18 أبريل، 2024 9:52 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. عباس رحيمة: العراق وشم جميل في ذاكرتي يعيش في وجداني

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“عباس رحيمة” شاعر عراقي، من مواليد الجنوب من محافظة ميسان، هاجر من العراق إلى استراليا عام 1993، يعيش حاليا في (سدني).

صدرت له ثلاث مجاميع شعرية هي: (يوميات خاسر) و(محاولات بائسة)، و(أسئلة الجحيم)، فضلا عن العديد من النصوص التي نشرت في مجلات أدبية مختلفة، ولديه مجموعة رابعة معدة للنشر.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

• بدأ شغفي بالكتابة وأنا في مرحلة المتوسطة، ألقيت قصيدة على مسامع الطلاب والمدرسين  في يوم الطالب.

أول قصائدي كانت محاولات وجدانية كتبتها واحتفظت بها لنفسي وبعضها قرأتها على مسامع أصدقائي، حالفني الحظ مرة واحدة ونشرت في مجلة الأقلام قصيدة وكانت عن جندي سقط شهيدا قرب ساقية الماء (جدول صغير ملئ بالماء الآسن) كان منكفئا على وجهه وكأنه يعانق الماء.

(كتابات) في مجموعتك الشعرية (يوميات خاسر) كيف تناولت الحرب الحرب؟

• تناولت في مجموعتي (يوميات خاسر)  تدوين ذكرياتي بين حياتي كطالب وبين حياتي في مواضع القتال، وكنت على مسافة شعرة من الموت، في الحرب ليس هناك رابح، الكل خاسر حتى من نجا من الموت يبقى يتذكر المأساة أو موت زميل معه في موضع واحد تقاسم معه الخوف ورغيف الخبز.

(كتابات) في مجموعتك (محاولات بائسة) هل عبرت عن حنينك للعراق وذكرياتك هناك؟

• نعم، الجنوب ذاك الشرخ الجميل، في  ثوب القلب، يشدني الحنين إلى العراق، ذكريات مازال لها طعم الحزن وأخرى لها طعم الفرح . مازالت أتذكر حافلة المدينة التي كانت تقلنا إلى المدرسة، ومازال الجسر الخشبي يفوح عطرا، الإسفلت وسمك النهر الذي يفئ تحته أيام شهر تموز، ومازالت أتذكر طفولتي وأنا أعوم في النهر، والنساء القرويات العابرات على جسر حاملات سلالًا من الخوص ملأى بالبيض أو السمك، أو مشتقات الحليب، متوجهات إلى المدينة لبيع بضاعتهن، وأمي التي كانت إحداهن.

عندما كان يحالفني الحظ وتأخذني معها وتحظى بزبون يعطيها ما يكفي من شراء مادة دسمة وفاكهة، كانت تشتري لي شيش كباب، ورغيف خبز،  يا للفوز! ما زلت الطفل المجنون الطيب والساذج حد الطين، نعم العراق وجنوب العراق وشم جميل في ذاكرتي  يعيش معي في وجداني.

(كتابات) في مجموعة (أسئلة الجحيم) هل اعتبرت الاغتراب عن الوطن جحيماً؟

• جحيم لأني ابتعدت عن رحم الأم الذي احتضن طفولتي وذكريات الصبا، والوطن مهما يقسو علينا يبقى الرافد الأول للحنان والاطمئنان مثلما قلت لكم إنه رحم دافئ وأب حنون رحيم، لكن من تربع على عرشه، كان  قاسيا طردنا من الأمان.

(كتابات) يظل الوطن يسكن داخل المغترب رغم بعد المسافة هل هذا صحيح؟

• الوطن، الانتماء، الأرض، لغة وعدة مكونات قومت شخصيتي حينما ابتعدت مرغما.. بدأت معاناتي بالاغتراب، كمن يلقي بك في وسط بحر عارم بالموج ويقول عليك أن تعوم لتنقذ نفسك، بدأت أتعلم الأشياء من جديد وكأني طفل من لغة وأتأقلم على عادات مجتمع غريب جدا عن عاداتي وتقاليدي، أتعلم لكني مازلت أتعثر، وكأني جسم صغير غريب شاذ في جسم كبير يقبلني أحيانا ويركلني أحيانا، وهكذا مازلت أعوم رغم ثلاثين سنة.. من الغربة.

(كتابات) هل تشترك في فعاليات ثقافية في استراليا؟

• اشتركت في مهرجان شعر في غرب سدني تسمى Windsor وقد اشترك فيه عدة شعراء هواة وكتبتها باللغة الانكليزية،(أحبك وأمقت العالم).. لي قصائد لشعراء عرب ترجمتها إلى لغة الانكليزية بمساعدة شاعرة الاسترالية، تعمل معي في الرعاية الاجتماعية، اسمها Simone.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق وهل يمكن الحديث عن نهضة ثقافية؟

• العراق كل شي في تدهور كيف تنمو الثقافة في بلد يفتقر إلى تعليم، وخدمات صحية والمستلزمات الحضارية والعمرانية، أغلب الجيل الجديد أمي لا يقرأ ولا يكتب وكثرة الأمراض والأوبئة.. نعم هناك محاولات برغم الخراب لكن تصاب بالإحباط، الأديب الملتزم والذي يأخذ الأمور بجدية أما أن ينحسب من ساحة الأدب، أو يصاب باكتئاب.

لاشيء يشجع في العراق على الازدهار، ولاسيما موجة الحداثة والآن نحن بعد الحداثة، كيف تكون الأحداث ومن يدعي أنه يكتب الحداثة وهو في بلد يفتقر للعمران الحديث، ومازالت تقوده عادات وتخاريف لا تصلح للحياة  الحديثة. في العراق حاليا مصابون باكتشاف ألف مرقد لولي باليوم. العراق تراجع كليا عن مواكبة المدنية.

(كتابات) هل طغت الرواية على الشعر في رأيك؟

• نعم الآن أغلب نصوصي هي سردية أو عبارة عن قصص قصيرة، أحاول أن أصل بها إلى القارئ. قصيدة “تجرعها جرعة واحدة” استوحيتها من رواية تتحدث عن نينوى اسمها “الجبل الخامس”.

(كتابات) هل تعرضت لمشاكل في نشر أعمالك؟

• نعم أنا بعيد عن اللغة الأم والإعلام يكتب بلغة عربية، هنا وهناك يحالفني الحظ وينشر لي صديق افتراضي، أو صحفي أديب يعجبه  ما أكتب، متنفسي الوحيد هو  التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية.

(كتابات) كيف هي صورة المرأة في شعرك؟

• المرأة رافد غزير يرفد مخيلة الشاعر ليكتب، وهي أول من علم الإنسان أن يكدح، لولاها لما طرد آدم إلى الأرض وتعلم وسيلة العيش من أجل البقاء. الشعر يولد من رحم المعاناة وهي التجربة الأولى ليكدحَ كي يعيش.

(كتابات)  هل واجهتك صعوبات ككاتب وما هو جديدك؟

• نعم هجرت لغتي خمسة عشرة سنة كليا وركزت كل جهودي لتعلم لغة غريبة عني، وعندما مسني الحنين إلى لغتي وأخذت أعيد نفسي إلى رحمي الأول إلى موطني لغتي الحبيبة تعثرت كثيرًا، أقول لكم إني أتعلم اللغة العربية من جديد وكل يوم آخذ درسًا في القواعد والإملاء..

نصوص لعباس رحيمة..

نزهة حالمة

يكفي أنني رسمتكِ

وردة غافية على قميص أحلامي

عابراً بكِ المساء الذي يفوح برائحة العنبر

وجسور المدينة وطئتْ ظهورها للعابرين

يكفي أنني كلما نظرت إلى السماء

أراك نجمةً

تلوحين لي

مازلت أنا هنا بمفترق الطريق

مسمراً الأقدام

أنتظركِ تعودين

ترحلين تاركةً كفك

نسمةً طائرة بالريح

تتوارين خلف السراب

مازالت كفي مبسوطة لكِ

تتلقاك إذا غفوتِ

وهويتي إلى أرض أحلامي

قلت لك ذات مرة مازحاً

لنكتب أسماءنا

على جذع شجرة الصبر

ونرحل متشابكي الأيدي

في نزهة أحلامنا

أصطاد الفراشات

وأطرزها وروداً على جفنيك

وأنا مستلقٍ إلى جنبك

وأنت تصطادين الكلمات الهاربة

من شفتي

وأنا حالم بكتابة قصيدة عشق

تزرعينها على صدري

لتخضَّر القصائد

وعند عودتنا

من النزهة مساءً

متخمين بالأحلام

ربما تخضَّرُ أسماؤنا

علي شكل غصنين

يعانق بعضهما البعض

قلتِ أنا خائفة من هذه النزهة

ربما يخضَّر ..الاسم

ويصبح على شكل قلبيين متعانقين

ويأتي صبينا عاشقاً

لم يذق مرارة الصبر

ويطعن قلبينا بسهم الانتظار

وتطير الفراشات

الحالمة من جفوني

وتنزف القصيدة

دماً على صدرك

…….

القمر..

عندما يبتسم القمر

وأنا أنظر اليه

من النافذة،،

أراه شاحباً

وحيداً مثلي!!

يمدُّ يده لي،،

أرى النجوم حينها

ينهرها وتهرب بعيداً

وأنا أمد يدي له…

لأواسيه على وحدته…

تهربُ النجوم مني،،

أنا ضيفٌ غريب،

وغير محبوب….

ضيفٌ على جارهم القريب،

والغريب مثلي….

يهربون بعيداً

منه ومني….

عندما أمد يدي له

لأصافحه،

أجده مشغولاً..

يبحثُ عن شيء

في جيوبه

التي أثقلها الأسى

وطول الانتظار،،،

وهو يضع يديهِ

في جيوبه

ساكناً متحيراً

كيف يعللُ

وحشة الروح وحوله

كل هذه النجوم الساطعة

التي تضحك له،

بينما ينظر لي

بنظاراتٍ سوداءَ

ويبتسم ساخراً….

…………….

لعبة..

سأرحل بهدوء

دون أن أزعج أحداً

أدع الستائر ترفرف للريح

لا تتعب راحة يدك

بالطرق على الباب

هو مفتوح

سأترك وردة على المنضدة

قدح الصباح دافئاً

كما اعتدت عليه

لكن فراش القلب بارد

سقط عليه ثلج الانتظار

أصبح قطعة من جليد

لن أترك أثراً لأقدامي العارية

لتستدل عليه

لن أجعل من النجوم حيرى

ولا السماء بيضاء

مثل الورد الجوري

لا تنثر الماء بعتبة الباب

تاركاً لك كل الحكايات

طيور ترفرف في سماء دارك

ترتشف قدح الشاي الدافئ

وأنت تهيم في تصفُّح

ألبوم الذكريات

بالمناسبة شطبتها كلها

لا داعي لذكرى

هي وردة ذابلة

سقطت من غصن القلب

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب