خاص: حاورتها- سماح عادل
“سعاد شيحي” كاتبة جزائرية، متحصلة على شهادة ليسانس قانون خاص، صدر لها رواية وكتاب.
الى الحوار:
** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
– بدأ شغفي بالكتابة منذ بداية الوجع، منذ بدأت أشعر بالحياة من حينها أمسكت القلم ليكون الوحيد الذي يخفف أوجاعي، خطوة أولى حرف أسود على ذيل الورقة، كان ذلك الحرف بمثابة قرص مسكن لتخفيف ألم الفراق الأبدي، الذي ظل كابوس يلاحقني، ألم فراق إخوتي، منذ تلك اللحظة أدمنت على الكتابة، بل زاد حبي للمطالعة والبحث عن الحروف العالقة بين الكتب حتى تأنس وحدتي وتقتل الفراغ داخلي. ومنها أصبحت القراءة شئ ضروري بالنسبة لي، وعن طريق هذه المطالعة تطورت الكتابة عندي وأصبحت الكتابة بالنسبة لي بمثابة عبادة.
** كتاب “نظرتي للحياة ” جمعت فيه خواطر كتبتيها.. عن ماذا تدور هذه الخواطر؟
– كتاب “نظرتي للحياة” ترجمت من خلاله نظرتي للحياة، نظرة الإنسان الفاقد، نظرة الإنسان التائه الباحث عن الحبيب، نظرة الأم التي فقدت أبنائها فلذة كبدها، نظرة المهاجر الذي ترك وطنه، نظرة الفتاة التي بقيت عالقة بين العادات والتقاليد فدفعت بنفسها نحو العالم محاولة للهروب من الواقع، نظر الطفل البريء الذي شردته الحروب ودفع ثمنها مستقبله، منع من التعلم وكل متطلبات الحياة، فترك وطنه ليعيش بعيدا عن حنان الوطن.
** روايتك “لا حظ مع القدر” تناولت فيها قضايا اجتماعية هامة احكي لنا عنها؟
– رواية “لا حظّ مع القدر” رواية اجتماعية درامية حزينة معاشة في الجزائر العميقة فترة ما بعد الاستعمار. حيث تدور أحداثها حول عائلة فقيرة تعيش في الريف، متكونة من أب وأم و خمس بنات يعانون البؤس والشقاء والأمية، حيث يكافح رب الأسرة من أجل توفير لقمة العيش لأسرته في أرضه، وعند حلول الجفاف زادت حالة العائلة تدهورا فقرر الأب الرحيل للقرية لعل حاله تتحسن.
وهنا يبدأ تشابك الأحداث. يقرر الأب تعليم بناته رغم كبر سنهن، ويبقى يعاني الأمرين بين عمله وبيته. بدأ بتزويج البنت الأولى، أما البنت الثانية تسلك طريق الانحراف وتصبح غير مهتمة بحياتها، يحاول الأب إصلاحها لكنها ترفض، فيقرر تزويجها ولكنها ترفض الزواج لتقرر الهجرة عبر قوارب الموت مع صديقها. تزداد حالة العائلة سوء خاصة بعد انتحار البنت الخامسة لأن تسلط الأب أثّر عليها. فيما تكمل البنت الثالثة دراستها وتصبح في الجامعة. ونظر للتخلف والجهل من طرف الأب أراد تزويجها غصبا عنها، وبعد زواجها تتعرض للضرب والإهانة من طرف زوجها فتقرر الإجهاض ثم الهجرة لتلتحق بأختها. فيما تعاني البنت الرابعة وتقرر الهروب والابتعاد عنهم.
تعالج هذه الرواية في مضمونها عدة قضايا في الجزائر الحديثة، منها ظاهرة الانتحار وظاهرة الهجرة غير الشرعية وظاهرة الانحراف وظاهرة الاجهاض والتسلط الأسري.
** في روايتك “لاحظ مع القدر” هل يؤثر الفقر بشكل مضاعف على النساء وهل يعانين منه أكثر؟
– الفقر لايؤثر فقط على النساء بل أحيانا يدفع النساء للخيانة الزوجية في حالة ما إذا كانت متزوجة، أما في حالة كونها عزباء فهو يجعلها تبيع شرفها، وهو كذلك ما يجعلها ممسوسة، كما يجعلها أيضا تسلك طرقا تؤدي بها إلى إنهاء حياتها، يجعلها ترتكب حماقات ويجعلها مدمنة مخدرات، فالفقر هو من يقتل المرأة على قيد الحياة.
** حين تكتبين هل تفكرين في توصيل رسالة ما أو أهداف معينة؟
– حين أكتب أريد فقط توصيل رسالة للمرأة الرجعية التي ترى الحياة أنها زواج ومكوث بالبيت وزوج، أردت من خلال كتاباتي أن أوصل لها رسالة فالمرأة لم تخلق للبيت والفراش، وإنما خلقت من أجل الحرية في إختيار حياتها، حرية المعارضة وفرض نفسها، فقد خلقت لتزاحم الرجال في شتى الميادين السياسية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
** هل في رأيك تختلف الكتابة عند النساء عن الكتابة عند الرجال وكيف ذلك؟
– بالنسبة لي فلا تختلف الكتابة بين النساء والرجال، فالكتابة عند النساء نفسها عند الرجال بما أن كلاهما عنده عقل يميز به الكلام وترجمة الأفكار لحروف، ولديهما مشاعر تدفعهما للكتابة، كلاهما عاشق، كلاهما حزين، كلاهما لديه دافع وقصة وماضي وحاضر ومستقبل جعلهما يكتبان.
** ما تقييمك لحال الثقافة في الجزائر؟
– الثقافة في الجزائر حالها حال الثقافة في الدول العربية، يهمَّش أهل الإختصاص والنخبة المثقفة ويسيطر عليها اشباه المثقفين، كل سنة تقريبا نعزي أنفسنا حين نخسر بعض المثقفين من كتّاب أو فنانين أو ممثلين..الخ بمغادرتهم الوطن نحو الغربة، نظرا لإقصاءهم من أشباه المثقفين.
** لما اخترت مجال الحقوق للدراسة وما أحلامك بخصوص دراستك؟
– تخصص الحقوق هو من اختارني ولست أنا من اخترته، عشت في منطقة نائية تحكمها العادات والتقاليد، سالبة للحرية، رأيت في طفولتي كيف تقتل أحلام المرأة، كيف تزوج طفلة صغيرة رغما عنها كي يتسلط الرجل علىها، فأكملت دراستي الثانوية وفي الجامعة قررت دراسة الحقوق، من أجل المواصلة نحو حب المحاماة والدفاع عن حقوق المرأة. والإنضمام لمنظمة تهتم بالدفاع عن حقوق المرأة وانشاء جمعية في المستقبل في منطقتي للدفاع عن حقوق المرأة.
** ماهي طقوس الكتابة لديك؟
– طقوس الكتابة بالنسبة لي أكتب حين أفقد الأمل، أكتب حينما تفارقني السعادة. أكتب أيضا حين أتذكر الماضي. فهو يشعرني أني أريد الحياة أريد الابتسامة التي فارقتني.
** كيف هي أحوال النشر وما رأيك في النقد وهل يواكب غزارة إنتاج الكتاب؟
-دور النشر في الجزائر أصبحت عبارة عن دكاكين لبيع الخبز، فقط تبحث عن المادة والربح السريع على حساب المثقف الحقيقي ولايهمها جودة العمل الأدبي بقدر ما يهمها ثمن ضعف التوزيع، مما دفع ببعض الكتّاب إلى التراجع عن الطبع في الجزائر واللجوء للطباعة في الخارج وتوزيع أعمالهم خارج الوطن.