22 ديسمبر، 2024 10:01 م

مع (كتابات) .. الناشر “عماد سالم” : طباعة أعداد محدودة مكنت الكتاب الشباب من خوض التجربة

مع (كتابات) .. الناشر “عماد سالم” : طباعة أعداد محدودة مكنت الكتاب الشباب من خوض التجربة

حاورته – سماح عادل :

يعاني شباب الكتاب من مشكلة كبيرة في نشر أعمالهم داخل مصر، نتيجة لارتفاع تكلفة نشر الكتاب في الآونة الأخيرة، وتأخر النشر وتقريباً انعدامه في المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة لغير المعروفين للدوائر الثقافية الرسمية.. لذا تنشأ الحاجة دوماً لوجود دار نشر تهتم بشباب الكتاب الذين لا يقدرون على تحمل تكاليف مادية كبيرة لإصدار كتبهم.. من هنا ابثق اهتمام (كتابات) بالتحاور مع الناشرين في قطاع النشر الخاص، وخاصة الحوار مع الناشر “عماد سالم”..

(كتابات): هل لأنك كاتب رواية ومسرح وشعر قررت أن تدخل مجال النشر الخاص ؟

  • قصتي مع النشر غريبة.. فأنا أهوى الطباعة وكنت أتمنى دائماً أن يكون لدى مطبعة أملكها وامتهن هذه المهنة.. وعملت فعلاً بها أثناء دراستي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، فقد التحقت بشركة دعاية وإعلان كبرى في مصر، اثناء الإجازة الصيفية، وعملت مندوباً للتنفيذ مختص بالتعامل مع المطابع، وأنا مازلت في السنة الأولى في الجامعة، وكنت أحب هذه المهنة جداً ولكن والدي، الذي يملك شركة مقاولات شهيرة، كان يرى أن مستقبلي سيكون أفضل إذا عملت في نفس مجاله وتحملت مسؤولية الشركة، وكان له ما أراد حتى اتخذت القرار بعد ثورة يناير مباشرة.. وكأن الثورة أعطتني إحساساً بالقوة، وبأنني أستطيع أن أغير حياتي وأن أعمل في المجال الذي أحبه فأنشأت المطبعة لتكون نواة لمؤسسة كبيرة للنشر والتوزيع وقد أسميتها (مؤسسة يسطرون للطباعة والنشر).

عشقي لمهنة الطباعة ليس له علاقة بكوني كاتباً.. فأنا أعشق مهنتي وفخور بأني ناشر بنفس القدر الذي أفخر به كوني شاعراً وكاتباً مسرحياً وروائياً، وأفخر بإصدارات “يسطرون” الرائعة وأفرح بها كفرحتي بكتبي الـ22 التي ألفتها بين الرواية والمسرح والشعر والمقالات السياسية.

(كتابات): هل انسحاب الدولة من دعم الثقافة والنشر يؤثر بالسلب أم بالإيجاب على دور النشر الخاصة ؟

  • لعبت الدولة دوراً خطيراً، عن غير عمد، في إفشال مشروعات عديدة كانت ناجحة أو مازالت قائمة ومنها النشر فقد انسحبت نهائياً من دعم النشر.. ولم تكتف بهذا الانسحاب بل وضعت عراقيل كثيرة أمام الناشرين وأهمها الغلاء الرهيب لكل مستلزمات الطباعة خاصة الورق الذي ارتفع ثمنه حوالي 250% فالكتاب الذي كانت تكلفة طباعته 5 جنيه والذي يباع بـ10 جنيه، أصبحت تكلفة إنتاجه 15 جنيه نظراً لتعويم الجنيه وتراجع قيمته بمقابل الدولار، وكل شئ بالدولار.. فالورق “اندونيسي” مستورد والأحبار من “الصين” وأيضاً من “اندونيسيا”.. كل شئ مستورد وكله بالدولار مما أدى إلى إفلاس بعض المطابع التي أحجم الكتاب عنها لارتفاع التكلفة، لابد أن تدعم الدولة النشر فقوة مصر الناعمة تتمثل في ثقافتها وفنها، وللدعم أوجه عدة بأن تعطي مثلاً حصة من الورق سنوياً للناشرين بأسعار مخفضة تدعمهم بها لمواجهة الغلاء المتوحش الذي التهم صناعة الكتب.

(كتابات): هل التغييرات الاقتصادية في مصر أثرت على عملية النشر.. وكيف ؟

  • طبعاً أثرت بالسلب على عملية النشر بوجه عام.. فتعويم الجنيه أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار الذي نستورد به كل مستلزمات الطباعة، فارتفعت التكلفة مما دفع الناشرين إلى طباعة ربع العدد الذي ينتجونه سنوياً.

(كتابات):  لما اخترت أن تنشر للكتاب الشباب بتكلفة منخفضة.. وهل يجعلك ذلك تفقد أرباحاً ؟

  • أنا مؤمن بأن كل إنسان في أية مهنة لابد أن يكون له دور اجتماعي، واخترت أن يكون دوري أن أيسر الطباعة للشباب.. فبدأت أدعم إبداعات الشباب بالمشاركة في تكلفة الإنتاج بواقع 50% للأعمال الجيدة، وبعد ذلك تمكنا من شراء ماكينات طباعة “ديجيتال” يسرت علينا الأمر، فقد مكنتنا من طباعة أعداد محدودة بتكلفة محدودة للغاية، مكنت الشباب من خوض التجربة وعرض إبداعاتهم للقراء، ولم يؤثر دعمنا على أرباحنا المالية، فالإقبال الكبير عوض الخسائر المنطقية، فعشرة كتب تدر أرباح كتاب واحد كنا نطبعه قبل المشروع.

(كتابات): ما رأيك في الاتهامات التي يوجهها بعض الكتاب لدور النشر بأنها لا تهتم إلا بالربح.. ولا تقوم بتوزيع الكتب كما ينبغي.. وتفضل أنواع معينة من الكتابات ؟

  • كل مهنة فيها الجيد وغير الجيد وأنا أوافق على هذه الاتهامات وأعرف الكثير ممن ينطبق عليهم هذا الوصف.. ولكن أيضاً هناك أدباء وشعراء دخلوا هذه المهنة بدافع النجاح والتحقق والمساعدة للأدباء، وهؤلاء لا ينطبق عليهم الوصف السابق، ولا يستحقون إلا كل تقدير واحترام وهم كثر والحمد لله.. هناك أنواع معينة من الكتب تباع وتدر أرباحاً على الناشر وتسهل مهمته في التوزيع مثل الروايات التي تتسم بالجديد والمدهش من الطرح والتناول، وهذه الروايات يفضلها الناشرون أكثر من غيرها من الكتب.

(كتابات): ما هي الحلول التي من شأنها حل مشاكل الناشرين والكتاب الذين لا يملكون تكلفة نشر كتبهم ؟

  • لن تحل أية مشكلة حلاً نهائياً دون تدخل الدولة.. فلو دعمت الدولة الثقافة بأن خصصت حصصاً لدور النشر مدعمة من الورق والأحبار والإعفاء من الضرائب وتخفيض رسوم الاشتراك في المعارض، خاصة “معرض القاهرة الدولي للكتاب” ستحل المشكلة من جذورها، وليس ذلك فقط بل هناك حل آخر هو عودة السلاسل التي كانت تنشر عن طريق الدولة ممثلة في “الهيئة العامة للكتاب” إلى نشر إبداعات الشباب، سيعطي هذا ضوءاً أخضر للجميع وتبدأ حركة التنوير عندما تقل التكلفة فيقل سعر الكتاب.

(كتابات): ما رأيك في حال الثقافة العربية بشكل عام وفي مصر بشكل خاص ؟

  • حال الثقافة يمكن أن يسر العدو لكنه أبداً لا يسر الحبيب.. الأوضاع متردية بشكل مخيف في الوطن العربي وخصوصاً في “مصر” ومع محاولات فردية من “الإمارات العربية” بإقامة مسابقات كبرى، ولكن للأسف في الشعر فقط، وعلى كل حال تحرك دولة واحدة لن يغير واقع الثقافة العربية أبداً.

(كتابات):  هل أثر الكتاب الالكتروني والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي على صناعة الكتاب الورقي ؟

  • أبداً.. لا يستطيع النشر الالكتروني أن يحتل مكان الكتاب الورقي بدليل أن معظم أصدقائي من الأدباء، حتى اليوم، يرسلون لي كتباً ومراجع محملة من النت كي أطبعها لهم نسخاً ورقية، فهم لا يستطيعون الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر وقراءة كتاب أكثر من ساعة على الأكثر، أما الكتاب الورقي يمكنهم أن يقرؤونه كله ولا يقومون حتى ينتهون من قراءته.. وعلاقة المثقف بالكتاب الورقي علاقة دافئة لا يمكن أن يعكر صفوها أي جديد.

(كتابات): هل يوجد إقبال من القراء على شراء الكتب ؟

  • نعم خاصة القراء الشباب يحبون قراءة الروايات الجديدة والكتب المشهورة التي يتحدث عنها الناس في المجتمع، ويدفعه الاقتناء أكثر من حبهم للقراءة.. فالشاب يفخر بان يقول لأصحابه لقد اشتريت رواية “قواعد العشق الأربعون” مثلاً حتى لو لم يقرأها.

(كتابات): ما هي المجالات التي تلقى رواجاً من القراء “الرواية، الشعر، الكتب السياسية، الاقتصادية….” ؟

  • “الرواية” تلقى إقبالاً كبيراً خاصة في الآونة الأخيرة وقد يدفع المقتني للكتاب رغبته في الاقتناء وليس حب القراءة، فيكفيه أن يقول لأصحابه لقد اشتريت رواية كذا وقرأتها، وليس حباً خالصاً للقراءة ولكنها مواكبة لملمح اجتماعي طرأ في الآونة الأخيرة.

(كتابات): حدثنا عن “جماعة النيل الأدبية” ودور دار “يسطرون” في المشهد الثقافي ؟

  • لقد استطاعت “جماعة النيل” الأدبية – التي أسستها في 2008، وانطلقت في أواخر 2011 بانضمام آخرين لي بعد أن كونا أول مجلس إدارة – أن تساعد جيلاً من الشباب المبدعين، خاصة شعراء العامية الكثر الذين بدئوا مع “جماعة النيل”، وكانت أمسياتها المنتظمة كل يوم خميس البوابة التي دخل منها هؤلاء الشعراء إلى عالم الإبداع والانطلاق، ولأنني كاتب أنفقت حياتي في سبيل الإبداع، فقررت أن تدعم المؤسسة التي امتلكها (يسطرون للطباعة والنشر) بكل قوتها “جماعة النيل” وجماعات أخرى، فأقمت “ملتقى يسطرون” الذي يعقد في دار الأدباء كل يوم اثنين، والذي أصبح علامة مضيئة في المشهد الثقافي داخل مصر.

* الكاتب “عماد سالم”، عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو جمعية الأدباء، عضو المنتدى الثقافي المصري.. من أعماله روايات: ” ليزا، أبو خشبة، كعابيش، يهودي في شارع الغجر (أديفا)”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة