كتب : ذ. خالد الجامعي
ترجمة: ذ. أحمد المرزوقي
ثلاثة على الخشبة… ديكور عار ولكنه معبر… شجرة بأوراق من الطلاسم… كاتب… ورقة ناصعة البياض دم أسود يسيل… نص بصدد الولادة… الكتابة… عمل رهيب… الكلمة سلاح قتال… سلاح محرر.. الكتابة تأخذ أبعادا كأبعاد يوم القيامة… الكلمات مرايا مكسرة/ مرايا تعكس أحلامنا وجبننا المدفون في أعماق الأعماق .
تحديد صرخة الألم الأولى بالحروف… الكتابة تمتطي صهوة الزمان. تغازل الأبدية/ تعانق اللحظة. تضاجع التاريخ… زانية/ جليسة/ زهرة شب الليل/ رصيفية/ مؤنسة/ مومس فتاة عمومية ساقية الزبائن/ مصيدة الرجال/ بغية/ عاهرة هي الكتابة تعرض نفسها بالمجان أو تفي بدينها كاملا حسب هوى الكلمات… الصفحة مطية بلجام اسمه الحرية والخنوع. تركبها كلمات من الفيافي القاصية وهذه العربية الساحرة الفاتنة ذات الجمال الخرافي الأخاذ الذي يبقى المرء حياله متسمرا واجما ذاهلا هذه العربية دارجة التي لا تنتمي لا إلى المتنبي ولا إلى أبي حيان التوحيدي ولا إلى ابن المقفع.
لهجة تنساب كخرير الجداول من كلمات رجل اسمه إدريس المسناوي. زجل رائع خاطف للألباب تسكنه أفعال هي مرة كالسحر الباهر ومرة أخرى كحد السيف الباثر… ردود وأفعال صاغها بركان متفجر في أحشاء سنوات الجمر والرصاص… لغة في عريها تلبس أسمالا مهلهلة بذيئة. غير أن الدراماتورجي “أحمد جواد” أعاد لها نبلها وشرفها بلوحات منسوجة بخيوط المعانات والاهانات والانسحاقات والثورات..
كلمات مضطهدة. ولكن التاريخ نصبها في محكمته الخالة قاضيا عادلا مجلجلا… موسيقى رقص أغاني يتداخل بعضها ببعض. راودتني فكرة ترك كرسي الوتير في قاعة (باحنيني) والجلوس على الأرض ورفع عيني إلى السماء لعلي استرجع انبهاري العذري القديم… الصفحة على المسرح تدين… والكلام يصلب الحروف… والكاتب يلد الكلمات ويخط… في البداية كانت الصرخة الأولى . ( ا . ل . ح . ر . ي . ة) عرض مسرحي يتيه فيه المرء يعانق فيه التيه لعله يجد نفسه الضائعة مع “علية جبور” في دور (الورقة)، طارق بقالي في دور (القلم)، أحمد جواد في دور(الكاتب)، إبداع تمخض عن ولادة عسيرة أنجبت لنا متعة معتقة ونشوة ساحرة افتقدناهما منذ زمان بعيد… وفي فضاء المسرح تحاور نظرة المتفرج صوت الممثل وأنغام الموسيقى ورنة كلمة الكاتب و(هو). عنوان المسرحية