24 نوفمبر، 2024 6:27 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. مليكة العمراني : الشعر لا ينصف المرأة والشاعرة هي امرأة مقاتلة

مع (كتابات) .. مليكة العمراني : الشعر لا ينصف المرأة والشاعرة هي امرأة مقاتلة

حاورتها – سماح عادل :

تونس بلد “الياسمين والحرية”.. في محاولة منا للتعرف على الحركة الثقافية والأدبية في تونس، حاورت (كتابات) الشاعرة والأكاديمية مليكة العمراني، لمعرفة حال الشعر والمرأة والأدب.

(كتابات): كيف انطلقت موهبة الشعر لديك ؟

  • انطلقت موهبة الشعر لدي منذ الصغر، وتزامن ذلك مع شغفي الكبير بالقراءة، إذ كنت أقرأ كل ما تقع عليه يدي من كتب وروايات ودواوين شعرية ومجلات في مختلف الاختصاصات باللغتين العربية والفرنسية، وبعد مرحلة القراءة المكثفة بدأت أخط بعض الخربشات الصغيرة على كراساتي المدرسية، وكنت آنذاك تلميذة بالمرحلة الثانوية بتونس العاصمة، باعتبار أنني من مواليد هذه المدينة، ولما انتقلت إلى الدراسة بالمعهد الثانوي “باب الخضراء”، وهو معهد عريق وتخرج منه الكثير من المثقفين والأدباء، حينها بدأت أتعرف إلى الأدباء وأرتاد النوادي الأدبية الشهيرة والعريقة في تونس، ومن أهمها “نادي الأربعاء الأدبي” بالنادي الثقافي الطاهر الحداد وهو النادي الذي استطاع تخريج المواهب الكبيرة.
الشاعرة مليكة عمراني

اتصالي بالأدباء مكنني من الانفتاح على حركة النشر التونسية والعربية.. فكنت أنشر نصوصي في أكبر الجرائد والمجلات التونسية من بينها الملحق الثقافي لجريدة الصحافة التونسية، وجريدة الصباح، والشروق، والرأي العام، والأخبار، ومجلة الحياة الثقافية، وهي مجلة “وزارة الثقافة” في بلادي، إضافة إلى النشر في بعض المنابر العربية على غرار جريدة أخبار الأدب المصرية، وجريدة القدس العربي الصادرة بلندن وجريدة الفينيق الأردنية.

(كتابات): كيف كانت رحلتك حتى تصلي إلى قراءك ؟

  • كانت لا تخلو من الصعوبات.. وتمكنت بفضل مثابرتي وجهدي من نحت اسمي في وطني وساعدني على ذلك تكويني الأكاديمي، باعتباري حاصلة على “الأستاذية في اللغة والآداب العربية” من كلية الآداب منوبة، وهي أكبر جامعة في تونس مختصة في تدريس الآداب والعلوم الإنسانية.

ساهمت في النشر في الصحافة الوطنية والعربية منذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي، وكانت نصوصي مختلفة بشهادة الجميع، إذ تمكنت من إثراء تجربتي الشعرية عن طريق الاحتكاك بالشعراء الذين يفوقونني في التجربة، وكنت قد ساهمت في تأسيس العديد من النوادي الثقافية داخل الجامعة وخارجها، إذ كنت من مؤسسات “ملتقى الشعراء الطلبة” وساهمت في عضوية الهيئة المديرة كما ساعدتني البرامج الإذاعية والتليفزيونية التي كنت أمرّ بها تباعاً على إيصال صوتي للجمهور وللناس، وأنا على أبواب نشر مجموعة قصصية بعنوان “أزمنة البكاء” ستصدر عن دار نشر تونسية جمعت فيها خلاصة تجربتي الشخصية والشعرية والكتابية.

(كتابات): هل واجهتك صعوبات كونك امرأة وشاعرة في مجتمعك ؟

  • كثيراً ما ارتبطت تجارب المرأة الكاتبة المبدعة والمثقفة بالصعوبات والعراقيل باعتبار هيمنة السلطة الذكورية على مثل هذه المجالات.. ولكن بالنسبة إلي كانت المسألة مختلفة قليلاً حيث أن اختلاطي بالمجتمع الثقافي الذكوري منذ الطفولة أكسبني حصانة، واستطعت أن أفرض اسمي واحترامي ولكن بكثير من الجهد والمعاناة.. فبشهادة الجميع يقال إنّ نصوصي لا تشبه ما درجت المرأة الكاتبة عليه فهي تجمع بين قوّة الخطاب الثقافي ورقة الشعر والغوص في المخيال الثقافي، الذي ساعدني عليه تكويني الثقافي والمعرفي.. فأنا إضافة إلى كوني شاعرة أكتب القصّة القصيرة والنقد، وأنا الآن باحثة في اختصاص الشعر في الجامعة التونسية.

تجربتي الشعرية والخاصة تختلف عن تجارب الأخريات.. رغم أننا نلتقي في الهم المعرفي والشعري المشترك، إنّ المرأة المثقفة في تونس وفي الوطن العربي مازالت تتلمّس طريقتها نحو الإبداع وذلك يتطلب جهداً كبيراً أو مزيداً من المنازعة وتثقيف النفس وتكوين رصيد معرفي وثقافي يضفي بصمة الخصوصية وطابع الذاتية على هذا النوع من الكتابة، ويخرج بها عن المألوف ويمكنها من الاستمرار في الزمان والمكان و تخطّي الأطر الذاتية والمحليّة الضيّقة.

(كتابات): في رأيك هل المبدعين الشباب يتم تدعيمهم في تونس ومساعدتهم على إظهار مواهبهم ؟

  • إنّ تونس باعتبارها تزخر بالكفاءات الشابة وأكثر من نصف سكانها شباب تزخر بالمواهب.. بالنسبة إلي أنا تجربتي مختلفة واعتبر من الشاعرات المخضرمات، حيث أنني عاصرت جيل الثمانينيات والتسعينيات وكذلك الأجيال الشابة، وهي أجيال مكافحة ومناضلة وتزخر بالكفاءات والمواهب ونرجو لها المزيد من النجاح والتوفيق.

أمّا بالنسبة إلى مسألة التشجيع فهي موجودة.. وهناك مؤسسات ثقافية ومنابر إعلامية استطاعت أن تحتضن هذه الكفاءات، واستطاع بعضهم أن يصدر مجموعات شعرية، رغم قلة الإمكانيات المادية والبطالة التي يعاني منها جيل الشباب المثقف التونسي.. شبابنا في تونس “يقتلع شوكه بيديه” فهو يحارب ويدافع عن نفسه بشراسة ويتمكن من ذلك بفضل قدراته ومواهبه، وتونس تزخر بالشعراء والكتاب الجيدين وهي ولادة ومبدعة دائماً.

(كتابات): من الشعراء الذين تأثرتِ بهم.. ومن في رأيك أفضل الشعراء العرب ؟

  • ثمة شعراء عرب كبار لا شك في ذلك.. ولكن على الإنسان ألا يكون نسخة لأحد بل على العكس يقول النقاد إنّ نصّي وإمكانياتي الشعرية كبيرة وموهبتي متفردة.. لا أخفي أنني مغرمة بالقراءة لكل الشعراء العرب الكبار على غرار “أدونيس، ومحمود درويش، وأحمد عبد المعطي حجازي”، وغيرهم ولكن الطابع الذاتي والشخصي يطغى على تجربتي التي استطاعت أن تتجاوز الحدود التونسية، بفضل الترجمة إلى الإنكليزية ولكن طبعاً وبكل تواضع التجربة مازالت في حاجة إلى الكثير من الجهد والجدّ.. وأنا مصممة على مواصلة الاجتهاد حتى يكون صوتي عالياً وبعيداً وحتى يتجاوز المحلية الضيقة مع الحفاظ على خصوصياتي كشاعرة تونسية وعربية أكتب باللغة العربية وأدافع عنها.

أمّا عن أفضل الشعراء العرب فهم كثيرون وأعتبر “أبا القاسم الشابي” من أفضل التجارب العربية، كما أن “محمود درويش” تجربة كبيرة والقائمة طويلة.

(كتابات): ما هي الموضوعات التي تتناولينها في قصائدك ؟

  • موضوعات مختلفة فمنها الذاتي الصرف ومنها الهمّ الإنساني المشترك.. فأنا أنهل من الموروث الإنساني وأدافع عن مشروعية وجود المرأة المثقفة باعتبارها كائناً كاملاً، بإمكانه أن يبدع وأن يتميز بالحفاظ على خصوصيتها كامرأة، وموضوعاتي منها العاطفي الذي يتحدث عن دور الأم في المجتمعات العربية، ومنها الخصوصي الذي يتحدّث عن العلاقة بين الرجل والمرأة.. من الضروري أن تكون أشعار المرأة ناطقة بالعاطفة الصادقة وقوّة الشخصيّة، وبلاغة الخطاب، وشفافية اللغة، والخصوصية الذاتية التي كثيراً ما أكدت عليها في حواراتي الإذاعية.. الموضوعات التي أعالجها في قصائدي طريفة وجديدة وقابلة للتطوير بتطوّر التجربة في الحياة كما أنني من المدافعات عن تحرّر الأوطان العربية على غرار “فلسطين والعراق”.

(كتابات): هل حركة النشر في تونس تحتفي بالشعر أم تهتم بفروع أدبية أخرى.. وهل تهتم بالمبدعين أم بالمكسب المادي ؟

  • حركة النشر في تونس مزدهرة وثرية وأغلب الناشرين هم من جيل الشباب يساعدون زملاءهم من المبدعين وينشرون لهم أعمالهم.. ومعظم الناشرين هم أدباء وشعراء وصحافيون وهي في الحقيقة تحتفي بالاثنين معاً أي بالشعر والمكسب المادي معاً.. فضغوطات الحياة كثيرة ومكبلة للشاعر والناشر في الآن نفسه، ولكن ثمة مجهودات محمودة مع رجاءنا أن تتطوّر أكثر في المستقبل بالدعم الحكومي لهذه الدور ودعم الكتاب للفقراء خاصّة.

(كتابات): هل اختلف الأمر بعد “ثورة الياسمين” في تونس.. وهل انعكست الثورة ومبادئها على الشعر التونسي والأدب بشكل عام ؟

  • إنّ الثورة التونسية خلقت هزات وزلازل في صفوف الكتاب.. واستطاع الكثير من الشعراء والكتاب الجيدين الاستفادة من الظروف الصعبة، وبدؤوا يكتبون نصوصاً جميلة وجيدة تنهل من الواقع الاجتماعي والثقافي الذي يتميز بالغليان والتنافس.. إنّ أيّ ثورة تقوم أساساً على إدارة الفعل وحب الحياة، وهي تستمدّ منابعها من حبّ الحياة، والدفاع عن الكيان والوجود لذلك تنطق النصوص الشعرية التونسية بهذا الحب المفرط للحياة والدفاع المستمرّ عن شرعيّة الوجود الإنساني والثقافي.

(كتابات): هل الشعر أنصف المرأة ومن في رأيك من الشاعرات اللاتي استطاعت أن تجد لها مكاناً وسط الشعراء المشاهير من الرجال ؟

  • الشعر لا ينصف المرأة في رأيي بل هو سبب أساسي في تعبها ومعاناتها وخصوصية تجربتها.. ولكن المرأة الشاعرة هي امرأة مقاتلة.. فهي تدافع عن وجودها بمجهوداتها الخاصّة وتفرض احترامها في المجتمع الذكوري، ولكن تجربتها لا تخلو من المأساة والمعاناة.. وأنا على اطلاع على تجارب المثقفات والشاعرات والكاتبات في الوطن العربي وفي تونس، وأعتبر أنّ المرأة الشاعرة مازال أمامها الكثير حتى تفرض وجودها وحتى تضاعف من مجهوداتها وحتى تفرض احترامها في أوساط ثقافية واجتماعية متحفظة ذكورية، لا تقبل فكر المرأة ولكنها تبيح جسدها وتنتهك حرمتها الشخصية وتعمق في جراحها.. ولا يمكننا بأيّة حال من الأحوال كشاعرات أن ننتظر من الرّجال حتّى يمنّوا علينا بالدعم.

(كتابات): هل يصل الشعر في منطقة المغرب العربي لباقي الدول العربية أم لا ؟

  • بانفتاح الإعلام على الوسائط الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي استطاع الشعر المغاربي أن يصل.. وتمكن بعض الشعراء والشاعرات من إيصال أصواتهم إلى العالم العربي، وأيضاً عبر الترجمة، لأنّ لنا تجارب نسائية ورجالية جيّدة وتستحق الظهور والانتشار عالياً وبعيداً.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة