6 أبريل، 2024 7:03 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. زهرة ظاهري: المرأة المبدعة لم تتحرر بعد من أخلاقيات المجتمع الذكوري

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

” زهرة الظاهري” كاتبة تونسية، من أعمالها ديوان “صفو الكلام” عام 2014، ورواية ”طيش الاحتمالات”، ومجموعة قصصية بعنوان “مواعيد آثمة”.

إلى الحوار:

** ماذا يمثل الشعر بالنسبة لك؟

– “أحب الشعر وأهرب منه كي لا يقال عني أنني امرأة كثيرة الكلام قليلة الحياكة”.

هذا ما كتبته يوما على جداري الفيسبوكي وهو ما أراه جوابا عن سؤالك حول علاقتي بالشعر. أحب الشعر فعلا وكتاباتي السردية موغلة في شاعريتها وصورها الشعرية. كما أنني بدأت تجربتي في الكتابة بنشر مجموعة شعرية عنوانها “صفو الكلام” غير أنني اقتنعت في النهاية أنه لا يمكنني أن أكون شاعرة، ولا يمكن أن أتطاول على الشعر. خلقت لأكون كاتبة وراوية قصص وحكايات. أما عن تجربتي  في كتابة الشعر فهي لم تكن غير وسيلة لتحسس خطواتي الأولى في طريق الأدب الشائك والبحث عن ذات المبدعة بداخلي وأين يمكن أن تتموقع. لأجد نفسي أخيرا منغمسة في عالم الرواية والقصة.

** في مجموعة “مواعيد آثمة” تناولت في القصص اغتصاب زوج الأم للطفلة، وزنا المحارم، هل تناول تلك القضايا الشائكة محاولة لكشف ما يحدث في المجتمع بكل سري ومواجهته، أم ماذا؟

– مسألة الاغتصاب وزنا المحارم كما هو معلوم وكما يفسره الباحثون وعلماء الاجتماع هو نوع من الانحراف الاجتماعي السلوكي وهو غالبا يكون  من الطابوهات والمسكوت عنه.

وهذه السلوكيات تحمل بين ثناياها الكثير من المعاناة والصراع النفسي، ورغم أن هذا النوع من العلاقات الجنسية مرفوض عقائديا واجتماعيا إلا أن ذلك لا ينفي انتشارها غير المعلن، فهي من الجرائم التي يلفها الكتمان والصمت. لذلك تجرأت على الكتابة عنها وكان نص “خلف الأبواب الموصدة” الذي يطرح قضية زنا المحارم صادما للكثيرين. والغاية من الكتابة في هذه المشاكل الاجتماعية المعقدة هي كشف بعض السلوكيات المسكوت عنها. إذ في اعتقادي أنه لابد من إثارة هذه المسائل ليس من باب لفت الانتباه فقط وإنما لمعالجتها أيضا، وأظن أنه بات من الضروري إدماج مادة الصحة الجنسية في البرامج التعليمية لتوعية أبنائنا وحمايتهم.

** قلت أن أدبك يندرج ضمن الأدب الواقعي.. لما تهتمين برسم الشخصيات واستلهام الأحداث من الواقع؟

– لطالما مثل الواقع بكل حيثياته إشكالا بالنسبة إلي، غير أن ذلك لا يعني أنه من خلال كتاباتي أصور الواقع تصويرا واقعيا وموضوعيا كمن يسرد حكايا أو يؤرخ لوقائع. بل كنت أنظر إلى الأحداث الجارية في حياتنا المتشعبة بعين ثالثة، عين راصدة للتفاصيل الصغيرة التي قد تغيب ضمن دائرة العالم الواسعة، بمعنى أنني أبحث عن الخبايا وعن المعنى الدفين الذي ينطوي عليه الواقع وربما لأنني مسكونة بالنبش في خبايا الذات الإنسانية ومدى ارتباطها بواقعها أو انحسارها عنه، رغم تجذرها في الواقع واندماجها فيه، فإن الواقع في أحيان كثيرة يبدو موجعا وصادما وهذا ما يمكن أن يلاحظه كل من اطلع على نصوصي في مجموعتي القصصية “مواعيد آثمة” كما في روايتي “طيش الاحتمالات”.

** في رواية “طيش الاحتمالات” لما هذا الاحتفاء باللغة ومفرداتها؟

– ما بيني وبين الكتابة حكاية عشق. فلا غرابة في أن أحتفي فيما أكتبه باللغة فينتابني ذلك الشعور بالمتعة في الكتابة وأعيش لحظات حميمية مع نصي. فالكتابة بالنسبة إلي شبيهة بفعل الحب لابد أن تكون لها طقوسا خاصة بها. فلا يمكنني أن أقول بأنني كتبت نصا نال كل رضاي إذا لم أستشعر تلك النشوة العارمة في كتابته. وكم من نصوص أتلفتها كلما اكتشفت أن الكلمات تخونني وأنني لم أكتب نصي بتلك المتعة والاحتفاء باللغة.

فاللغة كما يذهب إلى ذلك النقاد هي الوسيلة التي تتحدد من خلالها درجة تميز النص من سواه وكلما تمكن الكاتب من التحكم فيها، كان نصه أكثر فرادة وتميزا. وقد تميزت اللغة الفنية في طيش الاحتمالات كما يشير الدارسون لها باللغة الشعرية التي ربطت بين لغة السرد ولغة المناجاة لتقترب من الصيغة الشعرية الرقيقة والموحية. وقد راهنت في طيش الاحتمالات على اللغة والأسلوب وجمالية الصور في التعبير عن المعنى.

** في رواية “طيش الاحتمالات” هل فعلا توجد نماذج من النساء المهضومة حقوقهن رغم أن المجتمع التونسي يتمتع، مقارنة ببلدان الشرق، بإقرار بعض الحقوق للنساء؟

– المرأة التونسية تتمتع بحقوق عدة من خلال ما يضمنه لها النظام القانوني ومجلة الأحوال الشخصية التي تعد من أكثر الأنظمة الحديثة في العالم العربي. ورغم ذلك فإن المرأة التونسية كغيرها من نساء العالم العربي مازالت ترزح تحت العقلية الذكورية المسيطرة أو التي تحاول أن تفرض سيطرتها، ورغم كل ما حققته المرأة من مكاسب وحريات فإن العديد من النساء في تونس وخاصة في الأرياف والمدن الداخلية للبلاد لا يتمتعن بهذه الحقوق التي ظلت إلى حد اليوم مجرد حبر على ورق. إذ أنها لم تكن كافية لحماية المرأة التونسية من الاضطهاد والعنف سواء داخل المحيط الأسري أو خارجه. وعليه فإن المرأة التونسية ظلت خلال عقود تحت تأثير المفارقة الكبرى بين التحرر من جهة والتمييز والعنف من جهة ثانية.

** ما تقييمك لحال الثقافة في تونس؟

– تونس كما جميع بلدان العالم شهدت تراجعا على مستوى الفعاليات  الثقافية خلال السنوات الأخيرة، بسبب كل التحولات السياسية والاقتصادية إضافة إلى انتشار الوباء الذي عم العالم. ففي هذا  الوضع الاستثنائي قلت  التظاهرات الثقافية وهو ما أثر على المبدع والمبدعين في جميع مجالات الإبداع حيث أغلقت النوادي الأدبية ودور الثقافة كما وقع تأجيل للعام الثاني على التوالي افتتاح معارض الكتاب والمعرض  الدولي للكتاب. غير أنه رغم كل ذلك تتواصل الحركة الأدبية والأنشطة الثقافية ليس على وتيرتها المعتادة لكنها تظل رغم كل العراقيل موجودة وقائمة.

** في رأيك هل هناك اختلافات بين كتابات النساء وكتابات الرجال وما رأيك في مصطلح الأدب النسوي الذي يطلق على الأدب الذي يكرس نفسه للدفاع عن قضايا المرأة؟

– الأدب النسوي لا اعتبره ظاهرة خاصة بالنساء إنما سمي كذلك لأنه يطرح قضايا المرأة ويرتبط بمشاغلها وحريتها وصراعها الطويل عبر التاريخي لتحقيق مساواتها مع الرجل.

بما أن  المتداول عن الأدب أنه شكل من أشكال التعبير الإنساني عن مجمل شواغل الإنسان وهواجسه وأفكاره، فمن المفترض أنه لا مجال للحديث عن كتابات رجالية وكتابات نسوية. فالمرأة المبدعة مثلها مثل الرجل من المفترض أن ننظر إلى نصها بكونه إبداعا بمنأى عن الفوارق الجنسية، إلا أن الحقيقة في كثير من الأحيان تكون عكس ذلك فالمرأة  المبدعة مازالت لم تتحرر بعد من أخلاقيات المجتمع الذكوري، وهو ما أراه نوعا آخر من العنف المسلط ضد المرأة المثقفة وهو ما أعتبره عنف اللغة وعنف الفكر.

** هل يواكب النقد في تونس وبلدان الشرق غزارة الإنتاج؟

– لا أعتقد أن النقد سواء في تونس أو في بلدان الشرق العربي  يواكب غزارة الإنتاج الأدبي، إذ يشكو كثير من الأدباء والشعراء من عدم  مواكبة الحركة النقدية لإنتاجهم، وربما يعود هذا الأمر إلى العدد الضئيل للنقاد قياسا لما تعج به الساحة الأدبية من الشعراء والروائيين وكتاب القصة وغيرهم . لذلك لا يمكن أن يتابع النقد كل المنتوج الأدبي. وعليه أعتقد أن الحركة النقدية لم توفق بعد في مواكبة الإبداع في مختلف أجناسه الأدبية بسبب غزارة الإنتاج بغض النظر عن نوعيته.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب