21 سبتمبر، 2024 2:40 م
Search
Close this search box.

مع كتابات “محمود فهمي”: نسائي في أعمالي خجولات ويمتلكن وجوه نقية

مع كتابات “محمود فهمي”: نسائي في أعمالي خجولات ويمتلكن وجوه نقية

خاص: حاورته- سماح عادل

حين تنظر إلي لوحاته تخطفك، تصيبك بالدهشة والانبهار، وتشعر أنك تلقيت للتو دفقة كبيرة من الفرح، والعذوبة والجمال، تشعر أنك تشاهد شوارع بغداد الجميلة، بحميميتها وخصوصيتها، وبنسائها الجميلات. تظهر النساء والرجال أكبر من باقي التفاصيل فينضاف السحر إلي جمال الألوان والمنظر.

هو الفنان التشكيلي العراقي “محمود فهمي” حاصل علي درجة الماجستير في الفنون الجميلة، عضو في جمعية الفنون الجميلة الروسية وعضو في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية. درّس مادة الرسم في معهد خاص كما عملت مصمماً بصرياً ورساماً لقصص الأطفال في مراكز الطفولة في الشارقة. لديه حوالي 50 كتاب منشور للأطفال. عاش ما بين الإمارات وكندا ليقيم في النهاية في كندا.

كان لي معه هذا الحوار الشيق:

* كيف بدأ شغف الرسم لديك وإلى أي مدى تأثرت بالوالد والأخ الأكبر؟

– الشغف بدأ في الطفولة قبل المدرسة، استهوتني الرسومات في الكتب التي في مكتبتنا من الإصدارات الأدبية التي فيها رسوم ومن الأغلفة، كنت أقلد تلك الرسوم وألونها ومنها بدأت البذرة الأولى.

* قلت “أدين للغربة بالكثير، لكونها استطاعت أن تزيح عني الخوف من اكتشاف نفسي، واعطتني الثقة بالنفس لإغناء تجربتي”. كيف كان تأثير هذه الغربة وتعاليمها علي لوحتك؟

– نعم الغربة أتاحت لي الفرصة لاكتشاف نفسي، وأعطتني الثقة بالنفس ومعرفة ما يدور حول العالم من مدارس فنية وأساليب، وأن ما أقدمه من فن مادام أحبه إذن هو فن حقيقي وهذا يكفي، وابتعد عن فكرة إرضاء المنظرين والنقاد والاتجاهات الفنية التي ليست قريبة على نفسي.

* عملت تدريسيا في النرويج من عام 1999 إلى عام 2002 كيف كانت التجربة مع التدريس وتعاملك مع الطلاب وهل هم مختلفون؟

– نعم عملت في النرويج بالتدريس وكانت تجربة جميلة وخصوصا لطلبة من شعب مختلف ولغة أخرى، بالرغم من أني لم أعان من المصطلحات لأني كنت على معرفة كافية بها، أتاحت لي الفرصة لترسيخ مفهوم توصيل الفكرة نظريا وعمليا بنجاح وسهولة، في توصيلها للطلبة، وكانت علاقتي بهم طيبة ومازلت على تواصل ببعض من طلبتي وطالباتي، الذين أصبحوا الآن فنانين وفنانات .

* عملت في الإمارات في تدريس مادة الرسم في معهد الفن الخاص هل كنت تشعر بمسؤولية في تربية أجيال من الفنانين والرسام؟

– نعم الشعور بالمسؤولية دوما موجود، وأيضا الهاجس بأن أكون أوصلت لهم الفكرة بالصورة الصحيحة، وكذلك أعززها بالتدريب العملي الذي أحب أن أركز عليه كثيرا، تجربتي بالإمارات كانت غنية جدا وأحلى فترة عشتها هناك .

* تحب القراءة في مجالي الأدب والفلسفة ولديك هوس بالموسيقي احكي لنا؟

– القراءة بكل أنواعها سواء الأدب والفلسفة الصوفية التي أحبها هي مكملات تقويم الفنان، وجزء عفوي من الفنان الناجح. وكذلك الموسيقى تعطي للفنان روح محلقة بالجمال والإبداع، الاستماع للموسيقى يروي الروح ويغذيها بالجمال لولا الموسيقى كانت الحياة لا تطاق، كما يقول الفيلسوف الألماني “فريدريك نيتشة” .

* بدأت بدراسة المدرسة الشرقية أو ما يعرف بمدرسة الواقعية الاشتراكية ثم اطلعت علي المدرسة الغربية، هل تأثرت مسيرتك الفنية بهاتين المدرستين وكيف؟

– الاطلاع على هذه المدارس ضرورة حتمية للفنان الناجح أو الباحث عن النجاح والإبداع، استمتعت بوجودي في بلد الواقعية الاشتراكية، عشت في صلب هذه المدرسة الجميلة التي ولدت من رحم الحياة، أي حياة الناس البسطاء والكادحين والعمال والفلاحين، وكل شرائح المجتمع السوڤيتي في تلك الحقبة. ولدت في كرنفال من الألوان والجمال وأصبحت مدرسة مترسخة هناك، حتى بعد انهيار الاتحاد السوڤيتي. لذا استفدت منها كثيرا وأعطتني هذه المدرسة مالم تعطين أية مدرسة أخرى، أما باطلاعي علي المدرسة الغربية فقد استفدت من الانطباعية وهي لا تختلف عن الواقعية الاشتراكية من ناحية التقنية والضوء واللون، عدا المواضيع طبعا تختلف كثيرا .

* المرأة في لوحاتك ساحرة، فاتنة، حية كإن الدماء تنبض فيها، عراقية بكل معني الكلمة، حدثنا عن تصويرك للمرأة وجمالها في ارتباطها بمجتمعها؟

– المرأة هي المحور الأساسي في أعمالي، تكاد لا تختفي من أعمالي. قدمت المرأة العراقية وهي شابة جميلة بجسد جميل وملامح عراقية، أغلبها بغدادية محبوبة. نسائي في أعمالي خجولات، يمتلكن وجوه نقية عشرينية أو أقل، بلا أية مساحيق تجميل، أحبها ملائكية بعيون خجولة، لا أحب الملامح الوقحة في نسائي .

* لوحاتك تبهر المشاهد تجعله يندهش من تكويناتها الغنية، قلت أن الفن هو إبهار وإدهاش ومشاكسة المتلقي. هل تهتم برد فعل المتلقي علي لوحاتك وهل يسعدك سماع آراءهم؟

– نعم اهتم برد فعل المتلقين ولكن بحدود معينة لا تخرجني من الخط العام لأعمالي وهندسة أفكاري، موضوع لوحاتي أحرص علي بقائه بحدود أجوائي التي أحبها، وأسعد كثيرا بسماع آراء الناس واستفاد منها كثيرا، وأحيانا قد أغير في الأعمال بعض التغييرات المهمة فيها، عندما اقتنع بصحة تلك الآراء.

* هل يمكن القول أن هناك جمهور واعي للفن التشكيلي في العراق أو المجتمعات العربية وهل يتواجدون في المعارض؟

– بعد معرضي الأخير في بغداد (بوليفار بغداد) في آذار (مارس) 2023 ومع الحضور المنقطع النظير من مختلف الطبقات والتوجهات، هذا الحضور الكثيف الذي تجاوز الثلاثة آلاف مشاهد عند ساعة الافتتاح جعلني أتيقن أن الفن مازال بخير، وأقول بكل ثقة ليس كل فن بل الفن الحقيقي. والجمهور ذكي جدا يعرف متى يحضر افتتاح ومتى لا يحضر، أو أن هذا المعرض يستحق الحضور أو لا، فهو أذكى مما يتصور البعض من الفنانين ولا يمكن خداعه بسهولة.

* كيف يستعيد الفن التشكيلي العراقي قوته وازدهاره السابق في رأيك؟

– يستعيد الفن العراقي ازدهاره بتقديم الفن الحقيقي وإبعاد المنظرين والنقاد الفاسدين، الذين يروجون لأي فنان مقابل أي مبلغ!! هؤلاء أفسدوا الفن وحولوه إلى لغة وكلام بدل الرؤية والمتعة البصرية. والفن التشكيلي العراقي الآن يتعافى بعد أن انتهت سطوة فناني ونقاد المؤسسات، الذي ينفذون توجهات السلطة بالأعمال التعبوية والتي تمجد السلطة، والفن غير الواضح الملامح، لأنهم لا يريدون من الفن أن يكون واضحاَ في انتقاد السلطة، يريدون تجريد غير واضح الملامح ويروجون له لأنه يخدمهم بالسكوت وعدم الوضوح.

* عملت رساماً لقصص الأطفال في مراكز الطفولة في الشارقة. هل الرسم للأطفال يشعرك بالبهجة؟

– نعم كانت تجربة رسوم الأطفال تجربة ممتعة ولها تأثيرات كبيرة على أعمالي لاحقا في الخيال والفنتازيا، وروح البهجة فيها هو من صلب تأثيراتها .

* قيل أنك ترسم عن الطبقة الوسطي في العراق من منظور واقعي؟

– نعم تناولت الطبقة الوسطى العراقية في أغلب أعمالي لأن هذه الطبقة قليل من تناول حيات أفرادها وجمال تفاصيل يومياتهم من الفنانين العراقيين. حاولت أن أوثق الكثير من تفاصيل هذه الطبقة أو الشريحة الكبيرة في المجتمع، وخصوصا أن هذه الطبقة تمثل الطبقة المتعلمة في الفترة من تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وما بعدها، وتظهر هذه الطبقة بشكل أكبر وأوسع منذ ذلك الحين، وقد قدمتها بأسلوب واقعي غنائي، بتقنية انطباعية ركزت فيها على الضوء وجمال وهدوء اللحظات عند المشهد.

* ما سر التفاصيل الكثيرة والألوان البراقة والمفرحة وكون العنصر الإنساني أكبر من التفاصيل الباقية. وهل هي خلطتك السرية للتميز وللبقاء طويلا في ذاكرة الفن التشكيلي؟

-هو هذا الذي كان، أحب أن تترسخ أعمالي في الذاكرة الوطنية العراقية بالتفرد والاختلاف في تقديم أعمالي، وأحرص على عدم وقوعي في نمطية الفنانين من جيلي، أو من سيظهر من الأجيال القادمة، أحب البصمة ولكن ليست التكرارية، أحب التفاصيل لأني لا أحب الأشياء السهلة. نعم أحب أن يشاهدها المتلقين سهلة لكن أنا أنفذها بطريقة صعبة، لايهم، الهدف أن تكون حبكة وأيقونة افتخر بها.

* هل تشعر بالفرحة وأنت ترسم؟

– أحلى لحظات الفرح هو عندما أشعر بأن العمل انتهى ويجب علي أن أوقع تحت اللوحة.

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة