4 مارس، 2024 6:10 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات).. “فريال الدالي”: قصيدة النثر أميل للبساطة في التعبير عن اليومي والمعاش

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : حاورتها – سماح عادل :

“فريال بشير الدالي”؛ شاعرة ليبية.. ولدت عام 1976، في الخامسة عشرة بدأت كتابة الشعر، وفازت بالترتيب الأول عام 1994 ضمن المسابقة الثقافية لمدارس التعليم المتوسط على مستوى “طرابلس” و”ليبيا” في المقال والقصيدة.

بدأت النشر عام 2002، صدر لها ديوان: (محاولة لصف إزدحام) عام 2006؛ عن “مجلس الثقافة العام”، وديوان (أتقفّى آثار عطرِك) عام 2009؛ عن “المؤسسة العامة للثقافة”، و(في نسق الحكاية) 2013؛ عن “وزارة الثقافة”. وهي تعيش حاليًا بمصر.

في قراءة للدكتور، “مختار عطية”، عن ديوانها (محاولة لصف إزدحام)، التي عنونها: (إرهاصات الحس النسوي عبر بؤرة اللاجدوى)، جاء في مقدمتها: “.. إنها فريال الدالي تلك التي تغزوك بلوافت ألفاظها، وسوانح صورها، وتفرد حسها، وإمتزاج هدوئها بتعمد صخبها، وإنحناءات خطاباتها، تلك التي أبت إلا أن تميزها بميزات خاصة وتراكيب بعينها تعشق من خلالها فنون المراوغة البنيوية لجملها وتعابيرها التي أردتها ثوباً قد يعلو حيناً على قوارع الفصحى، ثم يتدنى فيقترب اقتراباً يلذ له سمعك، وتبقى بين الحروف مشدوداً مشدوهاً”.

إلى الحوار:

(كتابات) : كيف بدأت رغبتك في الكتابة.. وكيف تطورت ؟

  • بدأت رغبتي في الكتابة نتيجة حبي القراءة في سن مبكرة، ومشاركاتي في الأنشطة المدرسية، والإذاعة المدرسية التي كنت أشارك بها؛ وأحيانًا أشرف عليها منذ السنة الخامسة الابتدائية. كما كنت متميزة في مادة التعبير، وأعشق اللغة العربية ما جعلني أتوفر على عناصر الكتابة الرئيسة من اللغة وحصيلة لغوية لا بأس بها وحب الكتابة.

(كتابات) : لمَ إتجهتِ لكتابة الشعر ؟

  • لم أخطط لكتابة الشعر.. أو على الأقل لم أنتبه لرغبتي في كتابة الشعر قبل كتابته؛ لكنني بالتأكيد كنت أهتم بقراءته وحفظه ما أمكنني ذلك، ومن الطريف الذي أذكره منذ طفولتي حرصي على كتابة كل ما أسمعه عبر الإذاعة المرئية، (التليفزيون)، والإذاعة المسموعة، (الراديو)، أحيانًا كي أحفظه، تذوق الشعر والانتشاء به أظن أنه أهم مداخلي لكتابته.. وعلى كل حال؛ أظن أن التعبير بأحد الأساليب أو التوجهات الإبداعية لا يمكن أن يُخطّط له؛ بل هو نتيجة تلقائية لميل الوجدان إليه.

(كتابات) : على الرغم من رواج قصيدة النثر.. لماذا في رأيك لازال الشعراء يتمسكون بقصيدة التفعيلة ؟

  • كما نعلم أن كتابة الشعر لم تعد مقتصرة على الأوزان الشعرية الملتزمة بالبحور الستة عشر، فتجاوزتها إلى كتابة قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر.. المتمسكون بالقصيدة العمودية ويقتصرون على كتابتها ينفون وصف الشعر على “قصيدة النثر”؛ بل وحتّى على “قصيدة التفعيلة”، كما أن بعض كتاب قصيدة النثر يرون أن “الشعر العمودي” لم يعد لديه جديد يقدمه، وأنه لا يعدو كتابة نمطية منظومة لصور مكرورة.

أصحاب “الشعر العمودي” يقفون عند وصف الشعر على أنه كلام موزون مقَفًّى، بينما يعتمد كتّاب قصيدة النثر على الصورة الشعرية منفردة قائمة بذاتها دون حاجة إلى وزن ينظمها أو قافيةٍ تحدّدها. إذًا؛ بينما يعتمد محبوا الشعر الكلاسيكي وكتابه وناظموه على شكل القصيدة وينفون صفة الشعر عن كل ما عداها، تعتمد قصيدة النثر على موضوعها في إنتاج نص يتسم بشعرية خاصّة تعتمد على موسيقاها الداخلية.

(كتابات) : هل كتبتِ قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر.. أيهما تفضلين في التعبير عنك ؟

  • في الواقع كانت بداياتي في كتابة “الشعر العمودي”، لتشبعي به على الرغم من إطلاعي على “شعر التفعيلة”، وبعد إطلاعي على العمودي وقراءاتي فيه وتذوقه وكتابته بسنوات؛ تعرفت على “قصيدة النثر”، واكتشفت عالمها البديع؛ وجدت في قصيدة النثر مذاقًا آخر أكثر نعومة وشفافية، إذ تظهر الحالة الشعرية في نص يكتنز بالصور دون حاجة لإيقاعات البحر وسياج الروي، حتى وإن اتسمت بالغموض؛ الغموض أحيانًا يسم القصيدة بالتجريد الذي يمكن أن يكتبه صاحبه لحالة تخصه أو تفاعل معها لتعبر عن حالات أخرى لم تلقي هذا النص، وهذا ثراء يحسب لقصيدة النثر، وهنا أودّ القول إن قصيدة النثر قد تطورت سريعًا، حتى إنها صارت أميل للبساطة في التعبير عن اليومي والمعاش.

(كتابات) : ما تقييمك لحال الثقافة في “ليبيا” والعالم العربي ؟

  • الحقيقة لست مطلعة بشكل يؤهلني لتكوين صورة عامة عن حال الثقافة في العالم العربي.. أما عن حال الثقافة في “ليبيا”؛ فأستطيع القول إنه يشهد إزدهارًا وثراء، فيشكل طفرة حقيقية على مستوى منتجي الثقافة، من مبدعين في كافة المجالات؛ إن في مجال الرسم أو التصوير الضوئي الذي انتشرت ثقافته كفنّ، أو التشكيل أو الشعر أو السرد وخلافها.

والغريب أن كل هؤلاء المبدعين ظهروا في السنوات الأخيرة؛ ما يجعلنا نراهم طليعة لواجهة مشرقة ومتنوعة وناضجة للثقافة في ليبيا.. كما نشهد ارتفاع نسبة متابعي المنتج الثقافي وانتشار عادة القراءة والإطلاع وحب المعرفة، ليس فقط بالقراءة والمتابعة عبر الإذاعتين؛ بل وحتى على مستوى حضور الأنشطة والفعاليات الثقافية الأدبية والفنية التي صارت تشهد زخمًا ملحوظًا رغم ما تمر به ليبيا من ظروف التشظي وحالة اللادولة.

(كتابات) : هل أثرت الصراعات الأخيرة في ليبيا على الأدب والثقافة هناك ؟

  • تأثيرها كان من باب الإنشغال بالشأن العام؛ وما يبعثه من تحفيز على التعبير عنه، المبدع وجدان يتفاعل مع المحيط والمُعاش، لا يمكنه أن يعزل نفسه، ولا يمكنه أن يتجاهل رغبته في التعبير عمّا يريد.. الأدب والإبداع عمومًا بطبيعته يتأثر بكل شيء، فما تمرّ به ليبيا مثلًا، لابد من أن يكون حاضرًا بشكل بارز وكبير في الإنتاج الإبداعي، لا أقول إن الجميع يكتبون فيه، أو يقتصر أحد على الكتابة فيه؛ ولكنه يفرض نفسه في كثير مما نراه ونقرؤه.

(كتابات) : هل واجهتك صعوبات كونك كاتبة ؟

  • في البداية نعم.. فأنا من بيئة محافظة، تهتم بتعليم الفتاة، ولكن لا تسمح لها بحرية اختيار العمل في أي مجال تحبه، فتكون المجالات المتاحة محدودة كـأن تكون معلمة أو طبيبة مثلًا؛ ما اضطرّني في البداية للنشر باسم مستعار، ولا يعلم أحد سوى أبي الذي استأذنته ووافق بطريقة غير مشجعة، رغم أنه هو من غرس في نفسي حب القراءة والمعرفة، وشجعني منذ طفولتي المبكرة على ممارسة هواياتي كالغناء والعزف على “البيانو” والرسم، ورغم وُلوجي عالم القراءة عبر مكتبته المتنوعة؛ وهذا كله بسبب وجودنا في بيئة محافظة، تدفعك لتتبع عاداتها وتصبغك بنمطيتها، مع أنه يسعد بمشاركاتي وإصداراتي؛ وقد رافقني في أكثر من رحلة ثقافية.

(كتابات) : في رأيك هل شعر المرأة له مميزات خاصة.. وكيف ؟

  • عن نفسي أرى أن الميزة الأبرز قد تكون في موقع المرأة من الرجل والعكس، وقد تختلف قليلًا في مواضيعها باختلاف طبيعة حياتها ومعاناتها وتفاعلاتها مع الأحداث، شخصية كانت أو عامة. لكن الشعر هو الشعر، سواء كتبه رجلًا وكتبته إمرأة؛ ولا أظن أنه عبر التاريخ ومنذ ظهور مدارس الشعر الأولى كان النقد يصنف الشعر حسب جنس صاحبه.

تظل مسألة زاوية الرؤية وآلية التعبير والتفاعل الشخصية مع الحالة، وهي من الفروق الشخصية حتى بين شعراء الجنس الواحد، أما فيما يخص بنية النص وتكويناته فلا أظن أنه يوجد اختلاف، كما لا أظن أن هناك اختلافًا من حيث الدرجة والقيمة والأهمية والجودة بين الشعراء والشاعرات؛ فالنص القيم والمهم والجيد هو قيم ومهم وجيد سواء كتبه رجلًا وكتبته امرأة.

(كتابات) : ما جديدك ؟

  • أعد مجموعة شعرية للطباعة، كما أنّني بصدد استئناف إصدار صحيفة (أطياف)، التي كنت قد أسستها عام 2011، وهي صحيفة ثقافية فكرية شاملة، ولو بشكل إلكتروني مبدئيًّا.

(كتابات) : ما هي أحلامك وطموحاتك ككاتبة ؟

  • آمل أن يكون نصّي صوتًا حقيقيًا لحالتي ما أمكن، وأن يصل هذا الصوت إلى وجدان القارئ والمتلقي بشكل عام وأن تكون له بصمته اللائقة في خارطة الشعر العربي.

قصائد لها..

 

تَرَقُّب

‏…..

أمْسَكْتَ..

برأسِ الخَيْط،

وذهبْتَ.. بعييييداً؛

فكَكْتَ نسيجي.

ومن هنا؛

حيثُ الروحُ بلا جَسَد..

أَتفيّأُ عسلَ كلامِك،

أرْتشِفُ نشوى اقْترابٍ..

لعلّه!!

أرقبُ.. أرقبْ؛

هي لحظاتٌ بحجمِ الدنيا،

والعالمُ باتّساعِ ثقب إبرةْ،

الإبرةُ تائهةُ..

في سماءٍ بلا عُيون،

العيونُ..

رمادُ الدمعِ..

يجاهدُ سكَراتِ العِشق!!

……….

طرابلس، خريف 2003م

 

مُحاولةٌ لَصَفَّ ازدحام

…………

تقاطرَتْ عليّ شياطينُ الشعر..

ترثي انكبات خواطري؛

فتذرفُ الحنينَ أملاً مسعوراً..

يُشعِلُ اللحظةَ بوجْدِ الفِراق،

وألمِ عناقٍ بعيد؛..

القلمُ مجروح..

والورقُ..ينشُد نزيفَ انكتابي،

مهلاً..

سأصُفُّ ازدحامي طوابير!!

حين تَخْتزِلُكَ الغربةُ،

وينازِلُ البؤسُ عذوبةَ عينَيْك،

يناهِزُني الولَه؛ فَأتَخيّلك،

ولحظةَ اعتمالِ الرباط تلْكِزني الحقيقة

لكن؛.. ماذا لو أطْلَقتُ جَمْهرةَ مشاعري الهاتفةَ بِكْ،

وبذرتُ النجومَ التي اغْترفتُها من الْـ(هاتَيْين)،

في صدرِ الكون الحقيقةِ(2)،

ولوّنْتُها بومضةٍ جمَعتْنا..

كانتْ هي الأولى؟؟

عندما تختزِلك الغربةُ،

وينازِلُ البؤسُ حلاوةَ عيْنيك..

أراني نخلةً مغروسةً في زمنِ الحبّ..

تُراوِدُ النجومَ عن نفسِها،

جدّتُها فينوس أودَعتْها سرَّها..

هذه المُتّكلةُ على الصدْفة،

تنزعُ عنها لِثامَ العزلة،

تفتحُ صدرَها لرصاصِ الوقت،

ترقصُ على أنفاسِك الآيبةِ دوماً..

كانْ بِناءِ حُلُم تكبكبُهُ الوحدةُ..

كتلةً من نعيمٍ يتلظّى!

يا انكتابَ قصيدةٍ لحظةَ البعث،

وانتحارِ الشياطين..

لأِشتعلْ…

شهيةٌ هذهِ النار..

لو أطفأتَها.. لنتفعلْ،

فقط.. سأغدو رمادًا يمتصّه اللاّوجود!!

حين تختزِلكَ الغربة،..

وينازلُ البؤسُ حلاوةَ عينيك؛..

فتنفث في وجهِها حنينًا..

يتربّع في الْـ(ـناظرَيْكَ)..ألقُ الوجود؛..

فأزفُّ إليك.. أسرابًا من بناتِ الوجد..

بعينينِ محكومتين بوهجٍ مؤبّد،

يصحبه خريفٌ لايأبهُ باندثارِه؛

فأتلقَّفه بنظرةٍ إلّا ..؛

لأستقرّ به أكثر من هيامٍ،

وذكرى.. تحاول.. تعاود،

عينٌ..تمتدّ إلى اللّاأفق،

ويدٌ تسرحُ على ضفافِ التيه..

محيطٌلنا،

ومحيطٌبنا،

ومحيطٌ فينا،

ومحيطٌ بيننا،

وجسدٌيُ راوِحُ مكانَه،

يغنّي انطلاقه،

رحابةَ مَوْطِئِه الحافلِ بك،

ويشدو كنشيدًا

يرصف الدروب إلينا،

ودعاءً باحتوائِنا.

في حضورِك..

أتشكّلُ بانوراما للروح،

وحين تختزلُك الغربة،

ويُنازل البؤسُ عذوبةَ عينيك؛

أرزحُ تحت وطأةِ الانتظار،

أتعاطَى الثواني..

مدياااااتٍ فسيحة..

لا تَقتلُ،..

ولاتغني عن لقاء،

والصبر عيونٌ..

تـعُدُّ خطًى..

لا نراها!!

………….

طرابلس، شتاء 2004م

 

بُؤَر

اقتناصات من معارج الحدث

على قاعدةِ الروح

يسقط احتمالٌ؛

يكسرها.

.. ..

بيدك

مفكرة احتمالات

بيدي

يقينٌ واحد.

.. ..

أشرد عنك لأقابلَ كلماتِك

تنتهك حرمات الروح..

الروح.

.. ..

البكاء ليس مشكلة

مشكلتي..

أنّني أبكي بكاتم صوت.

.. ..

قصيرة أقدّسها،

اللحظات

تنساب من بين الأصابع

كثيبًا قاحلًا.

.. ..

عندما تشتعل اللحظات

ينطفئ الزمن

أبحث عن بقيّته

أقتات بفُتات الأيام.

………

طرابلس، صيف 2002م

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب