خاص: حاورته- سماح عادل
“أحمد إبراهيم” كاتب مصري شاب, درس الإعلام بجامعة حلوان, ورواية “جمهورية الأخ الكبير” هي أول رواية تنشر له، وهو فيها يستخدم نمط الديستوبيا، ذلك الأدب الذي يتوقع المستقبل، أو يكتب عنه من خلال معطيات الواقع، وقد انتشر هذا الأدب في مصر في الآونة الأخيرة، خاصة بعد ثورة يناير، وكأن ثورة يناير أشعلت خيال بعض الكتاب لتخيل المستقبل ومساره من خلال الواقع المحمل بتفاصيل متشابكة ومزدحمة.
إلى الحوار..
(كتابات) كيف بدأ شغفك في الكتابة وكيف تطور؟
- منذ الصغر, منذ أن كنت أدرس في المرحلة الابتدائية وأنا أكتب, ولعل الشغف المبكر بالكتابة, هو ما جعلني أقوم بنشر الرواية في سن صغير نسبياً, وهو 21 عاماً.
هل كتبت شيئاً قبل روايتك المنشورة أم أنها أولى محاولاتك الأولى في الكتابة؟
- قبل أن أبدأ في كتابة الرواية, كتبت قصة أسمها “أمل”, تقدمت بها في مسابقة أدبية أعلنت عنها دار ضاد للنشر والتوزيع, وفزت في المسابقة, ونشرت القصة ضمن مجموعة القصص الفائزة في كتاب أسمه (عندما يسكت زوربا) وصدر في عام 2015, وكتبت العديد من القصص الأخرى ولكني لم أنشرها بعد, وأكتب حالياً رواية أسمها “الخاتم”، بالإضافة إلى أنني قمت بكتابة العديد من سيناريوهات الأفلام.
(كتابات) لما اخترت أن تتناول في رواية “جمهورية الأخ الكبير” قضية الإرهاب.. حدثنا عنها؟
- اليوم في عالمنا العربي يُعد الإرهاب هو المشكلة الأساسية بالنسبة لنا, وهو نتاج تفاعلات المشاكل التي نعاني منها, فمثلاً نتيجة للشعار الأجوف القائل بأن:”لا كهنوت في الإسلام” صار من حق أي من كان أن “يُشيّخ” نفسه, و أن يجذب الشباب الغر إلى تفسيرات مُضللة للدين تحض على العنف.
ونتيجة لغياب حضور اتجاه المؤسسة الدينية الإسلامي في الشارع المصري، أمام الاتجاهات الإسلامية الوافدة من الخليج ومن الجماعات الإسلامية السياسية, وتفاعل هذا مع المشكلات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي أنتجت جيلاً فاقداً للهدف والوجهة, وفي أحياناً كثيراً مستهيناً بقيمة الحياة. فقد كان من السهل على شيوخ التشدد أن يسوّدوا صورة الدولة والحياة أمام الشباب, وأن يقنعوهم بأن خير وسيلة للبناء هي هدم ما هو قائم, ثم إعادة بناؤه.
أما عن الدولة نفسها, فيجدر القول بأن الحال السياسي للدولة في التعامل مع جماعات الإرهاب كان يختلف ويخضع للوضع للسياسي للمرحلة. فمثلاً إن كان عبد الناصر قد حارب وجود الجماعات الإسلامية, فقد جاء السادات ليستخدم وجودهم في الحرب ضد التيارات السياسية المُختلفة, ومن بعده جاء مبارك ليستخدمهم كـ”فزاعة” وشريك وهمي لا يحظى بنصيب مؤثر في العملية السياسية التي كان يسيطر عليها الحزب الوطني, والآن تقوم الدولة بُمحاربتهم, وأنا أرى أن الكرَّة ستُعاد, ومُستقبلاً, سوف يأتي نظاماً يقوم باحتوائهم واستخدامهم.. وعن استخدام الإرهاب في يد النظام والإعلام تدور أحداث رواية “جمهورية الأخ الكبير”.
(كتابات) رواية “جمهورية الأخ الكبير” تتناول حكاية في المُستقبل.. هل تأثرت برواية 1984 ل”جورج أورويل” وروايات “الدستوبيا”؟
- بالفعل لقد قرأت رواية “جورج أورويل” أكثر من مرة, ولقد فتنني قدرته على التنبؤ بعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية, بحيث تكون الدولة مُلخصة ومُجملة في عمود واحد وهو حاكمها (الحاكم هو الدولة, والدولة هي الحاكم). ويخوض هذا الحاكم حرباً على صعيدين, على المستوى الخارجي: ضد الدولتين اللتين تعاديانه, وعلى المستوى الداخلي: ضد الفرد نفسه ضد حرياته وطموحاته ورغباته. ويُبرر دائماً حربه على الفرد بكونها تصب في مصلحته لأنه يحميه من مؤامرات الخارج, وأما الحرب على الدول الأخرى فيُبررها بأن غرضها هو حماية المواطن بالداخل!.
(كتابات) هل واجهتك صعوبة في النشر؟
- ككاتب يُعد هذا أول عمل يُنشر لي, فقد واجهت صعوبة في النشر. إلى أن وصلت إلى دار مدبولي للنشر والتوزيع, وهي دار عريقة, وأود أن أشكرهم على مساعدتي في إعداد الرواية, وكافة مراحل النشر, إلى أن نُشرت.
(كتابات) ما رأيك في حال الثقافة في مصر والعالم العربي؟
- الناس في مصر والعالم العربي يرون أن الثقافة هي أن تتقن لغة أجنبية, وتُقحم كلماتها في حديثك. أي أنها لا تخرج عن كونها محض “كلام”!, لكن ولم العجب؟! فرواد الثقافة في مصر والعالم العربي المُفترض أن يكونوا من الإعلاميين مثلاً, طيب, ثمة إعلامي مشهور جداً قال بعد وفاة د. أحمد خالد توفيق أنه لا يعرفه من الأساس.. د.أحمد خالد توفيق الذي يُعد أحد الأسباب التي دفعتني ودفعت الكثير من أبناء جيلي إلى القراءة ومن ثم الكتابة!, حتى في المؤتمرات والندوات الثقافية دائماً ما أرى المدعوون إليها هم هم, وكتاباتهم وإنتاجهم هش وضعيف جداً.
(كتابات) في رأيك هل يجد الكاتب الشاب الدعم في بداية طريقه.. ولما؟
- بالتأكيد لا, فالدعم من ناحية الجمهور أو القرّاء لن يأتي إلا عندما يُمكن للكاتب أن يصل للقراء, وكيف يُمكن أن يصل الكاتب الشاب إلى القارئ؟ من خلال الدعم من ناحية القائم على العملية الثقافية مثلاً؟!, في مصر فإن وجود وزارة الثقافة يكاد يكون معدوماً, ولا توجد جوائز للكُتّاب الشباب.
أما على صعيد الناشرين, فإن الناشر ما إن يجد كاتباً قد نشر كتاباً وقد أحدث ضجة في سوق الرواج best selling فإنه يعتبر الكاتب نجماً, ويقوم بزيادته بريقاً من خلال مختلف أنواع الدعايا, ولكن بعد فترة يبدأ إنتاج كاتب الbest seller في الضعف, مخيباً آمال الناشر الذي رسم للكاتب منحنى صعود جنوني في المبيعات, ولكن دعاية الناشر لا تتوقف, وتلك الدعاية تُخلِّف ضباباً يحجب الفرصة للكُتاب الآخرين للوصول إلى القارئ.هذا إلى جانب انخفاض معدلات القراءة في مصر والعالم العربي مقارنة بالدول الأخرى.
(كتابات) هل سهلت وسائل التواصل الاجتماعي على الكاتب ليعرض كتاباته ويتعرف على جمهور القراء؟
- بحكم طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي, فقد سهّلت انتشار الكتابات الرومانسية والساخرة, وحققت لهما رواجاً كبيراً, خاصة بالنسبة للكُتّاب العارفين والمحترفين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي, وأيضاً تجدر الإشارة إلى أنها كانت مجالاً وحيزاً كبيراً لتشارك الآراء بخصوص الكتب المُختلفة, من خلال المجموعات الثقافية مثلاً. وأنا أرى أن الاتجاه في إعادة قراءة كلاسيكيات الأدب على سبيل المثال سببه الحديث عنها بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
(كتابات) من هم الكُتّاب الذين تأثرت بهم؟
- بشكل رئيسي تأثرت بالأديب نجيب محفوظ, وجمال الغيطاني, يوسف إدريس, إبراهيم أصلان, خيري شلبي, جبران خليل جبران, يوسف زيدان, فيودور ديستوفيسكي, ماركيز, هنري ميللر, وستيفن كينج.
(كتابات) ما رأيك في كتابات جيلك من الشباب؟
- كتابات جيلي من الشباب في الغالب لا تخرج عن نطاق: (الرعب أو الجريمة أو الرومانسية), وهي مجالات ليس لها أصول راسخة في تاريخ الأدب العربي, ولكن ليست هذه هي المُشكلة بالضبط, المُشكلة في أن يخرج العمل- مكتوباً بالعربية- ولكنه مُعبراً عن ثقافة لا تمت للثقافة العربية بصلة, أقصد أنه على الكاتب أن يقوم بتعريب وتأصيل أو حتى “تجنيس” الرواية التي يكتبها, بحيث تخرج نتاجاً للثقافة العربية, أنا شخصياً أحزنني أني قرأت رواية لكاتب كان يضع أسماءً انجليزية لشخوص روايته, وما أكثر الكُتّاب الشباب الذين يستخدمون المُصطلحات الإنجليزية في سياق السرد, أو الذين مُصطلحات انجليزية كعناوين لكتبهم أو رواياتهم.
في حين أن الثقافة العربية وافرة, وقوية, ومؤثرة على الثقافات الأخرى, فمثلاً قد تأثر الشاعر العظيم دانتي ألغييري برسالة الغفران لأبي علاء المعري, وقد تأثر ماركيز, توماس ستيرنز، جورج ميريديث، هاتس كريستان و تشارلز ديكنز, أومبرتو إيكو, بكتاب ألف ليلة وليلة. وقد قال باولو كويلو أن الثقافة العربية كان لها أكبر أثر عليه, تجلى هذا في مقدمة رواياته الصادرة بالعربية, وعناوين رواياته وكتبه مثل (مكتوب, الزهير, ألِف).
فروايات مثل أولاد حارتنا,الحرافيش, عزازيل, ثلاثية غرناطة, مالك الحزين, وواحة الغروب, لم تصدر هذا العام, ولا الذي سبقه, ولكنها تظل حاضرة بشكل لافت للنظر, أمام كل الروايات التي تصدر بين الفترة والأخرى, وهذا يدل على أن العمل حينما يكون قوياً مُعبراً عن ثقافة لغته, فإنه يبقى ويظل أمام الأعمال الأخرى.
(كتابات) هل قامت الجوائز الأدبية في مصر والعالم العربي بتقليص الفجوة بين الرواج والقيمة؟
- في مصر فإنني لا أعرف من بين الجوائز الأدبية سوى جائزة ساويرس وهي جائزة متميزة, كان لها الفضل في الكشف عن العديد من المواهب الشبابية. أما الجوائز العربية وخاصة الجوائز الخليجية, فبعضها جيد, وبعضها لا أعرف على أي معايير يحكم بقيمة العمل الأدبية, أو يفضّل عملاً على الآخر. ولكن بشكل عام ساهمت الجوائز الأدبية بنسبة كبيرة في شحن العملية الثقافية, وفي تعديل الميزان المائل لصالح كتابات الرواج أمام كتابات القيمة.