13 أبريل، 2024 9:14 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. فتحي ساسي: أمسك قلمي وألبس أجنحتي وأطير دون حدود عالمي

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“فتحي ساسي” شاعر ومترجم تونسي، من مواليد غرّة جوان بمدينة نابل بالجمهورية التونسية سنة 1962، يكتب قصيدة النّثر والومضة وقصيدة الهايكو، شارك في العديد من الملتقيات الأدبيّة والوطنيّة، وهوعضو اتحاد الكتّاب التّونسيين، وعضو في نادي الإبداع الأدبي بدار الثّقافة بسوسة.

صدر له:

  • ديوانه الأول بعنوان (بذرة عشق) في 2010.
  • وديوان ثان بعنوان (أحلم.. وأوقـّع على العصافير آخر الكلمات)  في 2013.
  • وديوان ثالث في دار أروقة المصريّة في 2016 (سماء لطائر غريب).
  • و رابع في مصر في مارس 2017 (كوردة وحيدة.. على مقعد).
  • وديوان (كنت أعلّق وجهي خلف الباب) في 2018.

ترجم العديد من الأعمال من أبرزها “قصائد للظّلال” للشّاعرة التركية “ك. هلال” وكتاب (قصيدة لأفروديت)، مترجم للعربيّة للشّاعر اليونانيّ “مانوليس” في مصر أبريل/نيسان 2018، إضافة لكتاب مترجم للفرنسية في دار الأرماتون في أبريل 2018 تحت عنوان CIEL POUR UN OISEAU ERTANGER والعديد من الأعمال المقبلة في الشّعر والترجمة.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطوّر ؟

  • بدأ شغفي بالكتابة منذ نعومة أظافري في السّنة الثّانية عشرة تحديدا، في تلك الفترة صرت مدمنا على قراءة الكتب والرّوايات حيث التهمت بشغف كلّ كتب “نجيب محفوظ” و”إحسان عبد القدوس” و”المنفلوطي”، وانتقلت مباشرة للبياض أخطّ بكلّ براءة ما يجول داخلي من أفكار بعد أن اتخذت الشّعر ركنا أساسيا لكتاباتي وذهبت لمعرفة خفايا كتابات “المتنبيّ” و”أبو نوّاس” وشعراء كثر آخرون .

لكنّي كنت أقذف باستمرار كتاباتي في ركن قصيّ بعد أن تعوّدت القراءة وإدمانها على حدّ السّواء،  وصرت موقنا أنّ القراءة هي المخزن الحقيقي لكلّ كتابة جيّدة وبدأت بالانتقال لكتاب أكثر وقعا في أدبيات العالم مثل أدباء أمريكيا اللاتينية وشعراء وقّعوا على العالم بصمات لا تمحى.

(كتابات) في كتابك (كنتُ أعَلّقُ وجهِي خَلفَ البَابِ) ما سرّ الإيجاز والتّكثيف في النّصوص؟

  • الشّعر هو في الحقيقة منجز أدبي يعتمد على مجموعة من الضّوابط منها الإيجاز والتّكثيف ومجموعة أخرى من المعطيات، ولكن فيما يخصّ الإيجاز فأنا أجزم أنّ العمل الأدبيّ لا يحتمل التّكرار ويذهب في أغلب الأحيان إلى الاختزال حتّى لا تدخل فكرة الملل داخل القراءة وتشتعل الكتابة حينئذ بإضاءات عدّة تجعل النصّ ثريّا ومتدفّقا دون حدّ.

وهنا تكمن الصّنعة عند محترفيّ الكتابة الّذين يغامرون في أصقاعها منضبطين بكلّ تعاليم السير على الكلمات رغم صعوبة الرّحلة وكلّ العراقيل الّتي يمكن أن تحدث. ولا ننسى في ذات الوقت أنّ التّكثيف هو سرّ اللّعبة الشّعريّة فمنه تختزل المعاني وتبلغ جمالها، فعلى قدر ما تكون الجملة مختزلة تكون المعاني أقرب للإبداع والجمال. لذلك ليس لي أن أنعت الكتابة أكثر من مقاولة وبناء في اللّغة ويبقى الكاتب والمبدع عامة هو ذلك المقاول والعامل في مجالها ينحت ويطرق بأدواته المتعدّدة أصابع المادّة ليخلق متّسعا يحلو ويروق للقارئ.

(كتابات) في كتابك (كنتُ أعَلّقُ وجهِي خَلفَ البَابِ) هل تحاول عمل لغة خاصة بك؟

  • ليس في كتابي (كنتُ أعَلّقُ وجهِي خَلفَ البَابِ) تحديدا كان هدفي الوصول إلى لغة خاصة بي، إنّما هو عمل متواصل منذ كتابي الأوّل أي البحث عن خصوصيّة داخل كتابتي، وكيف يمكن أن يكتشف القارئ مهما كانت المسافة الّتي تفصلنا أن يعرف أنّ هذه القصيدة أو هذا النصّ هو من نسجي وتأليفي. وهذا العمل هو شاق ومتعب وهدف ما فتئ كلّ عباقرة الكتابة أن يعملوا من أجل تحقيقه دون تعب.

وأنا أعمل من أجل ذلك دون الدّخول في تنميط كتابتي، فأنا أكره فكرة النمطيّة لأنّي أعتبر أنّ الكتابة هي منجز يعتمد على الحريّة في كلّ شيء، بعيدا عن التّبعات والإيديولوجيات بكلّ أشكالها. فأنا أمسك قلمي وألبس أجنحتي وأطير دون حدود عالمي، هو ذلك البياض السّاحر الّذي أنثر فيه محنتي. وكلّ ما أتمناه أن أصل، بعد هذا العدد من المنجزات الإبداعية من أشعار وترجمات، أن يصبح لي وقع خاص بي، ولغة لا يدرك عوالمها وطقوسها غيري. هي شفرات للقارئ يستدلّ بها الطّريق ليدخل محفوفا بإيقاع خاص ومختلف.

(كتابات) في كتابك (سماء لطائر غريب) “كانَتْ تَقولُ لِي…:/أنثَاكَ أنَا…/مَازلتُ أحُبّكَ رَغمَ اٌرتِبَاكِ العَنَاصِرِ دَاخِلِي./خُذْ مَا يَحْلو لكَ مِنْ دَمِي، إنِّي أصبَحْتُ الآنَ غَيْمًا/ إنّكَ صِرتَ نَبيِّ…./ أنثاكَ أنَا… مُبلّلةٌ بالطّاعَةِ، أسْجُدُ بَينَ حُرُوفِكَ/ فَلا تقتَربْ منْ ألوَانِي… كيف هي صورة المرأة في نصوصك؟

  • المرأة كائن موجود في كلّ كتاباتي، ولكن يبدو لي أن الفكرة يمكن لها أن تكون أوسع من ذلك. لتذهب أكثر نحو فكرة الأنثى والمؤنث، فتلك المرأة يمكن أن تكون الوطن أو الأم أو الحبيبة. وتتجذّر أكثر داخل الرّوح، فصورة الأنثى في كتاباتي جليّة وواضحة، تعطيها ما يكفي من الإضاءة لنرى الحياة أجمل، فالأنثى هي تلك الطّاقة البنّاءة للحياة، والسّؤال الحتميّ الذّي يضعنا وجها لوجه أمام تحدّيات الزّمن. وبين ذاك وذاك أطير لأكتشف في كلّ زهرة ترجمة لعطر جديد، لكنّي لا أبوح بأسرارها بل أضع على طاولة المعنى فاكهة الغموض ليجد القارئ نفسه أمام جماليّة يسعى لفهمها ولفكّ شفرتها.

(كتابات) ما رأيك بالجدل الّذي يدور حول قصيدة النثر؟

  • يبدو أنّ هذا الجدل سيدوم طويلا لأنّ النّقاش حول هذه المسألة ليست حديثة العهد، إنّما بدأت منذ مطلع هذا القرن حين قام مجموعة من الشّعراء في خوض هذه التجربة، ضاربين عرض الحائط كلّ الالتزامات نحو القصيدة العمودية والوفاء لها، ذاهبين نحو رؤية جديدة لقصيدة تحمل روح الواقع ورؤية المستقبل.

وصارت هذه الموجة تسيطر على الكتابات الجديدة لتصبح قصيدة النّثر إحدى اهتمامات الكتّاب والقراء، ولكن في تلك المرحلة تحديدا كانت قصيدة النّثر قد ذهبت أشواطا طويلة في الغرب مع مجموعة كبيرة من الشّعراء، وتبقى الأجنسيّة هي المشكلة الّتي تواجه النّقاد والباحثين، فكلّ الجدل هو تحديد هذا النمط الّدخيل على الثّقافة العربية عامة، وعلى الشّعر خاصة، بعد قرون من طغيان القصيدة العموديّة في السّاحة الشّعرية.

(كتابات) هل تأثّر الشّعر بطغيان الرّواية في رأيك؟

  • لا أتصوّر أنّ الرّواية قد طغت في السّاحة الثّقافية وتأثّر الشّعر جرّاء ذلك، ولكن المجتمع العربي يعاني أزمة قراءة تحديدا ولم يعد هناك اهتمام بالمسألة الورقيّة بعد أن طغت المسائل الإلكترونية على كلّ شيء، وأضحى التوجّه نحو شكل جديد للثقافة وممارستها. وهذا قد حدث لكلّ الأعمار بداية من الأطفال الّتي صارت معاملتهم مع الهاتف الجوّال والحاسوب شبه يوميّة، بعد أن طغت الألعاب الإلكترونية بشتّى أنواعها واستحوذت على جلّ الوقت المتاح للقيام بأيّ نشاط آخر.

وهذا حدث لكلّ الفئات العمريّة الّتي لم يبق من وقتها إلا القليل للقيام ببعض المسائل اليوميّة اللاّزمة، لقد صار الحاسوب والجوّال بديلا غير مجد بالنّسبة لهذا الجيل، فأبتعد عن القراءة والورق وصار جيلا إلكترونيّا بامتياز، لا يلتفت لأيّ محمل آخر مهما كان نوعه لذلك أصبحنا لا نرى مراهقا يرغب في كتابة الشّعر إلا نسبة قليلة، أو قراءته إلا نسبة أقلّ وصارت المكتبات مهجورة بعد أن هاجرت متعة القراءة والكتابة أفكار هذه الأجيال.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثّقافة في تونس ؟

  • ما زالت تمرّ الثّقافة في تونس بمرحلة صعبة نظرا لقلة الموارد الماديّة بشتى أنواعها، وهذا يبدو جليّا بالنّسبة للدّول الّتي تعاني نقصا على مستوى الموارد عامة. ورغم أنّ تونس مرّت منذ سنوات بثورة لم تُؤتي أكلها بالشّكل المطلوب بالرّغم من بقاء في ذهن كلّ المثقّفين، أنّ لا ثورة يمكن أن تقوم دون عامل ثقافيّ محرّك لها ولأوصالها.

يبدو أنّ الثّورات الّتي تحدث عامة في الدّول الفقيرة، تلك الدّول الّتي تفتقر لوسائل إنتاج قويّة، تبقى مركّزة لا محالة على العوامل الأخرى منها التشغيل والكرامة ومواطن الشّغل. وتبقى في هذه الحالة الثّقافة في الانتظار أمام الباب، لذلك لم يلتفت الشّعب إلى هذا العامل المهمّ في مسألة إدارة الثّورة بطريقة جادّة وحضاريّة . إنّ ممارسة التّفكير الثّوريّ من جوانبه الصّحيحة يمكن أن تمنح الشّعب كثيرا من عوامل النجاح، ومنها أساسا الابتعاد عن الإرهاب وجعل النّاس لها اهتمامات ذات مبعث متطوّر يدعو إلى العمل أكثر نحو مستقبل أكثر نموّا وتحظّرا.

(كتابات) احكي لنا عن عملك في التّرجمة؟

  • لقد صارت التّرجمة في حياتي اليوميّة ملازمة لي دون توقّف، ورغم حبّي الشّديد للّغة العربيّة باعتبارها لغة جميلة وثريّة وموسيقيّة وتملك أدوات فريدة لا تقارن بلغات أخرى، فأنا أملك إيمانا قاطعا بجدوى ممارسة اللّغات والدّخول لأبواب اللّغة بكلّ الطّرق. ولي إحساس أنّ المبدع حين يتعامل مع لغة واحدة يصاب حتما بالاختناق وبالغثيان.

فأنا دائما أضع فتحة أو ثقبا لأرى العالم أجمل وأنتقل من اللّغة العربية إلى اللّغة الانجليزية، وأكتشف هذا البون الشّاسع الّذي يمكن أن يوجد في   النّظرة الإنسانيّة للأشياء عامة، رغم توحّدها إلا أنّ اللّغة تعطيها خصوصيّة فريدة من تلك اللّغة تحديدا، فأيّ تفسير لكلمة يكون دائما مجاورا للمعنى الأصليّ لها بلغة أخرى. وهي معادلة فشل كلّ المترجمين في بنائها، ولكن تبقى في نهاية الأمر تلك المحاولة الجريئة في الخروج من لغة والدّخول لأخرى، وفي الخروج من طقوس وضوابط إلى طقوس وضوابط أخرى. فحين أقول (إنّي أحبّكِ) أحمل داخل هذا المعقّف كلمات وعبارات وحضارة كاملة ومسؤوليّة على كتفي لأعطيها للطّرف الثّاني بلغة أخرى، الّذي لن يأخذها بنفس الطّريقة بل بمحمول مختلف وثقافة مغايرة.

فكأنّي أقول إنّي أحبّكِ بلغتي وبحضارتي والمتلقي يفهمني بطريقة انتمائه كذلك.  وأنا اعمل داخل هذه الخصوصيّات ولا أنتقل في ترجمتي لأحمل تلك المعطيات من لغة إلى لغة، بعد أن أكون قد اطلعت على حياة الشّاعر وعن كتاباته عامة لأقف أمام منتوج أعرف جلّ تفاصيله، لتكون التّرجمة أكثر التصاقا بتأويل الأصليّ للكتابة وأكثر اقترابا للمعنى.

(كتابات) في رأيك لم ترجمة الأدب العربي قليلة بالنسبة للأدب الغربي المترجم إلى العربية؟

  • إنّ اهتمام الغرب بمسألة التّرجمة لا يقارن بالنّسبة للعرب، فهي متفوقة منذ زمان طويل. فقد فهم الغرب أنّ سبب وجيه للتطوّر هو دخول لعالم الترجمة بشكل كبير وعميق لفهم العالم عما يتحدّث. لذلك يسعى العالم الغربيّ لترجمة كلّ البحوث والدّراسات الّتي تنتج على مستوى العالم في كلّ الميادين مهما كان شكلها، حتّى تكون موازيّة لتطوّر العقل البشريّ وتسعى بالضّرورة أن تعرف كلّ جديد يأتي للعقل البشريّ قديما وحديثا، لذلك تبقى الترجمة أهمّ ناحيّة معرفية يتشبّث بها العقل الغربي ليتفوّق على سائر الباحثين عموما. فكميّة الكتب الّتي تترجم للغة الانجليزية كلّ سنة هو عدد يبتعد كثيرا عن التّرجمات لشتى اللّغات في العالم.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب؟

  • كلّ كاتب يواجه صعوبات دون حصر على مستوى الكتابة، ولكن تبقى المشكلة الأساسيّة بالنّسبة لكلّ الكتّاب وهي ترويج الكتب ونشرها في كلّ الأماكن، وهذه ناحية تفوّق فيها الغرب بأشواط بعيدة على المبدع العربي، الّذي مازال لحدّ هذه السّاعة يعاني من صعوبات كثيرة في هذه المسألة، وهي تعدّ حسب رأيي من أبسط التّفاصيل الّتي يمكن أن نقّدمها للمبدع عامة.

حين ينشر كتابه ليقرئه كلّ القراء وعشّاق الكتابة، فيما أصبحت دور النشر مؤسسات ربحيّة بامتياز، طغى عليها الجانب الماديّ بكلّ أصنافه، وأضحى الكتاب بضاعة مثل كلّ البضاعات, فيما كان بعض آخر من دور النشر لا تقبل إلا أعمال الأصدقاء والمقرّبون . كلّ هذا يجعل من النّشر في عالم العربي غير مجد رغم المجهودات الحقيقيّة الّتي يقوم بها بعض دور النّشر الرّائدة  والقليلة جدّا .

(كتابات)  وما هو جديدك؟

  • لي الكثير من الأعمال القادمة. لي كتاب في القصّة القصيرة جدّا سيصدر قريبا في دار ميّارة للنّشر وسيكون في معرض تونس الدوليّ للكتاب هذه السنة إنشاء الله، وكذلك سيصدر في نفس الوقت عن طريق دار وشمة للنّشر كتابي الشعريّ السّادس تحت عنوان (طريقة جديدة للغياب)، مع العلم أنّي أحضر مجموعة من التّراجم لشعراء من العالم أتمنى أن تنشر هذه السّنة, مع العلم أنّ دار نشر في زمبابوي سوف تنشر لي باللّغة العربية كتاب ومضات باللّغة العربية وكتاب مترجم للانجليزية لكتابي الشعريّ الثّالث، وسيكون لي قريبا مجموعة من الكتب في مكتبة زمبابوي بعد كتابي الشعريّ المترجم للأنجليزية: (I throw a star on a wine glass ).

نصوص لفتحي ساسي..

كانَتْ تَقولُ لِي

” أنَامُ كَيْ لاَ أرَى سِوَاكِ ”

(أنسِي الحَاج)

لاَ أزرَقَ غيَرَ لوْنِ البَحرِ فِي عَينَيكَ

……………..

كانَتْ تقولُ لِي…:

كلّمَا اللّيـلُ أضَاءَ أصَابِعِي

رَكعَتْ عَلى شَفتيكَ نَجمَةٌ شَقراءُ

وأعشَوشَبَ الظِلُّ بَوحًا، يَعصِفُ مِنْ عِطرِي.

كانَتْ تقولُ لِي…:

عَينَاكَ طرِيقُ الإثمِ المُشتَهَى

تفتَحُ لي أبوَابًا عَلى الآبَادِ حَتّـى يَغتسِلَ الغيْمُ

عَلى جَدَائِلي …

ويرسِمُ عَلى أغْصَانِ الرِّيحِ قمَرًا مِنْ أنُوثةِ انتِظارِي،

وشفةً أركِيدِيّةً كأنّهَا زَهرَة مُتَصَوّفَةً

منْ خُيُولِ المطَرِ…

……………….

كانَتْ تَقولُ لِي…:

أنثَاكَ أنَا… مَازلتُ أحُبّكَ رَغمَ اٌرتِبَاكِ العَنَاصِرِ دَاخِلِي.

خُذْ مَا يَحْلو لكَ مِنْ دَمِي، إنِّي أصبَحْتُ الآنَ غَيْمًا

إنّكَ صِرتَ نَبيِّ….

أنثاكَ أنَا… مُبلّلةٌ بالطّاعَةِ، أسْجُدُ بَينَ حُرُوفِكَ

فَلا تقتَربْ منْ ألوَانِي…

هَا خِصْري حَانَتكَ الأبديّةَ،

كيْ يقطِفَ العِشقُ أجمَلَ أسْمَائِي.

أنثَاكَ أنَا… شَهَوةُ الشّيطانِ شَرقُ العِطرِ خِصْري،

فَلا تُغَادِرْ فَرحَتِي .

……………….

مَازلنَا عَلى قامَةِ القصِيدِ نَتَقاسَمُ العِشقَ والغِيَابَ.

كَانَتْ تَقولُ لِي …:

طَارئًا كَالعِشقِ تَأتِي غَائِرًا فِي مُدُنِي.

تَرتَدِي الطّـينَ وتَلتحِي الخَسَاراتَ.

ظالِمٌ أنتَ… تُشهِرُ ليْلَكَ فِي وجْهِ أغْنِيَةٍ،

وتَجْهَشُ وحْدَكَ بالانتِظَارِ.

سَوفَ أهطِلُ رَذَاذًا أنِيقًا عَلى شَفَتيكَ.

حَقًّا… خَليطٌ مِنَ الوَحْلِ والحُلمِ نَحنُ،

فَلا تدخُلْ ليْلِي وحِيدًا ولا تُزكّي العَتَمَات

مَازلتُ أعَلّقُ عَرَاجِينَ الضّوءِ فِي وَحْلِ الأقاصِي.

لا أزرَقَ غيرَ لَونِ العِشْقِ فِي عَينَيكَ

هَكَذَا كَانَتْ تَقولُ لِي…

عَاشِقٌ إِلى آخِرِ السَّطرِ

أنصَحُكَ وقدْ تنْسَى …

لَكِنْ ليْسَ لكَ أنْ تنْسَى كيْفَ تتنَهّدُ

نَجْمَةٌ حَافيَةٌ بيْنَ أنَامِلكَ، مِثلَ وصِيّةِ عَاشِقٍ

إلى آخِرِ غيْمَةٍ ؟

عليْكَ أنْ تَكتُبَ إلى آخِرِ السَّطرِ،

ثمَّ تَضَعُ نُقطةً فِي نِهَايَةِ كلِّ غُرُوبٍ.

نَعمْ …  هَكذَا كيْ تثبِتَ جَدَارتكَ فِي النّسْيَانِ ….

مَثلاً أنْ تنْسَى خُيُوطِ الفَجرِ مُعلّقةً

عَلى شُرفَةِ أحْلامِكَ الصّغْرَى.

كأنّهَا مُدَاعَبَة الصّمْتِ فِي بَهوٍ مُتَحَرّكٍ،

أنْ تَنسَى كَذَلكَ ذَاكِرَةَ الموجِ…

لكنْ أنتَبِهْ جَيّدًا…

وأنتَ تُشرِفُ عَلى الغَرقِ خُذْ فَرَاشةً،

وأسْرُجْ عَلى ظهْرِ القَصِيدَةِ فِكرَة مُلتَهِبَة،

ولا تَتَستّرْ عَلى أخْطاءِ القمَرِ.

مَثَلاً كَأنْ تُبلّلَ شَفَتيكَ مِنْ جِرَارِ الوَلهِ،

حَتَّى يَلفَحُكَ عِطرُ التّمَاهِي…

لكِنّي أرَاكَ تَنتَعِلُ وَحْدَكَ ذِكرَى تُؤلِمُكَ حَدَّ الخَطِيئةِ.

هُنَاكَ لا شَيءَ يَشتَعِلُ غَيرَ لوْنَ خَدّيْكَ،

لمـــَّا تُطرِّزُ وَجْهَكَ غيْمَةٌ أطفَئهَا البُكَاءُ ….

……

رعْشَةٌ مِنْ جُرْحٍ قَدِيمٍ ..

أنَا رَدِيءٌ أكثَرَ مِنَ المَطلُوبِ….

نَعَمْ ….

أنَا رَدِيء بِطرِيقَةٍ ما

ولَكِنِّي لسْتُ رَدِيئًا كمَا تَتَصَوَّرُونَ

كلُّ القَصَائِدِ تَعْرِفَنِي وَبَوْصَلتِي عَقَارِبُ الرِّيحِ

للّنّايِ حُدُودُ المَكَانِ، وَلِعَيْنَيكِ زَهْوُ المَاءِ…

ابتَعِدِي عَنِّي قَلِيلاً… سَوْفَ أخبئ الحَيْرَةَ فِي جَيْبِي

وأقتَسِمُ أوْجَاعِي فِي حَفِيفِ الوَرْدِ

فاهْدِينِي نَبِيذًا ليَسْكَرَ العَاشِقُونَ

كنْتُ كُل ليْلةٍ أفْرِغ فِي صَوتِكِ الحِكَايَةَ

لأطعِمَ الرِّيحَ فَاكِهَةَ القمَرِ…

فلا تَرْحَلِي نَحْوَ هَوَاجِسِ المَاءِ

شفاهك تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارِ

فَهَيَّا نَجْلِسُ مَعًا لِنَشْرَبَ قَهْوَةً مِنْ بُنِّ رَغْبَتِنَا

لكَيْ لا تَقولِي إنِّي رَدِيءٌ….

الحُزْنُ يَطِيرُ وَحِيدًا فِي هَزِيعِ اللّيْلِ

يَفْرِشُ ضِحْكَةً فِي لفَافَةٍ مِنْ أنفَاسِ الغِيَابِ

وأنَا…..

لمْ يَعُدْ يَعنِي لِي شَيْئًا حِينَ تَذرُفِينَ كُلَّ صَبَاحٍ قَهْوَةً طازِجَةً

لأنِّي غَرِيبٌ بِلاَ ضَجِيجٍ فِي الرُّخَامِ…

كمَا تَتَصوَّرِينَ….

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب