مع كتابات.. أمل زيادة: عندما نكتب نضع قناعتنا جانبا ونتحدث بلسان الأبطال

مع كتابات.. أمل زيادة: عندما نكتب نضع قناعتنا جانبا ونتحدث بلسان الأبطال

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

“أمل زيادة” كاتبة مصرية، حاصلة على ليسانس حقوق جامعة عين شمس، تعمل محررة صحفية بجريدة السياسة الكويتية وجريدة الأهرام ومجلة الثقافة الجديدة التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة وعضو عامل بإتحاد الكتاب. تنوعت رواياتها ما بين الرومانسي والخيال العلمي والدرامي والاجتماعي صدر لها حوالي ستة روايات.

إلى  الحوار:

** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– بدأ الشغف منذ كنت في سن التاسعة كنت أراني كاتبة وأجلس في مقهى وحولي أوراق كثيرة مبعثرة وأقلام تفترش المنضدة. كتبت قصص قرأها مدرسيني وزملائي في الصف، وكم كانت سعادتي وهم يتشاجرون فيمن يقرأ أولا أو من يقتنيها. كنت أرى حلمي برعم صغير سينمو مع الوقت. تماما كالنبتة.

رافقني خلال بداياتي في الكتابة رحلة مع القراءة كنت أسرق الكتب من مكتبة والدي أقرأها وأعيدها، مكتبة والدي شكلت وجداني، كل كتاب قرأته أضاف إلي وجعلني أحلق بين ضفتيه. أما عن كيف طورت من أدواتي فهذا لا يأتي إلا بالمزيد من القراءات المتنوعة، في شتى المجالات  للتعرف على علوم متنوعة وأساليب كتابة أكثر تنوعا. القراءة أول خطوات التميز في عالم الكتابة.

** في رواية “الشاردة” قصة حب ما بين شخصين يتشاجران وبينهما مشاكسة، هل اتجهت لكتابة الروايات الرومانسية نتيجة لإقبال فئة من القراء عليها؟

– رواية “الشاردة” تتناول تيمة حب من نوع خاص، شخصان مختلفان تماما في كل شيء تقابلا بالصدفة، لعبت الصدف دورا كبيرا بينهما، بعضها من تدبير القدر والبعض مفتعل من الآخرين لتقريبهما من بعضهما البعض. في “الشاردة” أثر الحب في شخصية وليد الشخص المتلاعب  فجعله أكثر تهذيبا أكثر تحديدا لما يريد، حدد هدفه وكرس مجهوده في منع رنا عن تنفيذ خططها.

لا أخفي عليك الكتابات الرومانسية تلقى رواجا كبيرا بين الأوساط الشبابية وهذا لأنهم أكثرنا طهارة ونقاء وحبا. لذا نجد أن الكتابات الرومانسية تلامسهم أكثر منا. أما عني وبشكل خاص لا أتعمد الكتابة في لون محدد بل تتحكم بي الفكرة فقط. أيا كانت نوعها تلح علي ولا يهدأ لي بال إلا إذا أخرجتها في أي صورة كانت.

 ** في رواية “الشاردة” كانت البطلة رنا تسعى لنشر الخير والمحبة ومساعدة الفقراء.. هل تسعين لتقديم رسالة ما من خلال أعمالك الأدبية؟

– لا أتعمد نشر أي شيء بشكل محدد من خلال كتاباتي، لكني أعبر عن أبطالي بعد أن أضع نفسي مكانهم. محاولة مني في اعطائهم روحا ولحما ودما. فهؤلاء إن لم يكونوا نماذج حولنا في الحياة قابلناهم يوما حتما هم انعكاس لشخصياتنا الحقيقة. كما أنني لا أري خطأ  في أن أسلط الضوء على شق خيري أو إنساني أو تطوعي من خلال أي عمل روائي، طالما لا يخل بالمحتوى وليس مقحما عن قصد في العمل. ربما تناول هذه النقاط يكون له أثرا إيجابيا على الأجيال القادمة، فيختفي الكره والحقد مع الوقت.

** في رواية “جبل الأساطير” تناولت موضوع الاستنساخ وخطورته على الحياة الإنسانية.. حدثينا عن ذلك؟

– في “جبل الأساطير” يقوم الجنرال “هتان” باستنساخ البشر من أجل تخليق جيلا جديدا بمواصفات خاصة جدا. هذه الرواية من أول كتبي المنشورة التي كانت تحمل اسم “الكهف”. عندما أعدت طرحها مجددا قمت بتنقيحها وأضفت جزء ثاني لها بعنوان “جبل الأساطير”، فكانت “جبل الأساطير” في صورتها الجديدة المتميزة جدا من حيث كل شيء، غلاف جذاب ومحتوى مميز مكثف ومنقح وإخراج فني أكثر احترافا.

لا أنكر أننا نواجه طفرة علمية مبهرة، العلماء في سباق مع الزمن، من أجل الوصول لما بعد، في حالة عمل دؤوب. الاستنساخ في العلم لا أراه شيئا مؤذيا كما نتخوف منه، أرى أن العلم الحديث يقنن عملية الاستنساخ حيث يقرر أن إجراء مثل هذه التجارب بهدف التغلب على بعض الأمراض المستعصية.

أنا مع العلم في كل شيء، مادام مسخرا لخدمة الإنسانية وتطور المجتمعات. لا أرى خطورة في تناول الاستنساخ في حد ذاته، تكمن الخطورة في العنصر البشري المتحكم في العلم ويوظفه وفقا لأهوائه وميوله وحساباته الخاصة، والعلم والعلماء أبعد ما يكونوا عن هذه الحسابات المخزية.

** حصلت على جائزة نهاد شريف لأدب الخيال العلمي.. ماذا تعني لك الجوائز وهل تدفعك لمزيد من الكتابة؟

– جائزة نهاد شريف لأدب الخيال العلمي جائتني في توقيت حرج حيث كان أول كتبي يتعرض لحملة هجوم ممنهجة ممن لا يقدر قيمة الأعمال التي تندرج تحت بند أدب الخيال العلمي. لذا كان حصولي عليها بمثابة دعم وتقدير لما كتبت, بالرغم من أنني لم أسلك هذا اللون من خلال كتبي التي تلت هذا العمل الفائز. مما لا شك فيه أن الجوائز تعد تقديرا لما نكتب لمجهودنا، لحروبنا مع الآخرين وأنفسنا، لأننا عندما نكتب نضع قناعتنا جانبا ونتحدث بلسان الأبطال، مما يعرضنا للعديد من المشكلات التي لا حصر لها. لذا الجوائز تعد حافزا معنويا وماديا وتقديرا لما نكتب.

  ** ما تقييمك لحال الثقافة في مصر وهل يدعم الكتاب الشباب؟

– الوضع الثقافي في مصر شهد حالة رواج في فترة ما قبل الجائحة، أما بعد الجائحة فأصبح الوضع مهددا بشكل كبير مما أثر على اعتماد أغلب الناشرين على من  لديه متابعين أكثر، بغض النظر عن قيمة المحتوى الذي يقدمه. أصبح تفكيرهم تجاريا بالمقام الأول، في محاولة لتعويض ما خسروه مع الجائحة، مما أدى لظهور أنصاف الهواة وغلق الأبواب في وجه المتميزين أصحاب الأقلام الجادة، الموهوبين بحق ممن يستحقون أن يخلدوا ككتاب في تاريخ الثقافة في مصر والأدب بشكل عام.

أتمنى أن تعتدل الكفة قريباً ويحدث توازن خاص من شأنه أن يزيد من عنصر جذب المزيد من القراء.

 ** ما سر تنوعك في موضوعات رواياتك وهل تتجهين للموضوعات الأكثر رواجا؟

– لا أسعى للأكثر رواجا ولا أضعها في حساباتي. أنا فقط أسيرة الفكرة، تحكمني الفكرة. لا أخطط للكتابة عن شيء بتعمد، تلح على الفكرة فأخرجها فتأتي على هيئتها، فتارة أكتب خيال علمي وتارة رومانسي وتارة درامي أو حرب وتارة ساخر أو رسائل أو خواطر أو قصة قصيرة.  وهذا سر تنوع كتاباتي ولا أظنني مخطئة لأني لم أكتب في لون محدد، فعظماء الكتابة والأدب لم يحصروا أنفسهم في لون واحد.

** تعلمين في مجال الصحافة حدثينا عن مسيرتك فيها؟

– مشواري مع الصحافة تأخر كثيرا، جاءتني الفرصة منذ كنت طالبة بالجامعة للعمل كصحفية تحت التدريب في جريدة الأهرام ولظروف خاصة تم عرقلة هذه الخطوة عن تعمد أن شئت الحقيقة. هجرت القلم لعشر سنوات متواصلة ثم عدت للكتابة مجددا والتحقت بالعمل في جريدة السياسة الكويتية، ونفس المكان الذي تم عرقلته عن قصد ودخلت بوابة مبنى الأهرام، هذا الصرح الصحفي الكبير وعملت فيه لسنوات عدة وأنا أكثر نضجا أكثر ثقة أكثر ثقلا أدبيا. عندما دخلت من بوابة مبنى الأهرام أدركت أنه من الخطأ أن أظن أن الحياة لا تعطى الفرصة مرتين.

نشرت لي عدة مقالات في جريدة الشروق والبوابات الاليكترونية لأغلب الصحف المصرية الشهيرة لأجدني أصبحت أسيرة العمل بالصحافة بالتوازي مع الكتابة الروائية.  صاحبة الجلالة أضافت إلي كثيرا، العمل الصحفي أكثر إمتاعا ويستحق أن نكافح من أجله وأن نضحي بالمزيد من الوقت وأن نسخر كل طاقتنا لكل حرف. بالرغم من أنها مهنة متاعب إلا أن سر جمالها يكمن في متاعبها.

** في رأيك هل تختلف الكتابة لدى الكاتبة المرأة عن الكتابة لدى الكاتب الرجل وماهي الاختلافات؟

– لا أرى اختلافا، الكتابة بحد ذاتها تجردنا من كينونتنا. فلا الكاتب الرجل يكتب بصفته رجلا ولا المرأة تكتب لأنها امرأة، القلم وروحنا وحدهم المتحكمين فيما نكتب. وإن كنت أرى أن المرأة أكثر قدرة على وصف المشاعر من الرجل. بخلاف ذلك أرى أن الأدب أدب لا يفرق بين كاتب وكاتبة، العمل الجيد وحده من يؤثر بالآخرين بغض النظر عن هوية كاتبه.

** تناولت القضية الفلسطينية في بعض أعمالك.. هل مازلت القضية الفلسطينية تشغل بال البعض في رأيك؟

– في روايتي “صهر الحديد” تناولت فيها اجتياح قطاع غزة من قبل المحتل. اعتز كثيرا بهذه الرواية وأدعو كل الكتاب من كل الجنسيات للكتابة عن هذه القضية ستبهرهم تفاصيل هذا المجتمع المحاصر والمضطهد من الجميع.

أما عن نصف سؤالك الثاني فإجابته لا أظن أن قضية فلسطين خاصة بشخص أو شعب أو حتى ترتبط  بزمان أو مكان محدد حتى نعتقد أنها تشغل بال أحد أم لا.

القضية الفلسطينية قضية أبدية قضية كل عربي حر، ربما يستبسل البعض في طمس حقائقها حتى تضمر وتتلاشى لكن هيهات أن يفعلوا، فكلما وجد العدو كلما تذكرنا أن هناك بقعة غالية تحت سيطرته وأن هناك مقاومة صامدة تحارب وحدها بمقدرات محدودة، بمعجزات تبهر الجميع وستظل، القضية الفلسطينية قضية كل عربي مخلص.

** ماسر الرسائل التي لن تصل أبدا؟

– أكتب مقال أسبوعي في مجلة مصر المحروسة بعنوان “رسائل لن تصل أبداً” أوجهها للفنان الراحل الموسيقي المعجزة “عمر خورشيد”. أراها فرصة متجددة بصفة دورية لأبثه مشاعري وأشاركه هواجسي ونتناقش كأصدقاء في شتى أمور الحياة، لا سيما العاطفية باعتباره إيقونة الحب في الزمن الجميل. لاقت هذه الرسائل رواجا وصدى كبيرا بين مختلف الفئات العمرية، يراها البعض رومانسية شاعرية تفيض حبا وبراءة ويراها الآخرون مصدرا للطاقة الإيجابية، ينتظرونها بشغف وترقب ليروا ماذا ستكون الرسالة الجديدة. وما بين هؤلاء وهؤلاء أشعر بامتنان للكتابة التي جعلت فعلا أراه بسيطا مؤثرا على هذا النحو الجيد. اسمحِ لي أن أشكر كل متابعي الرسائل من خلال نافذتكم الموقرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة