12 أبريل، 2024 9:02 م
Search
Close this search box.

مع كتابات..عيد صالح: حين يفتح المبدع سراديبه تنطلق الأغنيات والصراخ والشبق والأنين

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته – سماح عادل

“عيد صالح” شاعر مصري، بدأ النشر في مجلة الأدب ل”أمين الخولي” عام 1965 و”سنابل” عفيفي مطر 1968 و1969 قصائد تفعيلية. وفي عام 1976 نشر في “الكاتب” عند “صلاح عبد الصبور” و”الإبداع” و”البيان الكويتية”.

صدر له:

– ديوان “قلبي وأشواق الحصار” عام 1990.

– ديوان “شتاء الأسئلة” 1965.

– ديوان “سعفة من زمن جريح” 1997.

– ديوان أنشودة الزان 2002.

– ديوان خريف المرايا 2008.

– ديوان رحيق الهباء 2010.

– ديوان سرطان أليف 2011

– ديوان ماذا فعلت بنا يا مارك.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– بدأ شغفي بالقراءة ونحن طلاب بالمعاهد الدينية، كنت أقرأ علي الجسر في إجازة الصيف في كتاب للمنفلوطي وعمري  ١٣ عاما فقابلني جارنا خريج أحد مراحل الأزهر، وسألني عما أقرأ فناولته كتاب الشاعر “أدمون روستان” وترجمة “مصطفي لطفي المنفلوطي” فقال لي: هذا أكبر من سنك، فقصصت عليه الحكاية كلها فشد علي يدي وصرت أزوره مع زميل لي في صومعته ليحدثنا عن بطولاته وخوارقه، حيث كانت القرية تنظر إليه كرجل ممسوس أو عبقري فكت صواميل عقله من الذكاء ومن القراءة. اتسع الخيال لدي وتولدت الكتابة والتي كانت في البداية تقليدا لقصص “روكامبول” و”هيمنجواي”.

كانت بداياتي  قصصية علي غير المتبع، وبعد أن أصبحت عضوا بنادي أدب الثقافة الشعبية بدمياط عام ١٩٦٤ قدمت قصة في ندوة الاثنين تناولها بالنقد المرحوم القاص والروائي “مصطفي الأسمر” وقال أنها أقرب للغة الشعر وشرع في قراءتها علي إيقاعات الخليل ابن أحمد. وهكذا أعطاني خيط الشعر وبوصلته لكن نصي ظل محملا بالسرد والمشهد وصارت الصورة الشعرية عندي كلية مشهدية منذ البداية.

(كتابات) عمل في الطب هل أثر على كتابة الشعر وكيف؟

– بالتأكيد تأثرت بمهنتي في كتابة الشعر، فمهنة الطب ليست مجرد حرفة ولا رسالة فقط ولكنها حياة كاملة تستوعب الإنسان وتطحنه وتبتلعه في جوفها الهائل، داخل حجرة العمليات حيث يلتقي الموت بالحياة ويختلط العرق بالابتسامات بالآهات. عزف إنساني رائع لا شيء يعدل غوصك في الجرح وانتزاعك شوكة الألم الممض، لا شيء أجمل من لحظات الصدق حين يتجلي الإنسان ضعيفا بريئا خائفا، ونظرات الألم والأمل وابتسامة واهنة ورجاء واعد بعودة نظيفة للحياة.

لكنها أيضا مهنة الطب التي انتزعت عشرات القصائد والقصص والحكايات وألقت بها في قسوة داخل عنابر المرضي وأروقة المستشفيات والأسرة البيضاء، ولم أجد الوقت ولا الظروف لأستردها من أنياب المهنة العظيمة القاسية الرحيمة الجميلة المرعبة الحانية الباترة العجيبة العجيبة.

توزعت بين الطب والشعر تنازعاني واقتتلاني ليتركاني مشروعا، ما أزال طبيبا نصف الوقت شاعرا نصف الوقت وفيهما للأسف تعيش ازدواجية أن ينفيك الأطباء شاعرا ويلفظك الشعراء طبيبا.

لكنها مهنة الطب تظل أبدا تلك المتأبية السامقة أملا غاليا في ترويضها داخل القصيدة / النص، ويظل طموحي أن أكتب الطبيب متألقا محاربا في جيش الإنسانية العظيم ضد عدو ضئيل متوحش خائن جبان يتسلل داخل الجسد ويستولي علي حصونه ودفاعاته، وينصب مدافعه مستعملا أسلحته الفتاكة لتتساقط الأجساد وتتوقف القلوب وتسكت الأدمغة ونقف عاجزين مكتوفي الأيدي والمشارط والأجهزة، ونستغرق في البكاء علي المصير الإنساني الفادح.

يظل طموحي أن أكتب الطبيب الذي ذكرت وأعيش الشاعر في بساطته ورقته وهشاشته وقوته واندفاعه وثورته وغضبه في عبثه وإهماله في طيرانه المستحيل واختراقه الفذ، كأنه شعاع كوني تتبع بوصلته هدفا خرافيا تشده وتلتهمه وتتمثله نصوصا جميلة لعينة شقية حبيبة.

(كتابات) ما سر انحيازك لقصيدة النثر؟

– انحيازي لقصيدة النثر ليس تقليدا أو موضة حداثية أو تحللا من قيود الوزن والقافية، ولكني كرهت التكرار والنمذجة وقد كانت بداياتي عمودية وحتي عندما تحولت باكرا لقصيدة التفعيلة كانت نصوصي أشبه بسرديات موزونة، وهذا ما دفعني لقصيدة النثر مبكرا غير أنني لم أكن من الجرأة لأنشر ذلك في حينه.

قصيدة النثر فضاء مفتوح وحرية منعتقة من إسار الاستنساخ والتلاشي في نص يكاد يكون واحدا، كرهت أن أكون عنترة أو جرير أو أبي العلاء رغم ولعي بشعرهم. وأردت أن أكون أنا بضعفي وهشاشتي وطموحاتي وانكساراتي، قد أخفق قد يستعصي القلم ويجافيك الوحي لكنك أبدا لن تكون نزارا أو عبد الصبور وﻻ حتى الماغوط الذي عبد طرق غواية النثر.

(كتابات) تكتب الشعر منذ أواخر الستينات حدثنا عن مسيرتك في كتابة الشعر؟

– كيف كانت البداية وكيف خطوت علي صراط مشتعل ومتي وأين كانت اللحظة  الفارقة، هل اختارتنا الكتابة أم اخترناها..؟ هل هي هبة السماء أم لعنتها هل هي شقاء المبدع أم جنته..؟

وهل تستطيع بعد رحلة الألف ميل أن تصف الخطوة الأولي. ربما علي رصيف الزمن وخريفه ينتابك الزهو فتروح تروج لأكاذيب عن طفولتك العبقرية وعن ينابيعك السماوية وعن إرهاصاتك وشياطينك وملائكتك وسدنتك وحراسك في مملكة الشعر التي أنت أميرها المتوج وفارسها الذي لا يشق له غبار بيت أو تتصدع له جدران قصيدة. أنت إذا  في مأزق الكتابة الغواية الذات الأنا الماضي الحاضر، غابة وأحراش وحشائش ومستنقعات أشجار السنديان والنخيل الجسر والنهر والزورق والعصفور والأفق البعيد.. البعيد.

لكنك منذ البداية تنازعتك الأهواء وتشعبت بك السبل حتى أدخلتك بيت العنكبوت، لم تجد طريقك وخلاصك حتى امتد بك الزمن وما زلت في انتظار القصيدة التي لم تولد بعد. مصلوب أنت في دوامتك وفراغك في صخبك وصمتك في موتك اليومي علي شفرة العالم والناس والبنايات والأرصفة والشوارع التي تضمنا بقسوة وتلقينا فوق صخرتها بلا هوادة.

صغارا كنا تلقفتنا يد الأزهر الهائلة تعلمنا الحب والشعر والكلمات، وعلي ضفتي النهر نتمدد بسيقاننا النحيلة في مياه الفيضان نتقاذف الحكايات والأشعار من امرؤ القيس والمتنبي وأبو تمام للبؤساء وروكامبول، نذرف دموع المنفلوطي تحت ظلال الزيزفون وننشد أشعار سيرانودي دي برجراك تحت شرفة روكسان.

في معهد دمياط الديني حفظنا ألفية ابن مالك وتهنا في شذور الذهب وتنقيح الأزهرية الجديد وأوضح المسالك عالم الجواهر والكنوز، لكنه الصدر تملؤه الثورات والحكايات المشايخ والأصدقاء البنات واليشمك الذهبي تبارك من خط تلك الملامح يا أيها الصب رفقا بقلبي الذي أنهكته الجروح.

ليست دمياط المدينة فقط كانت الشبول قريتي البعيدة حيث انطلاقات الصباح المدجج بالبراءة والشقاوة والندي والأريج، وحيث بحيرة المنزلة وأسماكها التي يلونها الفيضان وجزرها المتناثرة ومراكبها الشراعية وبورسعيد وبور فؤاد، وحيث كانت تلك الأماكن مهبطي وهواي وحيث كانت تلك الروح المتمردة الكبيرة تسكن جسدا ناحلا لم يتحقق في أية هواية مارسها من كرة القدم، والصيد في النهر والبحيرة ومحاولات التمثيل الفاشلة في فريق التمثيل بمعهد دمياط الديني.

وفي رواد ١٩٦٤ بداية رائعة مع يوسف القط ومصطفي الأسمر وكامل الدابي ومحمد النبوي سلامة والسيد الغواب والأستاذ سعد الدين عبد الرازق، كانت طموحاتنا هائلة وأشواقنا تطوحنا في عنان السماء ثم تعود وتلقي بنا علي صخرة الواقع في هموم الحياة/ الدراسة/ الطب/ الجيش/ الوظيفة، الحياة التي تلتهم المبدع والإبداع تطحنه وتبتلعه في جوفها وهي هي الحياة التي تصقله وتجلوه وتصوغه حكاء ومنشدا، الحياة التي نعشقها ونذوب فيها بشرا ومدنا وأنهارا وسماء وأقمارا وشموسا وأمطارا وأودية وسهولا وتلالا…!!

نحن جيل لا يدعي البطولة ولا يستعذب الهزائم ولكنه الجيل الذي اجتاحته الأحلام العظيمة والانكسارات الرهيبة، جيل جمال عبد الناصر وجمال حمدان وصلاح عبد الصبور، نحن وأعني بها أمثالي ممن سقطوا من تصنيفات الأجيال حيث ننتمي عمريا وبالنشر لجيل الستينات (بدأنا النشر في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، نشرت أول قصيدة لي في مجلة الأدب لأستاذنا أمين الخولي في مايو ١٩٦٥) إلا أننا لم نعرف إلا في السبعينات.

انقطعت لفترات عن الكتابة لأسباب كثيرة لأعاودها عام 1976 لأكتب وانشر في الكاتب عند صلاح عبد الصبور وأدب ونقد ومنها لإبداع للدوحة للبيان الكويتية الخ الخ.

ظللت عزوفا عن طباعة ديوان حتى شجعني صديقي د يسري العزب وأعطيته ديواني الأول، وبعد 3 سنوات اكتشفت أنه ضيعه وأعطيته ديواني الثاني قلبي وأشواق الحصار لينشر عام ١٩٩٠ ثم “شتاء الأسئلة” ١٩٩٥ و”سعفة من زمن جريح”1997  و”أنشودة الزان”2002 و”خريف المرايا” ٢٠٠٨.

ثم “رحيق الهباء” 2010 و”سرطان أليف”2011 و “ماذا فعلت بنا يا مارك” 2015  ثم الديوان التاسع “ربما في صباح آخر” 2018 وتحت الطبع “كثيرون مروا من هنا”.

 

(كتابات) في ديوان “سرطان أليف” قلت “سأضرم النار في كل الكتب \وأقذف بالشرائط والاسطوانات\ وأحطم الراديو والشاشة الصغيرة\  وأغلق الباب بإحكام \وأعلق رأسى\ إن لم أدقها في الحائط\ حتى لا يتسلل شئ بغيض\ من كل ذلك… لداخلي ….!! يبث الثورة،\ والتراتيل\ ويضرب عرض الحائط\  بكل عمليات الترويض\ ناسفا الجسور\ والطرق المفروشة بالأحلام.\ والنوم اللذيذ”.. لما الديوان مليء بالحزن والإحساس بعبثية الحياة وقسوتها؟

– كنت أريد أن أقول في ديواني “سرطان أليف” بداية من العنوان بغرائبية الحياة وتعقدها حد تزاوج المتناقضات والوقوف علي عتبات المستحيل /الممكن في آن فأنا لست أنا والآخرون ليسوا هم الجحيم اﻻ أن يكونوا غزاة أو مغتصبين، ساعتئذ يتحول القلم بندقية والكلمة طلقة. ﻻ خلاف علي القيم وﻻ تضحية بالإنساني، ﻻ أدعوا إلي أن يكون الشاعر مؤدلجا، فالإبداع أكبر من الاحتواء كما أن الإنساني ينتصر علي المغالاة والخطابية أو العبثية المفرطة. علي التأكيد علي حرية الكتابة حد العبث والجنون.

(كتابات) في ديوان “سرطان أليف” هل تسعى لعمل لغة ومفردات مميزة تخصك؟

– في “سرطان أليف” كنت فعلا أكتب لغة مغايرة للسائد لدرجة أنني كنت أستعمل لغة ﻻ هي تراثية وﻻ حداثية، كما أنني كنت أؤكد أن التغيير ليس في الشكل فقط فقد يكون الشكل حديثا والمحتوي تقليديا والعكس كذلك.

(كتابات) في ديوان “ماذا فعلت بنا يا مارك” كتبت عن الهيمنة الأمريكية وتلك المؤامرات التي تتوحش من خلالها على البلدان حدثنا عن ذلك؟

– في “ماذا فعلت بنا يا مارك” كنت كمن أراد أن يقول كل شيء قبل أن يودع الحياة، لذا قلت أنه كتاب شعري وليس ديوانا لأنه جمع بين السياسي والاجتماعي والإنساني، من منظور فكري فني جمالي يكره توحش الرأسمالية المتمثلة في أمريكا والصهيونية العالمية ولا يكره في نفس الوقت الشعب الأمريكي بل يهيم، بمارلين مونرو وجريتا جاربو وجون وين وشارلس برونسون وأرنست هيمنجواي ولي ريميك وألن جنسبيرج.

(كتابات) هل فقد الشعر بهاءه وجاذبيته ليس فقط بالنسبة للقراء ولكن على الساحة الثقافية في رأيك؟

– نعم فقد الشعر بهاءه حتى عند الشعراء أنفسهم وتوجهوا للرواية التي أصبحت موضة روج لها النقاد وكتاب الخيال العلمي، والطفرة التي أحدثها أحمد خالد توفيق في مجتمع الشباب وحوله من الصورة للكلمة وجيش قاعدة عريضة لعشاق الرواية والسرد عموما بل أن كثيرا من الشعراء أنفسهم توجهوا لكتابة الروايات.

عموما تغيير الميديا وسيطرة الصورة حد أنها أحيانا تغني عن كتاب بأكمله جعل الاهتمام بالقراءة وبالشعر الذي هو بطبيعته للخاصة وليس شعبويا إﻻ في مستوياته الفنية المباشرة والخطابية، والتي تغازل مشاعر الجماهير وهو شعر محكوم بمناسبته.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في مصر وهل هناك عدالة في توفير الفرص للجميع؟

– حال الثقافة في مصر ليس منفصلا عن حال الحياة والواقع الذي يحفل بالمجاملات والشللية والعشائرية والمليشيات والكانتونات. ومن ثم ليس هناك عدالة في التوزيع وحيث ﻻ تزال المركزية والعاصمة تستأثر بكل شيء وتلقي ببعض الفتات للأقاليم من باب ذر الرماد في العيون التي في طرفها حول ﻻ حور.

(كتابات) ما رأيك في حال النشر في مصر وهل يدعم الكتاب؟

– حال النشر في مصر لا يمكن توصيفه بعد أن تخلت المؤسسات عن دورها وأصبحت لأصحاب الحظوة والمتنفذين، اضطر الكتاب للجوء للنشر الخاص بلا ضابط وﻻ رابط كما يقال وأصبح هناك إسهال في النشر، كل من يكتب بعض الخواطر أو الذكريات يجمعها في كتاب ودور النشر تتسابق لأن المؤلف هو من يدفع الثمن عكس المتبع والطبيعي، بالطبع التاريخ والقارئ يغربل كل ذلك. ومن ثم أطالب بإلغاء أو ترشيد وتوجيه وزارة الثقافة التي فقدت دورها وأصبحت فولكلورية الطابع ضجيج وﻻ طحن.

وأخيرا أومن بوحدة الفنون التي تداخلت واندمجت بانشطارات الحداثة وما بعدها حد الإلغاء النوعي وصولا للكتابة المنطلقة المنعتقة التي لا تحدها أجناس ولا يحمي شواطئها كهان أو حراس. فقط علي المبدع أن يفتح سراديبه وأعطافه وخوابيه لتنطلق الملائكة والشياطين والأطفال والشيوخ والهواجس والأغنيات والصراخ والشبق والأنين والأحجيات واللوغاريتمات والثورات قطارات الموت الحياة الأمطار الزلازل والفيضانات …الخ الخ الخ

أري أن الشاعر إما أن يقول شيئا مختلفا عن الآخرين وعن نفسه بألا يكررها أو يصمت، وأن الشعر كثير ومتجاور ومتنوع والجودة تحكم والموهبة تؤصل وفي كل خير. ورغم انحيازي لقصيدة النثر ربما لأنني بدأت حياتي كاتب قصة وأثر ذلك علي قصيدتي بنائيا ودراميا وسرديا.

إلا أنني أري أن عناصر الصورة الشعرية يجب أن لا تتوقف عند التخييل والمجاز مهما كانت الموهبة ويجب الاستفادة من المنجز الإبداعي في سائر الفنون من تشكيل ونحت وسرد ومسرح وأوبرا وموسيقي والتي تداخلت حد الفوضى الجميلة والتشظي المدهش.

علينا أن نكتب الواقع الإنساني الموازي والذي تجاوز الخيال ونتلمس الجمال في القبح والكمال في النقص والنظام في الفوضى والعبقرية في الجنون والجنون في التجاوز والاندفاع. أومن أن أجمل قصيدة لم تكتب وأن النص مفتوح والنهاية بداية والبداية شرك ومأزق كمخاض بكر في ولادتها الأولي.

إنه الشعر إذا ذلك الساحر العجيب الغريب المنفلت المراوغ وسط جلجلة المشاعر يحتويك يصارعك يصرعك يشدك يزملك يضمك بقوة وحنان وجنون واندفاع، إنه الشعر الأبي العنيد الآسر الدكتاتور أجمل الأمراء والصعاليك والملتاثين. هو الوردة والعصفور والندي والشلالات والسيول الرياح /الزوابع /الزلازل /البراكين /الموسيقي /الصمت / الصفاء / الوداعة /البريق /البروق /الأشرعة /الزوارق / الطوربيدات /النوارس / الشواطئ /الجداول /الجنادل /الهمس/ الصراخ /الرقص /الأنامل/الرحيق /الحريق

إنه الشعر الوطن /الحبيبة /الابن /الأرض /السماء /السحاب /الطيور /الأناشيد /الزغاريد /الجدات /الأحفاد /اندفاع الصباحات /ثرثرة الجارات. إنه كل شيء وأي شيء ذلك الذي لا حافة له لا جدار لا أسوار لا خوف لا أمان لا يقين تتعدد الأسطح والوجوه والزوايا في المابين، أنت معلق من خافقيك مشدودا من روحك يا هذا يا صغير يا طفل يا عجوز يا مسكين يا غرير، لست سوي شويعر يقدم أوراقه في بلاط الشعر عله علك ذات قصيدة أو بيت تستطيع أن تقف به في أحد نواصي التاريخ حيث يتناقله الحفدة وما تعاقب وامتد في الزمان والمكان.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب