10 أبريل، 2024 10:14 م
Search
Close this search box.

مسلسل  The Morning Show.. رصد ليقظة النساء في وجه الاعتداء الذكوري

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت- سماح عادل

مسلسل  The Morning Showمسلسل أميركي من بطولة “جنيفر أنيستون وريس ويذرسبون وستيف كاريل” حيث تقوم “جنيفر أنيستون” بدور “أليكس ليفي” والممثل “ستيف كارل” بدور “ميتش كليسر” والممثلة  “ريز ويذرسبون” بدور “برادلي جاكسون”.

من بين النجوم المشاركين “بيلي كرودوب ومارك دوبلاس وجوجو مبثا راو ونستور كاربونيل وكارين بيتمان وبيل بولي وديسين تيري وجانينا جافانكار”. يعتبر المسلسل أول عمل لمنصة “آبل تي في بلس” +Apple Tv التابعة لشركة أبل العالمية. وهو مستوحى من كتاب Top of the Morning: Inside the Cutthroat World of Morning TV.

للكاتب Brian Stelter.

يتميز المسلسل بأنه يحكي عن التحرشات التي تحدث للنساء في مجال العمل الإعلامي في أمريكا، وهو يحكي عن قصص حدثت بالفعل على أرض الواقع وقت صناعة المسلسل.

فهو يحكي عن برنامج صباحي هو الأول في أمريكا، تقوم على صناعته واحدة من أكبر الشبكات الإعلامية في أمريكا، وهي تقع ضمن أربع شبكات إعلامية هم الأكبر في أمريكا. هذا البرنامج الصباحي ممتد منذ سنوات طويلة ويحتل مكانة كبرى لدى الأمريكيين باعتباره مصدر هام للأخبار، وهو موثوق لديهم، بطلاه الرئيسان “اليكس وميتش”.

منذ أول لحظة في المسلسل يتعرض “ميش” للفصل من عمله بعد تسرب أخبار لدى جريدة أمريكية شهيرة عن سوء سلوكه الجنسي تجاه عاملات معه في نفس البرنامج. ويبدأ التداعي ليشير المسلسل إلى حركة “me too” أنا أيضا، والتي كانت في بدايتها وازدهارها، وهي حركة قادها بعض النساء في أمريكا في مجال الإعلام وصناعة السينما ومجالات أخرى، كشفن من خلالها عن تحرشات واعتداءات جنسية تعرضن لها من رؤساء وزملاء في أعمالهن، وقد استخدم الجنس كوسيلة ابتزاز لهن أو وسيلة للضغط عليهن في أعمالهن.

وما يتناوله المسلسل حدث بالفعل حيث أن الإعلان الرسمي عن هذا المسلسل صدر في ٨ نوفمبر ٢٠١٧، وكان اتهام “هارڤي واينتسين” المخرج الهوليودي الشهير بالتحرش الجنسي قد حدث في أكتوبر ٢٠١٧، وانطلقت حملة Me Too في نفس ذلك الشهر، وطرد المذيع الأبرز في شبكة NBC “مات لوير” على خلفية اتهامات بالتحرش الجنسي وقع في نوفمبر ٢٠١٧، مما يعني أن مسلسل The Morning Show   كان يحكي عن أحداثا تحدث بالفعل في الواقع وقت صناعته.

المذيع “ميتش” رغم انفضاح أمره بعد تسريب تحرشه واعتداءه الجنسي على بعض العاملات في صحيفة شهيرة، وانقلاب الرأي العام ضده إلا أنه قرر أن يحارب ويواجه ما اتهم به، مقتنعا تماما أنه مظلوم وأنه ليس متحرشا أو معتديا جنسيا، وأن ما حدث من علاقات جنسية كانت برضا هؤلاء النساء.

وفي مشهد رائع بين صديقه المخرج الهوليودي الشهير وبينه يتحدثان فيه عن حركة “أنا أيضا” وأنها حركة متعصبة ومجحفة، وأن تاريخ طويل لهما محي بسهولة نتيجة تلك الحركة، ويتحدث المخرج بازدراء عن هؤلاء النساء اللاتي اتهمنه بالاعتداء، موضحا أنهن كن مستغلات أيضا واستفدن من تلك العلاقات الجنسية، لكن “ميتش” يصرح له أن ما فعله المخرج الهوليودي يختلف عن ما فعله هو، حيث يوصف ما فعله المخرج وبعض الرجال، فيما اسماه بالموجه الأولى من حركة “أنا أيضا”  بأنها اعتداءات جنسية فعلية، لكن هناك موجه ثانية اتهم فيها أناس آخرون وأنهم ظلموا لأنهم ليسوا بمعتدين، مضمنا نفسه من بين هؤلاء الذين ظلموا.

لكن تسير أحداث المسلسل بوتيرة متسارعة، وتدفع الأحداث دفعا مصيبة المشاهدين بالدهشة، حيث تترنح “اليكس” بعد سقوط “ميتش” والذي كان شريكها القوي الذي تعتمد عليه في وجودها ونجاحها، ولا تعرف ماذا تفعل وتجد نفسها تواجه خطر فقدان عملها الذي أكسبها شهرة ومكانة اجتماعية مدة خمسة عشر عاما.

رغم أن المسلسل في الحلقات الأولى يعطي فرصة ل”ميتش” للدفاع عن نفسه وتأكيد كونه غير معتدي جنسيا، ويظهر “اليكس” في مظهر السيدة الضعيفة التي تشعر بالخطر وتستسلم لتلاعب المنظمة الذكورية الإعلامية التي تعمل بها، إلا إنها حين يزداد الضغط عليها تحاول أن تتقوى وتقرر في لحظة انفعال أن تكون “برادلي” شريكتها في البرنامج، بعد أن استشعرت الخطر وأن “كوري” رئيس قسم الأخبار سوف سيتبدلها ب”برادلي” المذيعة المتمردة الصريحة التي لا تستقر في عمل بسبب سعيها وراء الحقيقة، ورفضها لبعض الزيف الذي يتميز به حقل الإعلام في أمريكا.

تناقض المجتمع الأمريكي الذكوري..

أهم ما في المسلسل أنه يعرض مدى تناقض المجتمع الأمريكي الذكوري، الذي يغضب حين تعلن “برادلي” في أولى حلقاتها في البرنامج الصباحي إنها أجهضت طفلها عندما كانت مراهقة في الخامسة عشر من عمرها، خوفا من المسئولية ومن أن يتربي في عائلة مفككة. ويثور الجماهير عليها متهمينها بأنها قاتلة للأطفال، ويهدد ما قالته الشبكة كلها.

لكن في نفس الوقت هذا المجتمع يتفشى فيها الغرور الذكوري، وتتم معاملة الذكور بمحاباة واعتبار النساء في درجة أدنى، فقد كان “ميتش” المذيع المفضل لإدارة الشبكة التي يعمل بها، وكانوا يعرفون بتجاوزاته الجنسية ومعاملته المهينة للعاملات داخل البرنامج، الأقل منه في المكانة الاجتماعية والوظيفية، حيث كان يعاملهن بقسوة شديدة، يستغلهن جنسيا ومن ترفض التجاوب أو من يمل منها يتجاهلها ويجعل مستقبلها الوظيفي على حافة الخطر، إلا من تصمد وتتشبث بعملها.

وقد كان “فريد” المدير في الشبكة يتواطأ معه ويداري على جرائمه الجنسية، ويرشوا بعض العاملات اللاتي يتشكين بإعطائهن وظائف أعلى، لكن حينما خرج الأمر عن السيطرة وافتضح أمر “ميتش” لدى إحدى الصحف الكبرى أصبح لزاما على “فريد” أن يضحي ب”ميتش” ويدعي عدم علمه باعتداءاته الجنسية، ويبحث عن كبش فداء آخر وهو مدير البرنامج الصباحي ليفصله ويأتي برجل جديد.

في خضم تصاعد الأحداث تتحول شخصية “اليكس” من سيدة مستكينة راضية بالأوضاع الراهنة، تعرف باعتداء شريكها لكنها تقف موقفا سلبيا حتى حين تتعرض هي نفسها لاعتدائه، ويمارس معها الجنس بعد ليلة كانت تقابله فيها لتعتذر عن ما ظنه هو تجاوزا منها عليه في البرنامج، وبعد أن تسكر كثيرا  تستيقظ لتجد نفسها في سريره. لكنها رغم ذلك لا تأخذ موقفا ولا تواجهه وإنما ترضى وتستكين لأنه أقوى مهنيا منها، ولأن الشبكة كلها أشبه ب”نادي للفتيان” على حد وصفها. يديرون الأمر بشكل ذكوري يعلي من شأن الذكور ويؤكد على تفوقهم، وهي كانت تريد أن تظل مذيعة ناجحة وغنية فصمتت عن حقها وحقوق أخريات كانت تراهن وهن يتعرضن لاعتداء “ميتش”.

حتى عندما سقط “ميتش” لجأت إليه لأنه كان بالنسبة لها الصديق القوي والقريب، وتباطأت كثيرا في اتخاذ موقف رغم إنها واجهت “فريد” حين أحست أنه ينتوي عزلها وأظهرت بعض القوة. وظلت تقاوم “برادلي” التي رغم أن انضمامها للبرنامج الصباحي يعد فرصة كبيرة مهنيا وماديا لها، هي التي تنتمي لعائلة متوسطة الحال تعيش مع أمها وأخيها الذي يعاني من إدمان المخدرات، ولا تستقر في عمل حيث كانت تعمل مراسلة صحفية ميدانية.

لكن “برادلي” لا تتغير أبدا، وتصر على إظهار الحقائق حتى تلك التي تخص الشبكة التي قدمت لها فرصتها الذهبية، ولذلك يسعى “ميتش” لإجراء مقابلة معها ليبرئ ساحته وينظف سمعته امام جماهير الأمريكيين، مؤكدا على أنه ليس بمعتدي ومستعينا ب”هانا” عن طريق الضغط عليها.

و”هانا” فتاة عملت معه في البرنامج وكانت موظفة صغيرة في ذلك الوقت، وقد اعتدى عليها مقتنعا أنها كانت راضية عما فعله، وساومها أن تسانده لأنها حين شكت إلى “فريد” أعطاها “فريد” ترقيه، واعتبر “ميتش” ذلك استغلالا من “هانا” لتلك العلاقة الجنسية التي اجبرها عليها، رافضا فتح عينيه ورؤية الحقائق كما هي.

تسعى “برادلي” لإجراء المقابلة مع “ميتش” من وراء “اليكس” التي رفضت وذعرت فلجأت إلى التصالح مع “فريد” ومحاولة إزاحة “برادلي” من طريقها، لتحافظ على مكانها داخل البرنامج. وفي الجهة الأخرى يتعاون كوري رئيس قسم الأخبار، والذي هو يعمل تحت أمرة “فريد”، والذي وجد الفرصة سانحة للإطاحة ب”فريد” والحلول مكانه ليصبح مديرا لإحدى الشبكات الكبار في أميركا، و”تشيب” مدير البرنامج الصباحي الذي وجد نفسه عرضة للخطر والتضحية به ككبش فداء، فقرر فضح “فريد”.

تجمع “كوري” و”تشيب” مع “برادلي” لتنفيذ مقابلة “ميتش” والإطاحة ب”فريد”، وأصرت “برادلي” على مقابلة “هانا” لمعرفة حقيقة ادعاء “ميتش” بأنها كانت مستفيدة من هذا الوضع.

وهنا تصل الأحداث إلى ذروتها، حيث تضغط “برادلي” على “هانا” وتتذكر “هانا” تفاصيل الاعتداء عليها وتعود لنفس الحالة النفسية السيئة التي عاشتها، وإحساسها إنها استخدمت واستغلت وتمت معاملتها بشكل مهين منذ التحاقها بالشبكة، وأنها قبلت بتلك المعاملة لأنها فقيرة وتحارب في المجتمع الأمريكي الطبقي العنصري تجاه النساء والفئات الأخرى الأكثر ضعفا. وأنها مغتربة وتريد أن تجد لنفسها موطئ قدم في مجتمع أمريكا الموحش. وتنهار تماما بعد مقابلة “برادلي” وتسجيل ما حدث لها مع “ميتش” فتنتحر.

وتعرف “برادلي” في الصباح حينما كانت تستعد لمقابلة “ميتش”، ويفجر موت “هانا” داخلها مشاعر سيئة، لكنه يكون له تأثير مختلف على “اليكس” التي تتحول تماما وتقرر المواجهة، وحين تفكر “برادلي” في الانسحاب والهرب إحساسا منها بالذنب لأنها كانت سببا في موت “هانا”، تتشبث بها “اليكس” وتطلب منها مشاركتها في البرنامج الصباحي في هذا اليوم فقط، وتفضح “اليكس” “ميتش” و”فريد” والشبكة التي تعتمد على ثقافة ذكورية في إدارة أعمالها، ثقافة ذكورية تضطهد النساء وتسحقهن وتعاملن كأشياء يمكن استغلالها وتطويعها واستخدامها كيفما تشاء.

لتنتهي الحلقة العاشرة هي حلقات الموسم الأول على ذلك، ويبدو “ميتش” حزينا ندمانا لأنه اكتشف وجهه الحقيقي في حدث موت “هانا” المأساوي.. على أن المسلسل له موسم ثان كان يجري تصويره إلى أن توقف التصوير بسبب جائحة كورونا.

المسلسل يظهر أهمية حركة “أنا أيضا” التي كانت صفعة على وجه المجتمع الأمريكي الذكوري الذي يمارس طبقيته وعنصريته وذكوريته بوحشية، لكن النساء في حركة يقظة قررن أن يعترفن حتى ولو بعد سنوات طوال، وبعد تأخر طويل، بالاعتداء عليهن واستغلالهن. وقد راح ضحية تلك الحركة الجريئة والقوية رموز أمريكية كثيرة في السينما والإعلام، كانوا موزا جماهيرية بحق لكن تم كشفهم بسبب قوة النساء وإصرارهن على رد الاعتداء، حتى ولو بعد صمت واستكانة طالت مداها.

المسلسل أيضا فضح الأغنياء في شخص “فريد” الذي يتعامل بغرور وسلطوية وانتهازية، فحين احترق منزله في احتراق هائل لإحدى الغابات في أمريكا، استأجر رجال الإطفاء ليحمون منزله من الحريق، في حين أن جيرانه الأفقر منه احترقت بيوتهم لأنهم لا يملكون المال لاستئجار عمال المطافئ، وقد استضافت “برادلي” أحد هؤلاء العمال الذي أكد أن تلك هي أمريكا والتي تنصاع لسلطة المال.

كما يوضح أن تلك الثقافة الذكورية كانت سائدة مدة طويلة حتى أن المجتمع كان يعتبرها من البديهيات، والذكور أيضا الذين فجعوا حينما تمت إدانتهم، على اعتبار أنهم تصرفوا وفق قواعد اجتماعية متعارف عليها ومقبولة، فالأغنى والأشهر له سحر وجاذبية تفتن النساء، ويصبح استغلاله للنساء جنسيا تفضلا منه ونعمة يجب أن تشكرنه النساء عليها.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب