16 نوفمبر، 2024 5:37 م
Search
Close this search box.

مسلسل “الهرشة السابعة”.. يصور فئة من يعيشون في الكومباوندات

مسلسل “الهرشة السابعة”.. يصور فئة من يعيشون في الكومباوندات

خاص: كتبت- سماح عادل

مسلسل “الهرشة السابعة” مسلسل مصري عرض في رمضان 2023، يتناول العلاقات العاطفية وعلاقات الزواج بشكل راقي، حيث يوضح من خلال تجربتين كيف تكون العلاقات وكيف تتأثر بالتغيرات التي تحدث للطرفين..

 الحكاية..

يعتمد المسلسل على حكايتين رئيسيتين، حكاية “نادين وآدم” وحكاية “سلمى وشريف”، وهناك شخصيات أخرى ثانوية.

بالنسبة لحكاية “نادين وآدم” سنجد شاب وفتاة دخلا في علاقة عاطفية وهما في سن صغيرة، حتى أن العلاقة ما بينهم استمرت أكثر من 15 عاما، قبل أن تتكلل بالزواج. ويبدأ المسلسل من الحلقة الأولى بزواج “نادين وآدم” وكيف يتعاملان مع بعضهما البعض فور الزواج، ويوضح لنا المواقف المختلفة حيث يحدث حمل غير مخطط له في الحلقة الأولى، ويبدو على “آدم” الفزع عندما يعلم بأن “نادين” حامل، و”نادين” يبدو عليها الاندهاش من ذلك الفزع، كما أنها هي نفسها تخاف من الفكرة، وينتهي الأمر سريعا بنزول الطفل.

قفز في الأحداث..

ثم تقفز الأحداث سريعا حيث تمر الشهور، ويتم إعلامنا كمشاهدين بمرورها من خلال رسائل مكتوبة على الشاشة توضح الشهر والسنة، بدأت أحداث المسلسل في 2016 وبقفزات سريعة يتم عرض المواقف ما بين “نادين وآدم” حيث تمر عدة أشهر ونتعرض لموقف آخر ما بينهما وهكذا. وتبدأ تفاصيل العلاقة الزوجية تمر أمامنا حيث الخلافات الشديدة بين “نادين وآدم”، بسبب أنهما أصبحا يعيشان معا أيامهما وتفاصيلهما الحياتية.

كما أن “آدم” مشغول بعمله و”نادين” تجلس في البيت، مما خلف لها فراغا كبيرا، ثم يترك “آدم” عمله وتعمل “نادين” هي لتعول الأسرة، وتدور الخلافات أيضا مرة أخرى. ثم يحدث حمل وهنا يرحب “آدم ونادين” به ونعرف أنهما سينجبان طفلين توأم.

وقفزه أخرى نجد “نادين” قد ولدت طفلين ويجهزان لحفلة السبوع، وهكذا تحدث قفزات حياتية وأحداث هامة في حياة “نادين وآدم”، ويصور لنا المسلسل كيف يتعامل معها الاثنان من منطلق حدوث اختلافات بينهما تؤدي إلى معارك كثيرة وشبه يومية.  نرى “نادين” متحفزة وعصبية وانتقادية خاصة بعد أن أصبحت أما وتتحمل مسؤولية توأم، مما يعني عبئا شديدا عليها.

رعاية الأطفال..

ونجد “آدم” غير متعاون في أمر رعاية الطفلين وإنما يركز بشكل أكبر على عمله الخارجي، وبالتالي يترك “نادين” وحدها تماما أمام مسؤولية طفلين وهو مقتنع أن تركيزه على العمل الخارجي سوف يوفر لها ولطفليها الأموال التي يحتاجونها. وتتطور المشاكل ما بين الاثنين وتتسع الفجوات مع انخراط “نادين” في مهام الأمومة الصعبة، خاصه لطفلين في وقت واحد، ومع انشغال “آدم” الكبير في عمله وفي تطوره المهني. وتظل الفجوات تتسع والعلاقة بينهما تصبح فاترة وجاف.

طرف ثالث..

ثم تظهر فتاة تدعى “داليا” ويبدأ “آدم” في الانجذاب إليها بشكل كبير، مما يشعل غضب “نادين” أكثر وتقرر أن تقوم بعمل وقفة في حياتها، فهي رغم تحملها لكل أعباء الأمومة إلا أنها لم تتحمل أن ينجذب زوجها لامرأة أخرى. يتزامن ذلك مع رفض “آدم” دخولها مهنة جديدة وهي “الفويس أوفر” التعليق الصوتي، ويجبرها على ترك تلك المهنة رغم أنها بالكاد بدأت ممارستها بحجة أن ذلك يؤثر على رعايتها للطفلين. مما يجعل غضبها يشتعل أكثر ويصلان إلى مرحلة الطلاق بعد أن يجلسان سويا ويتبادلان الاتهامات.

تبادل الاتهامات..

تتهمه “نادين” أنه يتخلى عن مسؤولياته دوما ويترك لها عبء تحمل تلك المسؤوليات، كما أنها تؤكد على رفضها للخيانة التي قام بها حينما انجذب لإمرأة أخرى، بينما يتهمها هو بأنها أهملته تماما بعد أن أصبحت أما، وأنه وجد نفسه مهملا ومتروكا. كما أنها تنتقده كثيرا وهذا الانتقاد يجعله يعيش لحظات من التوتر، حتى أنه أصبح لا يحب أن يعود إلى المنزل.

الطلاق..

بعد أن يحدث الطلاق تشعر “نادين” بالظلم الشديد خاصة وأنها طوال السنوات السبع التي دخلت فيهم في علاقة الزواج ب”آدم” حرمت من أن تكون لها مهنة محددة، وأن تتطور فيها وهذه محنة كثير من النساء، بينما هو استطاع أن يحقق تراكما مهنيا ونجاحا. فتبدأ في التركيز على ذلك وتعود إلى خوض مهنه “الفويس اوفر” أو التعليق الصوتي، وبالفعل تشعر بثقتها بنفسها حينما تحقق خطوات من النجاح في تلك المهنة، حيث تؤسس برنامجا لها على الانترنت “برنامج البودكاست”، تتناول فيه أسباب فشل العلاقات العاطفية. وهذا النجاح يمثل لها تعويضا عما ضيعته من سنوات، لكنها رغم ذلك تظل تحس بالحنين تجاه “آدم”.

بينما “آدم” يشعر بالضياع والتخبط، ورغم محاولته الاقتراب من “داليا” التي تتوجس من ذلك الاقتراب وتعتبره محاوله لنسيان “نادين” لكنها توافق عليه، لكن هذا لا يشبع “آدم”.

اتفاقات عادلة..

ومع حدوث اتفاقات إنسانية راقية ما بين “نادين وآدم” حول رعاية الطفلين، يبدأ “آدم” في الشعور بكونه أب، ويستمتع بالقيام بدوره في رعاية الطفلين، دون مراقبة “نادين” الصارمة، حتى أنه يكتشف مدى جمال قربه من الطفلين ورعايته لهما. ومع عدم وجود علاقة غير مشبعة مع “داليا” يبدأ في فهم أن علاقته مع “نادين” كانت مشبعة ومرضية له، أشبه بالنجوم البراقة، وفقا لحكاية كان يحكيها لطفليه.

محاولة العودة..

ويبدأ “آدم” في التقرب من “نادين” وإبداء الاهتمام الذي لم يكن يبديه وقت زواجهما، وتشعر هي بذلك وتحتار، خاصة وأنه ما زال في علاقه مع “داليا”، وينتهي الأمر بعوده “آدم” الذي يعترف أنهما كانا يعانيان من مشكلة كبيرة، وهي عدم الاستماع لبعضهما البعض، وتحويل العراك بينهما لحرب، كل واحد منهما يحاول الانتصار فيها.

حكاية غير مألوفة..

اما بالنسبة للحكاية الثانية، حكاية “سلمى وشريف” فهي غريبة عن مجتمعنا قليلا، حيث يعرض “شريف” على “سلمى” أن يعيشان سويا دون زواج، وترفض هي ذلك دون تقديم مبررات مقنعة لمجتمعنا الشرقي، مما آثار سخط الجمهور وظهر في تعليقاتهم على المسلسل في وسائل التواصل الاجتماعي. و”سلمى” تعاني من معاملة أبويها السيئة لها في طفولتها، حيث أهملاها وتركاها لدى جدتها بعد حدوث طلاق بينهما، وهذا أثر على علاقتها وعلى حياتها فيما بعد، حتى أنها ذهبت لطبيبة نفسية حتى تتخلص من تأثيرات ما فعله والداها بها.

ثم ينصاع “شريف” لها ويتزوجها لكنه يرفض الانجاب رغم رغبتها فيه، وتكتشف “سلمى” و”شريف” نفسه أن لديه ابنه عمرها 16 عاما، وذلك بعد أن تتواصل معه هذه الابنة ونكتشف أن شريف كان قد دخل في علاقة عابرة مع إحدى السيدات الأمريكيات، وحين اكتشفت أنها تحمل طفلا في أحشائها طلبت منه الاحتفاظ بهذا الطفل وكان شريف في عمر 18 عاما، ولم يرفض ذلك على شرط ألا يعرف شيئا عن ذلك الطفل.

ابنة غير شرعية..

لكن ابنته تلهفت على التواصل معه وضغطت على أمها، فوجد “شريف” نفسه أمام طفله عمرها 16 عاما لا يعرف عنها شيئا، وكان ذلك صدمة له ول”سلمى” ولعلاقتهما سويا، لكنهما حاول تجاوزها بعقل بعد ترددهما على طبيب يساعدهما على تجاوز تلك المشكلة التي واجهت زواجهما. واستطاعت “سلمى” بالفعل مواجهة الأمر، واستطاع “شريف” تقبل ابنته، حتى أنه فهم أن رفض الانجاب كان بسبب ذلك، ووافق أخيرا عليه.

وتجاوز “سلمى وشريف” مشاكل زواجهما ليصبحا سعيدين، لكن مشكلة الابنة غير الشرعية والتي أخذت حيزا كبيرا من المسلسل ومن حكاية “سلمى وشريف” تعد مشكلة نادرة في المجتمع المصري، حيث أن قيمه وعاداته لا تسمح بعلاقة غير شرعية وبانجاب أطفال خارج إطار الزواج، وإن حدث ذلك فيتم التعامل مع الأمر على أنه وصمة عار، ويتم التعامل مع الأمر بطريقة مغايرة تماما لما حدث في المسلسل من تقبل وفهم.

هامش..

على هامش الحكايتين الرئيسيتين نجد حكاية أم “نادين” “هناء” التي عاشت حوالي 30 عاما مع زوجها وهي تشعر أنه يظلمها، فقد أجبرها على ترك العمل لرعاية ابنتها كما كان يتعامل معها دوما على أنها أقل، ولم يكن يهتم بها، وبعد زواج ابنتها “نادين” لم تعد تتحمل معاملته السيئة وقررت الانفصال عنه، ورغم محاولاته العديدة في إعادتها إلا أنها أصرت على الانفصال وأصبحت تعامله بشكل أفضل حينما أصبحا صديقين وفقط.  و”فيفي” أم “آدم” التي عانت من موت زوجها وهي في سن صغيرة، وعاشت وحيدة سنوات طويلة تربي ابنها، لكنها في النهاية وجدت رجلا يريد مشاركتها حياتها وتزوجت به.

المسلسل..

المسلسل 15 حلقة وهذه ميزة جيدة ظهرت في رمضان هذا العام، حيث وجدنا عدد من المسلسلات قد التزم بأن يكون 15 حلقه فقط تجنبا للحشو والتطويل الذي كنا نعاني منه في السابق.

الاخراج ممتاز والموسيقى في التترات والموسيقى التصويرية بارعة وهادئة، مناسبة تماما للجو العام للمسلسل. المسلسل نفسه يتناول فئة من المجتمع تعتبر فئة قليلة وهي فئة الناس الذين يعيشون في كومباوند، لكنهم مع ذلك يعتبرون أنفسهم من الطبقة الوسطى، رغم أن معظم الشعب المصري ينتمي إلى الطبقة الأقل ماديا، لذا نجد تفاصيل تعتبر جديدة لم نألفهما في المسلسلات، نجد طريقه في التحدث مختلفة، نجد هدوء تام على مستوى الموسيقى وعلى مستوى الأحداث، وحتى على مستوى الإضاءة، فإضاءه المسلسل خافته طوال الوقت، والأماكن ذات مستوى عال.

والتعامل ما بين الشخصيات نشعر أيضا باختلافه، فمثلا هناك طبيب نفسي وأخصائي زواج، فالمعتاد في تلك الحالات أن يتعامل الأزواج دون الحاجة إلى زيارة مختصين. ممكن القول أن ذلك المسلسل يعبر عن فئة الأغنياء، الذين يتقاربون مع الفكر الغربي، والذين يعتبرون أنفسهم من الطبقة الوسطى، وهؤلاء ليسوا هم القاعدة العريضة من الشعب المصري.

فالقاعدة العريضة من الشعب المصري لا يعيشون في كومباوند، ولا يتكلمون بتلك الطريقة، ولا يستخدمون تلك الألفاظ التي تعد غريبة عن قاموس الشعب المعتادة.

فشل العلاقات العاطفية..

بغض النظر عن ذلك استطاع المسلسل أن يقدم فكرة فشل العلاقات العاطفية، حتى أنه ناقشها بشكل واضح حينما قامت “نادين” بعمل برنامج على النت ناقشت فيه فشل العلاقات العاطفية واستضافت عدد من الشخصيات داخل المسلسل، والذين أدلوا برأيهم في موضوع فشل العلاقات، كما استضافت شخصيات من خارج المسلسل مثل “ماجد الكدواني”.

ميزات المسلسل الكبرى أنه تناول ذلك الموضوع بشكل راقي وإنساني، وقدم نماذج جيده لشخصيات نسائية وشخصيات رجالية على قدر عالي من الثقافة والفهم والتعامل بشكل سوي، لكن لابد من التأكيد على أن ذلك لا يمثل القاعدة العريضة من الأزواج في مصر، فهو بالتالي لا يعبر عن فئة كبيرة من الشباب في مصر .

كما اعتمد المسلسل على ورشات كتابة ولا نعلم هل هذا كان إيجابيا أم سلبيا، كما أن فكره تجاوز الوقت بعدة شهور والتركيز على مواقف فقط لم يعجبني ذلك كمشاهدة، كنت أحب أن يتناولوا الأمر في شكل تفاصيل حياة يومية دون عمل قفزات زمنية كبيره. المسلسل بشكل عام يعتبر جيد مقارنة بمسلسلات أخرى ظهرت هذا العام.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة