خاص: إعداد- سماح عادل
انطلقت مؤخرا فاعليات معرض تونس الدولي للكتاب 2023، في الفترة ما بين 28 أبريل حتى 7 مايو، بتنظيم من وزارة الثقافة. يتضمن برنامج المعرض هذا العام مجموعة من الأنشطة الفكرية والثقافية حيث تدير المعرض هيئة مديرة، تسندها هيئة استشارية موسعة تتكون من شخصيات ثقافية، ومهنيين، ومبدعين، ووزارات معنية بالقطاع. وقد تمّ الجمعة 28 أبريل/ نيسان 2023 افتتاح الدورة 37 بقصر المعارض بالكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية والتي تم منح العراق لقب ضيف الشرف فيها. وتحمل هذه الدورة اسم وزير الشؤون الثقافية الأسبق ومؤسس هذه التظاهرة سنة 1982 الفقيد “البشير بن سلامة”، وترأسها الدكتورة والاستاذة الجامعية ومديرة معهد تونس للترجمة، “زهية جويرو”.
جاء المعرض بميزانية تفوق 1.5 مليون دينار تونسي وتحت شعار “حلّق بأجنحة الكتاب”، وتسجل الدورة 37 من معرض تونس الدولي للكتاب 2023، مشاركة 279 عارضا من 22 بلدا من بينها روسيا وإيطاليا اللتين تشاركان لأول مرة، ويبلغ عدد العارضين التونسيين 128 عارضا وسيقدم هؤلاء العارضون ما يناهز 500 ألف عنوان أغلبها صادرة بداية من سنة 2018.
أما البرنامج الثقافي الذي يضم كل الأنشطة الموازية طيلة أيام الدورة فهو يحتوي على حوالي 100 نشاط يشرف عليها أكاديميون وكتاب وشعراء وإعلاميون وتأتي موزعة بين ندوات ولقاءات حوارية وأخرى فكرية وقراءات شعرية وتكريمات وتقديمات للإصدارات وموائد مستديرة وأنشطة ضيف الشرف.
حوالي 100 نشاط ثقافي مواز على هامش الدورة يشرف عليها أكاديميون وكتاب وشعراء وإعلاميون وتأتي موزعة بين ندوات ولقاءات حوارية وأخرى فكرية وقراءات شعرية وتكريمات من هذه الأنشطة: “ندوة الكتاب والكتابة في المنعرج الرقمي، الكفيف وتكنولوجيات المعرفة والإدماج، كتب المذكرات السياسية في تونس، منزلة الكتاب في الدبلوماسية الثقافية، الروائي في مواجهة قراءة المتلقي، الكتاب وتقنية الواقع المعزز، كتب الفقاعات بين الجد والهزل وكتابة التاريخ الراهن واليومي، من التلقي إلى تقبل النقد، كتابات الروحاني ، ورقات من الأدب المنسي في تونس.
الفائزون بجوائز الإبداع الأدبي والفكري..
شهد اليوم الافتتاحي من هذه الدورة حفل الإعلان عن أسماء الكتاب والمؤلفين الفائزين بجوائز الإبداع الأدبي والفكري للدورة 37 وذلك بمقر “بيت الحكمة” بضاحية قرطاج، ومن بين 82 كتابا مترشحا ذهبت جائزة البشير خريّف للإبداع الأدبي في الرواية إلى الكاتبة “مريم سلامي” عن روايتها الصادرة بالفرنسية “أغار من النسيم الجنوبي على وجهك” و”نزار شقرون” عن روايته الصادرة باللغة العربية “زول الله”.
وفاز بجائزة “علي الدوعاجي” للإبداع الأدبي في الأقصوصة “حسن مرزوقي” عن مجموعته القصصية “النذر” الصادرة عن دار المتوسط، وحصل الشاعر “خالد الماجري” على جائزة الشعر عن ديوان “القرية”، فيما حصل أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية الدكتور “محمد محجوب” على جائزة فاطمة الحداد في الكتابات الفلسفية عن كتابه “في استشكال اليوم الفلسفي ـ تأملات في الفلسفة الثانية”.
وذهبت جائزة “الطاهر الحداد” في الدراسات الإنسانية والأدبية مناصفة إلى الدكتور “محمد القاضي” عن كتابه “مداد الذات ـ بحث في أدب الأخبار عند الصولي” وأستاذ علم الاجتماع “محمد كرّو” عن كتابه “جمنة واحة الثورة”.
أما جائزة “الصادق مازيغ” في الترجمة من العربية أو إليها فقد نالها “جلال الدين سعيد” عن ترجمته لكتاب “مقالات” للكاتب الفرنسي “ميشال دي مونتاي”، هذا وتحصلت دار كلمة على جائزة أفضل ناشر وفازت بجائزة النشر الخاصة بالأطفال واليافعين دار “بوب ليبريس للنشر”.
تكريم “البشير بن سلامة”..
كما تم تكريم الأب المؤسس للمعرض بإطلاق اسم الراحل “البشير بن سلامة” على هذه الدورة في نوع من الاعتراف والتبجيل كما شهد اليوم الافتتاحي جلسة تكريمية احتضنتها قاعة “دجلة والفرات” وشارك فيها أصدقاء المحتفى به من كتاب وشعراء ودبلوماسيين وسياسيين وإعلاميين.
“البشير بن سلامة” كاتب ومترجم وسياسي تونسي (1931 ـ 2023) من زمرة المثقفين التونسيين الغرامشيين الذين كان لهم تصور خاص للحياة الثقافية في تونس وقد ساعدته في تنفيذ رؤيته الثقافية صداقة عميقة كانت تجمعه بأستاذ الفلسفة والسياسي التونسي البارز “محمد مزالي” الذي عينه وزيرًا للشؤون الثقافية إبان توليه الوزارة الأولى وتشكيله للحكومة بداية ثمانينيات القرن العشرين.
مرور” البشير بن سلامة” وزيرا للثقافة من سنة 1981 إلى 1986 كان مرورا مميزا يتعانق فيه موكب الأحلام بموكب التنفيذ على الأرض. من بين أكثر من عشرين شخصية ثقافية وسياسية تونسية كانوا على رأس وزارة الثقافة التونسية في تونس منذ تأسيسها سنة 1961 إلى الوقت الحاضر. ورغم السياق السياسي التي كانت تمرّ به تونس في ثمانينيات القرن العشرين والتي كانت تنبئ بنهايات الحكم البورقيبي فإن “البشير بن سلامة” ذهب بعيدًا في مشروعه الثقافي فبعث عدّة تظاهرات ثقافية حيوية مثل معرض تونس الدولي للكتاب وأيام قرطاج المسرحية ومهرجان الأغنية التونسية والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى تظاهرات مركزية في المشهد الثقافي العام والتي لها إشعاعها القاري والدولي.
وأنشأ أيضًا مجموعة مؤسسات داعمة للحياة الثقافية في تونس مثل مؤسسة المسرح الوطني و” الفرقة الوطنية للموسيقى” والمجمّع التونسي للعلم والآداب والفنون” المعروف “ببيت الحكمة” و”صندوق التنمية الثقافية” و”مركز الدراسات والتوثيق الخاص بالتنمية الثقافية”، كما أصرّ ودافع أمام الرئيس بورقيبة على بعث مؤسستين جامعيتين كان يرى بعين اليقين انعكاسهما على مستقبل الثقافة في تونس وهما المعهد العالي للفن المسرحي و المعهد العالي للتنشيط الثقافي ببئر الباي.
وعندما غادر “البشير بن سلامة” الوزارة في 12 مايو/أيار 1986 انخرط مجددا في عالم الثقافة، فعاد إلى الكتابة والترجمة والنشر ومن أهم إصداراته نذكر “الشخصية التونسية مقوماتها وخصائصها” و”النظرية التاريخية في الكفاح التحريري التونسي” و “السياسة الثقافية في تونس” و “في رحاب الأدب والفكر” ورواية “عائشة” أما آخر منشوراته فكان بعنوان “عابرة هي الأيام” وقد طبعه سنة 2013.
وكرّمت الدورة 37 لمعرض تونس الدولي للكتاب عددا من الكتّاب التونسيين، وهم (نافلة ذهب وعمار المحجوبي وعمر بلهادي وحمادي صمود وفضيلة الشابي).
اتحاد الناشرين المصريين..
أعلن اتحاد الناشرين المصريين، عن مشاركته بالمعرض وتم إعلام دور النشر بتوفير شركة لشحن إصدارات الناشرين المصريين المشاركين بالمعرض، بسعر شحن 260جنيه عن كل طرد صادر شامل التخليص وجميع المصاريف حتى دخول الطرود للجناح و26 دينار تونسى مرتجع شامل التخليص وجميع المصاريف حتى دخول الطرود لمخازن الشركة، مع العلم بأنه سيتم تحصيل جنيه واحد إضافي “لتنمية موارد الاتحاد” عن كل طرد صادر تحصله شركة الشحن من الناشر، وذلك تنفيذاً لقرار الجمعية العمومية.
مصادرة كتاب..
اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي في تونس، يوم الجمعة 28 أبريل/ نيسان 2023، بسبب إعلان دار الكتاب للنشر غلق جناحها “تعسفيا” بمعرض تونس الدولي للكتاب في يوم انطلاقه، بسبب عرضها كتاب “فرنكنشتاين تونس” وقد تم سحب الكتاب.
يذكر أن كتاب “فرنكنشتاين تونس” تأليف “كمال الرياحي” الروائي والمدير السابق لـ”بيت تونس للرواية”. وسبق أن أعلن الكاتب على صفحته على فيسبوك بخصوص كتابه: “هو ليس رواية إنه كتاب في السياسة وتدبر الواقع التونسي”.
وقد جاء في غلاف الرواية نقد لما اعتبره دور الشعب التونسي في “صناعة الدكتاتور” أو “صناعة وحش من خيباته”، وفق تعبيره. وفيما يلي النص الذي جاء في الغلاف:
“قبل أن يشقى فكتور فرانكنشتاين، في رواية ماري شيلي، وراء وحشه، كان يعيش قلقًا وحزنًا بسبب موت أمه، فانهمك في العمل على أبحاثه ليصنع الوحش. إن مشاعر اليتم الخلاقة هذه هي نفسها التي كان يتخبط فيها الشعب التونسي قبيل انتخاب سعيد، فقد فشل هذا الشعب في العثور على حل لتيهه التاريخي بعد إسقاط دكتاتور كان يعتقد أنه المعرقل الوحيد أمام إدراكه السعادة، فما هلّل هذا الشعب يوما لحاكم إلا وانقلب عليه، فلا نفعه الحقوقي والمناضل ولا حتى السياسي المحنك. فلم يكن أمام هذه الحشود من الجماهير ومن لم يقتنع بأحد سوى صناعة وحش من خيباتهم؛ شخص لا يعدهم بشيء لأنهم ملّوا الوعود الكاذبة. لم يكن أمامهم إلا صوت ذلك الأستاذ السوريالي الذي لا يضحك أبدا لكي ينتقموا من الكل، من السيستم الذي ظل مستمراً رغم تغير الوجوه والقادة”.
وأعلنت دار الكتاب للنشر على “فيسبوك”: “في معرض الكتاب، يقع غلق جناحنا بدعوى حيازة كتاب غير مصرّح به مع العلم أن كل الناشرين يستقدمون الكتب الصادرة حديثًا من المطبعة خلال المعرض”. وصرح “الحبيب الزغبي” مدير دار الكتاب للنشر في مقطع فيديو نُشر على صفحة دار الكتاب على فيسبوك: “تفاجأنا بحجز كتاب “فرانكشتاين تونس” وإغلاق جناحنا تعسفا ودون الاستناد إلى أي قانون، فضلا عن ممارسة هرسلة رهيبة جًدا علينا من قبل الأمن وإدارة المعرض”.
وأضاف: تم التعلّل بأن الكتاب لم يكن ضمن القائمة الأولية لمعروضاتنا، مع العلم أن كل الناشرين التونسيين لديهم كتب في المطابع ويتزودون بها خلال المعرض لأنه ليس ممكنا أن يصدر الجميع كتبهم في نفس الوقت، بَيْد أننا في كل الحالات كنا قد استبقنا الأمر خشية هذا التصرف من السلطة وأرسلنا قائمة تكميلية لإدارة المعرض بتاريخ 25 أفريل/نيسان الجاري، تضم 5 عناوين من ضمنها هذا الكتاب، لكن ما راعنا إلا أن يتم التعسف علينا بسحب الكتاب وغلق جناحنا.
ولقد تم اتخاذ قرار من قبل اتحاد الناشرين والجامعة العامة للنشر وغرفة الناشرين واتحاد نقابات المكتبيين بغلق كل أجنحة الناشرين التونسيين تضامنًا مع دار الكتاب للنشر، مشددا على أن “معرض الكتاب هو ملك للناشرين وليس ملكا لوزارة الثقافة، ولا يمكن أن يقع منع أي كتاب في تونس”. وبالفعل نشرت دار الكتاب للنشر مقطع فيديو يوثّق قيام عدد من دور النشر التونسين بغلق أجنحتها بمعرض تونس الدولي للكتاب، في حركة تضامنية على خلفية ما حصل.
ومقابل ذلك، صرحت مديرة المعرض لإذاعة خاصة تونسية بأن الأمر ليس مصادرة بل هو تطبيق للقانون لأن صاحب الدار لم يقدم عنوان كتاب كمال الرياحي ضمن العناوين المرخص لها.
اليوم الثقافي الليبي..
وتضمن معرض تونس الدولي للكتاب هذا العام الاحتفاء ببلد شقيق وهو ليبيا. “اليوم الثقافي الليبي” كان مناسبة للتعريف بالمشهد الليبي الحالي على غرار التجارب الأدبية الروائية القديمة منها والمعاصرة. من خلال لقاء استضاف فيه المشرف على الفعالية، السيّد “رضا كشتبان”، الباحث “علي برهانة” والروائية “عايشة الأصفر” والناشر “علي جابر” ورئيس تحرير مجلّة “الليبي” الصادرة عن البرلمان الليبي، “الصديق أبو دوارة”.