23 سبتمبر، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

مسلسل “تحت الوصاية” (2).. رصد كيف يبدو الواقع بشعا على النساء

مسلسل “تحت الوصاية” (2).. رصد كيف يبدو الواقع بشعا على النساء

خاص: إعداد- سماح عادل

استطاع مسلسل “تحت الوصاية” في رمضان 2023 أن يخطف الأنظار، رغم أنه يقال أن نسب المشاهدة راحت لمسلسلات أخرى، لكنه ورغم أنه بدأ في منتصف شهر رمضان إلا أنه استطاع أن يفرض وجوده بثبات بسبب مناقشة قضية هامة وهي وصاية المرأة على ممتلكات أطفالها بعد وفاة والدهم وهل لها الحق في ذلك أم لا.

الحكاية..

الحكاية باختصار حكاية “حنان” التي تقوم بدورها الفنانة “مني ذكي”، والتي عانت بعد موت زوجها الذي كان يعمل صيادا على مركب يمتلكها، ثم بعد وفاته المفاجئة نتيجة لحادث تعرض لها أثناء الصيد، أصبحت الوصاية في يد الجد أي أبو زوجها المتوفي، والذي يعمل حدادا وله ورشة يديرها. وبعد انتقال الوصاية إلى الجد أصبح يقرر هو مصادر الإنفاق، فمنع أطفال ابنه من أشياء كثيرة، حيث أجبر”حنان” على ترك شقتها التي تعيش فيها حتى لا تدفع الإيجار، وأسكنها معه في نفس شقته مع ابنه وزوجته، كما منعها من أن تدرب ابنها على لعب كرة القدم وإعطاءه دروسا خصوصية.

حادث..

وكانت الصدمة الأكبر حين أغرى الجد الطفل “ياسين” أن يترك مدرسته ليتعلم معه مهنة الحدادة، وحدثت ل”ياسين” حادثة حيث كاد أن يفقد عينيه نتيجة لتواجده في الورشة مع جده. ومع ذلك كان الجد مترددا في أمر بيع المركب لكي يتعالج الطفل “ياسين”، ثم اقنعه ابنه “صالح” أن يتراجع عن بيع المركب، فاضطرت “حنان” أن تبيع ذهبها وذهب أختها لكي تعالج ابنها.

أخذ الحق عنوة..

ثم تقرر “حنان” أخذ مركب زوجها الذي منعت من بيعه لإنقاذ عين ابنها، والذي يديره “صالح” ويأخذ معظم إيراده لصالحه ولا يعطيها إلا القليل، وبالفعل ينصحها رجل كان يساعد زوجها ويسهل لها الأمور، وتدفع لأجل أخذ المركب، وتذهب به إلى دمياط وتفكر في عمل بطاقة شخصية مزيفة لها، وتعيش وحدها مع طفليها. وتستطيع أن تعمل كرئيسة لهذه المركب، تقوم بالصيد عليه وتدير عمل أربعة رجال أيضا. وتمر بصعوبات كثيرة وتعاملات قاسية وكل يوم تزداد مشاكلها، ومع أنها تبدي شجاعة وقوة في التعامل مع المجتمع الخارجي ومع الذكور، الذين يحتلون الفضاء العام بقسوة ووحشية ويتقاتلون فيما بينهم إلا أنها تستطيع أن تجد لنفسها مكانا.

فقد عانت من منافسة تجار الجملة ومن قسوتهم ولكنها وجدت المخارج، واستطاعت أن تدير عملها وتكتسب احترام وطاعة الرجال الذين يعملون تحت رئاستها في المركب، وتعرضت للتحرش ومحاولة الاعتداء ومرت بكل ذلك.

واقعي..

وميزة المسلسل أن صناعه أصروا على أن يكون واقعيا حتى النهاية، ويقدم الواقع بكل قسوته ووحشيته، ويقدم التمييز والقهر الذي يحدث للنساء وخاصة حالة البطلة، التي تمثل نموذج الأرامل اللاتي تضطرهن ظروفهن إلى العمل والخروج للشارع ومحاولة تربية أطفالهن وتوفير حياة كريمة لهم.

فنجد في كل حلقة معاناة تعانيها “حنان”، سواء مع جد أطفالها أو مع عمهم أو مع الناس الغرباء الذين ذهبت للعيش معهم، لكنها تبدي قوة وصبر وقدرة على التكيف ومرونة، ومع ذلك تنهزم في النهاية بسبب أن المجتمع كله ضاغط على النساء ويسلبهن حقوقهن.

نهاية مأساوية..

فقد انتهت الحكاية نهاية مأساوية بإصرار “صال”ح على سلب المركب من “حنان” وأخذها لنفسه، لكي يتمتع بريعها ويتزوج ويصارع بشراسة لاستردادها، حتى أن هذا الصراع يروح ضحيته الرجل المسكين “ربيع” الذي كان بمثابة الأب ل”حنان” في محنتها وغربتها.

ثم تحرق المركب بتحريض من أحد تجار الجملة الذي كره قوة “حنان” وتحديها لسطوته وابتزازه للصيادين الصغار. وكان التحريض متوافق مع قيم المجتمع وعاداته التي تقهر المرأة، فقد ادعى أن ذهاب امرأة في مركب للصيد مع عدد من الرجال خطيئة لا يقبلها أحد، وأشعل نار الفتنة مدعيا أن “حنان” ارتكبت جرما أخلاقيا شنيعا ببقاءها في المركب عدة ليال مع رجال غرباء، واحترقت المركب التي عليها النزاع بين “حنان” و”صالح”، وانهزمت المرأة مرارا وتكرارا في مجتمع لا يعترف سوى بسلطة الذكور الأقوياء فهو أيضا يسحق الذكور الضعفاء ويطحن النساء بشكل مضاعف.

مخرج إيجابي..

ورغم أملى كمشاهدة أن تجد “حنان” المخرج وتستطيع أن تستأنف حياتها وتغير مصيرها، لكن الواقع أقوى من كل تلك الآمال، وانهزمت “حنان” لأن القانون ليس في صفها، وعادات الذكور وتقاليدهم ومجتمعهم المغلق لا يسمح أن تطأه أقدام النساء، أو تدخله امرأة تبحث لأطفالها عن الأمان.

نجاح جماهيري..

آثار المسلسل إعجاب الكثير من الناس وكتب عنه الكثيرون، وحقق نجاحا جماهيريا يتردد صداه على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان على مستوى الإخراج والموسيقى والديكور ممتازا، وكان أداء الممثلين أكثر من رائع والسيناريو كان جيدا.

لكني شعرت بثغرة بسيطة ولا أعلم مدى دقتها، هي أنه حين مات “ربيع” لم تتحرك الشرطة ولم يحدث تحقيق، وأيضا حينما حرقت المركب لم يتم القبض على من حرق المركب أو من حرض على حرقها، رغم أن حادث الحريق تم تصويره ونزل على الانترنت ورآه كثيرون، مما يستعدي تحقيقا شاملا في ذلك ومعاقبة الجناة. ولكن كانت الشرطة حريصة على القبض على “حنان” ومحاسبتها، والقانون أعطاها عقوبتها حيث حكم عليها بالحبس سنة بسب سرقتها المركب ومخالفتها لقواعد الوصاية على القصر القانونية. فكيف يكون القانون حازما بشأن المرأة التي تخالف قانون الوصاية وقواعدها ولا يهتم بقتل رجل وحرق ممتلكات.

بشاعة الواقع..

بعيدا عن ذلك استطاع المسلسل أن يقدم الواقع ببشاعته وقسوته وظلمه للمرأة وللفئة الأضعف من النساء، حيث الفقر وغياب الراعي وأعباء الأطفال الثقيلة، وقدمت “منى ذكي” أداء لافتا تستحق التقدير عليه وباقي الممثلين، ونبهنا المسلسل مثل باقي العمال التليفزيونية والسينمائية الهامة التي تهتم بنقل الواقع ومناقشته ومعالجته، نبهنا إلى خطورة قانون الوصاية الذي يظلم الأمهات ويسلبهن حقوقهن ويعاملهن كمواطنات من الدرجة الثانية، وكأن الأم لن تسطيع المحافظة على حقوق أبناءها المادية وستهدرها أو تقصر في إدارتها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة