خاص: حاورته- سماح عادل
“عبد السادة البصري” شاعر وكاتب وإعلامي عراقي، من مواليد- الفاو 1961- البصرة، حاصل على بكالوريوس فنون جميلة- مسرح، يكتب في أبواب: (الشعر،النقد، الرواية، المسرح، الصحافة والإعلام). بدأ كتابة الشعر في منتصف السبعينات من القرن الماضي ونشر أولى قصائده عام 1979 في دولة الكويت، أصدر مع عدد من زملائه الشعراء مجموعات مشتركة في البصرة بطريقة أدب الاستنساخ (4 مجموعات.. للأعوام1997،1996،1995،1991)
وهو عضو المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب، وعضو نقابة الصحفيين العراقيين، وعضو اتحاد الإذاعيين والتلفزيونيين في العراق، وعضو نقابة الفنانين في العراق. ويعمل في حقل الإعلام
صدر له:
1ـ لاشيء لنا، شعر، عمان 1998.
2ـ تضاريس، شعر، البصرة، 2000.
3ـ أصفى من البياض، شعر، البصرة، 2008.
4 ـ هكذا دائما، شعر، دمشق ـ البصرة، 2012.
5 ـ لم أستعر وجهاً، شعر، بغداد، 2015.
6 ـ المعنيّ أكثر منّي، شعر ، المغرب، 2015، طبعة محدودة.
7 ـ المعنيّ أكثر مني، شعر، القاهرة، دمشق، بابل ــ المركز الثقافي للطباعة والنشر، 2016.
8 ـ أصفى من البياض، شعر، 2018، السويد، عن دار ميزر وبدعم الجمعية المندائية في السويد.
إلى الحوار:
(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة، وكيف تطوّر؟
- يقول الدكتور “إبراهيم أنيس” في كتابه (موسيقى الشعر) هناك حاسّة تضاف إلى الحواس الخمس أو الست، هي حب الموسيقى، إذ نجد الطفل وهو بالمهد صغيرا جدا يحرك يديه ورجليه حال سماعه أي صوت أو موسيقى، ويلتفت إلى جهة الصوت بعينيه، هذه الحاسّة يمكن سقيها وتنميتها وصقلها بمرور الزمن لتصبح موهبة في مجال من مجالات الإبداع. رغم تصرفي بحديث الدكتور “أنيس” لأني كتبته من الحافظة الذاتية إلاّ أنني أريد أن أوضح شيئا هو نمو موهبة الكتابة عندي، كنت أصغي لما يقوله الكبار في المجالس والدواوين، – حيث ولدت ونشأت في قريةــ من شعر وحكايات.
تعلمت القراءة والكتابة ولم أدخل المدرسة بعد لصغر سنّي، ثم ازداد شغفي بها من خلال تشجيع المعلمين، فكانوا يقرأون ما أكتبه من تعبير وإنشاء على التلاميذ، إضافة إلى أن معلم اللغة العربية كان يهديني كلما أحصل على أعلى درجة في الإنشاء كتاباً فقرأت، وأنا في الابتدائية أمهات الروايات والقصص، وبدأت بتأسيس مكتبتي البيتية من خلال جمع مصروفي اليومي وشراء كتاب كل أسبوع، وبمرور السنوات كبرت هوايتي وازددت معرفة ووعياً من خلال قراءاتي وتجاربي، لأنني أؤمن بأن على الإنسان أن يظل مجرباً وباحثاً في كل الأمور كي يطوّر نفسه أكثر!!
(كتابات) ترأس ملتقى جيكور الثقافي.. حدثنا عنه وعن أهدافه وأنشطته ؟
- كي تلعن الظلام أو تطرده أشعل شمعة، على ضوء هذا المثل لأجل أن نفتح كوة صغيرة يعبر منها الضوء كي ينير الدروب، ولأجل أن نفتح نوافذ عديدة للثقافة والإبداع ونجعل منها منابر إشعاع وتنوير فكري وثقافي، فتحنا نافذة جيكور ملتقى إبداعياً يسمو بالفكر والثقافة والمحبة بين الناس، تم تأسيسه عام 2014 من قبل مجموعة من الأدباء والمثقفين في البصرة، والعمل على تقديم جلسات أسبوعية متنوعة بين الأدب والفن والفكر والرياضة والموسيقى والاجتماع، إضافة إلى استضافة عدد من المبدعين والاحتفاء بمنجزهم، ومازلنا مستمرين على هذا المنوال.
(كتابات) في كتابك (أصفى من البياض) الطبيعة حاضرة بقوة من بحر ونجوم و…. ما سرّ شغفك بالطبيعة ومكوناتها؟
- منذ أن اكتحلت عيناي بالضوء، ورددت الحيطان الطينية صدى كركرتي وبكائي، وأنا احمل الطبيعة لوحة عشق في ذاكرتي أنّى حللت.
ولدت في قرية في أقصى جنوب العراق، عند تخوم الخليج العربي، فتحت عيني على البحر والماء والأسماك والنوارس والزوارق والنخيل والأعناب، عشت طفولتي وصباي بين الماء والخضرة ولم أرحل عنها إلاّ قسراً حين نزحنا هاربين ساعة اندلعت الحرب في ثمانينات القرن الماضي، حينها كنت شابا في التاسعة عشر من عمري وكنت قد كتبت قصائدي الأولى، لهذا ظلت تسكنني بكل تفاصيلها، أنا ابن الطبيعة التي أحملها في داخلي ما حييت.
(كتابات) قلت في كتابك (أصفى من البياض) ــ عندما تفتح ذراعيها …….) كيف هي صورة المرأة في شعرك؟
- أنا من أنصار المرأة والمدافعين عن كل حقوقها، لأنها كلّ شيء في الحياةــ هذا رأيي الخاص طبعاــ لكن في قصيدتي هذه أتحدث عن البصرة مدينتي التي أعشقها أيضاً، وأصوّرها أماً رؤوما لكل الناس، أما المرأة في شعري فهي كل شيء، حتى بتصوير الأماكن والمناطق على شكل نساء.
إنني أعشق المرأة هذا الكائن الذي يمنحنا الجمال والسعادة والفرح والحنان والهدوء مثلما يمنحنا تعكير المزاج في بعض الأحيان، المرأة هي القصيدة التي لم تُكتب بعد، فكل ما كُتبَ لها وعنها لم يفها حقها أبدا، إنها الأم والأخت والزوجة والبنت والحبيبة والصديقة والزميلة والحفيدة والمدينة والأرض والرحم والبلاد والعاشقة المعشوقة.
(كتابات) في كتابك (المعنيّ أكثر منّي) هل كتبت به قصيدة نثر؟
- في كل كتاب أو مجموعة شعرية اشتغل على تجربة جديدة، لهذا حينما تطلعين على كتبي السبعة: ( لاشيء لنا،، تضاريس،، أصفى من البياض،، هكذا دائما،، لم أستعر وجها،، المعني أكثر مني،، غرقى ويقتلنا الظمأ) تجدين أن كل تجربة أو مجموعة تختلف عن الأخرى في قصائدها ومنحاها وأفكارها ورؤاها.
في كتابي (المعنيّ أكثر منّي) اشتغلت على ثلاثة اتجاهات (النص المفتوح، قصيدة النثر، القصيدة القصيرة، الومضة) فتنوعت الكتابة فيه حتما.
(كتابات) في رأيك هل استقرت قصيدة النثر في أدبنا أم مازال يثار حولها الجدل؟
- برأيك هل استقرت أية قصيدة ما، منذ الجاهلية وليوم الناس هذا؟! طبعا لا، لأنها إذا استقرت انتهت وصارت بروازاً جاهزاً لكل صورة، قصيدة العمود لم تستقر بل تنوعت اتجاهات الكتابة وأشكالها فيها، قصيدة التفعيلة (الشعر الحر) كذلك، لهذا لم ولن تستقر قصيدة النثر أيضا، كيف تستقرّ والعالم في تطوّر وتجارب مختلفة ومتجددة كل يوم، والجدل قائم ليس على النثر فحسب، بل على الإبداع بكلّ أجناسه، لأنه إذا لم يكن هناك جدل لم يكن هناك تطوّر وتجدّد أبدا.
(كتابات) ترجمت عدد من قصائدك إلى الفارسية، الانكليزية…. الخ، كيف تفيد الترجمة الكاتب في رأيك؟
- لولا الترجمة لما قرأنا أدب الآخرين واطلعنا على ثقافات الشعوب وتاريخها، الترجمة تفتح أبواباً للكاتب والباحث ليجوب أماكن بعيدة ولغات كثيرة مختلفة، إنها النافذة التي تطلّ منها الشعوب على بعضها البعض، وهي الصورة التي تنقل أدب الكاتب من هذا المكان إلى ذاك وبالعكس.
(كتابات) لك مقالات أسبوعية في جرائد عراقية، حدثنا عن عملك في الصحافة؟
- عملت في الصحافة منذ زمن (مراسل، محرر، سكرتير تحرير، مدير تحرير، رئيس تحرير)، إضافة إلى عملي الوظيفي في الإعلام كاختصاص، الصحافة أضافت لي الشيء الكثير، وأنا ضد من يقول أن الصحافة تقتل الموهبة أو تبعدها عن الإبداع، أرى العكس في ذلك، إنها تضيف لك إبداعاً جديداً وتفتح أمامك آفاقاً عديدة وتجعلك في حركة دءوبة وعمل مستمر وقراءة لن تتوقف أبدا، الصحافة باب من أبواب الإبداع للذي يعشقها ويعرفها جيدا ويتفنن فيها من خلال المتابعة والقراءة والبحث.
(كتابات) تمت دراسة شعرك في رسائل ماجستير.. ماذا يحقق لك ذلك وهل يعني تقديرا لأدبك؟
- أن يُدرسَ شعرك أكاديمياً لهو تقدير وتقييم لما أبدعت وقدّمت، كذلك يعطيك دفقاً من الشحنات كي تكتب أكثر ويضعك أمام تحمّل مسؤولية أكبر لأنك ستقف أمام نقاط عديدة عليك أن تفكّر بها جيدا قبل الشروع بالكتابة بعد ذلك، دراسة الشعر هي انجاز كبير للشاعر ودارسه ومتلقيه.
(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب، وما هو جديدك؟
- دفعتُ من عمري الكثير بين قلقٍ ورعبٍ واعتقالاتٍ وسجونٍ وفقرٍ وأزماتٍ لم تنتهِ لحدّ هذه اللحظة!!
أمّا جديدي فأعمل حالياً على انجاز مجموعة شعرية جديدة، إضافة إلى كتاب نقدي قيد الطبع، ورواية مذكرات، وما زلت أجرّب!!
نصين لعبد السادة البصري..
صرخة….
إن تضرب البحر ألف عصاً،،
تجد المرايا…
تستحيل معابراً للعشق ،
حد الاكتواء !!
يمم ،،،،وجهك المعروق..
شطرَ الدرب ،
والبس،،،،،
حلة التيه الرخيصة وحشةً
تجد الطريق….
يسمو،،،
بعوسجة النجيع لسكرةٍ
ويميل ….
صوب العابرين !!!
اعبر ،،،،
بوجهك حاسراً..
من ……
قيح أدران التخاطر،
رهن آلام الضياع !!!
دع التسكع …..
وامتثل،،،،،،،
للانصهار ببوتق الخلجات
خلف النازحين …
إلى سراب !!
هذا ……
زمان الصحو ،
لا زمن التهافت….
والخمول …وراء ….
أفخاذ النساء !!!!!
19 /شباط/ 1991 البصرة
……
مجرد اقتراح ليس إلا…
ماذا لو…
أبدلنا ميدان الرمي،
بمدينة ألعابٍ للأطفال ؟!
وصادرنا كل شعارات الحرب
ورسمنا أزهاراً وحدائق
ومحونا من ذاكرة الناس
شكل المدفع والرشاش
ومنحناهم زوارق/ نوارس/شطآن ؟؟!!
وتفكرنا قليلاً ::ــ
ــ ماذا تركت الحرب لنا..
غير نفوسٍ ثكلى / أرامل / يتامى
ورجال بلا هوية ؟؟!!
ماذا زرعت في نفوسنا
غير القلق / الخوف / الحرمان
وبؤساً لن ينتهي إلا بالموت ؟؟!!
ماذا لو ……
نثرنا فوق عيون الناس ،،
تصاوير محبة/ أحلاماً خضراً
وأمان ؟؟!!
ماذا سيصير الإنسان..
إذا تجرد عن إنسانيته،،
غير بقايا ….
وبعض فتاتٍ متناثرةٍ من شرٍ
تملأ ساحات العالم
رعباً..
وتترك في الروح الحسرات ؟؟!!
ماذا سيصير…
غير بقايا إنسانٍ،،
مزقت الحربُ بقاياه ؟؟؟!!!!!
البصرة 18/8/2002