21 سبتمبر، 2024 12:47 م
Search
Close this search box.

مسلسل “تغيير جو”.. قدم أزقة بيروت التي تأوي الفقراء

مسلسل “تغيير جو”.. قدم أزقة بيروت التي تأوي الفقراء

خاص: كتبت- سماح عادل

مسلسل “تغيير جو”، مسلسل مصري تمت إذاعته في النصف الثاني من شهر رمضان 2023، يحكي عن قصة فتاة تتحمل مسؤولية والدتها، ثم تجبرها الظروف على السفر الى بلد آخر..

الحكاية..

البطلة شريفة التي تقوم بدورها الممثلة “منه شلبي”، تعاني من أم مريضة نفسيا تسعى إلى الانتحار، كما أنها تسرف في اخذ المهدئات، ومن اب غير مهتم متزوج من امرأة أخرى، وهي تتحمل مسؤولية أمها المادية ومسؤولية رعايتها، وبعد ان حاولت أمها الانتحار والتسبب في حريق بسيط داخل المنزل تقرر شريفة ان تودعها في مصحة نفسية لتتعالج، وان تبيع المنزل لتنفق على علاج والدتها ولتغير المنزل القديم الذي يمتلئ بذكريات سيئة بالنسبة لأمها، وفقا لرغبة أمها. لكن تعود أمها وترفض بيع المنزل فتضطر شريفة ان تسافر إلى خالتها عزيزة في بيروت لكي توقع عقد البيع على ان تعود إلى مصر.

لكن تحدث المصادفة وتسرق حقيبة شريفة بكل أوراقها الهامة وتليفونها وكل شيء، حتى أن عقد بيع المنزل الابتدائي قد سرق لتجد نفسها مضطرة إلى البقاء في منزل خالتها، حتى تستعيد الحقيبة.

تفاصيل مختلفة..

وتبدأ الاحداث في أخذ شريفة إلى تفاصيل مختلفة تعيشها، فيتعرف إليها فارس شاب لبناني وسيم يحاول التقرب منها كما تتعرف على خالد الذي يقوم بدوره الممثل “إياد نصار” حيث رشحته خالتها عزيزة لكي يساعدها في استخراج وثيقة بديلة لجواز السفر، وتظل شريفة لعدة أيام في بيروت منشغلة بالحياة مع خالتها وزوجها وابنتها، وبالزخم خاصة مع وجود مطعم شهير تديره الخالة وفندق صغير.

وفي نفس الوقت صديقة لسامية أم شريفة، ترشدها إلى عمل تظلم لكي تخرج من المصحة النفسية التي أودعتها فيها شريفة، وتخرج سامية بعد أن يتم الكشف الطبي عليها، وتخفى عزيزة عن شريفة تلك الأخبار لأنها وجدتها مستمتعة باقتراب فارس منها. لكن تختفي سامية لمدة يوم وتضطر عزيزة مصارحة شريفة بذلك رغم انشغالها بملاحقة حقيبتها، ومحاولة التعرف على مكانها.

خداع..

تفزع شريفة من خبر خروج أمها من المصحة لأن لديها ميول انتحارية، وتلجأ لخالد ليساعدها في العودة إلى مصر، ثم تتفاجيء بذهاب أمها الى بيروت إلى مطعم خطوة عزيزة، وفي اثناء عشاء عائلي تجهزه ديما ابنة عزيزة، تكتشف شريفة ان فارس متزوج حين تزوره زوجته وتكشف امر اقترابه من شريفه. وتحزن شريفة لذلك ولكنها تظل تحاول إيجاد الحقيبة.

فقد..

على الجانب الآخر هناك حكاية خالد، فهو مدرس للتاريخ في جامعة في بيروت كان يعمل من قبل في وزارة الخارجية اللبنانية، وهو مصري متزوج من سيدة لبنانية، وهذه السيدة توفت وتركت له ابنه في بداية سن المراهقة، وخالد يشعر بالصدمة جراء فقدانه لزوجته، كما أنه يحاول التعامل مع ابنته المراهقة التي وجد نفسه بمفرده معهان وهي تعاني من تقلبات جسدية ونفسية كثيرة تخص فترة المراهقة. وهو رغم ذلك حاد الطباع يتعامل باندفاع وغضب مع ابنته.

مبالغة..

وحكاية أخرى على هامش حكاية شريفة وهي حكاية وسام ومريم شاب وفتاة لبنانيان يعيشان علاقة عاطفية مشتعلة، دائما ما يتشاجران، ودائما بينهما عراك على أقل التفاصيل، وفي النهاية يقرر وسام أن يأخذ راحة من تلك العلاقة التي تستنفذ أعصابه وطاقته ومريم تشعر بالحزن لأجل ذلك.

كما يتتبع المسلسل حكاية نادين المراهقة التي فقدت أمها قريبا والتي تحاول التقرب من شاب في مثل عمرها في مدرستها، وعلاقتها الشائكة بوالدها وكيف أنه يحاول التقرب منها لكن بينهما حاجز.

طموح..

وهناك حكاية أيمن الشاب المصري الذي يعمل في بيروت دون أن يحصل على إقامة شرعية في لبنان، لذا فهو يعاني ويطرد من عمله في محطة بنزين، كان الرجل صاحبها يستغله في ذلك العمل ويعطيه أجرا ضئيلا لمعرفته بحاجته الشديدة إلى هذا العمل، ويصور وجود شباب مصريون آخرون يعملون في نفس المحطة، وشابة سودانية تدعى أنيسة وهي  صديقة مقربة من ايمن وتساعده كثيرا، لكن أيمن وبسبب ظروفه السيئة في العمل في لبنان يتخلى عن أخلاق الشهامة والمرؤة لأنه يتطلع إلى أن يحسن أوضاعه المادية، فيستغل سرقة حقيبة شريفة لصالحه، حيث يصور الشاب الذي سرق الحقيبة ويساومه عليها.

وبالفعل يستطيع الحصول عليها وما أن يحصل عليها حتى يتواصل مع شريفة لكي يحصل منها على مبلغ من المال، بعد أن اطلع على سعر بيع منزل والدتها وخالتها، وتستجيب له شريفة ويحاول وسام مساعدتها مع معارفة ويقبضون على الشاب أيمن وتنتهي الحلقة التاسعة على ذلك.

المسلسل..

وإلى أن تكتمل الحلقات سأقدم انطباعاتي كمشاهدة عن تلك الحلقات التسع..

المسلسل جيد على مستوى الموسيقى، سواء في التترات أو أثناء أحداث المسلسل، حيث يتم عرض أغاني والتي يقوم بأدائها “أمير عيد”، واستخدمت موسيقى هادئة كما كانت مقدمة المسلسل مميزة بالرسومات الجميلة التي صاحبت أغنية التتر، الديكورات جميلة وحرصت الكاميرا على التقاط شوارع جميلة في بيروت وأيضا تلك الحواري التي يعيش فيها الفقراء والعمالة الوافدة الذين يعيشون في ظروف طاحنة في بيروت. حيث لم يحاول صناع المسلسل إبهار المشاهدين بالأماكن الفاخرة الجميلة في بيروت، بل قدموا مناظر طبيعية ساحرة وأيضا قدموا الشوارع والأزقة في بيروت/ ومشاهد تراكم القمامة في بعض الشوارع وأثار الهدم التي خلفتها الحروب العديدة المتوالية في بيروت.

كما كانت الإضاءة بارعة على عكس بعض المسلسلات الجديدة التي تميل إلى عمل اضاءات خفيفة تصيبني كمشاهدة بالاكتئاب وتفسد عليا متعة المشاهدة، أداء الممثلين كان جيدا (منه شلبي وميرفت أمين وشيرين وإياد نصار) والفنانين اللبنانيين الذين لا أعرف أسماءهم. والحكاية سلسلة ومناسبة والأحداث هادئة لكنها مع ذلك لا تتسم بالبطء.

وعلى مستوى الأفكار التي ناقشها المسلسل فهي بارعة فلم يكتف المسلسل بقصة شريفة التي تعاني مع أم لديها ميول للانتحار مما أفسد حياتها كفتاة وحيدة لتلك الأم، مع أب أناني لا يهتم إلا لنفسه، بل انتقل لرصد حكايات إنسانية ثرية أخرى مثل حكاية الحب التي يفسدها عدم التوافق والانفعال المبالغ فيه. وحكاية الأرمل الذي لم يتجاوز صدمة فقدان زوجته والتي يبدو أنها أنهت حياتها بإرادتها. كما أنه يحاول التواصل مع ابنته التي تمر بتغييرات كبيرة. وحكاية المراهقة نفسها التي تتعرف على الحياة بمنظور المراهقة التي تخرج تدريجيا من مرحلة الطفولة لكنها تذهب إلى تلك المرحلة الخطرة بدون والدتها.

وحكاية الشاب الفقير الذي يحاول الصعود اجتماعيا ويحاول أن يرتب حياة آمنة لنفسه، لكن يدفعه طموحه إلى التصرف بشكل غير أخلاقي، المسلسل جيد على كل المستويات وفي انتظار باقي الحلقات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة