6 أبريل، 2024 9:21 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. أحمد عبد الكريم: فضلا عن الكتابة كان لدي شغف كبير بكل الفنون

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: حاورته- سماح عادل

“أحمد عبد الكريم” شاعر وروائي وكاتب جزائري مهتم بالنقد التشكيلي،  من مواليد 16 أوت 1965 بالهامل المشهورة بزاويتها وبكونها مركز إشعاع ديني وصوفي. وهو أستاذ للتربية التشكيلية منذ عام 1987، وحاصل على ليسانس علوم الإعلام والاتصال من جامعة المسيلة 2010، وماستر علوم الإعلام والاتصال سمعي بصري من جامعة الجلفة 2014. صحفي متعاون مع القسم الثقافي لجريدة (الفجر).

حاصل على العديد من الجوائز مثل: جائزة محمد العيد آل خليفة بين عامي   1986و 1999.

– جائزة مفدي زكرياء المغاربية للشعر العامي لعامي1995 و2000.

– جائزة أول نوفمبر للمجاهدين عن وزارة المجاهدين عامي 2000 و2001.

– جائزة مؤسسة فنون وثقافة.

– جائزة عبد الحميد

صدر له:

– كتاب الأعسر(سيرة) عن منشورات الجاحظية سنة  1995.

– تغريبة النخلة الهاشمية (شعر)عن منشورات الجاحظية سنة 1997.

– معراج السنونو (شعر) عن منشورات رابطة الاختلاف عام 2002.

– عتبات المتاهة (رواية) عن منشورات رابطة كتاب الاختلاف سنة 2008.

– موعظة الجندب (شعر) منشورات دار أسامة 2008.

– اللون في القرآن والشعر(دراسة) منشورات البيت 2010.

– كولاج (رواية) منشورات دار الجزائر تقرأ 2018 (جائزة الجزائر تقرأ للإبداع الروائي).

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

  • كانت البدايات الأولى مع الإنشاء الأدبي في المدارس الإعدادية، من خلال إعادة صياغة قصص المنفلوطي وجبران، وحفظ النصوص الشعرية المقررة علينا آنذاك. لكن كان لدي تردد في داخلي بين كتابة القصص القصيرة التي كانت أولى كتاباتي التي تخليت عنها لحساب الشعر.

وفي منتصف الثمانينات نشرت أولى نصوصي الشعرية في جريدة (الشعب)، كبرى الجرائد الجزائرية المعربة، في ركن البريد الأدبي الذي كان يشرف عليه الشاعر الجزائري “عياش يحياوي”..  في 1986 حصلت على جائزة محمد العيد آل خليفة التي كانت تنظم على هامش مهرجان الشعر العربي الذي كان يحمل اسم الشاعر بمدينة بسكرة، وكان يقام سنويا وتحضره أسماء جزائرية وعربية كبيرة. وظل أهم مهرجان يعنى بالشعر إلى أن توقف في السنوات الأخيرة..

كان مهرجان محمد العيد تأشيرة انخراطي في الحركة الشعرية لجيل الثمانينيات التي بدأت بوادرها تظهر مع قصائد الشاعر الراحل “عثمان لوصيف” وآخرين. داخل هذه الحركة التي أحدثت قطيعة مع جيل السبعينيات الذي أوصل الشعر الجزائري إلى مأزق حقيقي، وأسست لشعرية جزائرية جديدة ذهبت بالشعر الجزائري بعيدا.. وكان يمكن لمشروع جيل الثمانينيات أن يذهب بعيدا لولا اصطدامه بسياقات مرحلة التسعينيات التي أدخلت الجزائر في مرحلة دموية أخرست أصوات الشعراء وأذهلت قرائحهم فلم يجدوا أمامها إلا الصمت.

(كتابات) هل تعتبر نفسك متعدد المواهب ترسم وتكتب الشعر والرواية.. وأي من هذه المجالات أقرب إليك؟

  • فضلا عن الكتابة كان لدي شغف كبير بكل الفنون، لأنني اعتبرها أوجها متعددة لشيء واحد هو الفن، صحيح أنني بدأت بالرسم في طفولتي المبكرة، وبسبب عدم اهتمام المحيط التقليدي الذي أعيش فيه بالتشكيل، وغياب المعارض، وعدم وجود الخامات والأصباغ بسبب الأوضاع العائلية الصعبة. لم أستطع الاستمرار في الرسم. وظلت علاقتي بالرسم مهنية بحتة كأستاذ للتربية التشكيلية. لكن لا استطيع أن أقول بأنني متعدد المواهب بقدر ما أنا محب للكتابة بكل أشكالها و أجناسها، أتنقل بين الشعر والرواية والكتابة و التأمل في ما أعرفه..

أنا عرفت كشاعر بالأساس وحين أحسست أن الشعر يضيق بما أريد أن احكيه للناس، انتقلت إلى الرواية وربما أنتقل في المستقبل إلى نوع آخر مختلف من الكتابة. و أحس أني قريب من الشعر كما أنني قريب من الرواية.. بالنسبة لي ليس هناك مفاضلة أو أولوية لأن القضية مرتبطة بلحظة تعبير نكون فيها بحاجة إلى الشعر أو الرواية..

(كتابات) في رواية (كولاج) احتفيت بجمال الخط العربي حدثنا عن عنه؟

  • صحيح كان الخط العربي هو الموضوعة الأساسية لرواية (كولاج)، أو الخلفية التي تأسست عليها أحداث الرواية. لقد صدرتُ الرواية بعدة استشهادات لمتصوفة ومؤرخين، تحيل على الخط العربي وجمالياته ورموزه وعلاماته وتاريخه، أردت أن تكون الرواية شهادة على الخط العربي، وهو يحتضر بفعل انحسار دوره وموته الرمزي بفعل التكنولوجيات الجديدة التي تهدد وجوده وتريد أن ترمي به إلى مزبلة التاريخ.

مؤسس الخط العربي اللين الوزير الخطاط “أبو علي بن مقلة” هو محور هذه الرواية لأن العمل الفني المسروق الذي تدور حوله أحداث الرواية هو “كتاب الهدنة ” وهو عبارة عن معاهدة بين الروم والمسلمين، أنجزه “ابن مقلة”، وكان حقيقة محفوظا بكنيسة القسطنطينية كما يذكر المؤرخون.. لذلك كان من الطبيعي أن أسعي إلى تأسيس الرواية بخلفية معرفية عن الخط العربي..

(كتابات) في رواية (كولاج) رصدت كراهية الجزائريين لما سموا ب”الأقدام السوداء”.. هل هناك عداء للفرنسيين الذين كانوا يعيشون في الجزائر وقت الاستعمار ولم؟

  • بطبيعة الحال، ما قامت به فرنسا الكولونيالية خلال فترة احتلالها للجزائر لمدة مائة وثلاثين سنة لم يكن أمرا بسيطا، يمكن أن يمحى بسهولة من الذاكرة. وبعد ما يزيد عن ستين سنة من الاستقلال مازال الجزائريون يطالبون فرنسا بالاعتذار عما اقترفته من جرائم وحشية بحق الإنسان الجزائري. و لا يمكن أن تطوى هذه الصفحة من التاريخ بسهولة ولا بجرة قلم.

روايتي تشير بشكل ما إلى حرب الذاكرة التي مازلت مستمرة بين الجزائر وفرنسا، ومازالت النقاشات بشأنها مستمرة في كثير من المنابر الإعلامية والسياسية.. مازال هناك حنين من طرف من يسمون  ب”الأقدام السوداء” وهم الفرنسيون الذين ولدوا على أرض الجزائر، ثم غادروها مكرهين مباشرة بعد الاستقلال لذلك بقيت جنتهم المفقودة. خير مثال على هؤلاء وأشهرهم صاحب جائزة نوبل الكاتب “ألبير كامو” صاحب رواية “الغريب”. الذي أثار موقفه المعروف من القضية الجزائرية جدلا كبيرا ما زال مستمرا إلى اليوم.. لعل رسالة الاعتذار التي حملها “السيد نافري” في رواية (كولاج) إلى “العارم” المغتصبة تشير بشكل ما إلى الجزائر في علاقتها بفرنسا المستعمرة..

(كتابات) في رواية (كولاج) رصدت التشدد الديني الذي مازال متواجدا في الجزائر بشكل أو بآخر.. هل خفت حدته بعد التسعينات وكيف حدث ذلك؟

  • التطرف الديني من أهم الظواهر والمشكلات التي ابتليت بها الشعوب العربية والإسلامية، وربما كل العالم في السنوات الأخيرة.. الجزائر ربما هي أول دولة عاشت محنة التطرف الديني التي أدت إلى سقوط كثير من الضحايا بسبب استعمال الجماعات الإسلامية للعنف الدموي، في محاولتها الوصول إلى أهدافها السياسية وتنفيذ أجنداتها المقيتة. مازال الجزائريون يتذكرون تلك المجازر والمشاهد الدموية التي عاشوها خلال عشرية التسعينيات الدموية.

الجزائر تعافت من تلك المحنة التي علمت في ذاكرة الجزائريين، ولكن كثير من النصوص الروائية في الجزائر حاولت أن تستعيد تلك الفترة بكل مآسيها. أنا في رواية (كولاج) أشرت إلى بعض مخلفات تلك المحنة والمخاوف التي ظلت عالقة بالوجدان الجزائري، وأيضا معاناة الفنانين خلال تلك الحقبة المؤلمة..

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في الجزائر؟

  • ليس من السهل تقييم الوضع الثقافي في الجزائر، فهو يراوح بين صعود وهبوط، كما في كل دول العالم على ما أعتقد. هناك ظواهر إيجابية وهناك مظاهر سلبية لا تؤثر على قيمة هذا الزخم الثقافي..

صحيح أن هناك غياب لتقاليد ثقافية مستمرة، وحركة نشر قوية، وغياب للمجلات الثقافية والجوائز الكبيرة، لكن بالمقابل هناك حركية ثقافية بكل ما فيها من ارتباك وما يرافقها من انتقادات تصل حد التذمر. لكن هذا لا ينفي وجود مبادرات وفعاليات وأنشطة من شأنها أن تغني المشهد العربي عموما..

ربما ما يميز المشهد الثقافي الجزائري هو التعددية اللغوية وانقسامه إلى معربين و فرانكفونيين، كل منهما يناصب العداء والخصومة للآخر.. بعد ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، أخذت مكانتها كعنصر مهم من عناصر الهوية الجزائرية، حيث بدأنا نقرأ كتبا ونصوصا أدبية، بهذه اللغة ونشاهد أفلاما ومسرحيات تشكل بعدا مهما للثقافة الجزائرية..

(كتابات) لما تركت الرسم وكيف كانت أحلامك في مجال الفن التشكيلي؟

  • كما قلت سابقا أن الرسم بدأ معي مبكرا، قبل الكتابة الأدبية، لكن البيئة التي كنت أعيش فيها كانت بيئة صوفية عرفت بزاويتها وطقوسها الروحانية، تعتمد على النصوص المقدسة، ولا تساعد على الممارسة التشكيلية ولا توليها أهمية كبيرة، فلم تكن هناك صالات عرض أو وسائل أو خامات تسمح بالاستمرار مع التشكيل، لأن مدينتي بوسعادة لم تكن مدينة كبيرة، بل واحة صغيرة كانت خلال الفترة الكولونيالية وقبلها قبلة للفنانين المستشرقين الباحثين عن مواضيع وأخيلة شرقية ملهمة. وقد اتخذها الفنان المستشرق إتيان نصر الدين دينييه مصدر إلهام له.

حين اهتديت إلى الشعر، كنت مخيرا بين الشعر والرسم، وكان قرار الانخراط في الشعر سهلا بالنظر إلى الأسباب التي ذكرتها سابقا.. فلم يكن ممكنا الجمع بين التشكيل والشعر إلا بما سمحت به ضرورة الحياة والمهنة..

(كتابات) هل اتجاهك لكتابة الرواية سببه طغيان السرد على الشعر؟

  • طالما طرح علي هذا السؤال منذ كتبت روايتي الأولى “عتبات المتاهة ” عام 2007. حينها كتبت مقالا عنوانه “قريبا من الشعر قريبا من الرواية”. ملخصه أن الشاعر طالما أنه يمتلك لغة فإنه يستطيع أن ينتقل من كتابة إلى أخرى بكل سلاسة ويسر، وقلما يحدث العكس أي أن ينتقل الروائي إلى كتابة الشعر، والأمثلة كثيرة في التاريخ الأدبي والعربي والجزائر. ف”كاتب ياسين” صاحب رائعة (نجمة) و”مالك حداد” و”أحلام مستغانمي” وغيرهم بدؤوا شعراء وانتهوا روائيين.

يمكن أن يكون انتقالي إلى الرواية بسبب طغيان السرد والرواية التي أصبحت ديوان العصر، لكن ربما أيضا بسبب أن الشعر ضاق بي في لحظة من الزمن على الصعيد الشخصي، وعلى صعيد آخر يبدو أن الشعر عموما دخل في مأزق.

أنا كما قلت لك بداياتي الأولى كانت قصصية، بل إن أول عمل لي هو “كتاب الأعسر “. وهو نصوص سردية، لكن البيئة التي عشت فيها والسياقات المتوترة التي وعيت عليها كانت تقدس البلاغة الشعرية، لذلك ربما أكون ساردا أخطأ طريقه إلى الشعر.. بعيدا عن كل هذه التفسيرات أنا مؤمن بمفهوم الكتابة التي تذوب فيها تلك الفوارق الشكلية بين هذا النوع من الكتابة أو ذاك.

(كتابات) حدثنا عن فوزك بجائزة الجزائر تقرأ وماذا حققت لك؟

  • أكيد أن تتويجي بجائزة الجزائر تقرأ للإبداع الروائي كان لحظة مهمة في مساري مع الكتابة، لأنها ستمنحني نوعا من الثقة وتجعلني أكثر مسؤولية وانخراطا في الكتابة، مثلما ستجعلني أكثر انتشارا..

الجميل في جائزة الجزائر تقرأ هو لجنة تحكيمها الرصينة، كما أن روايتي (كولاج) ستحظى بطبعة عربية ستصدر عن دار المتوسط، وأيضا ستحظى بالترجمة إلى خمس لغات، كما ستتحول إلى مسرحية..

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب وما هو جديدك؟

  • التحدي الأساسي الذي واجهني في كتابة رواية (كولاج) هو أنني كنت أكتب عن أمكنة لم أزرها مطلقا، مثل بغداد، إسطنبول، القاهرة، ومدن جزائرية كثيرة، وكان علي أن اعتمد على التخييل واللجوء إلى التوثيق..

أنا متأكد أن الرواية كانت ستكون أكثر تأثيثا ورسوخا لو أنه أتيح لي معاينة تلك الأمكنة التي تدور بها أحداث الرواية قبل كتابتها. لأنني راهنت على كتابة رواية تخرج قليلا عن النمط المألوف في الجزائر تجمع بين ما هو محلي وبين ما هو إنساني عموما..

عن مشاريعي القادمة، لدي عمل للأطفال، ولدي أيضا دراسات في مجال الفن التشكيلي ومقالات، سأعمل على جمعها ونشرها متى سمحت الظروف..

قصيدتين لأحمد عبد الكريم..

من قصيدة: العاشق ومرايا الرمل

هناك للشط البعيد غمامتان.

وتهيم وحدك ترسم القمر السرابي المؤله من دخان.

وتقول لي عينا مليكة نجمتان.

وأقول كم أخشى عليك من السرابِ

ومن هوى العنقاء.. كم!.

لمدائن الشجر القميء طقوسها.

ولك انتماؤك للرذاذ وللمها.

ولك احتراقُك في التوحُّد والمسوح.

وتظل تحضن جمرك المخبوء.

من بدء التحرُّق والندى,

وتقول لي أنا فارس القمر الجموح.

فليخرج العشاق من صلواتهم.

ويدحرج النجم السنِيُّ إلى السفوح.

ظل المسيح.

وآخر الشهداء في الزمن المسيَّج بالصواعق والمدى

لكنما عمري أنا.

كان انتماء لليباب وللصدى.

كان انتظاراً للبنفسج والغزال.

ولم تجيء (حيزية) الأخرى التي أجلستها.

.. فوق الغمام

ملَّكتها عمري فأعطتني الصقيع وعربدت.

حَنَّتْ يديها من دمائي.

ثم ولت كاليمام.

ومنحتها عمري… فغطتني عراجين السهام.

***

إشراقيـة

نذرت لأسئلة الليل وقتي

تقلدت سيف المباهج في حضرة العرش

لما تبدى لي الجوهر

ورحت أغازل برقَ الأقانيم ممتطياً فرس العشق..

ممتلئاً بالتوجّس..

حطت على رأسي السحب السندسية

حين تسلقت سارية الوهج البرزخي..

وها قد أرقتْ على سكرة الوجد روحي.

وهذا دمي أخضر ومباح

لعينين من لؤلؤ وضياء

فيا حادي الروح خذني إلى رفرف الملكوت السني

وعرِّج على سِدرة الانخطاف

ودعني ألامِسُ هالتها الزئبقية

أو أتملى بهاء أصابعها في أَتون التجلي

أنا سندباد المعارج

أو ترجمان الشَّجَى والصبابة.. أبدأ كشفي

بما يشبه الموت والعُري والدهشة الشاعرية

أدخل نار المواجد وحدِيَ كالشمعدان

وأشعل ليل الغيابات مستنفر القلب والعين

أو طافحاً بنبيذ الهيام

ومحتفلاً بخريف الأمالي القديمة

محتشداً بالغزالة أو بالذين تواروا

حبيبي أنا وأنا لحبيبي.. فمن أين يأتي الشتاء?!

دم العشق في راحتيَّ مراق

وقلبي على قبة البرج مبتهج بالمجالي

كأني أريد الترجل فوق خرير المياه

أو الرقص في لجة النار كاليرقات

كأني أريد انبجاس المياه على قدمي.. يا إله

تماهيت في الطالع الملكي..

فيا حاديَ الروح خذني لأرقى مدارج هذا السرادق

إذا أسعفتني البراق

لعليَ أقبس من سِدرة الغيب ناري

وأحمل للمدلجين شموس الحقيقة..

إني أريد الذي سأريد

فأَنَّى تجيء التي وعدت

ويكون الندى والعناق.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب