16 نوفمبر، 2024 4:59 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. رامي رأفت: التاريخ هو المعلم لبشر مشاغبين لا يجيدون الإصغاء.

مع كتابات.. رامي رأفت: التاريخ هو المعلم لبشر مشاغبين لا يجيدون الإصغاء.

خاص: حاورته- سماح عادل

رامي رأفت كاتب مصري شاب، من مواليد القاهرة سنة 1985، تخرج من كلية الهندسة- قسم اتصالات، ويعمل مهندساً في مدينة الإنتاج الإعلامي، صدرت له روايته الأولى (الياوران) في أواخر 2015، كما صدرت له روايته الثانية (باب الجنة) في معرض 2017 للكتاب بالقاهرة.
إلى الحوار:
” كتابات” متى بدأ حلم الكتابة لديك وكيف حققته؟
* بدأت ممارسة الكتابة وأنا في سن صغيرة، أخرجت ذات يوم من بين دفاتري القديمة قصة من قصص أدب الأطفال، كما وجدت في إحدى الكراسات قصيدة شاعرية كتبتها في سن المراهقة، وبين هذا الموقف وذاك موقف ثالث في المرحلة الإعدادية. اتفقت مع صديقاي الأقرب إلى قلبي حينئذ على أن يكتب كل منا قصة نجعل أنفسنا أبطالها فتذكرنا ببعضنا البعض كلما قرأناها. كانت تستولي علينا فكرة أننا قد لا نتقابل مرة أخرى وقد تتفرق بيننا السبل ذلك لأن الدنيا في عيوننا الصغيرة لم يكن يتسع محيطها لما هو أبعد من البيت والمدرسة. وبالفعل كتبت قصتي وكتب صديقاي قصتيهما وكانت قصتي الأفضل بشهادتهما.
كنت مهتما بالتفاصيل وألاحظها وأعلق عليها، كنت صاحب رأي وفلسفة في الموجودات والأحداث من حولي، كانت لدي صفات الكاتب غير أني لم أجرؤ على تخيل نفسي كاتبًا أبدا وما دخولي الوسط ونشري ل”الياوران” روايتي الأولى إلا صدفة بحتة لم أرتب أو أخطط لها أبدا.

 “كتابات” لما اخترت في روايتك “باب الجنة” أن تكتب عن التاريخ؟
* أحببت القراءة في التاريخ من صغري، لطالما كان ولازال التاريخ هو المعلم الأكبر والأهم لبشر مشاغبين لا يجيدون فن الإصغاء. رواية “باب الجنة” تدور أحداثها في حقبة تاريخية هي فترة الحروب الصليبية، و”الياوران” كذلك تدور أحداثها في حقبة تاريخية أخرى هي الفترة الخديوية من عمر مصر وتوسعات مصر في إفريقيا تأسيسا لمديرية خط الإستواء المصرية.
“كتابات” لما التاريخ الفاطمي والمملوكي وصراعات الصليبيين مع المسلمين هو ما قررت الكتابة عنه في “باب الجنة”؟
* أردت أن أتحدث عن الحب، عن ما يجمعنا، عن الفطرة الأولية لدى الجميع كافة، المسلمين منهم والمسيحيين واليهود.. ولقد وقع اختياري على فترة الحروب الصليبية لما فيها من تداخل وصدام ثقافي وديني وحضاري لأحيي فيها رغم ذلك بعض قصص الحب وأركز على دعاوي المتصوفة والزهاد والوعاظ من الجانبين.
“كتابات” لماذا مثلت لك رواية “باب الجنة” حالة خاصة؟
* أولا لأنها تماست معي شخصيًا، فبينما أنا أسير في شارع المعز، وأنا من عشاق شارع المعز والجمالية والقاهرة الإسلامية بالمناسبة توقفت أمام باب مدرسة إسلامية ضمن مجموعة قلاوون، بحكم معرفتي الطفيفة بالطرز المعمارية أحسست أن الباب مبني على طراز كنسي، وهو ما تأكدت منه حين بحثت عن المعلومات المتوفرة عن الباب، من هنا أردت أن أكتب عنه.
وهي تمثل لي حالة خاصة لأن كل قصة من قصصها الست كنت أستمع فيها بينما أكتبها لموسيقى خاصة أو أقرأ في كتاب معين، بعض القصص رافقها استماعي لأناشيد صوفية، وبعضها رافقها استماعي لترانيم كنسية، وبعضها رافقها انكفائي على مجلدات ألف ليلة وليلة التي لدي.. وهكذا خرجت رواية “باب الجنة” في النهاية خليطا متجانسا صنعتها الكثير من الأصوات الداخلية المحببة لدي.
” كتابات” ما فلسفتك الداخلية في النص التي أردت توجيهها في رواية “باب الجنة”؟
أردت أن أقول أن أبواب الجنة هي محطات دنيوية لطلاب الآخرة، هي الاختبار، ولهذه الأبواب دلفتين أو مصراعين أولهما الحب وثانيهما الحكمة. الحب يستجلب الحكمة، والحكمة تؤدي بالمرء إلى الحب، ولأنه كثيرا ما يضل الناس سعيهم في الحياة الدنيا فكان من الطبيعي أن تنتصر الشرور على الصفات الطيبة في الصراع الأزلي في دواخل أبطال قصصنا السبع التي تتكون منها متتالية باب الجنة.. لماذا سبعة؟
لأن سبعة هو الرقم المكافئ لعدد أبواب جهنم، المآل الأخير لأصحاب الشرور.
في القصة الأولى يحمل الخليفة المستنصر مفتاح المصراعين: “الحكمة” التي اكتسبها من عمره ومشاهداته و”الحب” الصوفي الزاهد الذي رأيناه يختاره في أول القصص فيموت قرير العين ويضل من بعده ولده الذي طمع في ملك أخيه.
في القصة الثانية أحب “شلومو بن اسحق” “سارة ابنة بتاحيا” بخسة فأفسد عليها فطرتها، ثم أحبها الجندي الصليبي “برنارد” بغشم فأفسد عليها طفولتها. في الثالثة أحبت “كلزهار” لكن الثأر أعماها عن الحكمة فخسرت ثأرها وحياتها وحبيبها. في الرابعة أحب “فرنسيس الحكيم” دعواه السلمية ولم يحبها أقرانه الصليبيون فخسروا قضيتهم. في الخامسة أحب “وليم” الحاقد “أماليا” المكتئبة. صنفان آخران أحبا دون حكمة فدفنا تحت الأرض.
في السادسة أحب “سنجر” المملوكي صديقه “سلار”، وأعمى كنز المال “سلار” عن الحكمة فمات جوعانا أمام آنية من ذهب. في السابعة أحب الكاتب الباب لكنه لم يكن حكيما كفاية ليفهم الزمان الذي بعث فيه. “باب الجنة” إذن هي فرصة فعل الخير في الحياة الدنيا، وهي علاقتنا بأحبائنا.. بالحبيبة والأخ والصديق ومجتمعنا وكل ما هو جميل حولنا. هي الحب عند العرب والفرس والفرنج. الحب لدى المسلمين والمسيحيين واليهود. هي الحب وصولا إلى الحكمة والحكمة لبلوغ الحب.
“كتابات” ما رأيك في حال الثقافة في مصر؟
* لن أكون متشائمًا .. الواقع أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في خلق مجتمعات ذات اهتمام مشترك منها مجتمع القراء. هؤلاء يفرزون آرائهم أولًا بأول ويساهمون في توجيه السوق الكتابي إلى حد ما. منهم من هو أهل لتوجيه غيره ومنهم من لا يزال في طوره الأول يميل للقراءات الحسية من قصص المغامرات والرومانسية ولا شئ أكثر من ذلك وبالتالي هو نفسه بحاجة لإرشاد وتوجيه لتطوير ذائقته وسقف الكفاية لديه.
“كتابات” هل يجد شباب الكتاب الدعم.. ولما؟
* الشباب المصري مبدع، وواعي يثبت في كثير من المواقف أنه أكثر حكمة وأبعد نظرًا من ما يتوقعه منه الأكبر سنا، غير أننا لا نبادر تجاهه ولا نأخذ بيده إلا من باب “الشو” الإعلامي والمراءاة، ثم ما إن ينفض الجمع حتى ننفض أيدينا عنه ونرحل. الشباب المصري يشق طريقه منفردا دون الاعتماد على الأجهزة المختصة بكل أسف.
“كتابات” ما رأيك في النقد الأدبي وهل يواكب الكتابات الغزيرة التي تصدر في الوقت الحالي؟
* هم في وادي، والقراء والكتاب الشباب في وادٍ آخر.

“كتابات” هل واجهتك صعوبات في النشر، وما رأيك في حركة النشر في مصر؟
* في البداية واجهت نعم صعوبة وكان علي الانتظار كثيرًا لكن الأمور تحسنت الآن. النشر في مصر يحتاج إلى ضوابط وأخلاقيات لأن الأمر لا يعدو كونه تجارة. نظام ادفع وانشر سيقضي على الحياة الأدبية في مصر، ثم إن القارئ معذور، لربما عدد الكتاب في مصر أكبر من عدد القراء. وهناك إشكالية أخرى فنظام الربح السريع هذا يكتفي به كثيرون دون رغبة أو جرأة في خوض غمار تجربة احترافية متكاملة من توزيع خارجي أو ترجمة أو اعتماد على مراجعين أدبيين.
“كتابات” هل الروايات التي تهتم بالتاريخ تجد قبولا ونجاحا في الوقت الحالي؟
* هي تأتي في مرتبة متأخرة بعد الأعمال الرومانسية وما اصطلح عليه أعمال رعب وأعمال الحركة والمغامرة، لكنها تلقى رواجا نعم ولعل “ثلاثية غرناطة” لرضوى عاشور، و”عزازيل” ليوسف زيدان أثبتا ذلك.
“كتابات” هل أفادتك وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول للقراء؟
* بكل أسف لست مثالا يحتذى به في الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي فأنا مقصر كثيرًا وجاهل في الكثير من التطبيقات، هناك مخضرمين صنعوا نجوميتهم في زمن قصير اعتمادا عليها وحدها، لكني استفدت مثلي مثل غيري بالطبع منها.
“كتابات” ما هي طموحاتك وأحلامك ككاتب شاب؟
* لدي الكثير ليقال، أتمنى أن أجد الوقت الكافي لأكتب وأنشر. لدينا نحن المصريين أزمة اقتصادية حادة تدفعنا لبذل أكثر الطاقات وأطول الآماد في السعي خلف لقيمة خبز. أنا مثلي مثل غيري أضطر لأن أعمل في وظيفتين أتفرغ بعدهما لصالوني الثقافي (ركنة ملوكي) الذي أشرف عليه ثم القراءة والكتابة. الأمر جد مرهق ومن فترة طويلة لم أوفق في كتابة سطر. أتمنى أن أوفق لأتفرغ وأن أكتب لأخلد وأن أنشر لأنتشر. طموحي أن تصل كتاباتي لما خلف الحدود وما وراء البحار. لسنا أقل من كتاب أوربا. نستحق أن يقرأ لنا في بلادهم مثلما نقرأ لهم في بلادنا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة