24 نوفمبر، 2024 6:30 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. حميد مرعي: كل ثورة كانت تقتلها ظروف اجتماعية ودينية نتاج المجتمع الكوردي نفسه

مع كتابات.. حميد مرعي: كل ثورة كانت تقتلها ظروف اجتماعية ودينية نتاج المجتمع الكوردي نفسه

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“حميد مرعي”، كاتب كردي سوري، من مواليد 1986 في قرية اسمها “موسى كورا” بأقصى الشمال الشرقي السوري، حاصل على إجازة في علم الاجتماع من جامعة حلب، مقيم في ألمانيا، صدر له مجموعة قصصية “أصداء الخنادق الضبابية” عن دار هاوار في مدينة دهوك بشمال العراق، و مجموعة شعرية “عالقون في مراتب الأفق” في بلغاريا عن دار الدراويش للنشر والترجمة.

إلى الحوار:

** في مجموعة “أصداء الخنادق الضبابية”، في القصة التي تحمل نفس الاسم، هناك حلم كبير يداعب خيال الشخصيات، حلم وطن كبير يجمع الأكراد.. ما هي المعوقات في رأيك التي تحول دون تحقيق هذا الحلم؟

– الكردي هو حارس الخيبات.. هو المقيم دوماً في أخاديد جروحه التي لا تنتهي… الكردي يرث الخسارة ويورثها.. الأكراد حارسوا أحلام لا تزبل.. كل كردي يحيه حلم ويقتله حلم.

كوردستان لن تقوم لها قائمة بسبب الخلافات والصراعات الداخلية… لا يمكننا لوم الظروف الخارجية وحدها… حتى الآن لم تتبلور ملامح شخصية الأمة الكوردية… شخصية الأمم هي التي تدفع بالظروف الخارجية لتتكيف مع أحلامها.

نحن الكورد أمة المليون ثورة، كل ثورة كانت تقتلها ظروف اجتماعية ودينية نابعة من المجتمع الكوردي نفسه.

** في مجموعة “أصداء الخنادق الضبابية” الموت متواجد بأسباب متعددة، انتحار، قتل، الموت كمدا… هل الموت مرادف للهزيمة والانكسار في نصوصك؟

–  حقيقة الموت في منظوري مرادف لانعدام التوازن، انعدام التوازن يعني السقوط والموت، كل الشخصيات التي تحدثت عنها غير متوازنة اجتماعياً ونفسياً وسياسياً، شخصيات تعاني من مآزق وجودي، شخصيات تعيش في دوائر قلق، ودوائر معزولة تنعدم فيها الجاذبية بين العناصر والشخصيات، أو هي دوائر مرسومة مسبقا ومفرغة من معاني الحياة النضرة والحقيقية … كل شيء في تلك الدوائر ينتهي إلى الذبول.

ربما الموت هزيمة، ربما على المرء أن يموت ميتة جديرة باسم الموت، ربما لا يجب أن يموت المرء ميتة بسيطة، لكن الموت العاصف غير مقدر لهذه الشخوص  فعلى ما يبدو حتى في الموت هناك درجات.

** في مجموعة “أصداء الخنادق الضبابية” الحب وصمة عار.. لما في رأيك تعادي المجتمعات الخربة الحب؟

– الحب هو خلق وإبداع وحقيقة لا يمكن بدونها السير إلى الأمام، كل المجتمعات الشرقية تقمع الحب ولا تمنح فرصة وإمكانات للتعبير عن الحب، كل المجتمعات الذكورية أو التي تعاني من دكتاتورية الذكر تمنع الحب وتقصيه من مفاصل الحياة.

في مجتمعاتنا هناك حالة انعدام الحب في توجهات علاقة الإنسان مع المحيط الطبيعي أو الاجتماعي.

** النساء في المجموعة أما ينتظرن الزواج كمصير، أو يتعرضن للظلم والافتراء ك”مليحة”، أو شخصيات كريهة مثل النساء اللاتي كدن لها.. لما الشخصيات النسائية في المجموعة إما مهزومات أو شريرات أو ذوات عقل فارغ وحياة بلا هدف؟

– النساء هن الحلقة الأضعف في المجتمع الكوردي، وأنا كنت حريصاً أن أنقل وأصف واقعهن كما هو دون تفسير أو تأويل.

 

** هل الثقافة الكوردية في رأيك تواجه إشكاليات في الوقت الحالي وما السبب؟

– أهم ما يواجه الثقافة الكوردية من إشكاليات هي عدم القدرة على إيصال النتاج الثقافي للآخر المغاير ثقافيا، بسبب ضعف حركة الترجمة وعدم امتلاك المؤسسات الثقافية الكوردية لخط موحد وواضح وهدف راسخ، بالإضافة إلى تشتت وجهوية المؤسسات الثقافية الكوردية وتعلقها بايديولوجات وفلسفات متعارضة أو منقرضة، عموما لا المثقف الكوردي ولا المؤسسات الثقافية الكوردية تملك ديناميكية التفاعل مع المستجدات وتفتقد للقدرة على التواصل مع الآخر.

ربما  الآخر المغاير ثقافياً يتحمل جزء من المسؤولية في ما يخص أزمة وإشكاليات الثقافة الكوردية، لكن ليس من المنطقي أن نطلب من الآخر الاهتمام بنا ونحن غير قادرين على التعبير عن أنفسنا ونتاجنا بالطريقة الصحيحة.

** ماذا تمثل الكتابة بالنسبة لك.. وهل الكاتب في مجتمعات الشرق يجد عوائق في بداية طريقه؟

– الكتابة بالنسبة لي هي هواية، لكنها هواية بنكهة الغواية اللذيذة، الكتابة بالنسبة لي فخ وربما رسالة.

أصعب ما يواجه الكاتب في الشرق هو ضيق أفق الحريات، وكثرة الممنوعات، وصعوبة الطباعة للأسباب المادية، وصعوبة النشر والتوزيع، وكذلك انعدام القراءة بالشكل لن أقول الكافي ولكن لنقل الضروري.

أتذكر قبل اندلاع الأزمة السورية حاصرت قوات الأمن قريتنا لأن أحد النشطاء الكورد أقام ندوة شعرية كوردية، ولأن كل ما كان متعلق باللغة والثقافة الكوردية ممنوعا فإن قوات الأمن حاصرت القرية، ونتيجة خوف والدي علي من الاعتقال، إن قامت قوات الأمن بتفتيش بيوت القرية (حيث كانت مكتبتي تحتوي على كتب عن الأكراد واللغة الكوردية) فقد أحرق والدي نصف مكتبتي في اليوم التالي بعدما خبئها في تلك الليلة، بالإضافة أنه أحرق باكورة أعمالي وقد كانت قصة طويلة بعنوان “هذيان” كانت تدور فكرتها حول أحداث القامشلي في ال2004.

أنا لا ألوم والدي ولكن أتحدث عن الصعوبات وضيق أفق الحريات إن لم تكن معدومة.

** لما لم تكتب باللغة الكوردية وهل الأدب الكوردي مقروء من القراء الذين يتحدثون بالعربية؟

– كما قلت سابقاً كل شيء متعلق باللغة والثقافة الكوردية كان ممنوعا ويعاقب عليه القانون، الكوردية هي لغة الأم والأهل والأصدقاء والشارع، لكن لم أتعلمها قواعديا، لذلك ومع مرور الوقت فقدت القدرة على التعبير كتابياً بالكوردية عن هواجس قلبي ومخيلتي، فصرت أكتب بالعربية ليبقى قلبي في أخدود الجرح الكوردي والهاوية الكوردية.

بشكل عام حركة القراءة ضعيفة وغير متناسبة مع الإنتاج الأدبي، أعتقد أن الأدب والثقافة الكردية مقروء من قلة قليلة جدا من المتحدثين  بالعربية، بسبب ضعف حركة الترجمة وتأزم الواقع الثقافي بشكل عام.

** تعيش خارج الوطن.. هل يؤثر ذلك الاغتراب على الكتابة لديك؟

– هنا أشعر بفضاء شاسع من الحرية والهدوء، رغم ضغوطات الحياة. لكن رويداً رويداً سيظهر أثر الغربة في كتاباتي سيما أن ذاكرتي تجاه الوطن باتت غير مستقرة، فهي أما مضخمة أو مشوشة بسبب البعد وتداخل عوامل الحنين والاغتراب.

** ما رأيك في حركة النقد في منطقة الشرق وهل يواكب الإنتاج الغزير للكتاب؟

– النقد إجمالا هو إعادة تأطير النتاج الفني والأدبي، أو إعادة هيكلة محتوياته أو رسم تعبيري ما عن الناتج الفني والأدبي، ولكن حتماً هو ليس التدخل في كيفية صياغة النص وتصريفه لأن هذا الأمر هو شأن الكاتب، لذلك النقد أما أن يدفع الكاتب نحو المزيد من الصعود أو لا يكون كذلك. ما دون هذا الأمر يكون  النقد لأجل النقد.

أما حركة النقد في الشرق فحقيقة القول لا اهتم بها، فأنا بطبعي في الحياة الشخصية وحتى في الكتابة أفضل أن أعيش تجربتي الخاصة فكل إنسان هو بذرة جيدة قابلة للنمو نحو الأفضل. وكل كتاب هو كتاب جيد أو يحتوي على أفكار جيدة.

أما هل تواكب حركة النقد الإنتاج الغزير للكتاب.. اعتقد لا.. لا أعرف هل  هي أزمة نقد ام أزمة قراءة.

** لديك مشروع رواية حدثنا عنها؟

– نعم انتهيت منذ أسبوع من كتابة رواية على الأغلب ستحمل عنوان: “لا أحد هناك يا شنال”.

هي تدور حول فكرة الاغتراب النفسي عن المحيط الاجتماعي، والانسلاخ الجسدي عن المكان.

ربما حتى ربيع السنة القادمة تكون الرواية رأت النور.. وعلى الأغلب قد تصدر عن دار الدراويش للنشر والترجمة.. أو هكذا أتأمل.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة