خاص: حاورته- سماح عادل
“علي كامل” كاتب مصري، مواليد 1977، مركز الواسطى- محافظة بني سويف، حاصل على ليسانس آداب وتربية. يعمل معلم أول لغة عربية، ومراجع لغوي. وهو سكرتير نادي أدب الواسطى– بني سويف. حصل على جائزة إحسان عبد القدوس 2017 في الرواية.
إلى الحوار:
(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
– بدايتي مع الكتابة قديمة منذ الطفولة، ولكنها كانت محاولات غير مكتملة وغير ناضجة، وفي مرحلة الجامعة كانت بدايتي مع الكتابة بشكل منظم، حيث كتبت مجموعة من القصص القصيرة وشاركت بها في المسابقات الأدبية التي نظمتها الجامعة، وفازت إحداها بالمركز الأول وتم نشرها في بعض الصحف المحلية في بني سويف. وتطورت كتاباتي بمرور الوقت خاصة بعدما عملت في مجال كتابة المحتوى الالكتروني. ومن خلال عملي كمدقق لغوي لدى بعض دور النشر والمواقع الالكترونية.
(كتابات) في رواية “حلم الكنز والقمر” تناولت موضوع الثأر وكيف يهدم حياة الناس؟! حدثنا عن ذلك..!!
– موضوع الثأر قضية قديمة بقدم الإنسان ولكنه في صعيد مصر خاصة يعتبر جزء من الثقافة والحياة اليومية، وللأسف هو منحدر وعر وخطير بما ينتج عنه من مشكلات لا تنتهي وتتوارث أجيال أوزار أجيال سبقتها، وفي الغالب يدفع الكثير من الأبرياء ثمنا لجرائم لم يرتكبوها بل وضعتهم أقدرهم في محيطها، ورغم تطور كل نواحي الحياة لا زالت قضية الثأر عصية على الحل، فكل قرية في الصعيد بها قصة ثأر، وكل قصة لها أبطالها وكلها متشابهة في أحداثها ونهاياتها تقريبا، ويعود التمسك بهذه العادة إلى الخوف من معايرة الآخرين لأهل القتيل و بعض القصور في تطبيق القانون المدني.
(كتابات) في رواية “حلم الكنز والقمر” حكيت عن الباشا وتداعيات ثورة يوليو ليس فقط عليه بل على حياة باقي الناس… حدثنا عن ذلك؟
– ثورة يوليو كانت زلزالا عنيفا نتج عنه تغيير كلي في شكل الحياة ليس في مصر فقط بل في كل الوطن العربي، والتغيرات العديدة التي صاحبتها أثرت على البنية الأساسية للمجتمع المصري، فظهرت طبقات واختفت أخرى، ويعتبر الفقراء والطبقة المتوسطة هم أهم المستفيدين من نتائجها، ولكن…!! ظل الصعيد ولا يزال في مؤخرة اهتمامات الحكومات المتعاقبة، وهو ما نتج عنه الكثير من الظواهر السلبية، كالهجرة نحو القاهرة وظهور التطرف الديني وانتشار السلاح.
ولسنا في معرض محاكمة ثورة يوليو، ولكنني في الحقيقة على قناعة كبيرة أنها أسست لدولة حديثة كان يمكن أن تضع مصر في موضع آخر بين البلدان، ولكن لم يتم استثمارها بالشكل المطلوب.
(كتابات) في روية “حلم الكنز والقمر” صورت الشابة التي تخون زوجها العجوز والفتاة التي تتزوج من رجل غني فهل استلهمت شخصيات الرواية من الواقع؟ أم الخيال؟
– في الحقيقة صورة الزواج غير المتكافئ خاصة في نطاق المرحلة العمرية قضية يجب النظر فيها بعناية، فليس كل من يمتلك المال أو حتى الصحة يمكنه أن يقدم لزوجته كل ما تحتاجه، خاصة في الجانب العاطفة، فكل جيل يميل لجيله وهذه حقيقة..!! أما قصة نوال مع رءوف الأسيوطي فهي قصة مكررة في كل بيئة وفي كل مكان، فعندما يكون الزوج في حالة عجز، ولا يتمكن من إشباع رغبات زوجته الشابة، فسيحدث الخلل ويقع المحظور. فقبل التفكير في مغريات الزوج المادية يجب التفكير في حال الأنثى، وهل ستتمكن من التوافق معه؟ أم لا؟! فليست الفتاة سلعة تباع لمن يدفع أكثر، وليست البنت أداة يمكن للأب أن يصل بها لأهدافه فهي ليست ملكية خاصة لأحد. فجزء كبير من الحكاية حقيقي أضفت له الكثير من الخيال.
(كتابات) فازت روايتك بجائزة إحسان عبد القدوس… احك لنا؟
– مسابقة إحسان عبد القدوس للرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبي مسابقة مهمة جدا، ورغم أن القيمة المالية لها متواضعة مقارنة بالمسابقات الكبيرة في الوطن العربي، ولكنها تتميز بحياد كبير من قبل لجنة التحكيم، فلا تتدخل مسألة النطاق الجغرافي في اختيار الفائزين، كما يشرف عليها أساتذة متخصصون في مجال الأدب، كالدكتور يوسف نوفل والدكتورة الأديبة رشا سمير والفوز بها أسعدني للغاية.
ومن حسن الحظ أن تقديم الجوائز تم في دار الأوبرا المصرية وبحضور وزير الثقافة آنذاك “حلمي النمنم” وتم تغطية الحدث إعلاميا بشكل كبير، فقد حضرت الكثير من القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإخبارية.
مشاركتي في المسابقة كان لأول مرة ولم أتوقع أن تفوز روايتي “حلم الكنز والقمر” بها فهذه الرواية هي عملي المكتمل الأول، وقد وجدت ثناء كبيرا من لجنة التحكيم عليها، كما وعدنا وزير الثقافة وقتها بنشر الأعمال الفائزة لدى لهيئة العامة المصرية للكتاب ولكن عندما تم تغيير الوزير تغير الكلام، وتعنتت مسئولة النشر معنا، فتوجهت إلى إحدى دور النشر الخاصة والتي تبنت الرواية وتم نشرها في مطلع 2019.
شهادة الجائزة وألبوم الصور الخاص بها مثار اعتزازي وفخري، كما اعتبره ميراثا سأتركه لأولادي يفخرون به فالفوز بجائزة أدبية أمر لا يتكرر كثيراً.
(كتابات) هل لديك عمال أخرى؟ وما هي؟
– مشروعي الأدبي مستمر ولن يتوقف حتى نفضي إلى خالقنا، فأنا أعتبر الكتابة المتنفس الحقيقي والمتعة الكلية للكاتب، فقبل أن نسعد القراء نحن نسعد أنفسنا،وكما يقول يوسف إدريس رحمه الله: “أن تؤلف كتابا ويقرأه غريب في بلد غريبة ويختلج قلبه لسطر يشبه حياتك ذلك هو مجد الكتابة”.
والحمد لله فقد انتهيت من كتابة روايتي الثانية “الضفة الأخرى من النهر” وهي في طريقها للنشر، كما أنهيت مجموعة قصصية مكونة من عشرين قصة قصيرة بعنوان “ليلة العزف الأخير” وهي أيضا في طريقها للنشر. ولدي مجموعة أفكار لأعمال أخرى.
(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في مصر؟
– الثقافة في أي مجتمع هي المرآة التي تعكس تفاصيل الحالة العامة له، فازدهار الأمم الاجتماعي والاقتصادي يصاحبه ازدهار ثقافي، كما تنحدر المجتمعات ثقافيا عندما تنحدر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
مصر الآن تشهد حالة ركود ثقافي كبير، فرغم وجود عدد كبير من الكتاب والأدباء ولكننا في الحقيقة لا يمكن مقارنة حالنا بحالة تواجد فيها عظماء كطه حسين والعقاد والرافعي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وغيرهم. والأمر لا يقتصر على مجال الأدب فقط فقد تواجد فنانون عظماء وممثلون أجادوا تقديم الفن ما زلنا نستمتع بما قدموه رغم مرور عشرات السنين، ونفس الأمر في الفنون التشكيلية والموسيقى.
أما عن مجال الأدب فالساحة الآن خالية من أديب يضاهي هؤلاء العظماء، فكل الموجودين مجتهدين، يحاولون تقديم شيء وكلنا يحاول. فهل يمكن أن تقول: أن فلان من الموجودين على الساحة الأدبية الآن يستحق نوبل مثلا؟ أو يستحق أن تترجم أعماله للغات أخرى؟! لا أعتقد..!! فحتى أصحاب الروايات التي تحقق مبيعات كبيرة متشابهون يقدمون شيئا ليرضوا فئة من القراء تبحث عن متعة لحظية واعتمادا على رواج سوق قصص الرعب والفانتازيا ونقل واقتباس من أفلام أجنبية بلا إبداع أو تفكير، فحتى الأسماء التي يتم استخدامها في تلك الأعمال أسماء أجنبية.
من وجهة نظري، فالأديب هو مرآة لمجتمعه، ونجاح الكتاب العالميين يرجع لنقلهم صور واقعية لمجتمعاتهم المحلية، وهو أحد أسباب نجاح الكاتب العالمي نجيب محفوظ، فقد نقل الواقع المصري بكل تفاصيله، فكلما استغرق الكاتب في المحلية وصل للعالمية.
(كتابات) ما رأيك في حال النشر في مصر؟ وهل يدعم الكتاب المبتدئين؟
– مشروع دار النشر هو مشروع تجاري في المقام الأول، فهدف الناشر هو الربح سواء من بيع الكتب أو من الحصول على المال من الكاتب مقابل نشر أعماله، فلا توجد في مصر دار نشر هدفها الأول دعم المواهب أو تنمية المجتمع ثقافيا. بخلاف المؤسسات التابعة للدولة كالهيئة العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وبعض المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة.
فدور النشر أصبحت لا تهتم بالمحتوى الذي يتم تقديمه للقارئ طالما أن الكاتب سيدفع تكلفة النشر، والدليل ما تراه في معرض الكتاب من أعمال لا ترتقي إلى المستوى المطلوب من حيث ضحالة الفكر وغياب الإبداع وانحدار اللغة. أما بالنسبة لدعم الكتاب الشباب والمبتدئين فلا توجد دار نشر تتبع هذا النهج فالكل يبحث عن المال.
(كتابات) في رأيك هل نحن في زمن الرواية حيث طغت على القصة والشعر؟
– بالفعل نحن في زمن الرواية، فأعلى المبيعات في سوق الكتب يحتله هذا الفن، ولا يمكن مقارنة حال الشعر والقصة القصيرة بالرواية من حيث الانتشار وعدد الكتاب وعدد الروايات التي يتم طباعاتها. ويرجع الفضل لفن الرواية في أنه عاد بالشباب لممارسة عادة القراءة وهذا أمر جيد يمكن استغلاله والبناء عليه.
(كتابات) هل واجهت صعوبات ككاتب؟ وما هو جديدك؟
– لا يوجد كاتب لم يوجه صعوبات، أما أصعبها من وجهة نظري هل قدرة الكاتب على التركيز فيما يكتب، فمشاغل العمل وظروف الحياة اليومية تعتبر عقبة كبيرة خاصة لدى أصحاب الوظائف أمثالي، فعلى مدار اليوم نواجه الكثير من المصاعب، ومن المفترض أن نمارس الكتابة والتي تحتاج بدورها لذهن صاف وهدوء نفسي وانعزال عن كل الضغوط. ومن الصعوبات الأخرى القدرة على الوصول إلى القارئ في ظل هذا الفيضان من الروايات.
آخر أعمالي أقوم بالتجهيز لروية عن (الست حورية) أو زينب الصغرى، من أبناء مولانا الإمام الحسين، صاحبة المقام في مدينة بني سويف. في إطار اجتماعي معاصر، يتمثل الصراع فيها حول صندوق النذور الخاص بالست حورية، وما يترتب عليه من أحداث وأسأل الله التوفيق.
(كتابات) هل يمكن أن تقدم لنا صورة مبسطة لروايتك “حلم الكنز والقمر” والتي تشارك بها في معرض القاهرة للكتاب 2020؟
– رواية “حلم الكنز والقمر” تجربة إنسانية ممتعة بذلت في صياغتها جهدا كبيرا، وتنقلت بين البلاد التي وقعت فيها الأحداث، لكي يكون وصفي لها صادقا، فإذا كنت ترغب في التعرف بصورة دقيقة على شكل الحياة في القرى والمراكز في مصر خاصة في الصعيد عقب ثورة 1952 فأنا أقدم لك صورة حقيقية رسمها لي أناس عاشور في هذه الفترة. فقد التقيت بالعديد منهم، واستمعت لهم وقصوا علي تفاصيل كنت حريصًا على نقلها بكل حيادية وبساطة من خلال الرواية.
كما تشمل الرواية على خطين متباينين: خط الخير وخط الشر، ولكن في الحقيقة فهذان الخطان يلتقيان كثيرًا، فالصراع بينهما لا ينته ولن ينته. كيف تصل لكنز الذهب؟! وماذا سيفعل أبطالها في سبيل ذلك؟ كما تتضمن الرواية العديد من الأفكار وتطرح الكثير من الأسئلة وتقدم العديد من الأجوبة أيضاً، ستسافر معها نحو الماضي، وتعود منها نحو الخيال في صورة حلم يتكرر ويتحقق في النهاية؛ ليخبرنا أننا واهمون إذا كنا نعتقد أننا نملك مفاتيح اللعبة أو أننا فعلا نصنع الأحداث.