز الساخنة في الطبق أمامه هنا وهناك لعدم وجود شهية للطعام، مطرق الرأس جريح الفؤاد بعد ذاك الصمت الهائل الحزين والفراغ المرعب الذي خلفه رحيل والدته المبكر إلى عالم ثان مجهول لا يستطيع بعمره الصغير أن يستوعب أسبابه.

أجبر على القيام بالكثير من الأعمال في البيت قدر المستطاع متعاونا مع والده، ومحاولا منح ما يقدر عليه من حنان وعطف لأخيه الصغير.

نظر إلى الكرسي الرابع الفارغ! لم يعد هناك من أحد يملأ وحشة ذاك الفراغ الشاسع الذي صار يتسع يوما بعد آخر لافتقاده أمه وحنينه لها. ران على وجه والده التوتر وثمة ما يريد طرحه للعائلة الصغيرة:

  • البيت بحاجة لامرأة تديره وتهتم به.

قالها بشكل متردد وكأنه يريد إزاحة ثقل على صدره، كان يرقب ابنه البكر بين الحين والآخر أثناء الطعام والكلام. شعر الابن الأكبر بأن هناك قوى جبارة تجعله يذرف الدمع مدرارا ويمتلأ حزنا وأسى ويسأل نفسه مرارا:

  • لم رحلتي يا أمي؟ ألم تشفقي أمي علينا؟ لو انتظرت مزيدا من الوقت…

سقط الدمع في الطبق الذي أمامه وهو لا يزال يعبث بحبات الأرز التي أمامه.

كان يرى طيفها يأتيه حنونا ليمسح بحنو دمعه الساخن وينهي غصة تكاد تخنقه وهو يحاول كظمها أكثر. سمع صوت يبكي بمرارة ونشيج لا ينقطع، كان بكاؤه يقطع الصمت الذي ساد الجلسة وينهي وجبة غداء لم تكتمل.

أطرق والده أيضا شفقة عليهم وراح الطفل الصغير يكمل طعامه ببطء وتردد، وهو ينظر إلى والده وشقيقه، يجهل كيف يعبر عن فقده لأمه رغم بكاءه المستمر وسؤاله عنها ولم لم تعد إلى الآن بعد أن أقنعه الآخرون أنها رحلت إلى السماء الجميلة البعيدة حيث مروج خضراء وسعادة غير منقطعة وخلود دائم.

…….

وصف..

وصفتها له… أسهبت في الوصف، سأم منها وخرج، كأنهما ليسا زوجين. هي تصف الآخرين سواء بصفاء نية أم غيره.

في الخارج تنفس الصعداء. شغلته صاحبة المواصفات. عزم الأمر، لا بد أن يراها، فذكرها يملأ عليهما البيت، هو يعرف كل رفيقاتها عن طريق اللقاء مصادفة أو حين يذهب لإحضارها من العمل وأحيانا عن طريق التصفح في حسابها من باب قتل الوقت أو حين يكون جهازه النقال معطلا عن العمل وربما من باب التغيير وليس شكا بها أو غيرة للبحث عن أشياء ربما يبحث عنها بعض الأزواج، بل على العكس لطالما تركها بحريتها تقبل صداقات وتحذف أخرى، بل هو يسعى لإشغالها كي لا تثرثر كثيرا عن هذا وذاك.

هو يدعوها للترفيه عن نفسها دوما بأن تزور هذه أو تأخذ هدية لتلك التي أنجبت قبل أشهر، تزور أهلها وتطيل المكوث إن أرادت. متاح لها كل ما تريد.

ورغم أنها تصف الناس بدقة واهتمام إلا انه لا يحب ذلك ولا يبالي على الرغم من أنها توفر له مادة دسمة عن حياة الكثير من الناس، الذين ما أن تسمع ذكرهم حتى تهتم بكل صغيرة وكبيرة تقدر على التقاطها عنهم، هذا حسب رأيها، إنها تدعم البيت بهذا الكم من المعلومات التي طالما استأنست بها رفيقاتها فهي كالموسوعة تقدم تقريرا مفصلا قدر المستطاع.

كان يتناول الغداء، فباغتته:

– ما رأيك بدعوتها لتناول الطعام في الغد؟

أشرق نور للحياة داخل نفسه، كان شيئا مثيرا أن تطرح تلك الفكرة.

– ولم لا.

قالها كأنه يحاكي خياله، كان شاردا فيما سيحمله له الغد.

كان يريد أن يقول أنه جد فرح ويتوق لتلك اللحظة إلا أنه كان يتناول طعامه الذي لم يعد يدري ما هو، ساخن أم لا، يستسيغه أم لا يستسيغه.

كانت تملأ خياله طيلة الأسبوع الماضي والتالي لكثرة ما تردد ذكرها عندهم.

نهض تاركا طعامه، خاطبته مستغربة:

– لم تكمل طعامك، ألا تحب هذا النوع من الشواء؟

– لا بد من الاستعداد للغد!

قالها في سره، إنه يوم مهم.

وراح يعد العدة لأجل ذلك اليوم الذي لا يعرف لم صار بعيدا ولم صارت الدقائق اللعينة تأبى أن تتحرك بل هي تصر على ذلك.

كان الغد. كانت امرأة تختلف عن كل رفيقاتها. امرأة من طراز خاص أو هكذا كان يرى هو. ذات هدوء ارستقراطي. تلفظ الحروف على مهل، يغلفها الحزن الشفيف.

بعد أن قدمتها زوجته إليه وراحت تبحث في أسرارها وخباياها، كان هو لا يسمع ولا يعي من زوجته شيء، سوى أن كله كان مع رفيقتها. كانت لحظات لذيذة أن يجالسها ويصغي لهمسها المتدفق الذي يجيب على أسئلة زوجته كأنها المحقق شارلوك هولمز. فرحت الزوجة بهذا القدر من المعلومات عنها والذي استطاعت الأخرى منحه مع التحفظ بالكثير.

استأذنتها الزوجة قليلا لإحضار العصير والكعك الذي هيأته سلفا لهذا اليوم مشيرة إلى زوجها بطرف عينيها أن يحادث المرأة ويجاملها ولا يبقى كأبي الهول.

لا يعرف ماذا يقول إلا أنه كان يرغب أن تتكلم ليصغي، يبدو أنه

ليس متحدثا جيدا وفعالا كزوجته:

– سرني حضورك، زوجتي شخصية مرحة واجتماعية لهذا لديها الكثير من الأصدقاء على العكس مني.

بالكاد استطاع خجلا أن يقول.

رفعت طرفها بخجل وتردد وهو يترقب وينتظر ليرى كيف تكون نظرتها:

– لكل محبيه.

أعجبته، صوتها وشخصها.

قرر الاقتراب أكثر، ولم لا؟ تطورت العلاقة. تماديا في الإعجاب والعشق. انشغلت الزوجة بأخبار الناس وقصصهم. كانت مستمتعة. هو أيضا مستمتع برفيقتها

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب