خاص: كتبت – سماح عادل
مسلسل “تحت الوصاية” مسلسل أّذيع في النصف الثاني من رمضان 2023، حيث لوحظ هذا العام ظاهرة إيجابية فقد اكتفت مسلسلات عدة بأن تكون 15 حلقة فقط، مما جعلنا نرى مسلسلات عدة تبدأ في النص الثاني من شهر رمضان هذا العام، ومنهم مسلسل “تحت الوصاية”، والذي يتناول جرأة وشجاعة إحدى النساء التي شعرت بالظلم فقررت أن ترفع الظلم عن نفسها وبيديها.
الحكاية..
في أول ثلاث حلقات استطاعت “منى ذكي” أن تثبت مهاراتها في التمثيل، ورغم ذلك الجدل والهجوم الذي شن عليها قبل رمضان حينما نشرت صورة لها وهي في صورة بطلة المسلسل، حيث أنها محجبة وذات حاجبين كثيفين ويظهر عليها التجاعيد، وتبدو أنها في مستوى جمال أقل مما هو معروف عن الفنانة “منى ذكي”. وقد هاجمها جمهور وسائل التواصل الاجتماعي متهمين إياها أنها تحاول تشويه صوة النساء اللاتي يرتدين الحجاب، متناسين أنها تقوم بدور شخصية معينة لها ظروفها النفسية والاجتماعية التي تؤثر على شكلها.
أداء بارع..
من الحلقة الأولى نرى أداء ممتازا للفنانة “مني ذكي” التي تظهر في أول مشهد في المسلسل وهي تحاول الهرب من منزل ما، مصطحبة معها طفلها وطفلتها، ثم تذهب إلى المقابر لتتحدث مع رجل مدفون وتعتذر له على أنها لم تحتمل البقاء وأنها كسرت بعد وفاته، ثم تسافر إلى محافظة دمياط وتؤجر شقة متواضعة وتترك طفليها في الشقة الجديدة لكي تذهب إلى الميناء. ونراها وهي تحاول إخفاء ارتباكها وخوفها وتحاول التصرف بقوة أمام تحرشات العمال في الميناء. ويحضر لها أحد الرجال سفينة ويقول لها أن عليها تجديد دهانها قبل طلوع النهار، فتذهب إلى أكثر من رجل ليدهن لها السفينة لكي يخفي معالمها، ونفهم أنها هي السفينة التي استولى عليها أخو زوجها مستغلا ضعف والده الذي هو الوصي الشرعي على طفلي “حنان” بعد موت والدهما صاحب السفينة.
العم الشرير..
ويظهر العم في صورة الشرير البلطجي الذي يريد أن يستولي على سفينة أخيه والتي هي من حق طفليه وزوجته. لكن تكمن البراعة في أداء “منى ذكي” التي تصور شخصية امرأة عادية تنتمي للطبقة الكادحة، وهي تحاول الحفاظ على حق أبناءها من نهب أقرب الناس إليهم، ولأجل ذلك تخاطر مخاطرة كبيرة دون مساعدة أحد لها، في مجتمع لا يعترف إلا بسلطة الذكور، ويعتبر النساء عورة لا بد وأن تحتمي بذكر.
عادات تتحلل..
كما أن المجتمع نفسه يعاني من تحولات، حيث نجد أن الأخلاق والتقاليد والعادات أصبحت في تغير مستمر، والشهامة والدفاع عن الضعيف أصبحت عادات في طريقها إلى التحلل. لذا نجد البطلة “حنان” التي تقوم بدوها الفنانة “مني ذكي” تضطر إلى الكذب طوال الوقت حتى تستطيع أن تساير أمورها، كما تستخدم الأموال لتستطيع أن تبدأ حياة جديدة بعيدة عن وصاية الجد الضعيف وطمع العم، فتدفع أموالا لكي تسترد سفينة زوجها، وتغير بنفسها شكل السفينة مع أحد العمال الذي يستضعفها ويأخذ منها مبلغا كبيرا، لكي يغير لها شكل السفينة في ساعات قليلة. وتغير اسمها وتسعى لعمل بطاقة جديدة باسم جديد حتى تتخفى تماما عن عيون أهل زوجها كل هذا بمفردها.
ريسة مركب..
ويصل بها الحماس والجرأة إلى أن تقرر أن تعمل على السفينة وتجلب عمال يساعدونها، فتكون هي “الريسة على المركب”، رغم أنه ليس لديها خبرة في العمل على السفن، كما أن وجود النساء في هذه المهنة الشاقة غير مألوف، ونرى كيف تعاني “حنان” من متناقضين، الخوف الشديد والرعب من الخوض في تجربة جديدة بمفردها، وهي السيدة التي اعتادت على حماية الزوج ورعايته، وكانت فقط تقوم بدور الأم. وبين الجرأة والصلابة التي تحاول اظهارها أمام الرجال، حتى تستطيع أن تجد من يعمل معها على السفينة، وحتى تستطيع أن تدير عملهم ولا يستضعفونها باعتبارها امرأة لا حول لها ولا قوة. وحين يحاول الرجال على السفينة اختبار خبرتها في العمل في البحر، تجاهد في أن تكون متماسكة وقوية أمامهم، حتى حين يكشفها رجل عجوز له خبرة طويلة في العمل في مجال الصيد تظهر الشجاعة أمامه.
الانتصار إلى النساء..
كل هذا ظهر في الحلقات الثلاث الأولى، وأحببت أن أكتب عن المسلسل لأنه يصور شجاعة شخصية نسائية في ظل مجتمع ضاغط وقاهر للنساء، وخاصة في داخل الطبقات الكادحة والذي تعاني فيه النساء بشكل مضاعف من كل أنواع القهر والاضطهاد والتهميش وسلب الحقوق، فحين يسعى مسلسل أن يصور تلك المعاناة التي تعانيها المرأة ومحاولتها التغلب على مخاوفها ورعبها من ذكور لا ترحم يستحق تسليط الضوء عليه.
الأحداث تتسارع، وأداء باقي الممثلين بارعا أيضا، كما يتناسب الديكور تماما مع موضوع المسلسل، وأظهر الطفل الذي يقوم بدور “ياسين” ابن “حنان” أداء يستحق الإشادة.
وفي انتظار باقي الحلقات..