خاص: حاورته- سماح عادل
“د. محمد شافعي الوافي” كاتب هندي صدر له ثلاثة كتب. وقد نشرت قصصه القصيرة في المجلات العربية، بما فيها مجلة الرافد من الشارقة ومجلة البيان من الكويت. وكتب عديدا من المقالات الأدبية والعلمية في كتب ومجلات مختلفة. التحق بجامعة جواهرال نهرو في نيو دلهي بعد حصوله على شهادة الوافي من تنسيق الكليات الإسلامية. وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة جواهرال نهرو في عام ٢٠١٦م. وهو يدرس الآن في قسم اللغة العربية بجامعة كيرال.
ومؤلفاته: المصطلحات والتعابير في الجرائد العربية والإنجليزية، وأدب المقاومة في الآثار الأدبية لغسان كنفاني، وهيا ندرس العربية. ومجموعة قصصية بعنوان ” اليوم تبسمت”.
إلى الحوار:
* متى بدأ شغفك باللغة العربية وكيف تعلمتها؟
بالرغم من أنني بدأت أكتسب مبادئ اللغة العربية في المدرسة الابتدائية حسب النظام المدرسي الإسلامي السائد في ولاية كيرالا، إلا أن شغفي الحقيقي باللغة العربية بدأ يتطور حينما كنت أدرس في كلية الشيخ كي كي أبو بكر حضرت التابعة لتنسيق الكليات الإسلامية مرحلة البكالوريوس. وكنت أهتم بدراسة اللغة العربية اهتماما بالغا في تلك المرحلة بحيث أخصص وقتا كافيا لقراءة المجلات العربية وكانت توجد في الكلية برامج لغوية مختلفة لترويج اللغة العربية فيما بين الطلبة. واغتنمت تلك الفرص حسب مقدرتي وبذلت الجهود لاكتساب هذه اللغة المقدسة. وعلاقتي المتينة مع أساتذتي الكبار وأصدقائي العرب قد لعبت دورا هاما في بناء شخصيتي العربية. أذكرهم وأشكرهم في هذه المناسبة. وأحمد الله على كل نعمة أمتعتني.
* درست حتى الدكتوراه، ما هو تخصصك وعن ماذا كانت رسالتك للدكتوراه؟
يسعدني أن أتحدث معكم عن شهادة الدكتوراه التي حصلت عليها في عام 2016 من جامعة جواهرلال نهرو. وهي جامعة ذات شهرة كبيرة تقع في نيو دلهي عاصمة الهند، ويدرس فيها مع الهنود عدد كبير من الطلبة من البلدان المختلفة بما فيها الدول العربية. وتركيزي هو على الدراسات اللغوية. أما رسالتي للدكتوراه فعنوانها “المصطلحات والتعابير في الجرائد العربية والإنجليزية: دراسة موضوعية عن “الأهرام” (مصر) و”ده غاردين” (المملكة المتحدة) – من يوليو إلى ديسمبر 2012″ وهذه الرسالة ساعدتني كثيرا على قراءة العالمين العربي والغربي حيث اطلعت على أعداد يومية لهاتين الجريدتين العربية والإنجليزية لمدة ستة أشهر.
وكانت تلك تجربة عظيمة تثقفني وتوسع آفاقي. وقد تم نشر هذه الرسالة في صورة الكتاب بعون الله عز وجل. واستنتاجا لهذه الدراسة جمعت أكثر من ألف مصطلح وتعبير من كلتي الجريدتين. وعثرت من خلالها على عدد كبير من التعابير الاصطلاحية التي دخلت إلى العربية من الإنجليزية. وفي نفس الوقت أعتقد أن هذا التبادل اللغوي قد أثرى العربية لسعتها الواسعة. وبالإيجاز تهمني جدا الدراسات اللغوية.
*لك مؤلف بعنوان أدب المقاومة في الآثار الأدبية لغسان كنفاني، احك لنا عنه؟
كان لي صديق حميم من فلسطين، اسمه حسن. كان زميلي في الغرفة حينما كنت أتابع الماجستير في اللغة العربية من الجامعة المذكورة آنفا. وقد استفدت منه علما ولغة وثقافة كما استفدت من صديقي الغالي “الغزالي” الذي كان يجيد اللغات العربية والإنجليزية والهندية بنفس المستوى العالي، بغض النظر عن جنسيته النيجيرية. وكان من العادة أن تجري نقاشات جادة بيننا حول موضوعات أدبية وعلمية وثقافية. وبالإضافة إلى ذلك، كانت لنا مادة تعليمية بعنوان “الروايات العربية الحديثة” التي كان الأستاذ الفاضل د. مجيب الرحمن يلقي محاضرات فيها. وقد تناول الأستاذ يوما عالم الأديب الفلسطيني غسان كنفاني بالإيجاز، فأعجبني كثيرا هذا الأديب المحبوب. فالآن أحبه حبا جما، وهو حُبِّي وحِبِّي. وصلت عبر هذه النقاشات إلى موضوع أبحث فيه في مراحل ما قبل الدكتوراه (MPhil) وتناقشت في الأمر مع مشرفي المحترم الأستاذ بشير أحمد الجمالي. هو كان مرشدي الحقيقي بتوجيهاته الصحيحة القيمة.
ولا أنكر أني تأثرت بالأديب غسان كنفاني تأثرا عميقا عبر قراءتي لمعظم أعماله الأدبية. وبالرغم من أن معظم النقاد يعدون روايته “رجال في الشمس” أفضل أعماله الروائية، إلا أني أرى روايته “عائد إلى حيفا” أجمل روايته جمالا وفكرة وحبكة. وعمله المعنون بـ “في الأدب الصهيوني” عمل رائع ممتاز لطريقته الفريدة في تحليل قضية الأمة وفي تناول المحاور الرئيسية. فكتابي الذي نحن في الحديث عنه، يسلّط الضوء على عالم هذا الأديب الشهيد. ويقدم تعليقاتي البسيطة على معظم أعماله.
*لم يقتصر حبك للغة العربية على تعلمها والكتابة بها بل ألفت كتابا بعنوان “الرحلة – هيا ندرس العربية”، حدثنا عن ذلك؟
إن كتابي “الرحلة – هيا ندرس العربية” يختلف عن كتبي الأخرى، لأنه تم تأليفه لتدريس المبتدئين علم النحو والصرف. ولكن اخترت طريقا متميزا. وذلك طريق القص والحكاية. وأحاول أن أدرس الطلبة النحو والصرف عبر القص للرحلة الدراسية من عاصمة كيرالا – تروفاندرم إلى عاصمة الهند – نيو دلهي وبالعكس. وعندما تنتهي الرحلة الانكفائية يصبح الطلاب قادرين على التعبير بالعربية شفويا وخطيا. وقد قسمت كل باب من أبواب الكتاب إلى أربعة عناوين رئيسية هي القص والتصريف والتجريب والاستنتاج. وهي في الواقع مجموعة محاضراتي لطلبة الدورة الدراسية- العربية التواصلية التي يقدمها قسم اللغة العربية التابع لجامعة كيرالا. وكتابي هذا صغير في الحجم لا يتجاوز عدد صفحاته 50.
* صورت في مجموعة “اليوم تبسّمت” نماذج لبعض الناس في وسط المسلمين في الهند، لما اخترت هذه النماذج؟
إن قصصي تجاربي ومشاعري المبسطة. ومن خلال هذه الكتابة، أدركت جيدا أهمية عناصر الأدب، لأني لم أنجح في كتابة القصص إلا عندما تشابكت هذه العناصر الجوهرية في ساحة موهبتي. ولم أحاول هنا أن أختار نماذج من مجتمع المسلمين بوحدته بل كان اهتمامي الكبير بالحقوق والقيم الإنسانية. وحياتي في مجتمع المسلمين قدمت لي كثيرا من النماذج من تلك الجالية المسلمة، ذلك فحسب.
* نموذج المرأة القوية التي تعتبر بمثابة قاضية في عائلتها هل تقتصر على فئة المسلمين الهنود أم متواجد في عموم المجتمع الهندي؟
المرأة القوية التي تقوم بدور القضاء العائلي ليست بصورة نادرة في عموم مجتمع كيرالا. أما في المجتمع الهندي بشكل عام فتتفاوت درجتها وقوّتها حسب التقاليد والعادات السائدة في المجتمعات المختلفة. وعن طريق القص عن هذه المرأة المسلمة، كنت أريد أيضا أن أبرز العلاقة الوثيقة الودية بين أفراد الأديان المختلفة في مجتمعات كيرالا.
* لما اخترت أن تكتب الأدب باللغة العربية وتسعى لنشره خارج الهند؟
إن النشر لأعمالنا الأدبية العربية خارج بلاد الهند وخصوصا في العالم العربي ليس بأمر بسيط بل يحتاج إلى جهد كبير، لأن هذا النشر يدلّ بصراحة على أن العرب أقرّوا بإبداعنا الذاتي. أما النشر لتلك الأعمال العربية داخل الهند فليس بصعب. وعلاوة على ذلك، نحن نكتب بالعربية عن الثقافة الهندية فنتمنى أن تصل تلك الأعمال إلى قرائنا العرب حتى يجري بيننا التعارف الصحيح والتبادل الثقافي. وعن طريق الجهود المستميتة، نجحت في تحقيق هذه الأحلام السامية. وإلى جانب ذلك، هذا النشر فتح أمامي أبوابا واسعة للعلاقة والصداقة مع كبار كتاب العرب. وأتشرف بذلك.
* هل الأدب العربي له قراء في الهند ومن هم أشهر الكتاب العرب الذين يهتم بهم قراء الهند؟
يوجد للأدب العربي عدد كبير من القراء في الهند. وذلك بنوعين، قراءة مباشرة وقراءة غير مباشرة. فالقراءة المباشرة تنحصر في الأكاديميين والباحثين والدارسين في مجال اللغة العربية. أما القراءة غير المباشرة فهي تجري عبر الترجمة أساسيا وتسع لعامّة الناس أيضا. والكتاب العرب الذين لقيت أعمالهم قبولا حسنا فيما بين الجاليات الهندية عددهم كبير. ومنهم جبران خليل جبران ونجيب محفوظ وغسان كنفاني وطه حسين ومصطفى لطفي المنفلوطي والطيب صالح ونجيب كيلاني وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمود درويش وأدونيس.
* هل تدرس اللغة العربية على نطاق واسع في الهند؟
قد فهم الهنود أن اللغة العربية لغة عالمية ذات أهمية كبيرة. والهنود منتشرون في البلاد العربية فعلاقتهم مع العربية قويّة جدا. وفوق ذلك كله، أن المسلمين يولونها اهتماما بالغا لكونها لغة دينية مقدسة. واللغة العربية تدرس في الهند على نطاق واسع بحيث توجد أقسام خاصة للغة العربية في معظم الجامعات والكليات الحكومية. وتدرس العربية في المدارس الابتدائية والثانوية في الهند.
*هل هناك كتاب من الهند يسعون إلى كتابة نصوصهم باللغة العربية مثلك وفي أي نوع أدبي يكتبون (شعر – قصة – رواية)؟
نعم، هناك عدد كبير من الكتاب الذين يهتمون بكتابة النصوص العربية ومعظمهم أكاديميون وباحثون. أما تركيزهم الغالب فهو على قرض الشعر وكتابته. وهناك محاولات إبداعية جميلة من قبل الشباب في مجال القصة. ونرى مستقبلا زاهرا للكتاب الجدد بحيث ترى أعمالهم الروائية نورا. أما عملية الترجمة من اللغة العربية إلى لغة من اللغات الهندية وبالعكس راجت فيما بين الكتاب الجدد.
وفي النهاية أشكر دار السكرية للنشر والتوزيع ود. محمد سلامة بالخصوص على فتح الباب أمامي لتقدمي بمجموعتي القصصية وقد فتح النشر لي أبوابا لتوثيق الصلة مع الأدباء والكتاب وقرائي العرب.