خاص : حاورته – سماح عادل :
“سعيد الشفاج”؛ ناقد وروائي من المغرب.. يقيم في مدينة “الدار البيضاء”، حاصل على الإجازة بكلية الآداب، له مقالات وكتابات بعدة مجلات وجرائد عربية ومغربية، له ثلاث إصدارات: (ديوان مقامات) 1997، (درب المعاكيز، سيرة روائية) 2015، (عشق الأميرات) رواية 2017، وله كتاب نقدي، قيد الطبع، بعنوان: (ما بعد الكتابة أو المواجهة كأسلوب كتابة).
إلى الحوار:
(كتابات) : ترصد في رواية (عشق الأميرات) التحولات التي مر بها المجتمع المغربي.. حدثنا عن ذلك ؟
- (عشق الأميرات) رواية تحاول رفع الإلتباس بين ماضي وحاضر؛ عبر تحولات فكرية وثقافية عميقة، ضربت أنماط العيش والتماسك العائلي وعمقت الهوة بين الطبقات، إلى جانب أنها تتحدث عن بنية المدينة وتشكلاتها وعلاقتها بالمحيط البدوي، الذي حولها إلى مسخ مشوه، سيما في الهوامش. لقد عاش المجتمع المغربي، ومازال، صدمة النمط الأوروبي فأصبح المغاربة يعيشون في حالة إنفصام حاد بين الحداثة والتطور وبين مجتمع تقليدي، فلا هو من هذا ولا هو من ذاك.
(كتابات) : تتناول السحر والجن وتفاصيل الخرافة في المجتمع في رواية (عشق الأميرات).. هل أنت رافض لها وتحاول مواجهتها ؟
- الخرافة جزء من المجتمعات بشكل عام سواء بالمغرب أو بالعالم.. وهي ترسيخ لثقافة بشرية قديمة غير أنه يتم تحويلها إلى وسيلة للتكسب والنصب على عقول الناس، وهذا هو ما أرفضه. لقد رفضت البطلة أن يتم تحويل قبر أبيها وأمها إلى مزار تنتشر فيه كل مظاهر الجهل، كما عبرت عن رغبتها في مواجهة السلطة باعتبار أنها الحاضنة لهذا الفكر التجهيلي.
(كتابات) : تناولت في رواية (عشق الأميرات) الأحداث الإرهابية التي تعرض لها المغرب.. احكي لنا عنها ؟
- عانى المغرب من ضربات إرهابية، واستطاع المغاربة أن يلتفوا حول الرفض القاطع لكل أشكال التكفير والقتل باسم الله، واستطاع الأمن المغربي أن يحقق نجاحاً في إستباق الجريمة باسم الدين، غير أن ما ركزت عليه روايتي هو المسببات الحقيقية لتشكل الفكر الإرهابي وهو “الفقر والجهل وتوسيع هوة الطبقات”، كما حاولت أن أقول، عبر لسان أبطالي، أن الإرهابي ليس بالضرورة أن يكون حاملاً لسبحة ويربي لحية، قد يكون إنساناً عادياً وهذا وقع في ضربات أوروبا مثلاً، إن الإرهاب الحقيقي هو “القهر والظلم الاجتماعي وضرب التعليم”؛ لأن كل هؤلاء يكونون خلايا رافضة تهاجم المجتمع بالقتل وليس بالحوار.
(كتابات) : كيف استطعت أن تفرض حضورك كروائي بعد ثاني رواية لك ؟
- ليس سهلاً أن تفرض وجودك خاصة بالمغرب.. حيث تنتشر “لوبيات الرفض” لكل فرصة نجاح أو لمعان، هنا المثقفون يحاربون بعضهم البعض بفنية وحرباءية نادرة، لقد فرضت وجودي وسط ضوضاء فكرية وخواء ثقافي للأسف، تمارسه حتى وزارة الثقافة والإعلام التكسبي. سلاحي هو الأسلوب الذي أكتب به وروح الرواية المتمثل في بنية الحكاية المتناسقة، واعتمادي على السرد السينمائي الذي قل ما يخوض فيه البعض، إلى جانب خبرات في كتابة النقد وتتبع الساحة الأدبية بالعالم العربي.
(كتابات) : قلت أنك تكتب لجيل منكوس.. لما ؟
- نحن جيل عاش الأزمات والحروب وشاهد ثورات جيل المسيرة الخضراء.. ببساطة أحلامنا إنتكست، وها هو ما يسمى بـ”الربيع العربي” يعمق أزماتنا الروحية والفكرية، لكن الرواية بالنسبة لي هي ترميم لوضع عربي منكسر ومشروعي الروائي الثالث سيحاول الإجابة عن أسئلة مرحلة حساسة جداً عبر سرد روائي مشوق.
(كتابات) : هل جيلك من الكتاب أقل حظاً من الأجيال التي سبقته ؟
- حقيقة سؤالك يجيب عن نفسه.. نعم نحن الأقل حظاً لأنه لا يوجد لنا قراء، القراء مشغولون بقوت اليوم والمعيش، والهواتف الخلوية والكتاب يعيش أكبر إنتكاسة في تاريخه في المغرب خاصة، لا أحد يقرأ هنا، لقد كنا نلتهم كتب الجيل السابق وكنا نبحث عن كتبهم أينما كانت، وكانت حفلات التوقيع يحضر فيها المئات، وكان الكاتب المغربي يمتلك “كاريزما” حقيقية، لكن الآن عليك أن تتسول قارئك إن وجدته أصلاً. غير أن تجربتي في الرواية الأولى (درب المعاكيز) عرفت نجاحاً لأنها إنتصرت للسيرة الذاتية، تحكي عن الجيل المنكوس الذي تحدثنا عنه.
(كتابات) : كيف هي أحوال الثقافة في المغرب ؟
- لا تبشر بخير.. والمثقف الحقيقي يعيش منزوياً أو مطروداً أو مهمشاً، هناك نية مبينة لهدم صرح الثقافة بالمغرب وإستبدالها بثقافة الإستهلاك عبر التليفزيون والمهرجانات الممولة من جيوب المغاربة، هذا المشهد ينبئ بالكارثة ويضعف دور المثقف في محاربة الفكر الإرهابي كما أشرت، إنها سلسلة مترابطة تؤدي إلى نتيجة واحدة.
(كتابات) : في رأيك هل الأدب المغربي مقروء في أنحاء البلدان العربية.. ولما ؟
- يقول المثل “مطرب الحي لا يطرب”.. نعم هو مقروء أكثر؛ والمشرق يلتهم الأدب المغربي ويقبل عليه، نظراً لأن الدول هناك مهتمة بقيمة الثقافة ورصدت لها إمكانيات كبيرة، ولولا المشرق لضاع الأدب المغربي الآن، والعديد من الكُتاب المغاربة بدأوا يهجرون للمشرق؛ بعدما ضاق بهم الخناق في بلدهم.
(كتابات) : بدأت بكتابة الشعر.. ما الذي أغراك في الرواية ؟
- مازال الشعر يغريني والكتابة الشعرية هي مدرسة رصينة وعميقة وتدريب لغوي قوي للأديب، غير إن رحيل الشعر وبعدما امتلأ المشهد الشعري بضفادع لا تتقن إلا النقيق، وبعدما أصبح دور الشاعر منحصراً في تأثيث لغة لا تؤثر ولا تقدم أي تصور فلسفي أو اجتماعي، فقد هجرت نشر الشعر، وليس الشعر، لأنه لدي ديوان تركته منذ سنوات في مكتبتي، فمن سيقرأ ؟.
(كتابات) : رواية (درب المعاكيز) احكي لنا عنها ؟
- إنها سيرة روائية كتبتها في سبع سنوات.. أحب كتاباتي إلى قلبي لأني حكيت فيها بروح الطفولة وعشق الشباب وعنفوان الكلمة، حكيت عن جيلي السبعينيات في مدينة كـ”الدار البيضاء” وحي كـ”البرنوصي” ودرب يسمى “درب المعاكيز”. إنها أول سيرة روائية استعملت فيها ما يسمى الرمز “السيري”، وللأسف لم تنشر على نطاق واسع؛ وأنا أحلم أن أطبعها طبعة ثانية.
(كتابات) : ما هو مشروعك القادم ؟
- للتو أنهيت كتاباص نقدياً؛ هو مجموعة من المقالات نشرت في العديد من المنابر الأدبية العربية وسيصدر قريباً بـ”مصر”، أما المشروع الثاني فأنا أشتغل على رواية ضخمة ستعتبر نقلة كبيرة في حياتي الأدبية إن شاء الله.