15 نوفمبر، 2024 12:21 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. حسن البحار: البحر معلمي أهداني الصبر والتواضع

مع كتابات.. حسن البحار: البحر معلمي أهداني الصبر والتواضع

خاص: حاورته- سماح عادل

“حسن البحار” كاتب عراقي، يكتب لون متميز من الأدب يعرف ب”أدب الرحلات”، يكتب عن البحر، وتفيض أعماله بتجربة حياتية معاشة نظرا لكونه قضى سنوات عدة من حياته يعمل بحارا وله خبرة بما يكتب عنه، صدر له: (“الدردبيس”، مجموعة قصصية- و”مرام”، رواية- و”بحر أزرق قمر أبيض”، رواية وهي روايته التي حصدت جائزة أدب الرحلات عام 2013).

إلى الحوار..

(كتابات) في رواية (مرام) كتبت عن البطل (إبراهيم) الآتي من الجنوب، هل فيه ظل من ذاتك؟

• رواية (مرام) الصادرة من دار الخيال/ بغداد سنة 2012، قيمة السرد فيها أخذ طابع الشخصية الجنوبية بلون مغاير لما هو مقروء من أغلب الروايات، إذ فيها أبطال الجنوب تعاني من نقص في الشخصية والإمكانيات. و(إبراهيم)  بطل رواية “مرام” عكس ذلك في أغلب مفاصل السرد داخل الرواية، وكان العالم بأموره والمخطط لهدفه يحمل في ذهنه  شعار (حساب الأمل الخاطئ خير من اليأس الصحيح)، وهو الحاصل على شهادة عالية مكنته من تحقيق غايته حتى وصل إلى مرامه الذي كان يحلم به، ولكن بجهود كبيرة وطاقة تحمل مميزة، وصبر كان واضحًا من أمام الشخصيات الثانوية داخل الرواية التي نقلت مشاهد مدينته الغافية قرب نهر الغراف، ومشاهد الحب الأبيض الذي انتهت على قيمة اجتماعية عالية رغم المعوقات، كان الاقتران بمن أحب قد تحقق فيها من خلال الزواج. أما بخصوص الذات الكاتبة ووقعها على شخصية (إبراهيم) أعتقد نعم. هناك بعض المفاصل يمكن لنا أن أقول أننا اشتركنا فيها.

(كتابات) في رواية (النوتي) كتبت عن البحر والبحّارة كتجربة حياتية معاشة، ولاقت قبولًا وصنفها النقاد من أدب الرحلات.. هل تمكن منك البحر لحد الهوس؟

• رواية (النوتي) الصادرة من دار الرافدين/ بيروت سنة 2017 رواية اختلط فيها النوع السردي داخل التجنيس، إذ الحافز البحري داخل النص يرى جيدا، وهناك أيضا مذكرات روائية وسيرة روائية ورحلة روائية داخل (النوتي)، وهناك أيضا انشطارات ذاتية عند شخصية البحّار البطل داخل الرواية، وكم هائل من المخاطر يتعرض لها البطل مع البحّارة داخل البحر، حيث تحملهم باخرتهم المتينة (تراتشي) والتي منعت من دخول الموانئ لأسباب كثيرة نراها في السرد أحيانا واضحة ويترك التأويل للقارئ في أخرى، صنفها النقاد على أنها بحث عن الهوية، وفي دراسات أخرى قالوا عنها ملودراما السرد، وهناك من قال فلسفة عالية وجمال ونصوص تكشف لنا حياة البحر المغيبة عن الساحة الأدبية، كون الكاتب نفسه يعمل (بحّارا).

أغلب الدراسات كانت تؤكد على أهمية الصور الملتقطة من أعماق البحر والتي وصلت إلى القارئ بطريقة الشعور بوجودها. وهناك دراسات ستصدر قريبا. أما البحر وأنا فله معي حكايات، حكايتي معه رغم قساوته وليونته وغضبه وجماله اسميه دائما معلمي الذي علمني الصبر والتواضع، وهاتان ميزتان عجزت الأرض عن غرزهم بي منذ نعومة أظافري.

(كتابات)  يُشيد البعض بتجربتك الروائية ويعدونها من التجارب النادرة في الأدب العراقي والعربي كونك تكتب عن مغامرة الإبحار. ما رأيك؟

• هذا رأي احترمه جدا ولكنه في الوقت نفسه يلزمني بالمسؤولية تجاه القراء،حتى أقدم النص الجيد المملوء بالمتعة والمعنى. وهذا ما أحاول تحقيقه من أول ما كتبت مجموعتي القصصية الأولى (الدّردبيس).

(كتابات)  في رواية (بحر أزرق.. قمر أبيض) قصة حب رومانسية أضفت على المغامرة سحرا. حدثنا عنها؟

• رواية (بحر أزرق.. قمر أبيض) الرحلة التي حصدت جائزة 2013 لأدب الرحلات في بغداد، طبعت في الدار العربية للعلوم ناشرون/ بيروت سنة 2014. وقد أخذت حصة كبيرة من الكلام عنها ومازالت حديث المهتمين إلى الآن، وقد كتب عنها الكثير وأظن في المستقبل القريب ستترجم، وقد نزل عنها كتاب نقدي بعنوان (من فضاء البحر إلى شجون الكتابة.. قراءات نقدية في رواية حسن البحار بحر أزرق.. قمر أبيض). هي رواية رحلية نقلت المكان (المحكي عنه مدينة دوماي في اندونيسيا) أخذته بطريقة مشاهدات ورؤى بحّار نزل في هذا الميناء، وتعرفه على أهله وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم، ودخل بينهم وأحب سمراء وعاهد نفسه على الرجوع لها بعد أن أزف موعد رحيله إلى الإبحار والمغادرة مع باخرته، التي عبرت بحار ومحيطات ومسافات وأحداث كثيرة، إلا أنه لم يخنها بل عاد وانتهت بعودته حصة الجزء الأول منها وأنا الآن أعمل على كتابة الجزء الثاني.

(كتابات) كيف صورت المرأة في سردك؟

• ببساطة.. وفي الحقيقة ركزت في تصويري للمرأة على أن تكون سيدة في الصباح، وامرأة في النهار، وأنثى أكثر من رائعة ليلًا. وسعيد من كانت له في حبيبته هذه الصفات مجتمعة.

(كتابات)  ماذا تعني الجوائز بالنسبة لك؟ وما تقييمك لحال الجوائز العربية؟

• الجوائز رغم أهميتها للإشارة إلى النص على أنه جيد، وقد يرافق هذه الإشارة الرواج لهذا النص، إلا أنها في الوقت نفسه مسؤولية تجاه ذات الكاتب وصدق ما يكتب للقراء. أما فيما يخص التقييم للجوائز العربية أنا لست ضدها أبدًا وهي مهمة وذات قيمة عالية للرواج والانتشار، إلا أنني أحيانا أتساءل: هل يصدف في يوم من الأيام أن يأخذ الجائزة العربية- أية جائزة عربية-  كاتب من بلد ما وأن يأخذها بعد عام كاتب أيضا من البلد نفسه؟.

(كتابات)   هل الاحتفاء النقدي بأعمالك يحقق لك الرضا؟

• حضور ما أكتب من نتاج أدبي في المحافل الثقافية، ومرور سنوات من المشاركة في كثير من المحافل يتيح لي أن أقول: نعم، ولكن مازال أمامنا الكثير من المفاجآت.

(كتابات) دخلت ساحة الكتابة متأخرا نسبيا لما؟ ومتى بدأ شغفك بالكتابة؟

• هناك أسباب كثيرة لتأخير دخولي للساحة الأدبية وأهمها التريث، وقراءة المزيد الكتب، مع العلم أن القراءات للأعمال الإبداعية تولد لدى الكاتب الإشراق لكنها لا تمنع الصدفة. وبخصوص شغف الكتابة فقد أصابني منذ الطفولة ومازال شعور يتجدد مع كل إشراقة شمس وغيابها.

(كتابات)  ما رأيك في القفزة الروائية التي حققتها الرواية العراقية  والثقافة بشكل عام.

• أنا لا أرى أن هناك قفزة مهمة في الثقافة من ناحية وجود مؤسسات داعمة، بل أرى وبشكل واضح أن هناك جهود ذاتية لكتاب الرواية، و قد حققوا منجزات عجزت عنها تلك المؤسسات. فالرواية العراقية. تطورت بتطور الكتابات السردية العراقية تطورا ملحوظا واستقطبت اهتمام القراء والنقاد على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم. ولم تزد مكانتها إلّا تأكيدا سواء على مستوى الموضوعات التي عالجتها أو التقنيات والأساليب التي وظفتها في التعبير، أو على مستوى الإبداع والتلقي. وقد حققت بعض المنجزات المهمة المتمثلة في الحصول على الجوائز وعلى مستويات مختلفة أخرى. ونظرا لارتباطها الوثيق بنبض الإيقاع الداخلي للحياة العربية في أبسط صورها وأعقد تجلياتها حققت الرواية العراقية بأنواعها انفتاحا عميقا على معاناة الإنسان وتطلعاته. وملاحقة تحولات المجتمع الحديث ومواكبة طموحاته، منها همس الشارع  وفوضاه وقلقه العارم ومختلف أحاسيسه وطموحاته.

ولم يكن من الممكن أن تنفرد الرواية العراقية بهذه السمات لولا جماليتها التعبيرية وأساليبها الفنية التي ظلت تتطور مع الصيرورة الثقافية والانفتاح على التقنيات الحديثة التي استخدمتها  في تحديد عوالمها.

(كتابات)  هل واجهت صعوبات ككاتب؟

• أنا كبحّار تعودت على صعوبات الإبحار بعد أن واجهتها كثيرًا، وفي مراحل حياتي ككاتب نعم هناك صعوبات كثيرة مازالت تواجهني، وقد تعاملت معها كتحدي مع الذات، وهي كما أراها الحافز المهم لمواصلة المسيرة الإبداعية نحو النص المميز، فهذه التحديات هي  الحل بعد أن عرفنا أن لا جدوى للحياة من غير ثقافة ذاتية ومكتسبة.

(كتابات) ما هي نتاجاتك الإبداعية؟ وما هو جديدك؟

• صدر لي: (الدّردبيس) مجموعة قصصية 2012، ورواية (مرام) 2012، ورحلة (بحر أزرق.. قمر أبيض) 2013، و(الريح تُــترك فوق الطاولة) مجموعة قصصية 2016، ورواية (النوتي) 2017، وفي قادم الأيام ستكون رواية جديدة في المكتبات، والآن تحت اليد مخطوطة الجزء الثاني من (بحر أزرق.. قمر أبيض).

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة