خاص: حاورته- سماح عادل
“عادل الهاشمي” حاصل على بكالوريوس هندسة كهربائية، ماجستير إدارة مشاريع، عمل طويلا في قطاع السدود ومحطات الكهرباء، وآخر عمل قام به قبل التقاعد مديرا لنقل الطاقة الكهربائية لمحافظة الأنبار، وهو وناشط في مجال التنمية البشرية وعضو مجلس إدارة لجمعية الرحمة لرعاية مرضى السرطان. صدر له مؤخرا كتاب (مسافر إلى مدن فاتنة) وهو كتاب رحلات يتناول فيه مدن من مختلف بلدان العالم، قد زارها بنفسه وخبر سحرها وجمالها، ونقله إلى كتابه.
إلى الحوار:
(كتابات) كيف بدأ حلم الكتابة لديك.. وكيف حققته؟
• بدأت أكتب وأنا في السادسة عشر من عمري، كنت أكتب شعرا وقصص قصيرة وخواطر نثرية فقد كنت أقرأ كثيرا في تلك الفترة، حتى أني كنت مواظبا في المكتبة العامة في مدينتنا، حتى قرأت كل قصصها ورواياتها خلال دراستي الثانوية، إضافة إلى الكتب التي كنت أستعيرها من مكتبة المدرسة.
لكن عندما اتجهت إلى دراسة الهندسة وتخصصي فيها تركزت قراءتي في مجال علم الهندسة الكهربائية، وبعد تخرجي من الجامعة عدت أقرأ الكتب الأدبية كهاوي، إلا أن الكتب العلمية كان لها الاهتمام الأول، ويعود ذلك لطبيعة عملي وتخصصي الهندسي، لكن قبل ثمان سنوات بدأت أكتب عن السفر الذي كنت شغوفا به، وكنت أكتب حينها لنفسي، ولم أكن أفكر إن أنشر ما أكتب، غير أن السنين الأخيرة كانت قاسية علينا أمنيا، أبعدتنا عن اهتماماتنا وهواياتنا قسريا، وبعد تقاعدي الوظيفي قررت أن أنشر ما كتبت وأعود لهوايتي في القراءة والكتابة وعاد شغفي الكبير بهما.
(كتابات) في كتابك (مسافر إلى مدن فاتنة) لما اخترت أن تصدر كتاب عن السفر واغواءاته؟
• منذ الصغر وأنا أحب السفر والرحلات السياحية والعلمية، ومتحمس للاطلاع على مدن ودول أخرى، والتعرف على شعوب وأمم مختلفة، ولدي إيمان كبير بأن السفر يهذب النفس والقيم ويرسخ السلام والتسامح، والشاعر “بابلو نيرودا” يقول: “يموت ببطء من لا يسافر.. من لا يقرأ.. من لا يسمع الموسيقى”، والسفر مهما كانت دوافعه يشكل عاملا مهما في فهم الصورة الحقيقية لعالمنا الأرحب، فهو متعة وخبرة وسبر لأغوار الحياة، وعلى قول “مصطفى أمين”: “رحلة إلى الخارج تساوي قراءة ألف كتاب”، هذه الأسباب هي التي جعلتني أكتب عن السفر.
(كتابات) في كتاب (مسافر إلى مدن فاتنة) اخترت المدن على أي أساس.. وهل استعنت بمراجع؟
• الحقيقة أن السبب الرئيسي لاختياري المدن التي ذكرت في كتابي (مسافر إلى مدن فاتنة) كان هو أني قد زرت تلك المدن فعلا وأعجبت بها، إضافة إلى أني كنت أقرأ كل ما استطيع الحصول عليه من معلومات عن تلك المدن قبل السفر إليها، وأسجل في دفتر ملاحظاتي كل ما أحصل عليه من معلومات خلال مشاهداتي وزياراتي لتلك المدن، والآن عدت إلى دفتر مذكراتي وإلى المعلومات الموجودة فيها، وأضفت إليها ما قرأت لاحقا عنها.
فمثلا عندما كتبت عن “طوكيو” ذكرت الكثير عن طعامهم الذي عانيت منه والذي له خصوصية مختلفة عن الطعام في البلدان الأخرى، كما أن استخدامهم للعيدان في تناول الطعام بدل الملاعق كان له ميزة خاصة، أما عندما كتبت عن باريس فإن جمال شوارعها ومعالمها كشارع “الشانزليزيه” أو “برج إيفل” أو “متحف اللوفر” أو “ملهى الطاحونة الحمراء” كان له التركيز الأول، في حين كان التركيز على القصور والمعالم الإسلامية ورقص “الفلامنكو” هي الحاضرة عند كلامي عن إقليم الأندلس في إسبانيا، وهكذا عند الكلام عن “فرانكفورت” أو الغابة السوداء في ألمانيا، كان الاهتمام في ميزة الأولى اقتصاديا باعتبارها مدينة رائدة في أوروبا اقتصاديا وماليا، وميزة الثانية جماليا وسياحيا وهكذا عند الكلام عن “جنيف” أو “استوكهولم” أو غيرها من المدن الأخرى.
(كتابات) هل أنت من هواة السفر؟
• نعم أنا من هواة السفر، ولا زلت مستمر في برامجي للسفر لأن له فوائد جمة، تتمثل في متعة اكتشاف الذات والأماكن، وفرصة للتعرف على ثقافات شعوب أخرى، والأهم من ذلك كله هو اكتشاف الذات، وأين هي من هذا العالم الزاخر بالأسرار، فالسفر “أهم من مجرد مشاهدة المعالم الشهيرة، إنه التغيير العميق والدائم في رؤيتنا للحياة” كما يقول “ميريام بيرد”، كما أننا “نسافر لا لنغير الأماكن.. ولكن لنغير الأفكار” كما يقول “هيبو ليتو تاين”.
(كتابات) حدثنا عن الصالون الثقافي الذي تشترك فيه ما أهدافه وأنشطته؟
• صالون الاثنين الثقافي الذي قمت بتأسيسه مع مجموعة من الأصدقاء والمثقفين والكتاب هو نافذة مهمة لنا جميعا، نحن أعضائه والمساهمين فيه، إلى عالم واسع من الأدب والثقافة، رسخ فينا جميعا حب القراءة والكتابة والمناقشة لكافة فروع الثقافة ومجالاتها، ويهدف إلى نشر فكر ثقافي وأدبي متطور، منفتح على كافة التوجهات والأفكار الأدبية.
فقد استضفنا فيه الكثير من الكتاب والشعراء والفنانين، وعملنا محاضرات أدبية وثقافية، وعملنا على استعراض الكثير من الكتاب العراقيين والعرب والأجانب، والتعريف بهم وقرأنا كتبهم واستعرضنا سيرتهم، والصالون الثقافي كان حافزا للكثيرين على القراءة والكتابة والنشر، ونحن مستمرون في خططنا لتطوير برامجنا في صالون الاثنين الثقافي، ونخطط لإصدار كتاب أدبي في ما قدمه الصالون في سنته الأولى.
(كتابات) في رأيك هل تغير حال الثقافة والأدب في العراق بعد 2003؟
• نعم تغير حال الثقافة والأدب بعد عام 2003 أصبح الباب مفتوحا وواسعا للكتابة والنشر، وتوفرت مساحة واسعة من الحرية في الكتابة، وكانت نتيجة هذه الحرية في الكتابة والنشر صدور عدد كبير من الكتب في كافة المجالات، وهي ظاهرة صحية ممتازة، ولكن هذا لا يعني أن كل ما يكتب كان بمستوى جيد، فلقد كان سابقا أيضا كتاب وشعراء كثيرين متميزين وبمستوى كبير.
(كتابات) هناك مبادرات ثقافية وصالونات وتجمعات في العراق هل هذا دليل على نهضة ثقافية؟
• المبادرات والصالونات الثقافية مؤشر ودليل على حركة ثقافية كبيرة، ففي شارع المتنبي عرس أدبي وثقافي كل يوم جمعة في بغداد، والمقاهي والصالونات الأدبية نشطة باستمرار، لكن هذا لا يكفي لنهضة ثقافية مميزة، فالاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني مهم، وأساس متين لأية نهضة ثقافية وطنية مهمة وكبيرة.
(كتابات) ما هي روافد تكوينك الثقافي ومن الكتاب الذي تفضل القراءة لهم؟
• روافد التكوين الثقافي لي متنوعة وواسعة، أهمها القراءة والاطلاع والسفر والعلاقات الاجتماعية، والدواوين والصالونات الثقافية والخبرة العملية، قرأت لمعظم الكتاب العالميين والعرب والعراقيين، منهم “دستوفسكي” و”ارنست همنجواي” و”سومرست موم” و”فكتور هيجو” و”ميشال زيفاكو” و”سارتر” و”فرانسواز ساغان” و”سيمون دي بوفوار” و”كولن ولسن” و”بيرل باك” و”ستيفن كوفي” و”البيرتو مورافيا”.
كما قرأت كثيرا ل”نجيب محفوظ” و”توفيق الحكيم” و”إحسان عبد القدوس” و”أحلام مستغانمي” و”إبراهيم الفقي” و”أنيس منصور”و”عبد الله النشمي” و”جبرا إبراهيم جبرا” وقرأت لكتاب عراقيين كثيرين منهم “إنعام كه جاجي” و”محسن الرملي” و”فؤاد التكرلي” و”لطفية الدليمي” و”سنان أنطوان” و”طلال سالم الحديثي” و”عادل المعموري” و”عبد الستار ناصر” و”علي البدر” والكثير من الكتاب العالميين والعرب والعراقيين لا تحضرني أسماءهم.
(كتابات) هل واجهتك صعوبات في طريق الكتابة؟
• سابقا كانت تواجهني صعوبة توفير الوقت الكافي للكتابة أو القراءة، فمشاغل الوظيفة كانت كثيرة، كما أن الخوف من الكتابة والنشر كانت عائق كبير، أما الآن فالصعوبات أقل بكثير، لكن تبقى دور النشر وطريقة التوزيع وثقافة المجتمع، وابتعادهم عن القراءة هي أهم الصعوبات التي تواجه الكاتب.
(كتابات) هل لديك جديد في الكتابة وما أحلامك ككاتب؟
• نعم لدي كتابين جاهزين حاليا وسيصدران قريبا خلال شهر سبتمبر(أيلول) القادم، أحدهم في مجال الهندسة، والآخر في أدب الرحلات هو (مدن الثلج)، ويدور عن رحلاتي إلى شمال أوروبا، ولدي أيضا مجموعة قصصية سأحاول إصدارها خلال الثلاثة أشهر القادمة، كما لدي مطبوع يحتاج إلى الإضافة والتنقيح في مجال التنمية البشرية، وعلم النفس، عن الأفكار السلبية في مجتمعنا وكيف يمكن التخلص منها، ومكتوب بأسلوب قصصي وأدبي، سأحاول أن أنجزه قبل نهاية العام الحالي إنشاء الله. أما أحلامي في مجال الكتابة في المستقبل فهي واسعة واخطط بجد لتحقيقها.
مقطع من كتاب (مسافر إلى مدن فاتنة)
“استيقظت مبكرا ذلك اليوم، حلقت وجهي، وأخذت حماما دافئا وغيرت ملابسي، ثم بدأت أكمل ترتيب أغراضي إلى جانب الهدايا العديدة التي اشتريتها في حقائبي، كنت قد رتبت معظمها ليلا قبل النوم، ألقيت نظرة فاحصة على غرفتي لكي أتأكد أنني لم أنس شيئا فيها، اليوم موعد عودتي إلى بلدي العراق بعد واحد وعشرين يوما قضيتها في مدن ألمانية عديدة. كان علي أن أتناول فطوري وأضع حقائبي خارج الغرفة في الممر، لكي يتسنى لعمال الخدمة في الفندق نقلها إلى صالة الاستقبال، ومن ثم دفع حساب غرفتي (جيك أوت) ثم أنتظر ممثلا لشركة الموفد إليها لنقلي إلى مطار فرانكفورت، كنت قد تحسبت لكل شيء فما تبقى من الوقت كان يكفي ويزيد، لذا قررت أن أذهب للحانوت الصغير القريب من الفندق لشراء مجموعة من الهدايا التذكارية للأصدقاء. خرجت من غرفتي سريعا ونزلت وعندما وصلت الطابق الأرضي وفتح باب المصعد وهممت بالخروج وإذا محمود، زميل السفر، يهم بدخول المصعد، كان يبدو عليه القلق والتوتر. بادرني فورا:
– هل عرِفت؟؟ العراق.. احتل الكويت بالكامل!”.