22 سبتمبر، 2024 4:35 م
Search
Close this search box.

مسلسل “تغيير جو” (2).. حشد قضايا هامة والمرور عليها بشكل سطحي

مسلسل “تغيير جو” (2).. حشد قضايا هامة والمرور عليها بشكل سطحي

خاص: إعداد- سماح عادل

مسلسل “تغيير جو”، مسلسل مصري تمت إذاعته في النصف الثاني من شهر رمضان 2023، كتبت عن أول تسع حلقات منه، وكان المسلسل مبشرا، حيث رأينا من خلاله شوارع وحواري وأزقة بيروت، ولم يكتف بنقل الأماكن الفاخرة والسياحية، لكن باقي الحلقات مع الأسف وحتى الحلقة الخامسة عشر والأخيرة بينت ضعف السيناريو وهشاشته.

الحكاية..

الحكاية بسيطة حكاية فتاة متخبطة تائهة، تشعر بالتوتر طوال الوقت والضغط النفسي بسبب أنها ولدت في أسرة مفككة، أبوها انفصل عن أمها وتزوج بأخرى أصغر سنا، وأمها مريضة نفسيا تتعاطي المهدئات حتى أدمنتها، كما أنها لديها ميول للانتحار. والبطلة شريفة ترعى أمها طوال الوقت وحدها دون مساعدة من الوالد أو من أقارب، لأن لديها خالة واحدة تعيش في لبنان.

بيروت..

ثم تفكر في بيع منزل والدتها لتستطيع أن تنفق على علاجها النفسي في مصحة جيدة، وتضطر إلى الذهاب إلى بيروت لتستعين بالخالة لكي توقع عقد البيع لأن أمها رافضة للبيع، ومن هنا تبدأ سلسلة من المفارقات تجبرها على البقاء في بيروت حوالي شهر، هذا الشهر يجعلها تتعرف على نفسها بشكل أفضل ويجعلها تعيش هدوء لم تعهده. تلك الإجازة قطعت بها مسار حياتها حيث انقطعت عن عملها كمهندسة تقوم بعمل متاهات حقيقية لبعض الناس على سبيل التسلية، وأيضا انقطعت عن رعاية أمها وخوفها الشديد عليها، كما وجدت الخالة عزيزة التي كانت حنونة عليها وعاشت في أجواء مختلفة، كما تعرضت لحدوث انجذاب بينها وبين أحد الأشخاص والذي تبينت فيما بعد أنه مخادع. لكنها وسط تلك الفوضى من ضياع حقيبتها ومحاولتها إعادتها تعرفت على خالد، أستاذ التاريخ الذي وجدت فيه الرجل الذي يستطيع أن يمنحها الأمان والحب والاهتمام.

خراب لبنان..

ورغم أن المسلسل سعى لمناقشة عدة قضايا مثل أزمة المراهقة التي فقدت والدتها، ومثل الخلاف بين الشقيقتين اللتان تدخل الغيرة بينهما، لأن إحداهما استولت على حبيب الأخرى، كما رصدت الانفعال الشديد ونوبات الغضب الذي تتصف به عائلة شريفة أمها وخالتها وابنة خالتها.

وأشار المسلسل من بعيد إلى الخراب الذي حل بلبنان جراء الحروب المتعددة والمتوالية، وتأثير تلك الحروب على الذين يعيشون في لبنان، سواء أكانوا من اللبنانيين أنفسهم أو من المصريين المغتربين هناك، لذا حرص المسلسل على حشر شخصية “وديع” زوج عزيزة الذي أصيب بشلل تام بعد إحدى الحروب وكيف أنها ترعاه وتهتم به، كما أنه هو نفسه رفض ترك بلده رغم استطاعته ذلك، فضل أن يبقى في بلده ومعايشة ظروفها القاسية.

كل ذلك تم تناوله بشكل سطحي تماما، كان السيناريو ضعيفا ولم يهتم بتناول أي من تلك القضايا بعمق أو بتفصيل أكثر.

تكرار وتشابه..

وانشغل المسلسل بعمل مواقف متشابهة ومكررة حول ضياع الحقيبة، ومحاولة شريفة العثور عليها، وابتزاز أحد الشباب المصريين لها لأنه فقير ومهدد بالترحيل،  ورغم توقع المشاهدين أن يتناول المسلسل قضية ذلك الشاب وهؤلاء المغتربين الذين يعيشون في لبنان وظروفهم الحياتية التي يعيشونها، في بلد يعاني أساسا من أزماته الاقتصادية وفوضاه الخاصة، إلا أن المسلسل لم يفعل ذلك واكتفى ببعض المشاهد التي تجمع ذلك الشاب أيمن بأنيسة السودانية وتصوير حياتهم الفقيرة البائسة والبيوت التي يعيشون فيها دون تناول عميق وحقيقي لمشكلتهم ومشكلة من يشبهونهم.

حتى ان المسلسل نفسه لم يتعاطف مع مشكلة هؤلاء المغتربين الشباب، الذين اضطرتهم ظروفهم إلى الهرب إلى بلد يعاني اقتصاديا، فقط لأن ظروفهم الاقتصادية بالغة السوء فيعيشون في لبنان بدون إقامة أو أوراق شرعية مما يعكس مدى فداحة أوضاعهم.

حتى حين اهتمت ديما ابنة عزيزة بمساعدة أيمن وإيجاد فرصة عمل له ومحاولة إصلاح وضعه القانوني، لم يعجب ذلك شريفة بطلة المسلسل، ولم تظهر أي تعاطف نحو ذلك الشاب مما يعكس وجهة نظر المسلسل نفسه الذي لم يبين تعاطفا مع ذلك الشاب والفئة التي ينتمي إليها، وكانت ديما بمثابة موقف غير مقبول، لأنها رقيقة القلب وتعطف على الناس، ويظهر ذلك بوضوح في موقف عزيزة من ابنتها ديما حين ترفض عملها في الجمعيات الخيرية ومساعدة الفقراء والمغتربين وتعتبر ذلك فراغ منها وتضييع لحياتها.

الحكاية الرئيسية..

لكن حتى على مستوى الحكاية الرئيسية التي من المفترض أن يقدمها المسلسل بشكل جيد، وهي حكاية حب شريفة وخالد، وحكاية تخبط شريفة واكتشافها لنفسها وتغيرها على مستوى السلوك، لم يتم تناوله بشكل جيد وكان السيناريو ضعيف، حكاية الحب كانت سطحية والانجذاب الذي نشأ بينهما، كما أن العقبات ما بينهما لم يتم تناولها بشكل جيد، وهي عقدة خالد من موت زوجته التي رفضت أن تعالج من مرض السرطان، لأنها كانت تعيسة في حياتها بسبب زواجا من رجل مختلف في الديانة عنها وخسارتها لعائلتها جراء ذلك.

كل تلك القضايا الهامة كان من الممكن استثمارها بشكل جيد بمشاهد أكثر عمقا وبتوضيح تفاصيل أكبر، وطرح أبعاد نفسية واجتماعية أكثر للشخصيات، لكن المسلسل فضل الانشغال بمطاردات شريفة للشاب الفقير وتكرار تلك المشاهد حد الملل.

حتى فكرة أن سامية أخت عزيزة قد سرقت منها حبيبها وتزوجته مر المسلسل على تلك الحكاية مرور الكرام، دون إعطاء الفرصة للحكاية أن تظهر بشكل جيد. وكأن المسلسل تناول عدة أمور بشكل سطحي، وتعمد أن يحشدها حشدا لبين أنه مهتم بقضايا وأمور حياتية هامة، لكنه مع ذلك لم يتوقف لمناقشتها بشكل صحيح.

نهاية مستهلكة..

كان أداء الممثلين في البداية جديا، ثم مع التطويل والتكرار أصبح أدائهم مملا، وكانت النهاية مكررة ومعادة وتم استهلاكها في أفلام ومسلسلات عربية وأجنبية كثيرة، وهي أن يذهب الحبيب إلى الحبيبة في المطار لكي يمنعها من السفر ويعترف لها بحبه، وحتى ذلك المشهد كان باردا وخاليا من أية إثارة أو حماسة وكان أداء منة شلبي وإياد نصار مفتعلا حد الملل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة