خاص: حاورته- سماح عادل
“أيمن الطهاري” هو أستاذ المسرح بالمعاهد التونسية، ويمارس التمثيل والإخراج بصفة محترف، حاصل على الماجستير في اختصاص مسرح وفنون العرض.. في رصيده 8 أعمال مسرحية منها:( مسرحية “في انتظار غودو”، اقتباس للكاتب العالمي “صاموئيل بيكيت” وتحصلت على 9 جوائز وطنية- مسرحية “فرحة الحياة”، قام بتأليفها وتحصلت على خمسة جوائز وطنية- مسرحية “المغنية الصلعاء”، اقتباس ل”اوجين يونسكو” وتحصلت على ثمانية جوائز- مسرحية “ذاكرة مطموسة” 1 و 2 و 3، وهي مسرحية تاريخية).
إلى الحوار:
(كتابات) مسرحية “في انتظار غودو” إنتاج “مسرح ميميزيا تازركة” حصلت علي الجائزة الأولي كأحسن عمل متكامل في مهرجان المسرح الحر بنابل في دورته الرابعة.. هل تناولتها بشكل مغاير.. ولما؟
- مسرحية في “انتظار غودو” اقتباس حر للكاتب العالمي “صاموئيل بيكيت” تحصلت على تسعة جوائز وطنية في التمثيل والإخراج، في قراءة ومعالجة ساخرة للأحداث والوقائع من خلال شخصيات تنتظر السيّد غودو، ولكنه لا يأتي فيعودون في اليوم الموالي وهكذا تمرّ الأيّام والشّهور ولا شيء يحدث؛ فهو انتظار عبثي وعدمي للأمل المفقود ووضوح الرؤية، وحدود الإنسان المعاصر المثقل بالأمل والحلم والعجز والإحباط، وكل ذلك كان بتناول كاريكاتوري ساخر جدّا.
(كتابات) مسرحية “ذاكرة مطموسة ” دارت عن أحداث 29 جانفي 1952 ومقاومة الاستعمار الفرنسي .. كيف تفاعل معها الجمهور؟
- مسرحية “ذاكرة مطموسة” هي بمثابة ردّ الاعتبار للمناضلين والمناضلات بمدينة “تازركة” ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، من خلال دورهم في توعية المتساكنين بخطورة المستعمر وغطرسته واغتصابه للأرض والعرض، وذلك تحت غطاء الأمان وما شابه ذلك من الكذب والافتراء، وهي وسيلة تستعملها القوى الاستعمارية لاغتصاب واحتلال البلدان بتعلّة الأمان.. وقد تفاعل معها الجمهور كثيرا، وقد تمت استضافة أبناء وبنات بعض الشهداء والمناضلين كرد اعتبار لما قام به أجدادهم، و”ذاكرة مطموسة” هي مسرحية تقدّم كل سنة بأسلوب فني مختلف، وتم استعمال الجماليّة المسرحيّة البراشتيّة لكي يتمكّن المتفرّج من رؤية الأحداث ببصيرته وعقله، ويكون له موقف صارم وفكري نقدي من الأحداث والوقائع ولا يكون مجرّد مستهلك للعرض.
(كتابات) رغم كونك أستاذ للمسرح وحاصل على الماجستير في ذلك المجال لكنك تفضل الاحتراف بالتمثيل والإخراج على التدريس.. هل هذا صحيح؟
- الإبداع والمغامرة المسرحية طبعا ممتعة أكثر لأنّ فيها تجارب حيّة مع الطاقم الفنّي وتبادل وجهات النظر، التدريس أساسه تحسيس الناشئة بقيمة المسرح والفن عموما، لكي يواصلوا المسيرة في ما بعد.. أنا ممثل بالأساس والمهم عندي هو جودة العمل وصداه، إن لم أجد دورا يليق بقناعاتي وتوجهاتي، ألجأ للإخراج من خلال رؤية شاملة للعرض.. لا فرق بين التمثيل والإخراج، المهم والمقياس الوحيد هو جودة العمل ومصداقيّته وحرصه على التّعبير على مشاغل الناس وانتظاراتهم، وإيقاظ الفكر من السبات والغيبوبة التي كرّستها الأنظمة العربيّة المتعاقبة والمتعجرفة.
(كتابات) كيف بدأ شغفك بالمسرح وكيف طورته؟
- منذ الصغر كنت مولعا بالمسرح والتمثيل، وحتى التنشيط والسخرية، وكان ذلك في سنّ المراهقة والطفولة بشكل عفوي وفطري، مع تقدّم السنين أحسست أنّ لديّ قدرة على مخاطبة النّاس والتعبير بالمسرح، من خلال التقليد في البداية ثم تخيّل شخصيات وتجسيدها، فالمرور للكتابة والتأليف والإخراج والتعمّق في دراسة المسرح أكاديميّا من خلال ماجستير المسرح و فنون العرض.
(كتابات) هل المسرح في تونس يعاني من صعوبات وما هي؟
- المسرح في تونس هو رائد المسارح العربيّة، من خلال النضج الفنّي والجمالي للأعمال التونسيّة، وذلك بشهادة أصدقائنا المسرحيّين العرب، ومن خلال هذا اللّقاء أوجّه لهم التحيّة، في تونس وكسائر بلدان العالم الثالث يعاني قلّة دعم الدّولة والافتقار للفضاءات المجهّزة تقنيّا، لاستيعاب أعمال كبرى، لأنّ الإضاءة هامة جدّا في سينوغرافيا العرض، المجهودات للتحسين بدأت بعد الثورة ونتمنى أن تتواصل، و ذلك لمصلحة المتفرّج واحتراما لذكائه وولعه بالفنّ الرّاقي و المسئول.
(كتابات) في رأيك هل ولى عهد ازدهار المسرح حين كان الجمهور يعتبره أحد الفنون الرئيسية ووسيلة للإمتاع والتثقيف؟
- لا المسرح ما يزال وسيلة من وسائل المتعة والتثقيف وإيقاظ الفكر، ودفع الناس للتفكير والنقد، ومهما تقدّمت المجتمعات حتّى الغربيّة من خلال العلوم والتكنولوجيا تبقى حاجة الإنسان المعاصر عموما في المساءلة وإعادة طرح السؤال من زوايا مختلفة، وعدم التسليم بكل المسلّمات، لأن الحقيقة هي حقائق والإنسان غير ثابت بل متحوّل في خضّم التحولات المتسارعة واليومية على جميع الأصعدة.
(كتابات) حدثنا عن الجوائز التي حصلت عليها وهل تحقق لك دعم ما؟
- حصلنا على العشرات من الجوائز في التمثيل والإخراج والعمل المتكامل في عديد المهرجانات المسرحية الهامة، والدعم الوحيد الذي أضافته هو مزيد الإصرار على إنتاج والإعداد لمسرحيات ذات جودة عالية، تحترم ذكاء المتفرّج وتسعى لتحسين الذوق العام لأن الرداءة مع الأسف هي السائدة.
(كتابات) ما هي دعائم وأساسيات المسرح الهاوي في رأيك ليكون ناجحا؟
- أنا محترف تعاملت مع المحترفين والهواة، من سبل تحسين المسرح الهاوي هو الاستئناس بالمحترفين لأنّ لديهم خبرة أكثر ونضج فنّي وفكري وتمكّن بمختلف الجماليات، كما أدعو الهواة للتواضع والحرص على القيام بتربصات لتحسين الأداء، والابتعاد عن التصنّع والتكلّف، وطبعا المشاهدة والمطالعة.
(كتابات) تستعين بأعمال فنية عالمية وبروايات عربية.. كيف تسير معالجتك لهذه الأعمال في المسرح وهل لديك مشروع ثقافي ما؟
- اقتبست عملين عالميين وهما في “انتظار غودو” للكاتب “صاموئيل بيكيت” و “المغنيّة الصلعاء” للكاتب “أوجين يونسكو”، كما قمت بتأليف مسرحية بعنوان “فرحة الحياة”، ليس المهم الاقتباس أو التأليف، المهم جودة العمل ومصداقيته وصداه الإيجابي للوصول للناس.. لا كل عمل هو مشروع متكامل في حد ذاته، ومن خلاله أعالج المواطن التونسي في حياته اليومية، وأحلامه وإخفاقاته والتناقضات التي يعيش بداخلها، وتقريبا كل عمل هو تسلسل للعمل القادم، لكن بوسائل وتقنيات وخطاب مختلف ومبتكر ومتفرّد. والتحضير والإعداد للعمل يتواصل لأشهر عديدة من البحث والعمل اليومي والشاق، لأنها مسؤولية كبرى مخاطبة الناس: عقولهم وبصيرتهم.
(كتابات) ما هي أحلامك وطموحاتك كمسرحي؟
- أحلامي هي تقديم الإضافة في المسرح التونسي، والعمل والمثابرة للوصول للعالميّة، كما أسعى لتأسيس شركة إنتاجي المسرحية الخاصة.