16 أبريل، 2024 10:21 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. سعيد بوعيطة: الناقد الحقيقي يقرن الرؤية الدقيقة والشاملة للعملية الأدبية بالمنهج المعبر عنها

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح  عادل

“سعيد بوعيطة” ناقد ومترجم مغربي، من مواليد 1970 بمدينة ورززات بالجنوب الشرقي المغربي. بدأ دراسته بهذه المدينة. انتقل بعدها إلى مدينة مراكش لإتمام دراسته الجامعية تخصص اللغة العربية وآدابها. له اهتمامات بالبحث اللساني والسيميائي وتحليل الخطاب، وهو عضو محكم في بعض الدوريات العربية، عضو اتحاد كتاب المغرب، عضو مؤسس للصالون الأدبي المغربي، عضو بهيئة تحرير مجلة “أجراس المغربية”سابقا.

له العديد من الدراسات في دوريات عربية عدة، نذكر من بينها: (مجلة البحرين الثقافية، مجلة العربي، مجلة نوافذ للترجمة، مجلة تراث، مجلة أفكار الأردنية، مجلة علامات في النقد السعودية، مجلة سمات البحرينية). كما له عدة أعمال نقدية، نذكر من بينها: (أسئلة الرواية المغربية، كتاب جماعي- التشكل والمعنى، كتاب جماعي- ضمير الرواية العربية، كتاب جماعي- الخطاب الروائي عند عبد الرحمان منيف- المنهج في الخطاب النقدي العربي المعاصر، قضايا وإشكالات- تأويل الحكاية، قراءات في رواية يحدث في بغداد، كتاب جماعي- المعجم الموسوعي لعلوم اللغة، ترجمة- العودة إلى مالي،ترجمة /نصوص سردية).

إلى الحوار:

(كتابات) لماذا اخترت أن تتخصص في مجال النقد الحديث؟  

  • يتعذر الحسم في الأسباب الكامنة وراء هذا الخيار، ذلك أننا كنا مولعون بالأدب منذ المراحل التعليمية الأولى. كما كان لمجموعة من أساتذتنا الأفاضل الفضل في تنمية هذا الولع وتطويره، فقد كتبت الشعر باللغة الفرنسية، نشر أغلبه بجريدة “الرأي المغربية” والتي تصدر باللغة الفرنسية ،كما كتبت القصة القصيرة، نشرت أغلبها بمختلف الجرائد المغربية. لكن الدرس والبحث الجامعيين أعاد توجيهي نحو النقد، سواء من خلال البحوث، أو الأطاريح الجامعية التي اشتغلت عليها.

أما ولوج النقد الحديث، فضروري لكل من يشتغل في الحقل الأدبي عامة أن يكون ملما ولو نسبيا بالنقد الحديث، بهذا تراجع الجانب الشعري والقصصي في، ليهيمن الناقد الأدبي. لعل هذا ما يبرر المقولة  المتداولة التي ترى أن الناقد مبدع فاشل.

(كتابات) لماذا اخترت بالتحديد أن تكون باحث في مجال الحقل السميائي واللساني وتحليل الخطاب؟     

  • إذا أردنا أن نبدأ من حيث يجب البدء، نؤكد على أن اللسانيات من أهم الحقول المعرفية التي أخذ منها النقد الأدبي مجموعة من التصورات النظرية والأدوات الإجرائية. لعل هذا ما خلق نوعا من الارتباط العضوي بين حقل اللسانيات والنقد الأدبي، بحيث تتكاثر هذه الروابط بتكاثر منطلقات البحث ومقاصده، حتى أصبح الحديث عن هذه العلاقة خطاب تعميم ما انفك يسود منابر القول العربي.

وإذا كان الباحث منخرطا في عروة التضافر المعرفي، موقنا بحتميتها الراهنة ومؤمنا بالياتها الذهنية ما انكشف منها وما اختفى، فإنه سيطرب بالخطاب طربا لا يفصح لنا حال صاحبه عن سره، أهو من طرب اللسانيين أم من طرب النقاد، كما ليس بوسعنا بالرغم من كل ذلك، أن ننتقص من شأن الحديث عن رحلة النص بين المعرفة اللغوية والمعرفة النقدية، لأنه ليس بوسعنا أن نستحضر خطر الحديث عن رحلة اللغة بين علم الأدب وعلم اللسان. فإن نحن وجهنا ناظرنا صوب التحصيل والمراجعة، عرفنا أن علاقة اللسانيات بالنقد الأدبي، موضوع واحد في ظاهره، متعدد في ما وراء ذلك. يتكاثر من حيث المضمون، كما يتكاثر من حيث المقاصد. لكنه في البدء يتكاثر باختلاف زوايا النظر ومواقع الرصد.

إن قضية الحال محكومة في اختلافها بالمنطلقات المنهجية التي يبدأ الفكر عند خطها المرسوم اعتمال الأطروحات. ويستدعي خلال أشواطها تحقيق المناظرات. بهذا فعلى الناقد أن يكون على دراية بالحقل اللساني. كما عليه تتبع التطورات المعرفية التي تعرفها المناهج النقدية. ولعل هذا ما يفرض اليوم التعامل مع المنهج السيميائي، باعتباره من أهم المناهج التي أثبتت نجاعتها في مقاربة مختلف الأشكال الإبداعية، سواء اللغوية منها (السرد، الشعر)، أو مختلف الفنون البصرية. إلا أن نجاعة كل منهج كذلك، لا تتحقق إلا حين يتم التزاوج بين النظرية والتطبيق (الممارسة). ولعل هذا ما جعلنا نهتم من جهة أخرى بتحليل الخطاب.

(كتابات)  لك كتاب بعنوان (أسئلة الرواية المغربية)، ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا الكتاب؟    

  • كتاب (أسئلة الرواية العربية) الذي صدر في طبعته الأولى عن دار القرويين 2012 بالدار لبيضاء، وعن دار الناية بسوريا في طبعته الثانية سنة 2013،عبارة عن كتاب جماعي (قراءات في أعمال الروائي المغربي مصطفى لغتيري). ساهم فيه الأستاذ محمد داني، و الأستاذ نور الدين بلكودري، يندرج هذا الكتاب أساسا ضمن تلك الروافد النقدية (القراءات) التي تختلف أحيانا وتتقاطع أحايين عدة. تختلف لاعتبارات عدة: يتجلى الاعتبار الأول في اختلاف الذين قاموا بهذه القراءات. سواء من حيث التصور المنهجي، والبعد القرائي. أما الاعتبار الثاني، فيتجلى في تباعد هذه القراءات واختلافها في الزمان والمكان. نظرا لاختلاف وتباعد المناسبات التي أنتجتها.

لكن التراكم الذي حققته إلى جانب الأستاذين “محمد داني” و”نور الدين بلكودري” في مثل هذه القراءات، كان وراء جمعها وتقديمها للقارئ لتعميم الفائدة. ركزت قراءاتي في هذا الكتاب على رواية (رجال وكلاب) من خلال مستويات عدة ترتبط ببنية السرد والدلالات التي يقدمها. أما في رواية (عائشة القديسة)، فركزت على مستوى الحكاية، باعتبارها العمود الفقري لهذا النص السردي. أما في رواية (رقصة العنكبوت)، فتناولت الشخصية الروائية من منظور التحليل العاملي كما حدد جريماس. فيما تناول الأستاذ “نور الدين بلكودري” الروايات التالية: (رجال وكلاب، ليلة إفريقية، على ضفاف البحيرة، رقصة العنكبوت). أما الأستاذ “محمد داني”، فتناول روايات مصطفى لغتيري، من خلال بعدين رئيسيين:تجلى الأول في التجليات البنيوية في هذه الأعمال(الزمن، السارد، الشخصيات،…الخ)، أما البعد الثاني، فارتبط بصورة الآخر في مجمل هذه الأعمال. بهذا حاول هذا الكتاب الاقتراب من أهم الأسئلة الجوهرية التي تطرحها الرواية المغربية، من خلال نموذج الروائي “مصطفى لغتيري”، وإضاءة أعمالة الروائية.

(كتابات) حدثنا عن مشاركتك في كتاب (ضمير الرواية العربية)؟

  • صدر هذا الكتاب عن وزارة الثقافة البحرينية سنة 2013، ساهم فيه العديد من الباحثين العرب من مختلف البلدان العربية (المغرب، الجزائر، مصر، تونس،…الخ). تحت إشراف الدكتور “عبد القادر فيدوح”، حيث تم الاحتفاء بتجربة نجيب محفوظ الروائية، تعددت القراءات بتعدد النقاد ورؤاهم المنهجية والمتون الروائية التي اشتغلوا عليها.

تناولت مساهمتي في هذا الكتاب رواية (اللص والكلاب)، تحت عنوان (بنية الصراع في سرد نجيب محفوظ، مقاربة عاملية لرواية اللص والكلاب). حيث حاولت هذه القراءة النقدية مقاربة إحدى أهم روايات “نجيب محفوظ”، والكشف عن تجليات الصراع فيها بمختلف مظاهره، وإبراز هذه التجليات، اعتمدنا، على مستوى الرؤيا والمنهج، على ما حققته السيميائيات السردية مع رائدها جريماس. ذلك أن هذا الأخير، مدرسة باريس عامة، يضع في صلب اهتمامه دراسة شكل الدلالة في كل الخطابات الإنسانية، سواء تعلق الأمر بالرواية، القصة القصيرة أو حتى الصورة.

وقد خلصنا في هذه المقاربة النقدية، إلى أن النص السردي (اللص والكلاب)، يمتلك مميزات عدة على جميع مستويات بناء النص السردي. ولعل هذه المميزات هي التي استدعت التصور المنهجي الذي سلكناه  في هذه المقاربة، لكون العمل الإبداعي هو الذي يحدد طرائق تناوله وليس العكس كما يذهب بعض النقاد.

(كتابات) في كتابكم (المنهج في الخطاب النقدي العربي المعاصر)، ما هي أهم الإشكالات التي يواجهها المنهج في النقد العربي المعاصر؟

  • عرف الخطاب النقدي العربي جملة من الإشكاليات تأتي في مقدمتها إشكالية البحث عن منهج نقدي أو مناهج نقدية قادرة على إضاءة الخطاب الأدبي وقراءته بطريقة سليمة وقريبة من روح النص الإبداعي، ظلت على إثرها مسألة المنهج، باهتة الملامح في أغلب الممارسات النقدية، مما مميز أغلبها بغياب الرؤية المنهجية. لكن الاهتمام النقدي في مجال النظرية الأدبية، وضع إشكالية المنهج في الصدارة بوصفها عملية حيوية للممارسة النقدية والرؤية الأدبية. هذا هو التصور المنهجي الذي قام عليه كتاب (المنهج في الخطاب النقدي العربي المعاصر). لكنه لم يقدم أجوبة شافية كافية كما يقال، بقدر ما أثار مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالمنهج النقدي أهمها: ماهية المنهج النقدي؟ علاقة المنهج بالنظرية النقدية؟ إشكالية المصطلح النقدي؟ إشكالية المرجعية المعرفية لهذا المنهج؟ إشكالية الأسس النظرية والمعرفية؟ وغيرها من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة.

إن نقد المنهج النقدي وكذا المعارف المختلفة، لا يعني دعوة لعالمية المعرفة وإلى حالة من التسيب التي تسمح لتلك المواقف المؤدلجة وغير المنضبطة أن تهيمن على ساحة الحوار. بل المقصود طبعا، الحوار مع ما هو كامن وقابل للتحقق. كما يشكل موقفا حضاريا مستقلا، يستطيع التحاور مع الثقافة القادمة بتحليلها تحليلا يحترم ما فيها من اختلاف ومن اتفاق ويسعى للإفادة من ذلك كله، وفي الوقت نفسه ينقد، ما قد تنطوي عليه من مغايرة في السياقات أو ما قد تدعو إليه من مواقف قد يتفق معها الدارس وقد لا يتفق. كما أن تجاوز معضلة المصطلح، ستقرب النقد العربي من  فضاء الممارسات النقدية الإيجابية.

(كتابات) ما رأيك في الاتهامات التي تواجه النقد العربي من أنه يقلد ويسير في ركب النقد الغربي ونظرياته، ولم يطور نظرية خاصة به؟

  • أعتقد أن معظم النقاد من الجيل الجديد يوظف الإجراءات النقدية بالسياق الذي وردت فيه، وبما يحمله رصيدها الثقافي، من دون إمكانية توطين بعضٍ من تجاربها، وإذا كان هناك من حَادَ عن المفاهيم التي حددها المصطلح، فمن باب سوء الفهم لهذا المنهج أو تلك النظرية، وفي كلتا الحالين فالنقد العربي الحديث مدين لتيارات النقد الغربية سواء من حيث الجانب النظري، أو من حيث الوجهة الروحية للمنهج المتبع بالاستناد إلى المعايير المألوفة، ولنا أن نتفحص المسار النقدي العربي، لنتعرف إلى كنه المقصد من التوغل المفرط في الجانب النظري.

ولعل أسوأ، وأعظم بلاء عندما نعلم طلابنا طريقة الفصل في منهجية البحث بين النظري والتطبيقي، فيما عدا بعض الاستثناءات القليلة جدا، ولَنا أن نتأمل في نتائج البحوث الأكاديمية التي فصلت النظري عن العمل التطبيقي، لنجد في ذلك رؤية مغايرة لعدم ترابط النص الإبداعي باستعمال الأدوات الإجرائية، بالنظر إلى عدم وضوح مجال التفكير في استثمار الخطوات المنهجية. ومن ثم، فإن صلة النص بالمجال النظري صفة ملازمة في حقل الخطاب التحليلي. لمعرفة كنه الدلائل من خلال القوانين التي تحكمها نظريا، ومنهجيا.

أما أن توظف مجموعة من المفاهيم بشكل ميكانيكي فإن ذلك، أيضا، لا يخدم بدوره النص الإبداعي العربي في شيء. وأزعم أن ميل بعض الباحثين إلى هذا التوجه له مبررات كثيرة. لعل أهمها هو صعوبة بعض الدارسين في القدرة على تحليل النص بما يربط تحديد مقاصد النظرية بالسؤال الذي يشغلهم في النص. وفي اعتقادي أن الباحث مطلوب منه التعامل مع ما يُعد مفهوما في النظرية بما يفترض أن يستوفي ما ينبغي توضيحه في النص. سواء من حيث تحديد نتيجة ما تريده النظرية، أو من حيث البحث عن نتيجة سؤال النص من خلال عملية الاستدلال. ففي تقديرنا لا توجد أي نتيجة من تحليل النص إلا من خلال الحاجة إلى المفهوم الذي من شأنه أن يحدد مسار الرؤية التحليلية، بعيدا عن العشوائية.

وإذا كانت النظرية في سياقها التأملي تعني التركيب الكلي الذي يسعى إلى تفسير عدد من المفاهيم، فإن العلاقة التي تجمع النظرية بالتطبيق، تتجاوز حدود الوصف إلى خلق فكر تأملي يربط النتائج بالمبادئ على حد تعبير أندريه “لالاند”. وكل محلل في تقديرنا ملزم بربط التحليل بإمكانية توقعات المفاهيم المستند إليها، ومرتهنٌ بتوضيح عوامل الظواهر المشتركة بين النظرية، والمنهج، والنص، والمحيط، ولا مجال لفصل واحدة من هذه الظواهر عن الأخرى. إن كل محاولة نقدية بعيدة عن هذا التصور، في تقديري، هي في موضع عسر، تترقب مخاضا قسريًا.

(كتابات) ما سر اتجاهك للترجمة، وهل اقتصرت ترجماتك على مجال النقد الأدبي؟

  • في الحقيقة ليست هناك أسرار في هذا الجانب، بقدر ما ارتبط ذلك بعاملين: ذاتي وموضوعي، يتجلى الذاتي في ارتباطنا واستئناسنا بالأعمال الغربية، خاصة الفرنسية منها، سواء على مستوى الإبداع أو النقد.فمنذ المراحل الثانوية وصولا إلى الجامعية، كان لنا بفضل أساتذتنا الأجلاء ارتباط وثيق بروائع الرواية الفرنسية من قبيل أعمال: ألبير كامو، أندريه جيد، أناتول فرانس، فلوبير، وغيرهم كثر.

كذلك أبرز النقاد، من قبيل: رولان بارط، جريماس، تزفيطان تودروف، وغيرهم. مما جعلنا أقرب إلى هذه الثقافة الفرنسية. أما العامل الموضوعي، فارتبط أساسا بالبحث العلمي في المرحلة الجامعية وما تلا ذلك من أبحاث علمية. فعلى الرغم من وجود المادة المترجمة، وهذه معضلة أخرى، فإننا نبحث عن المعرفة النقدية في مضانها الأصلية. ساهم هذان العاملان في توجيهي إلى الترجمة قصد الاستفادة والإفادة من خلال النشر في بعض المنابر الثقافة، أتذكر أن أول نص ترجمته كان مقالة عن (الشعرية) لتزفيطان تودروف، فكان فاتحة لترجمة (المعجم الموسوعي لعلوم اللغة) لصاحبية تودروف ودوكرو. بعدها توالت بعض الترجمات المتفرقة هنا وهناك من بعض المراجع النقدية الفرنسية، مثل: النقد الأدبي في القرن العشرين، لجان إييف تادييه، النقد الأدبي، لروجي فايول. تلتها بعض لنصوص سردية، مثل: العودة إلى مالي للكاتب إسماعيل سامبا تراوري. وبعض المقالات عن مجلات فرنسية، مثل: مجلة العلوم الإنسانية، مجلة لير، مجلة مغازين ليتيرير. إلا أن الترجمة عموما كمن يسير في حقل ملغوم مليء بالمزالق و الصعوبات.

(كتابات) ما هي الصعوبات التي تواجه  الناقد في نظرك؟ 

  • حسب تصوري الخاص، يجب إعادة صياغة السؤال كالتالي: من هو الناقد اليوم؟ نظرا لأن الممارسة النقدية اليوم، أصبحت أكثر التباسا. فلم نعد نميز بين الناقد الحقيقي وغيره. إن الناقد الحقيقي هو الذي يتوفر على الجانب الخصب من العملية النقدية الذي بدأ مع كل من أرسطو، وهوراس، مرورا بالجرجاني، وصولا إلى لوكاتش وتودروف ونورثروب فراي،على سبيل المثال لا الحصر. إنها تنهض، فضلا عن توافر عوامل أخرى، على اقتران الرؤية الدقيقة والشاملة للعملية الأدبية بالمنهج المعبر عنها. لعل هذا ما يلخصه الناقد عبد الله إبراهيم في تلك الاحتمالات المنطقية المرتبطة بثنائية الرؤية والمنهج.

(كتابات) لماذا لا يواكب النقد العربي غزارة إنتاج الأدب خاصة في العصر الأخير؟   

  • نستحضر في هذا الإطار، المقولة المتداولة في النقد الإنجليزي التي ترى بحصان الإبداع وعربة النقد، ذلك أن الإبداع أسبق من النقد. من هنا طبيعي أن لا يواكب النقد العربي التراكم البارز على مستوى الإبداع. لكن المسألة التي يثيرها هذا التراكم، هيمنة الغث على السمين منه بشكل ملفت للنظر.لا نريد الدخول هنا في البحث عن أسباب هذه الرداءة على مستوى الإبداع. لكن نؤكد على وجود أعمال متميزة في شتى الأجناس الأدبية. لكن عدم التفات النقاد إليها، يعود إلى بعض النقاد أنفسهم، حيث يتعاملون بمنطق العلاقات الخاصة الضيقة، وتلك معضلة أخرى، تتطلب معالجة أخرى.

(كتابات) من هم أبرز رموز النقد العربي في رأيك؟   

  • يتعذر الحديث عما يمكن نعته برموز النقد العربي، لكن على الرغم مما أثرناها حول إشكالات النقد ومعضلاته وعن مساهمة الناقد في هذه المعضلة، فإننا لانتنفي أن هناك مساع حثيثة، ونتائج مرضية، وتجارب ناجحة في نقدنا العربي الحديث (صلاح فضل، عبد الله إبراهيم، يمنى العيد، سعيد يقطين، عبد الله الغدامي، عبد القادر فيدوح، وغيرهم كثر) باعتبارها نماذج يحتذى بها. وقد استطاع هذا النوع من النقاد أن يتعرف إلى المفاهيم والنظريات بعمق، ويقربها من القارئ بسلاسة. لأن للناقد في واقع الأمر، صلة وثيقة بينه وبين الآخر، أيا كان نوع هذا الآخر، وباتحادهما تتوحد الرؤيا المعرفية. غير أن طموحنا أكبر من هؤلاء في تقريبنا من صياغة أسئلة تخص هويتنا، رغبة في إيجاد حلول من ذاتنا، حتى لا نكون في غيبة من أمرنا، وما يجري من حولنا، صحيح أنه طموح عسير المنال، لكن ليس ذلك ممتنع التحقق قطعا، مادام في عمر الهُوية العربية بقية.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب