4 مارس، 2024 10:10 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. عبد القهار الحجاري: أحلم بانزياح الغمة عن وطني وسلطة الفكر الظلامي

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: حاورته- سماح عادل

“عبد القهار الحجاري” شاعر وكاتب وباحث موسيقي مغربي، من مواليد 1963 ببوعرفة- فجيج، حصل على الباكالوريا في الآداب العصرية 1984، والإجازة في اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب بوجدة، والماستر المتخصص في الكتابة ومهن الكتاب 2012، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بظهر المهراز بفاس. صدر له ديوان شعر بعنوان (أرخبيل الوجع) فاس 2011، و مجموعتين قصصيتين (خنازير الظلام) و(قهوة الروح الجديدة).

ورد اسمه ضمن الموسوعة الكبرى للشعراء العرب- الجزء الثالث، 2014، وبمعجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، الطبعة الثالثة، المجلد الثامن، 2014.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف طورته؟

• كانت المطبوعات العراقية في سبعينيات القرن الماضي في متناول القراء على اختلاف أوضاعهم الاجتماعية، وقد كنت شغوفا باقتنائها، مدمنا على قراءتها، وأذكر منها مجلة (الطليعة الأدبية) التي نشرت لي أول نص قصصي سنة 1981، في عددها العاشر بعنوان “الهدام”، كتبته قبل ذلك بحوالي عامين وسني ستة عشر ربيعا، كما كتبت خواطري الأولى في المرحلة الإعدادية تأثرا بكتابات المدرسة المهجرية خاصة جبران خليل جبران، ومن تلك المطبوعات التي حفزت في شغف الكتابة مجلة (الأقلام) و(الموسوعة الصغيرة)، وقبل ذلك بسنوات مجلة (المزمار) التي شغفت بها في مرحلة الابتدائي، وهي مجلة للأطفال.

(كتابات) ما السر وراء تعدد مجالات إبداعك الشعر والقصة والموسيقى والغناء؟

• ولعت بقراءة المادة المتنوعة لهذه المطبوعات من قصة وشعر ومقالة.. وكنت أجلس لساعات أمارس هواية الاطلاع بنهم على المكتوب هنا وهناك، أذكر أيضا مجلة (العربي) الكويتية التي كنت مواظبا على اقتنائها وقراءة قسم النصوص بها بشكل خاص، علاوة على شغفي المبكر بروايات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس والمنفلوطي، وولعي باقتناء كتب الأغاني لحفظ مطولات أم كلثوم وأغاني عبد الوهاب وعبد الحليم، وأعجبت كثيرا بأداء كبار الملحنين لأعمالهم على آلة العود خاصة عبد الوهاب والسنباطي وسيد مكاوي… كما سحرتني ارتجالات العود لفريد الأطرش ذات الشحنات الطربية والتعبيرية، وكنت أتابع سهرات الطرب العربي بانتظام على الراديو، ووجدت نفسي أحفظ بسرعة أبرز الأعمال الموسيقية العربية بأدق تفاصيلها.

لم يأت كل هذا من فراغ، فقد عشت في بيئة تزخر بالنغم والحرف، كان أبي رحمه الله فقيها يجيد ترتيل القرآن الكريم وكان له في ذلك طقسا يوميا، وكنت أجلس إلى جانبه أستمع إليه بشغف، وهو إلى ذلك كان متفتحا ينصت إلى روائع الأغاني العربية، والمذياع لا يفارقه وكان بيتنا يصدح بنغم الشرق، ولم يكن يتخلف أبي عن سهرات الراديو الأسبوعية، فنجلس جميعا ننصت ونطرب، هذا الفقيه الراقي كان أيضا يأخذني إلى السينما لنشاهد أفلام المطربين، وقد اشترى لي بمناسبة نجاحي في الشهادة الابتدائية نايا وقد لاحظ أنني أصنعه بنفسي من القصب، وأصنع العود من علب الصفيح… ثم اشترى لي عودا بعد ذلك بسنتين، وكانت لأبي مكتبة صغيرة ناولني منها كتاب جبران “ابتسامة ودمعة” وكانت تلك انطلاقتي في القراءة عبر ولوج عوالم المدرسة المهجرية، وبعدها بدأت بكتابة خواطر وشذرات شعرية ونصوص قصصية مما عزز ميلي لاختيار الأدب في مسيري الدراسي في الثانوي، وهناك تعرفت عبر الفلسفة إلى الماركسية التي عمقت وعيي بالعالم، وانضممت إلى الحركة التلاميذية واليسار الجديد، وعندما أفكر في أصل هذا الميل أتذكر والدي الذي كان ناصريا بامتياز وكان يحمل هم الثورة والتغيير انطلاقا من تأثره بما كانت تبثه الإذاعات الوطنية خاصة إذاعة القاهرة ودمشق وليبيا والجزائر وبرنامج صوت فلسطين، وكان يناقش جلساءه في ورشته حيث كان خياطا، فيتأثر بالأحداث حد البكاء.

وقد طورت هذا التنوع في الاهتمامات بين الكتابة والفن بفضل نهلي أيضا من مشارب المسلك الأدبي الذي تفوقت فيه ومنهل الحركة اليسارية والجمعوية، التي احتضنت ميلي الفني ووفرت لي تأسيس فرقة “أنصار الحرية” الموسيقية سنة 1985 التي اشتهرت آنذاك بالأغاني الملتزمة، ثم عمقت تكويني الموسيقي بالدراسة الموسيقية لاحقا مما مكنني من تطوير قدراتي في العزف والتأليف، أما الغناء وبالأصح الأداء فقط فهو مكمل لهما.

(كتابات) أصدرت مجموعتين (خنازير الظلام) و(قهوة الروح الجديدة).. هل تختلف كتابة القصة عن الشعر بالنسبة لك وكيف؟

• طبعا هناك بون شاسع بين كناية السرد وكتابة الشعر، رغم بعض التلاقي بينهما، فكتابة القصة تقوم على أدوات وتقنيات ولغة حكائية خاصة تعتمد السرد والتداعي والوصف والحوار، في حين يبنى القول الشعري على الموسيقى التي لا يمكن أن تختزل في الإيقاع أو في أقل من ذلك وأعني الوزن، كما يقوم على الصورة الشعرية واللغة المتفردة للشعر علاوة على اختلاف معمار كل منهما.

(كتابات) تصدر مجلة (نغم) كما أصدرت كتب في التربية الموسيقية.. حدثنا عن ذلك المصطلح وهل يتعلق بتعليم الموسيقى؟

• أسست مجلة (نغم) سنة 2008 استجابة للحاجة إلى تأسيس وعي بأهمية الفن الموسيقي في بناء الإنسان الإيجابي المعتدل المتوازن والبناء بعيدا عن الظلامية والتطرف، وكذلك الحاجة إلى تطوير علم الموسيقى عندنا، وقد توقفت مجلة (نغم) مؤخرا بشكل مؤقت لأسباب مادية أساسا.

وهناك فرق بين التربية الموسيقية والتعليم الموسيقى، فالأولى هدفها تمرير القيم الكونية وإكساب النشء ذائقة يميز بها اختياراته في الاستماع من دون استهلاك أعمى للموسيقى الهابطة. وليس الهدف منها بالضرورة إعداد موسيقيين محترفين وهي مهمة التعليم الموسيقي في المعاهد المتخصصة.

(كتابات) لم اتجهت للكتابة للطفل سواء شعر أو قصة؟

• اتجهت نحو الكتابة للطفل لأنها الامتداد العميق في المستقبل، وهي رافعة خطيرة لبناء الأجيال، الكتابة للطفل إما أن تكرس استمرار البنيات المتخلفة عبر شحنه بالماضوية والظلامية، ومن ثم “صنع أجيال من الضباع” كما قال محمد جسوس، وإعادة إنتاج التأخر، وإما أن تستنفر التراث الأدبي والحكائي لبناء مخيالا مبدعا وعقلا ناقدا لدى الطفل الذي سيصبح غدا مواطنا صالحا يساهم بفعالية في رفعة وطنه.

(كتابات) لك مقالة بعنوان (بؤس العمل الثقافي).. ما تقييمك لحال الثقافة في المغرب؟

• حالة الثقافة في انحدار خطير في المنطقة العربية وشمال إفريقيا برمتها، هذه الحالة أعطيها توصيف البؤس، كانت الأنظمة تحاصر الثقافة الوطنية واليوم صارت تفسدها، أنظمتنا لا تمتلك مشروعا حضاريا وبالتالي تفتقر إلى مشروع ثقافي يلف طبقة المثقفين ويشكل قوة ثقافية تنقل مجتمعاتنا نحو التقدم والحداثة، بل أين نحن اليوم من طبقة المثقفين؟ لقد انبطحت والقليل منها ممانع، لقد احتوتها السلطة، الأنظمة الاستبدادية تخاف من الثقافة والعلم والتعلم وقد دمرت كل القطاعات المعنية خاصة قطاعي التعليم والثقافة، حتى لايتبلور الوعي التاريخي الكفيل بتجاوز التخلف الذي يستفيد منه الحاكمون والمتنفذون والطبقات المسيطرة.

(كتابات) هل تعزف على العود فقط.. وكيف تصف علاقتك به كآلة موسيقية؟

• أعزف كموسيقي على آلات مختلفة، لكن تخصصي الأكاديمي آلة العود، وعلاقتي به وجدانية، والعزف بالنسبة لي احتياج أولا ثم طقس يومي لا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه أفق أكاديمي تربوي..

(كتابات) ما سر ارتباط العود بمشاهير الغناء الثوري مثل الشيخ إمام؟

• العود هو ملك الآلات الموسيقية العربية، والشيخ إمام قبل أن يكون مغنيا ثوريا برز في مدرسة التواشيح والغناء الديني فلقب بالشيخ، وهي نفس المدرسة التي أعطتنا الشيخ سيد درويش والشيخ محمد أبو العلا قبله والقصبجي وزكريا أحمد ثم عبد الوهاب والسنباطي وأم كلثوم…. وكلهم درسوا المقامات والإيقاعات العربية من خلال الإنشاد الديني واعتمدوا في أداء الأدوار والطقاطيق وكل القوالب والألحان على آلة العود.

(كتابات) في ديوان (أرخبيل الوجع) لغة شعرية متميزة واحتفاء بموسيقى الكلمات.. حدثنا عنه؟

• (أرخبيل الوجع) قصائد تزامنت مع حلم ما سمي بالربيع العربي، تتداخل فيها الذات بالواقع بلغة الشعر. صدر سنة 2011.

(كتابات) ما هي أحلامك وطموحاتك ككاتب وموسيقي.. وما هو جديدك؟

• أحلم فقط بانزياح الغمة عن وطني، وأكرس قلمي ونغمي للمساهمة في ذلك، هذه الغمة ناخت بكلكلها على الفن أيضا والموسيقى بشكل خاص، تحت سلطة الفكر الظلامي القائم على تحريمها وتبخيسها.

جديدي الكامن في انتظار غودو : مشروع كتاب ثالث في الموسيقى، ومشروع مجموعة قصصية، ومشروع ديوان شعر.

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب