16 نوفمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. حسن سليماني: الكاتب تخدمه الحنكة والمعرفة والحظ

مع كتابات.. حسن سليماني: الكاتب تخدمه الحنكة والمعرفة والحظ

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“حسن سليماني” كاتب وإعلامي مغربي، خريج شعبة علم نفس، معد ومقدم برنامج في ضيافة كتاب، صدر له: في المجاميع القصصية (مراسيم جنازتي فلسطين- التائهون في أرض الله). أما الروايات: (شظايا الأنين- مارطا وشفيق)، وفي الشذرة الفلسفية: (هواجس المعنى أسئلة الهاجس).

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأت شغفك بالكتابة؟

  • صراحة لم أكن بسن مبكر جدا، أنا أتذكر جيدا أنني في مرحلة معينة من عمر الصبا كنت أجد صعوبة بليغة في صياغة فكرة لافتة، البداية أو لنقل عنها المحاولات الأولى كانت بعد تخرجي من الجامعة، بعد هذه المرحلة أينع الشغف وتجبر في مزاحمة باقي طقوس الحياة أقصد (طقوس حياتي).

(كتابات) رواية “مارطا وشفيق” احكي لنا عنها؟

  • “مارطا وشفيق” كانت آخر رواية صدرت لي لحد الآن بأرض فلسطين، هي رواية سيكوسوسيولوجية دارت أحداثها بين الرباط غرناطة، احتفت بالوجع الذي يمكن أن يصاب به كل الذين فقدوا سواء الحب أو السند أو الأمل في الآتي.. من اسم العمل سترين أن هناك شبه مقارنة بين موطنين ف”شفيق” مغربي و”مارطا” اسبانية، الرسالة كانت تبتغي قول أن الأوجاع تتشابه في كل البقاع من أرض الله.

 (كتابات) أيهما أقرب لك القصة القصيرة أم الرواية؟

  • صراحة أنا عاجز عن إيجاد جواب، لكوني لحد الآن ما وجدته وإلا لكنت قد ركنت لجنس إبداعي معين وصببت جل اهتمامي له وحده.

(كتابات) من أين تستلهم أحداث وشخوص قصصك وروايتك من الواقع أم الخيال يلعب دورا كبيرا؟

  • بكل صراحة أجد الواقع مغري وملهم لسيلان الحبر بلا انحباس، فأنا أكتب من الواقع وللواقع، ولكن نقل الأحداث بلا اتكاء على الخيال أراه غير شرعي في الكتابة الإبداعية.

(كتابات) درست علم النفس هل أفادك كثيرا في ممارستك للكتابة وكيف ذلك؟

  • أكون جاحدا إن قلت لك أن تكويني ومعرفتي بعلم النفس لم يكن لها فضل في هوسي بفعل الكتابة، ذلك كون نظرتي للأشياء تغيرت للحد الذي جعل مسألة التمحيص في أبسط الأشياء والتصرفات منهج حياة.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في المغرب والعالم العربي؟

  • بعيدا عن لغة اليأس أقول لك الأمور لا بأس بها، لكن ليس للحد الذي يطمئن لا في المغرب ولا في باقي أرجاء العالم العربي.. الأمر يحتاج تكثيف الجهود سواء من القائمين على القطاعات الثقافية،  وحتى من المهتمين بالشأن الثقافي ، فالغاية أراها واحدة (الرفع من المنسوب الثقافي).

(كتابات) لم تنشر في عدة بلدان وهل وجدت مشاكل في النشر؟

المسألة مسألة أقدار تلك النصوص، فكل نص كتب له النشر بمكان معين. إضافة لكوني وككل كاتب يريد لنصه دارا محترمة تجعل نصه يخرج للوجود في حلة ترضيه.  أما بخصوص مشاكل النشر فأراني ولله الحمد محظوظا لكوني ما وجدتها.

(كتابات) في رأيك هل يجد الكاتب في المنطقة العربية الدعم والتقدير ولماذا؟

  • هذا السؤال أرى أن أي إجابة عنه ستبقى مجرد رأي لا غير، فكل كاتب له من الحظوظ التي تمكنه من بناء التقدير له كاسم ولأعماله أيضا، كما أنه معرض للتهميش وعدم الاعتراف لا به ولا بأعماله، المسألة يتداخل فيها القدر والحنكة وأشياء أخر.

(كتابات) أنت معد ومقدم لبرنامج في ضيافة كتاب.. حدثنا عنه؟

  • برنامج (في ضيافة كتاب) والذي يبث على قناة الجامعة المغربية campus Maroc tv برنامج يهدف بالأساس لإعادة هيبة الكتاب ومكانته التي أضحت تقزم شيئا ما بعد غزو أشياء جعلت علاقتنا بالكتب علاقة محرجة جدا، البرنامج يسلط الضوء على عدد من عنوان الكتب ومحتوياتها، ويقدمها بشيء من الإغراء والتحفيز على مطالعتها.

(كتابات) وما هو جديدك؟

  • جديدي هو رواية صوفية سترى النور إن شاء الله مطلع الموسم الثقافي المقبل، وأتمنى أن تستهل مشوارها الأول بمعرض عمان الدولي للكتاب.

(كتابات) لمن ستقول شكرا؟

  • بعد الله عز وجل، أقولها للسيد الوالد، لأنه كان المحفز الأول على الانغماس في حب القراءة التي أراها أساسا لبداية الكتابة، الرجل كان ومازال نعم السند ونعم المحفز للمواصلة.

قصة لحسن سليماني..

اعتراف..

“الأنوثة فعل عمق، صعب التجلي، إن ما هن حاولن التستر”

لا أعلم الشيء الذي كان يميزها عن باقي الطالبات التي كن يدرسن معي  في المعهد، فقد كانت أنيقة الحس والإقدام على الفعل والكلام.. ككهلةٍ تحسبها قبل أن تتوغل معها في النقاش، وكطفلة بريئة إن ما أضحيت قريباً منها حدّ الودّ.

(آلاء نجد) بكثير من العفوية جعلتني وجهتها بعد خلاصنا من الاختبار الشفهي، عندها سألتني عن الساعة وسألتني الدعاء لها كما لو كنت وليّــاً من أولياء الله (هكذا تمتمت في كنهي) أجبتها عن سؤاليها وانصرفت.

شاء القدر وكنّا من الناجحين، بدأت الدراسة وشيء من الاستغراب يحفها إن ما حاول المرء الإمعان فيها، فقد كانت تكابر في تصنع الابتسامة كما لو كانت تحاول حجب كومة أرق تسكنها.

كان في القدر أيضاً أن سكنا نفس الحيّ ، بمعنى أننا أصبحنا زميلين بالدراسة وجارين في السكن… شيئاً فشيئاً بدأنــا نشارك طريق العودة من الدرس وبعدها أصبحنا نتواعد على وقت الخروج والجولات المسائية التي كنا نستلطفها سويـّـاً، نجعل لأنفسنا أطراف البحر ملجأ من ضغط تعب اليوم، نقف أمامه لساعات في صمتٍ صادعٍ وكأننا نبوح في صمتٍ كل ما يجتاحنا.

ذات مساءٍ ماطرٍ لم نجعل فيه البحر وجهةً، فقصدنا مطعماً لصناعة (البيتزا) لم أكن أعلم أن مناسك الصمت التي كنّـا نقوم بها في حضرة البحر ستصبح يومها مرتعاً للبوح وكشف سرٍّ كــانت تحمله بكل ثقل.. كنت أنظرها كمثقلة بحمل تود وضعه من على أكتافها على عجل، كانت كمن يسابق الزمان مخافة ألاّ تتاح لها فرصة أخرى مواتية.

قالت لي أنها تريد أن تخبرني بأمر عن حياتها يذبل كلّ تطلّعاتها، كأرشيف وجع يلقي بها في مطبّات الأرق على الدّوام، كانت حينها تنظرني كالخليل الذي قد يستطيع أن يؤنسها في وجعها كما قالت.. وبعد شبه خشوع نطقـت:

– هل تعلم أنني كنت متزوجة؟

قالتها بالطريقة التي لم تكن حينها تنتظر مني ردّاً ولا نطقاً، وقد كنت أنا الآخر كالذي أصابه الخرس.

أتمت:  لكنني الآن  تطلقت، هكذا قالت بعد ما تنهدت كالتي تحاول تضمين تنهداتها تلك قسطاً من الوجع الذي يسكنها.

قبل الزواج كنت مفعمة بالحياة كوردة أوركيد، أشذوا لحن العبق وأسير في الأرض بكل الخيلاء، لم أكن حتى من اللواتي يركن لقصص الحب الوهمية ولا من عاشقات العلاقات الصبيانية خلف أسوار المدارس كما كانت تفعل قريناتي.

كنت أؤجل كل الأمـر لغاية أن أصادف الفارس المقدام الذي سيأتي، فارساً أكون خليلته وزوجته و حبيبته.. ويكون هو اختصاراً حلواً لمفهوم الكون، كنت أحلمه فريداً شهماً أنيقاً كما كنت أرى في الأفلام وتصوره مخيلتي وأنا في سطور الروايات، ولكوني من أسرة محافظة كان الحلم لا يحتمل أمر التطبيق إلا بوثاق مقدس.

حينها رأيتها وبسمة خفيفة ظهرت على محياها كما لو كانت قد انبلجت بغير وعي منها سألتني سؤالاً كالسالف (لا تبتغي منه ردّاً) أتعلم أننا نحن الإناث أكثر الحالمين حلم اليقظة؟

لقد كنت ومنذ صباي أحاول رســم ملامح (الفـارس) و أناقته وأدبه البليغ وحنانه الشنيع.. وأشياء من الجنون كأن يدلعني كطفلة تودع أباها الذاهب للعمل أو كالتي تحضنه وهو عائد بعد طول غياب. ما أبسط أحلامنا وما أبعدهــا عن الوقوع، هكذا أردفت قبل أن تسترسل:

لقد كنت في عزّ ابتهاجي بالحياة أزاوج بين الدراسة الجامعية و الغناء، كنت أحتفل بالحياة كل يوم كالذي يحتفل بمولود جديد. إلى غاية ما تقدم إلي “مراد” كان مهندس معلوميات، ورابع خطيب يتقدم إلي في فترة شبه متلاصقة. عندها لم أجد سبباً للرفض وإلا لكنت قد دفعت والديّ إلـى ألف سؤال مضمر. صدقاً كنت أريد مزيداً من الحرية، لكـن ضغوطات هذا المجتمع الشرقي أقوى من جبروت الأحلام التي نرسمها.

“ما أروعكن في البدايات” هكذا قالت بشكل محشوٍّ بالتهكم. عندما تقدم “مراد” لخطبتي وعدني بأن يكون لي كل ما أريده، السند والمشجع لأكمل حياتي بكل بهائها. بعد العقد مباشرة خلع عنه ثوب الحنان ليبقي بوجهه العبوس وكأنه خليفة للبؤس بأرض الله هاته.

أضحيت كخاسئ يلامس جحيمه ويشعل في بسمته سواد الفحم، كولاعة لا تنفث من فمها شيئاً غير الوهم، كفراغ ينوء بالعتبة المؤدية للاشيء.. كهاته الأشياء أراني كلما وجهت نفسي للمرآة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة