خاص : حاورته – سماح عادل :
“علي المقري” روائي يمني شهير، ولد في “تعز” في اليمن عام 1966، وعمل محرراً ثقافياً لعدة صحف.. تميزت رواياته بتناولها للشأن اليمني ومناقشة القضايا الهامة في وطنه، وحازت روايته (حرمه) التي تناول فيها أوضاع المرأة في اليمن بجرأة بجائزة التنويه الفرنسية، وفي رواية (حرمه) صور “المقري” ببراعة كيف تتحول المرأة منذ طفولتها إلى شيء محرم يجب مداراته، تظل تعاني من الانحباس حتى تنسى كيف تسأل وكيف تفكر، كما صور تأثير التشدد الديني على مضاعفة قهرها.. وقد ترجمت رواياته إلى الإيطالية والفرنسية والإنكليزية والكردية وغيرها.. تحاورت معه (كتابات) حول رواياته ورؤاه الفكرية والاجتماعية..
(كتابات): تناولت روايتك “طعم أسود.. رائحة سوداء” الكادحين والأخدام الذين حكم عليهم بالعيش في حياة قاسية وعدم القبول ومعاناة العنصرية تجاههم.. لما اخترت تناول ذلك الموضوع ؟
- “الأخدام” في الرواية ليسوا هم فئة الخدم المعروفة بممارسة هذه المهنة.. ففي اليمن هم فئة تمتاز بلونها الأسود وبممارساتها المتمردة القريبة من مجتمع الغجر. فبالرغم من أنهم يمارسون مهن وضيعة ومحتقرة من المجتمع الذي يحاصرهم بنظرته العنصرية تجاههم إلا أنهم مع هذا يعيشون حياتهم غير المقولبة ويخرجون عن نطاق وتقاليد القوانين التي يحاول المجتمع المحيط أن يقيدهم بها.
لهذا فموضوع رواية “طعم أسود.. رائحة سوداء” لا يمكن حصره، على هذا النحو من التبسيط، باعتبار أنه يتناول معاناة فئة ما, وإنما، كما أظن، يمتحن تجربة حياة مختلفة لأناس مختلفين يعيشون على هامش المجتمع في كل جوانبه، على هامش قيمه العنصرية وهامش قيمه الكبرى أيضاً التي تنادي بالعدالة والحرية. على هامش الوطن والدولة وشعاراتها القيمية الفاشلة.
هناك قراءات سريعة للرواية تعتقد أنها حاملة لموضوع قيمي ما، مثل تلك المواضيع التي تحملها جماعات حقوق الإنسان أو شعارات المساواة الوطنية وغيرها، وهي بذلك لا تقترب من إشكاليات وجودية تطرحها الرواية كمفهوم الوطن وإمكانية تحققه ومحنة الأيديولوجية والواقع.
في اعتقادي أن فن الرواية يبتعد عن الانغماس في محاكاة شعارات أيديولوجية أو خطابات سياسية, وإن كان بالإمكان أن يمتحن هذه الشعارات والخطابات في مختبره السردي كما فعلت في هذه الرواية.
(كتابات): تؤكد دوماً أن رواياتك تفجر الأسئلة لكنها لا تقدم إجابات, لماذا.. أليس الحث على التغيير أحد أدوار الأدب ؟
- مفهوم الأديب الذي يغيّر، أو صاحب الموقف، أظن أنه صار غير محقق في الواقع. فإذا افترضنا صحة هذه المقولة فيعني هذا أن الأديب هو العارف والمالك للحقيقة والآخرون عليهم إتباعه. لهذا فالقدرة على توليد أسئلة أهم من توليد إجابات تلقينية جاهزة.
(كتابات): في رواية “حرمه” كان زوج البطلة الجهادي عاجز جنسياً.. هل رسمت الشخصية هكذا إمعاناً في التنكيل بها ؟
- لا.. لا أظن ذلك. أنا لست عدائياً في تعاملي مع شخصيات رواياتي. وفي العادة اقترب منهم بحميمية، بل وأمنحهم، في الغالب، الأعذار لأية ممارسة يقومون بها. لهذا إذا ظهرت شخصية على هذا النحو أو ذاك فلمقتضيات سردية ضمن سياقات الكتابة.
(كتابات): شخصية “لولا” في رواية “حرمة” رغم جرأتها إلا أنها كانت مقهورة أيضاً وأجبرت على حياتها.. لما جعلتها تموت كمداً بدلاً من المقاومة ؟
- هكذا أُريد لها أن تكون ضمن السياق السردي، وليس بالضرورة أن تتوافق مع مزاج وتطلعات كل القراء.
(كتابات): هل تعمدت المبالغة في رسم بعض الشخصيات في رواية “حرمه” وفي سير الأحداث مثل صعوبة حصولها على الجنس لتصوير فداحة وضع المرأة ؟
- لا أعرف ماذا تعني بالمبالغة في إطار عمل فني.. أنا كتبت رواية، أي تنتمي إلى فن الرواية. ولهذا أقرأ الأشياء من هذه الزاوية.
(كتابات): لما اتجهت للرواية بعد أن بدأت طريق الكتابة بالشعر, وأيهما أقرب إليك ؟
- منذ فترة لم أعد أكتب النصوص الشعرية، وأظنني انحرفت تماماً نحو الرواية.. لكن لا يعني هذا أنني قد لا أكتب الشعر ذات يوم، فمن الممكن أن أعود إليه، كما من الممكن أن أمارس أي نشاط أدبي أو فني آخر.
(كتابات): ما هي الروافد التي أثرت فيك ؟
- كثيرة.. منها حياتية ومنها قرائية.
(كتابات): ترجمت رواياتك لأكثر من لغة ولاقت قبولاً من القارئ الغربي.. هل أسعدك ذلك ؟
- لا أعرف في الحقيقة إذا كنت سعيداً بترجمة رواياتي للعديد من اللغات.. فالكاتب لا يقدم سلعة من أجل الرواج أو خطاباً دعائياً يرغب بانتشاره. هناك دور نشر وأشخاص راقت لهم أعمالي فترجموها.
(كتابات): هل تشريح المجتمع اليمني وإلقاء الضوء على القضايا الشائكة به أحد أهدافك من الكتابة.. ولما ؟
- ليس لدي مشرط تشريح، على حد تعبيرك، في تعاملي مع المجتمع اليمني.. أظن أنني أقوم بقراءة هادئة للإشكاليات الوجودية التي تؤرقني وإن اعتبر البعض أن طريقتي تبدو صاخبة أو مشاكسة.
(كتابات): ما هو تقييمك لحال الثقافة في اليمن ؟
- الثقافة في اليمن لا تختلف عن الثقافة العربية والتي تعيش حال مخاض وارتباك نتيجة لمعايشتها عقود من الاستبداد, احتكرت خلالها فئة من المجتمع السلطة والثروة والرأي.
أعمال الروائي “علي المقري”:
1 . نافذة للجسد، مجموعة شعرية، القاهرة 1987.
2 . ترميمات، مجموعة شعرية،الطبعة الأولى: الهيئة اليمنية العامة للكتاب – وزارة الثقافة – صنعاء. 1999، الطبعة الثانية:وزارة الثقافة، صنعاء 2004.
3 . يحدث في النّسيان مجموعة شعرية، اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء 2003.
4 . الخمر والنبيذ في الإسلام، دار رياض الريس، بيروت 2007
5 . إديسون صديقي قصة للأطفال، كتاب مجلة العربي الصغير، عدد يوليو 2009، الكويت.
6 . طعم أسود.. رائحة سوداء، رواية ، دار الساقي، وصلت للقائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية عام 2009
7 . اليهودي الحالي، رواية، دار الساقي، وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2011
8 . حرمة، رواية، دار الساقي، صدرت عام 2011
9 . بخور عدني، رواية، دار الساقي، صدرت عام 2014