5 مارس، 2024 6:50 ص
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. الروائي “شهيد شهيد” : هدفي في الكتابة التصادم مع الأنساق الحاكمة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : حاورته – سماح عادل :

“شهيد شهيد” روائي عراقي متميز.. ولد في البصرة عام 1976, قبل أن ينتقل للعيش في مدينة النجف.. كتب الشعر وفاز بالجائزة الأولى في مسابقة للشعر نظمتها إذاعة “العراق الحرة”، وصدر له في 2015 رواية (كش وطن), والتي أثارت جدلاً واسعاً في أوساط المثقفين والأدباء العراقيين، كما أثارت روايته (سارق العمامة) ضجة وترحاب في الوسط الثقافي العراقي.. مما كان له من الأهمية أن تجري معه (كتابات) محاورة مع أفكاره ورؤاه…

(كتابات): كيف بدأت رغبة الكتابة لديك وكيف تطورت ؟

  • منذ طفولتي كنت مولعاً باقتناء الصحف والمجلات.. وبعد ذلك تحول ولعي إلى الكتب، كنت مدمناً على الورق بشكل غريب، وكانت أمنيتي أن أقوم بتأليف كتاب في يوم ما.. هذه الرغبة تنامت مع مرور العمر ولكنها تحققت في وقت متأخر، حيث تم نشر روايتي الأولى بعمر 39 سنة، رغم ذلك فإن تأخر النشر بالنسبة لي كان له أثراً إيجابياً، من الناحية العملية، في تجربتي، لقناعتي في الوقت الحالي بأن الوعي يكون أكثر نضجاً في المراحل العمرية المتقدمة، بالإضافة إلى كوني أؤمن بأن الحياة رحلة تعُّلم، وهذا ما يجعلني أسعى لتنمية قدراتي الكتابية من خلال البحث عن كل ما من شأنه أن يضيف شيئاً إلى رصيدي المعرفي.

(كتابات): بدأت بكتابة الشعر ثم اتجهت للرواية.. لما ؟

  • حسب تصوري أن الأجناس الأدبية هي “أوعية” ناقلة لمحمولاتنا التعبيرية.. باختصار شديد لقد تركت الشعر وتحولت إلى الرواية لأن الوعاء لم يعد يتسع للرؤى التي أحملها.

(كتابات): أول رواية (كش وطن) نالت استحسان في الوسط الثقافي.. حدثنا عنها ؟

  • رواية (كش وطن) يمكنني أن أصفها بالمجازفة.. قدمت من خلالها فكرة مكعبة يمكن النظر إليها من أكثر من زاوية، هذا ما جعلها تحتمل ذلك “الجدل” الواسع الذي أثير حولها.. فاعليتها الجدلية وحركية المعنى الذي تضمنه النص ساهم بشكل كبير في اعتمادها من قبل شريحة واسعة من القراء، لكونها قد منحت القارئ صلاحيات واسعة على النص.. أنا مهتم بالفلسفة التفكيكية لذلك أسعى إلى تأجيل المعنى داخل النص.. كما اعتقد أن خلق العلاقة بين النص وقارئه عنصر هام من عناصر نجاح العمل..

نعم كانت هناك ردود فعل عنيفة تجاه الرواية من خلال منع عرضها في بعض معارض الكتب، بالإضافة إلى اتهامها بأنها تشكل خطراً على المنظومة الأخلاقية وأن الأفكار الواردة فيها تثقف للسلوك اللاأخلاقي لكون أحداثها تدور في “مبغى”.. من جانبي لزمت الصمت وتركت القارئ يدافع عن النص، فأخذت الرواية مساحتها واستحقاقها بفضل القارئ الذي استوعب الرؤى الإنسانية الموجودة داخل النص.

اعتقد أن النزعة الإنسانية ستكون هي الغالبة في النهاية.. في (كش وطن) أردت أن أطرح فكرة “صراع المفاهيم” داخل المنظومة القيمية.. أردت أن أقول بأن ما هو مرفوض أخلاقياً يمكن أن يكون مقبولاً إنسانياً.

(كتابات): في رواية (سارق العمامة) تناولت موضوعاً شائكاً.. هل هذا يشي بحجم الحرية في العراق حالياً ؟

  • ابتداءً أقول لا يوجد أي تطبيق لمفهوم الحرية في العراق.. أتذكر مقولة للشاعر العراقي الكبير “كاظم الحجاج” يقول فيها: “كنا سابقاً نخاف من السلطة.. أما الآن فأصبحنا نخاف من الخارجين على السلطة”.. السلطات القامعة المنتشرة على خارطة الوطن حالياً أكثر خطراً من السابق.. لم يعد القمع مقتصراً على السلطة.. عندما تختار سلوك الطريق الصعب عليك أن تضع في الحسبان أنك قد تدفع حياتك ثمناً لأفكارك.. كلمة بسيطة قد تصدر منك عندما تزعج “حاشية الرب” ستجعلك في خانة “المرتدين”.. نحن نعيش في بيئة غير صالحة للتفكير.. الإنسان فيها محكوم بالأنساق الصلدة.. الجهات العقابية والأنماط العقابية متنوعة ومتوفرة في جميع الزوايا.. هناك خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها.. بكل سهولة يمكن تحويلك إلى: “كافر، زنديق، ملحد، عدو الله”.. الخلاصة بأن أفكارك ستبقيك في دائرة القلق المزمن إذا ما فكرت بالتصريح برفضك للأنساق الحاكمة.

(كتابات): مساءلة فكرة الدين الذي يقوم على الترهيب هل يشكل ذلك عائقاً حياتياً للإنسان خاصة في المجتمعات العربية ؟

  • من المعروف أن الدين من أقوى الأنساق الحاكمة.. مجتمعاتنا العربية ما زالت تعيش تحت سلطة وهيمنة ذلك النسق، وفق معطيات مفروضة غير قابلة للتحديث وإعادة الإنتاج.. نجح الدين في جعل الإنسان يتقبل حالة “العبودية”.. لذلك نجد الوعي المتدين يمتاز بالسكونية وانتفاء الرغبة بالحركة وعدم النزوع إلى التغيير.. ما ورد في سؤالك اختزل الإجابة.. نعم الدين أنتج ظاهرة يمكن تسميتها “فوبيا الإله”.. المدونة الدينية بأنساقها الصارمة خلقت علاقة معقدة بين الإنسان وربه.. تلك العلاقة مبنية وفق نظام التخويف بالعقوبة، مما أدى إلى خلق صورة مخيفة للرب في ذهنية الإنسان، فراح ينظم علاقته به تحت هاجس الهروب من العقوبة.. باعتقادي الشخصي أن الدين لم ينجح في تنظيم العلاقة بين الإنسان والله، وأن هناك ضرورة لإعادة إنتاج الفكرة الخاصة بالله وفق منظور إنساني متحرر.

(كتابات): ما رأيك بالتصوف.. وهل له تأثير واضح في رواية (سارق العمامة) ؟

  • بصراحة أنا لا أملك تصوراً واضحاً عن التصوف، لأني لم أقرأ عنه الشيء الكثير، وإن كان القارئ قد لمح شيئاً ينزع نحو التصوف في مضمون الرواية, فاعتقد أن ذلك جاء عرضياً ودون تخطيط مسبق.

(كتابات): ماذا كان رد الفعل على (سارق العمامة).. وهل واجهت رفضاً من قبل بعض القراء ؟

  • أود أن أبين بأني أحمل في مفكرتي مشروعاً خاصاً، وأني أعمل وفق ذلك المشروع بطريقة ممنهجة، حيث أريد لتجربتي الروائية أن تحمل جانباً فكرياً.. فأنا أرى أن الرواية لم تعد مجرد “ثلاجة” لحفظ الأحداث, وإنما يجب إعطائها بعداً وظيفياً أبعد من ذلك.. مشروعي في الكتابة يتعلق بالتصادم مع الأنساق الحاكمة.. في رواية (كش وطن) تعاملت مع النسق الأخلاقي, أما في رواية (سارق العمامة) فتعاملت مع النسق الديني.. من الطبيعي أن التعامل مع هذه الأنساق يدخل الكاتب في منطقة المحظور، والكل يعلم أن هذه المنطقة يمكن وصفها بأنها منطقة “ألغام”, لذلك فإن من يسير فيها يكون بعيداً عن الطمأنينة وعليه أن يضع في حسبانه التعرض إلى ردود فعل عنيفة، قد تصل إلى العديد من الضغوطات والتهديدات، وهذا ما حصل معي بعد نشر الرواية.

(كتابات): ما رأيك في حال الثقافة في العراق حالياً ؟

  • حسب تصوري أن الثقافة تقاس من خلال السلوك الجمعي لأفراد المجتمع، ومدى انعكاس ذلك السلوك على الواقع، وما يترتب عليه من نتائج، وبالتالي يمكن القول أن الثقافة: أثر, نتيجة يمكن إخضاعها للمقاييس العملية، وهي ليست ظاهرة تنظيرية تختزل بالتدوين أو المشافهة, مادام الواقع الذي نعيشه موسوم بالخراب، فلا يمكن لأحد منا أن يعول على الثقافة كنسق فاعل في الحياة.

(كتابات): هل يمكن الحديث عن تغيير نوعي في الرواية العراقية خاصة بالنسبة للشباب ؟

  • لا أعتقد ذلك.. مازال النتاج الروائي محكوما بالنمط.. ربما نحتاج إلى وقت أطول لتحقيق ذلك التغيير النوعي.

(كتابات): ما هي الروافد التي أثرت فيك ؟

  • الروافد متعددة، وأعتقد أن القراءة هي الأهم بالنسبة للكاتب.. حين باشرت بمشروعي الكتابي وضعت لنفسي منهاجاً صارماً تضمن في فقراته ضرورة الاطلاع على أكبر قدر ممكن من النماذج الروائية، فقرأت للكثير من الروائيين العراقيين، والعرب، والعالميين، في سبيل دراسة الأساليب التي يتبعها أولئك الكتاب.

في الوقت الحاضر بدأت أميل لقراءة الكتب الفلسفية والفكرية، بالإضافة إلى الاطلاع على الكتب الخاصة بالفنون المجاورة للسرد، مثل السينما، والمسرح، وكتب السيرة، والحوارات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب