خاص: إعداد- سماح عادل
“سمير كتاني” كاتب فلسطيني، يشغل منصب رئيس قسم اللّغة العربيّة وآدابها في أكاديمية القاسمي، حاصل على درجة الدكتوراه عن أطروحته “مفاهيم العدل في التّراث الإسلامي- وتحقيق مخطوط أربعون حديثًا في العدل لابن حجر الهيتمي”.
من إصداراته الأدبيّة: (خارج نطاق التّغطيةـ النّداء الأخير- نقطة تقاطع- بيت من جليد- أناس وأجناس- خلاصات، خواطر وأفكار- حكايات عن الآمال والخيبات).
من مؤلّفاته التّعليميّة والأكاديميّة:
- القاموس الميسّر لفهم المصطلح النّحويّ.
- أبواب في النّحو والإعراب.
- عناقيد الكلام.
- كلاسيكيّات من صميم الشّعر والنّثر.
- المنهل في الأدب العربيّ القديم.
- المنهل في الأدب العربيّ الحديث.
- مقاربات في مبنى النّص الشّعريّ ومعناه.
كان لي معه هذا الحوار الشيق..
* كيف بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
-عشقت الكتابة منذ أن عشقت المطالعة، وذلك منذ كنت طفلًا في المدرسة الابتدائيّة. قرأت سلسلة الألغاز المصريّة (الّتي كتبها محمود سالم وآخرون)، والرّوايات البوليسيّة (روايات أرسين لوبين للكاتب الفرنسيّ موريس لبلان)، وسلسلة السّيرة النّبويّة لليافعين (من تأليف محمود جودة السّحار). ثمّ انصبّ اهتمامي على كتب تاريخ الإسلام، فقرأت وأنا ما أزال في المدرسة الابتدائيّة شيئًا من تاريخ الطّبريّ، وابن الأثير، وكتاب رجال حول الرّسول لخالد محمّد خالد وغيرها. وأثناء ذلك، كنت أتأثّر بما أقرأ عن أصحاب السّير وأشخاص الرّوايات، فأعمد إلى أن أكتب قصصًا على غرارها.
زادت حصيلة قراءاتي حين بلغت الثّانويّة، وزاد عدد محاولاتي الكتابيّة أيضًا (وما أزال أحتفظ بهذه المسوّدات). نشرت بعض كتاباتي في مجلّات اليافعين الّتي راجت في ذلك الحين.
خلال دراستي الجامعيّة وتحصيل اللّقب الثّالث في اللّغة العربيّة وآدابها، انصرف اهتمامي إلى تحقيق المخطوطات وكتابة الدّراسات الأكاديميّة ونشرها، لكنّي عكفت أيضًا على وضع عدد من الكتب التّعليميّة في مجال النّحو والأدب، بعضها موجّه لطلبة المدارس الثّانويّة، وبعضها الآخر مخصّص لطلبة المعاهد العليا والجامعات.
لكنّ شيئًا في نفسي ظلّ يراودني، وهو أن أنشر كتاباتي على الملأ، بعد أن كنت أحتفظ بها لنفسي، لعلّها تصادف القبول لدى المتلقّين أو لدى بعضهم.
* تحكي رواية “خارج نطاق التّغطية” عن التنمر وخطورته في نفوس المراهقين، هل تحاول تناول مشاكل اجتماعية هامة؟
– نعم، تناولت في هذه الرّواية قضايا تربويّة مهمّة، لعلّ أبرزها موضوع التّنمّر الّذي ينتشر في أوساط مجتمعات كثيرة. وحاولت تسليط الضّوء على مشاعر الصّبيّ الّذي يتعرّض للتّنمّر، وتقديم تصوّر حول كيفيّة إعادة بناء الثّقة بالنّفس. كما تناولت موضوع التّواصل بين أفراد الأسرة.
هذه الرّواية لاقت أقبالًا كبيرًا في أوساط القرّاء، وذلك لأنّه يعالج قضايا تخصّ الآباء والأبناء والمرّبين بصورة فنّيّة راقت للكثيرين، حتّى إنّ هذه الرّواية فازت بالمكان الأوّل في مسابقة مسيرة الكتاب عام 2023، الّتي تجرى في البلاد.
* في رواية “النداء الأخير” محاولة لتأمل فكرة الموت وتأُثيرها على ذوات البشر حدثنا عن ذلك؟
“- النّداء الأخير” رواية تأمّليّة تدور حول فكرة الموت، وتأثيره في مجريات أحداث الإنسان. هناك من يستقبل الموت بكلّ أريحيّة، وهناك من يهوله مجرّد التّفكير فيه، ويعرب من كلّ ما يمكن أن يذكّر به. أبرز شخصيّتي الرّواية: “ناصر” و”سالم” يواجهان الموت، لكنّ سلوك كلّ منهما عند مواجهته للموت يختلف عن سلوك الآخر، وذلك تبعًا لقناعة كلّ منهما وتجاربه في الحياة. هذه الرّواية عميقة حقًّا، وكتبتها من صميم وجداني، وهي تعالج مسألة الجدوى من الحياة طالما إن هناك موتًا أكيدًا في الانتظار. تقع أحداث الرّواية في إطار تشويقيّ. تلقّيت الكثير من التّعليقات الرّائعة على هذه الرّواية، بل وقد فازت بالمكان الثّاني في مسابقة مسيرة الكتاب للعام 2024.
* لم لجأت في رواية “نقطة تقاطع” إلى الأسلوب الفكاهي لعرض مشاكل الأزواج وعدم التوافق ما بينهم؟
– هذه الرّواية تتناول موضوع الخلافات بين الأزواج، واخترت الأسلوب الفكاهيّ لظرافته من جهة، ولأنّه يمكّن القارئ، رجلًا كان أو امرأة، من النّظر إلى ما يبدو عيوبًا في الجنس الآخر بصورة أقلّ سوءًا، فالرّواية تهدف في الواقع إلى تلطيف عيوب شريك الحياة، وإلى تقبّلها. كما أنّ أسلوب الفكاهة يشيع جوًّا من الإيجابيّة الّذي يفتقده من هو في علاقة شائكة مع الشّريك. ولنقل إنّ الأسلوب الفكاهيّ السّاخر يكشف عن جوانب إيجابيّة في الشّريك الّذي لسنا معه على وفاق.
* تناولت في رواية “بيت من جليد” الخلافات العائلية وخطورتها، ماذا تقصد بمصطلح رواية علاجية؟
– تترك الخلافات بين الزّوجين آثارًا مدمّرة على الأطفال واليافعين تبقى لسنوات طويلة. وموضوع الخلافات وتأثرها على الأبناء يستحقّ أن تخصّص له الكتب والنّدوات والدّراسات. غير أنّ الأدب يمكنه أيضًا من تحقيق الفوائد المرجوّة، وأبرزها تقديم تصوّرات لمعالجة التّأثير السّلبيّ لهذا الخلافات على الأبناء. ويمكن من خلال هذا خلق تأثير إيجابيّ في نفوس القرّاء. وفي المجمل، تدور أحداث القصّة العلاجيّة حول السّلوك المُراد تعديله، وغالبًا تقدّم القصّة في نهايتها حلًّا يُمكن اعتباره السّلوك الصّحيح المنشود، وهو البديل عن السّلوك الخاطئ. كما يمكن من خلال القصّة العلاجيّة جعل القارئ يعيش أحداث القصّة مع مشاعر أبطالها، وهذا يساهم في اكتشافه لمشاعره من جهة، ولإعادة تقييمه لمواقفه من أزمات الحياة وتحدّياتها.
* هل تستقي في أدبك سواء روايات أو مجموعات قصصية أحداثًا حدثت في الواقع المعاش؟
– بعض أحداث القصص أو الرّوايات أستلهمها من أحداث وقعت بالفعل، وتأثّرت بها. لكنّ بعضها الآخر قد لا يكون حدث في الواقع، إنّما يمكن أن يحدث. فالواقعيّة في رواياتي وقصصي لا يشترط أن تكون توثيقًا لما وقع، بقدر ما هو رؤيا نحو تصوير ما يمكن أن يقع.
* هل للأدب دور اجتماعي في رأيك ولماذا؟
– بدون شكّ. الأدب موجّه لأداء رسائل عدّة، إحداها الرّسالة المجتمعيّة، فالأديب هو ابن المجتمع، يقدّم تصوّراته لقضايا تخصّ المجتمع، قد تشمل فيما تشمل الخلافات بين الأفراد والجماعات، العلاقات بين النّاس، الصّراعات في الأسرة، المواقف الّتي تتبنّاها فئات المجتمع وفق اختلاف حالاتها الاجتماعيّة- الاقتصادية، الفروق بين سلوكيّات النّاس، وغير ذلك. إنّ الأدب يقدّم لنا مادّة فكريّة دسمة حول قضايا المجتمع والتّنمية المجتمعيّة.
* هل واجهتك صعوبات في النشر؟
– الحمد لله، لم تواجهني صعوبات خاصّة، ربّما بعض العقبات البسيطة الّتي سرعان ما تغلّبت عليها. لكن لنقل إنّ كلّ كتاب أنشره يساهم إلى حدّ كبير في مضيّي قدمًا نحو نشر الكتاب التّالي.