4 مارس، 2024 10:57 م
Search
Close this search box.

مسائل الأقليات العرقية الدينية والطائفية في المنطقة العربية

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ سامي الدوري
أحدى الستراتيجيات الهامة للقوى الدولية لحكم العالم هي أستخدام الأقليات أن لم يكن بالأقناع فبالقوة .
بيتر غران
1- المقدمة :
تحتوي المنطقة العربية منذ زمن بعيد على خارطة سكانية فسيفسائية نادرا ما تحتويه منطقة أخرى والسبب في ذلك هو موقعها الجغرافي الفريد فهي تقع وسط الخط الفاصل بين شرق الكرة وغربها وبين شمالها وجنوبها . وعلى مدى التأريخ الأنساني وبعد ما حصل
من تغيير في الأفكار والمصالح ، أخذت تظهر في المنطقة مع مرور الزمن أقليات متنوعة توزعت على شكل أقليات عرقية ، دينية وطائفية وصل تعدادها في القرون الأخيرة العشرات . وجدت القوى الخارجية الأقليمية والغربية الأستعمارية في مرحلة أنحطاط الدولة
العثمانية وزوالها الفرصة سانحة لضم وأستغلال هذه الأقليات في مشروعها البعيد المدى الذي أعدته للهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها . أصبح هذا المشروع واضحا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وأحتلال أراضي المنطقة العربية من قبل الأستعمار الأوربي القديم
وتقسيمها الى عدة دول وكيانات ضعيفة وصل عددها أكثر من 22 عشرين دولة وكيان . لم يكتف ذلك الأستعمار عند هذا الحد فأخذ يقسم المقسم : أقدم البريطانيون على فصل أراضي الأحواز العراقية وتقديمها لشاه أيران عام 1925 وأقدم الفرنسيون على فصل
أراضي الأسكندررونة السورية وتقديمها لتركيا أتاتورك عام 1936 . بعد مرور فترة من الأستقرار النسبي للمنطقة وهي تحت نير الأحتلال ، بدأ الأستعمار الغربي بالأنتقال الى المرحلة التالية من ستراتيجيته فأخذ يركز على جر قيادات هذه الأقليات للعمل في خدمة
مصالحه في المنطقة سواء بالأقناع أو بالقوة . بعد أفول قوى الأستعمار القديم وزوال القطب أالسوفياتي وتربع أمريكا والصهيونية الأمبريالية على عرش العلم ، تظاعف الأهتمام بالأقليات لتصبح من أولويات ستراتيجية تلك الأمبريالية لحكم العالم . تركز أستخدام هذه
الستراتيجية في الوطن العربي لسببين هما ثروته وموقعه الجيوسياسي والهدف هو منع شعبه من تحقيق وحدته وأتقدمه على نحو ما حصل في أكثر من دولة عربية ، العراق من أولها لتتبعه تونس ، ليبيا ، سوريا واليمن. .
الهدف من بحث مسائل الأقليات الأن لا يقتصر على تأثير دور هذه الأقاليات في أوضاع هذا القطر العربي أو ذاك فحسب بل على تأثيرها في أوضاع المنطقة العربية أيضا . للأقتراب من هذا الهدف ، جرى تحليل أوضاع الأقليات
وأتجاهاتها لكي يتم رصد التأثيرات المتبادلة سلبا وأيجابا للعلاقة بين تلك الأقليات والأغلبية السكانية للوصول الى حالة تفاهم وعدم تعارض بين الطرفين من أجل ألوقوف ضد ما يهدد المنطقة وشعبها بأغلبيته وأقلياته . لتحقيق هذا الهدف هناك حقائق و مسلمات ينبغي
النظر البها بموضوعية من قبل جماهير الأقليات وقياداتها لكي يتم الأعتراف بها والعمل مع جماهير ألأغلبية وقياداتها للخروج من مأزق ألتناحر وألأصطفاف معا لدحر ألطامعين في ثروات ألوطن.
2 – حقائق ومسلمات :
1 – أن ألأرض ألمسماة بألمنطقة ألعربية أو ألوطن ألعربي ألأن هي منطقة تقطنها منذ زمن بعيد أغلبية سكانية عربية القومية مسلمة الدين وسنية المذهب وهذا واضح من الجدول في الملحق (1) الذي يحتوي على أحصائيات قسم منها رسمية وأخرى تقريبية جرى توخي
الأعتدال والأنصاف فيها . 2 2 – يترتب على الحقيقة الأولى حقيقة ثانية هي أن من سيرسم المستقبل السياسي والأقتصادي للمنطقة وطنيا وقوميا هو الأغلبية السكانية بدون تمييز وليس لهذه الحقيقة أن تؤدي الى أثارة أية حساسية من قبل جماهير
الأقليات لأن النجاح في رسم هذا المستقبل سيعم جميع المواطنين بغض النظر عن أعراقهم أو دياناتهم او طوائفهم .
3 – تعرضت ألمنطقة ألعربية وشعبها بأغلبيته وأقلياته لأنتهاكات صارخة مستمرة من قبل كل من ألأستعمار ألأوربي القديم والأمريكي الأمبريالي الحديث لنهب ثرواته ومنعه من ألتقدم و ألتمتع بتلك ألثروات فعم ألضرر ألجميع . .

4 – أن حركة التحرر الوطني والقومي لا تزال قائمة رغم ما تعرضت له من أنتكاسات في السنوات الأخيرة من القرن العشرين وبداية سنوات القرن الحالي على يد قوى الهيمنة الدولية من غربيين و أمريكان وصهاينة وأن من مصلحة جيع المواطنين بأغلبيتهم وبأقلياتهم
الالتفاف حول هذه الحركة .
5 – أن نجاح الصهيونية العالمية التي ولدت من رحم قوى الهيمنة والتسلط الغربية بأقامة دولة صهيونية على أرض فلسطين هو ليس شكلا من أشكال حل مسائل الأقليات في المنطقة العربية غير أن اليهود اللذين كانوا موزعين على طول وعرض المنطقة والعالم هم
بالنأكيد شكلا من أشكال الأقلييات وبالتالي فان النظر اليها لا يختلف عن النظر الى الأقليات الأخرى .

3 – أنواع الأقليات :
1 – الأقليات ألعرقية : ألأقليات ألعرقية ألتي لها تأثير واضح في أوضاع ألمنطقة ألعربية هي نوعان ، ألأولى هي الأقلية الكردية والأقلية وألثانية هي الزنجية ولهذا فقد جرى أهمال تناول تأثير الأقليات العرقية الأخرى في تلك الأوضاع لمحدودية تأثيرها وأنسجامها مع
التكوين السكاني العام للمنطقة.
1.1 – الأقلية الكردية : يدعي بعض الأكراد بأنهم من الناحية العرقية ينتمون الى العرق الأري الأوربي بدون أي دليل علمي يؤكد أدعائهم . أن أكثر الأحتمالات صحة هو أن الأكراد الأن هم خليط مكون من أعراق متنوعة بنسب غير معروفة من الأصول
الفارسية الأرية ، العربية السامية والتركية الهندوأوربية .أن الموطن الأصلي للأكراد يقع في المناطق الجبلية الممتدة من جبال طوروس جنوب تركيا بأتجاه الشرق حتى محاذاة أرمينيا ثم نزولا نحو الجنوب بين جبال زاغروس الفارسية وحدود العراق لتنتهي في منطقتي ديالى
والكوت . في هذه ألحالة ، تقع مناطق ألأكراد بين حدود تأريخية وطبيعية لمناطق ثلاثة أقوام هم الفرس ، العرب والأتراك . يقتصر تواجد الأقلية الكردية في أقليمين من أقاليم المنطقة العربية : في شمال العراق وفي الشمال الشرقي من سوريا الحالية . بالرغم من وجود
أختلاف نسبي بين مجموعة كردية وأخرى في اللغة والزي وربما العادات أيضا الا أنهم بشكل عام يمتتلكون السمات المشتركة التي تشكل لهم خصوصيات القومية الكردية . رغم وجود هذه السمات ألقومية المشتركة ، لم يكن للأكراد على مدى التأريخ دولة خاصة بهم
بأستثناء محاولتهم الفاشلة بأقامة دولة ” جمهورية مهاباد الشعبية ” في شمال غرب بلاد فارس بعد أنتهاء ألحرب ألعالمية ألثانية . كانت أراضي شمال شرق أيران خلال الحرب العالمية الثانية واقعة تحت الأحتلال الروسي أما جنوب أيران فكان واقعا تحت الأحتلال
البريطاني ويظهر أن الروس بعد توقف الحرب قد شجعوا الأكراد لقيام مثل هذه الدولة . لو تمكنت هذه ألدولة من البقاء فأنها ستؤدي الى فشل ستراتيجة البريطانيون التي أعدتها للمنطقة العربية وعموم منطقة الأشرق الأوسط لذلك هم أقدموا على دفع عميلهم شاه أيران
محمد رضا بهلوي لسحق هذه الجمهورية وأنهاء الوجود العسكري السوفياتي . كانت نتيجة هذا التحرك ليس زوال تلك الدولة فقط وأنما أعدام رئيسها ووزرائها أيضا ما عدى الوزير ملا مصطفى برزاني الذي تمكن هو ومقاتليه من عشيرة برزان من الهروب الى الأتحاد
السوفياتي وأتخاذه ملجئا لهم ولم يعودوا الى العراق الا بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز لتبدأ صفحة محزنة أخرى في حياة هذه الأقلية.

1- الأقلية الكردية في العراق : لا توجد أحصائية رسمية للتركيبة السكانية في العراق الا أن أغلب التقديرات تقول أن نسبة الأكراد في هذه التركيبة هي 15% أو أكثر قليلا . الموطن الأصلي للأكراد هي جبال ووديان كردستان ولم تكن كل من مدينة كركوك وأربيل
موطنا أصليا لهم (1) ولكن هناك أكراد بدأوا يتركون قراهم مع بدايات القرن الماضي والأستقرار في أربيل لقربها من تلك القرى وهذا ما حصل لكركوك أيضا .
وفقا لأتفاقية سايكس – بيكو بين لأبريطانيين والفرنسيين تم تقسيم منطقة الشرق من الوطن العربي الى عددمن الدول والكيانات هي العراق ، شرق الأردن وفلسطين تحت الوصاية البريطانية ولبنان وسوريا الحالية تحت الوصاية الفرنسيية . بعد ثلاث سنوات من
وقوع العراق تحت الأحتلال البريطاني ، تفاجأ البريطانيون بأنفجار ثورة العشرين الخالدة التي أمتد أوارها كل مناطق العراق . ومع أن هذه الثورة لم تستمر طويلا الا انها تمكنت من الحاق خسائر جسيمة بقوات ومعدات جيش البريطانيين ليصل الأمر الى خسارة واحد
من قادتهم العسكريين والسياسيين المهمين هو الضايط لجمن . دفعت هذه الثورة البريطانيين للتفكير بالتخلي عن الحكم العسكري المباشر للعراق والبحث عن مخرج يرضي الشعب العراقي ويحفظ مصالحهم الحيوية فيه . لتحيق هذا الهدف ، لجأت سلطات الأحتلال
البريطاني الى دعوة ممثلين عن “مكونات ” الشعب العراقي لأيجاد حل للذي حصل في العراق من رفض شامل للأحتلال . دعت هذه السلطات 75 شخصا موزعين على خمسة طوائف وعلى النحو التالي : 24 عن السنة ، 23 عن الشيعة ، 18 عن اليهود ، 8 عن
الطوائف المسيحية و3 عن الأرمن (2) . وبحساب نسب كل مكون من المجموع العام يتبين : نسبة السنة 32 % ، نسبة الشيعة 30% ، نسبة اليهود 24% أما نسبة المسيحيين فهي 10% والأرمن بنسبة 4% . قد تكون نسبة السنة في هذه التركيبة بالنسبة لبعض
الشيعة الطائفيين غريبة لكن الأكثر غرابة هو غياب ممثلين عن الأكراد مما يعني أن في جعبة الأستعمار البريطاني الكثير من الكوارث التي سيصبها على العراق مستقبلا . يتضح من هذه التركيبة ايضا بأن البريطانيين والفرنسين قد أعطوا للأكراد في العام 1920 وعودا
مبهمة عن أمكانية منحهم حقهم القومي في أقامة دولة كردية ولهذا السبب لم تتم دعوتهم لهذه التركيبة فتم توزيعهم على أربع دول تمهيدا لأستغلالهم فيما بعد بالعبث بمصير المنطقة العربية أولا وبمصير دول الشرق الأوسط الأخرى كأيران وتركياعندما تفتضي المصالح
الستراتيجية للقوى الأستعمارية الدولية .
أضافة لموقع العراق الجيوسياسي الهام ، كانت عيون البريطانيون على حقول نفط بابا كركر في كركوك وما أن أستقرت أوضاع العراق بعد أقامة النظام أملكي حتى باشرت قوات الأحتلال بأستحدداث شركة بريطانية لأستخراج نفط كركوك . كانت هذه الفترة وطوال
المدة التي عاشها النظام الملكي قد أتاحت لأعداد كثيرة من الأكراد ترك جبالهم والنزول الى كل من محافظتي أربيل وكركوك للحصول على فرص للعمل . عمل بعض هؤلاء الأكراد كعمال في شركة النفط البريطانية بكركوك وأستقروا فيها وعمل البعض الأخر في الزراعة
وأستملكوا مساحات زراعية واسعة في سهول جنوب محافظة اربيل . لم تكن كل من كركوك وأربيل جغرافيا وديموغرافيا من الناحية التأريخية مدينتان كرديتان بل أن أغلب سكانها من التركمان والأشوريين والعرب (1) . يدعي أحد الكتاب الأشوريين بأن هناك وثائق تؤكد أن
الأشوريين قد تعرضوا لتطهير عرقي من جانب الأكراد للأستحواذ على مناطقهم لتصبح الأن ملكا لهم (3) وعلى الأغلب أن لهذا القول نصيب من الصحة لأن ” مطالبتهم ” بكركوك و”الأراضي المتنازع عليها” بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ينسجم مع ذلك
الأدعاء . أما وضع التركيبة السكانية في كركوك فمن المعروف أنها ومنذ عقود بعيدة الموطن الرئيسي للتركمان أضافة للأشوريين والعرب ولذلك فأنه من المستبعد الأن أن يشكل الأكراد الأغلبية فيها لكن حكومة أربيل الكردية تصر على أن كركوك هي جزء من أقليم
كردستان وهي ” قدس الأقداس ” للأكراد ولن يتنازلوا عنها .
منذ بداية تشكيل اول الحكومة عراقية ومرورا بالحكومات المتعاقبة ، سلكت القيادات الكردية العشائرية والدينية المتخلفة البرزانية من وقت لأخر مسارا خطرا هو القيام بعدة تمردات عسكرية مسلحة ضد الحكومة العراقية وكأن الدولة العراقية وجيشها المكون من كافة
القوميات والطوائف هو المسؤل عن عدم منح الأكراد حقوقهم القومية وليس الأستعمار البريطاني . لم تكن تلك القيادات تعرف أو تعي بأن الظلم الذي وقع على العرب هو أكثر فداحة من الذي وقع عليهم مما ولد لديهم مشاعر عنصرية مريضة مكبوتة ضد عرب العراق
وأقلياته الأخرى بدلا من أن تتجه مشاعرهم ضد القوى الخارجية المسؤلة الوحيدة عن مأساة الشعبين العربي والكردي . لازمت هذه القيادات نفس المشاعر في العهود الجمهورية أيضا فبعد أن كانت القيادة الكردية تدعو مناصريها خلال الأشهر الأولى من عمر ثورة تموز
1958 لمشاركة الشيوعيين في مظاهراتهم الصاخبة في شوارع بغداد وهم يرقصون ويهزجون ” عيني كريم للأمام كرد وعرب فد حزام ” ، تبخرت هذ الأهزوجة بعد مدة ليست طويلة ليحل محلها تمرد كردي مسلح ضد حكومة عبد الكريم قاسم . أنقلب موقف الحزب
الديمقراطي الكردستاني من حزب البعث من حالة عداء شديد الى حالة تأييدد له عندما دعى هذا الحزب في العام 1963 الى الأضراب الشعبي العام تمهيدا للقضاء على حكم عبد الكريم قاسم . بعد أن نجح حزب البعث في مسعاه لأسقاط نظام حكم عبد الكريم قاسم
وتسلمه السلطة في 8 شباط / فبراير عام 1963 ، توقف التمرد الكردي لتبدء مفاوضات متواصلة بين الحكومة والقيادة العشائرية الكردية للبحث عن حلول مناسبة للعلاقة بين المركز والأكراد . بعد سلسلة من اللقائات بين الطرفين سادتها أجواء التوجس والشك ، لم
تفض هذه اللقاءات الى حل الأزمة بينهما فعاد الأكراد الى التمرد العسكري مجددا ولم يتوقف لحين قيام عبد السلام عارف بأنقلاب ناجح على حزب البعث ليتسلم هذه المرة القوميون وعلى رأسهم عارف السلطة . أنفتح باب التفاوض مرة أخرى مع الأكراد ولكن كعادتهم
في التعنت لم تؤدي المفاوضات الى حل ملموس فظل الوضع بين الطرفين متوترا يتخلله تمرد وتوقف للتمرد الى أن تمكن حزب البعث للمرة الثانية من أستلام السلطة في 17 تموز عام 1968 . بعد أتصالات ومباحاثات مراثونية بين الطرفين ، تم التوصل الى أتفاق
بينهما على أعلان بيان 11 آذار/ مايو 1970 المتضمن منح الحقوق القومية للأكراد وأقامة حكم ذاتي لكردستان العراق قوبل بالترحيب من كافة شرائح المجتمع العراقي . في نفس هذا السنة أعلنت السلطات العراقية احباط مؤامرة أنقلابية قادها الضابط عبد الغني الراوي
اللذي أعترف علنا بأن من خطط لهذه المؤامرة هي الدوائر الأمريكية والمسؤول عن تنفيذها هو ” شرطي الخليج ” شاه أيران محمد رضا بهلوي .
مع أنتهاء الحرب العالمية الثانية بدأعصر أفول الأستعمارالفديم ليحل عصر صعود أستعمار أشد قوة وشراسة هو الأستعمارالأمريكي الأمبريالي وحليفته الصهيونية العالمية . لقد أقدم هذا الأستعمار على تطوير ستراتيجية ” فرق تسد ” الأستعمارية القديمة
لتصبح من أهم الستراتيجيات لحكم العالم ” بأستخدام الأقليات أن لم يكن بالأقناع فبالقوة ” (4) .أدى تبني هذه الستراتيجية بالقيادات الكردية فيما بعد الى الأرتباط بشكل نهائي بقوى الهيمنة الدولية الصهيو – أمريكية . هذا ما حصل فعلا في حادثين : الأول : بعد عقد
أنفاقية الجزائر بين صدام حسين نائب الرئيس العراقي ومحمد رضا شاه أيران ، تنص على توقف الشاه عن تقديم المساعدة اللوجستية والعسكرية للمتمردين الأكراد مقابل منح أيران أمتيازات في شط العرب . كانت من نتائج هذه الأتفاقية بعد عودة صدام الى بغداد ، قيام
قوات الجيش العراقي بهجوم صاعق على الميلشيات الكردية المسلحة مما أدى الى أنهيار التمرد الكردي بشكل دراماتيكي سريع . وفي أيام قليلة تم أستسلام أغلب أفراد ” البيش مركة ” فسلموا أسلحتهم الخفيفة والثقيلة للسلطات المسؤولة بينما فر البعض منهم الى الخارج
في حين أقدم بعضهم على الأنتحار البعض مما أثار ضجة محلية وعالمية . دفع هذا الحادث صحيفة ” السندي تايمس ” الى نشر نص ما دار بين أحد مراسليها والملا برزاني في صفحتها الأولى بعد أول يوم أحد من ذلك الأنهيار . كان نشر ما دار بين المراسل والملا
مصطفي يحتوي في الصحيفة على عدة سطور قليلة وهو على النحوالتالي : المراسل يسال ملا مصطفى : الذي حدث ؟ كان رد الملا : لا أعرف ما الذي حدث ، لكن لدي ضمانات من أعلى المستويات في أمريكا بأستمرار مساعدة الأكراد . كان الملا صادقا في ذلك
القول لأن الذي حصل بعد ست سنوات هو أزاحة مذلة للشاه من حكم أيران ليهيم في الأرض ويموت في مصر ويعود أكراد العراق الى التمرد مرة أخرى . الثاني : بعد أنتهاء أزمة غزو العراق للكويت ، وصل فجأة كل من مسعود برزاني وجلال طلباني الى بغداد للقاء
الرئيس صدام حسين للبحث في أمكانية التوصل الى أتفاق بين الطرف الحكومي والكردي . قيل في الأعلام وقتها أن هذا الأتفاق قد تم ولم يتبق سوى التوقيع عليه لكن كل من برزاني وطلباني طلبا من صدام أعطائهما مهلة العودة الى كردستان لأخذ موافقة حزبيهما على
الأتفاق ثم العودة الى بغداد للتوقيع عليه . أضهر تلفزيون العراق توديعهما لصدام وهما يحتظنانه ويقبلانه مبتهجين بالأتفاق لكنهما بعد مغادرتهما بغداد لم يعودوا اليها الا بعد أحتلال أمريكا وبريطانيا للعراق في العام 2003 . تم تحت أشراف الحاكم المدني الأمريكي ”
بريمر” صياغة نظام سياسي للعراق يقوم على المحاصصة العرقية والطائفية ، ركيزتاه الأساسيتان هما : القيادات الكردية العشائرية المتخلفة البرزانية – الطالبانية وحليفتها القيادات الشيعية الرثة من حرامية ومزورين ، يقوم أحدهم بكل وقاحة وذلة بتسليم سيف علي بن
أبي طالب كهدية لوزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد . أما أشتراك بعض ” القيادات السنية ” من السياسين الأسلاميين المنبطحين ومن يتبعهم من الباحثين على المناصب وسرقة المال العام فقد تم ظمهم للحكم لتجميل نظام المحاصصة السياسية .

2 – أكراد سوريا : هناك أشكال في تقديرات عدد الأكراد في سوريا لأنهم ينقسمون الى صنفين ، الصنف الأول هم الأكراد السوريون الأصليون اللذين يمتلكون وثائق المواطنة السورية ويتمتعون كالسوريين الأخرين بحقوق المواطنة ، أما الصنف الثاني فهم الذي دخلوا
ارض الخارطة السورية هربا من بطش جيش أتاتورك ولا يملكون وثائق المواطنة السورية . كالعادة ، لا توجد أحصائيات رسمية لمجموع عدد الأكراد في سوريا فأصبح تقدير أعدادهم عرضة للأهواء والمصالح لذذلك فقد تم أخذ التقديرات المعتدلة لعددهم . أحدى هذه
التقديلرات المتفق عليها من قبل الأكراد وغيرهم تقول بأن عدد أكراد سوريا هو بين مليون ونصف ومليونين بينما مجموع سكان سوريا هو بين 25 – 26 ملاين ففي هذه الحالة ، تكون نسبة أكراد سوريا هي 4 % وهي الأقرب الى الواقع لذلك هي ليست 8 % ولا بين
1.5 و 2 % . أغلب أكراد سوريا يقطنون مناطق شمال شرق سوريا القريبة والملاصقة لخارطة تواجد أكراد العراق وهم يحماون نفس مشاعر الأكراد الأخرين بسبب حرمانهم من أقامة دولة موحدة على أراضيهم الجبلية التأريخية . وكما وقعت قيادات ميليشيات الأكراد
العراقيين تحت الحماية الأمريكية لتحيق أهداف أمريكا والصهيونية في العراق ، تقع الأن قيادات الأكراد السوريين وميلشياتها المسلحة ” قوات حماية الشعب الكردي ” وغيرها من الميليشيات تحت الحماية الأمريكية لتحقيق نفس الأهداف . ان هموم القيادات الكردية
المتراكمة يجري تعليقها على أكتاف الشعبين العربيين العراقي والسوري فيطالبون هذه الأيام بالأنفصال عنهما بينما أكراد أيران وتركيا وهم الأكثرية الكردية الساحقة ، مسحوقون ومحرومون من أي شكل من أشكال الحقوق . أصبح واضحا تماما بأن القوى الدولية الأمريكية
والصهيونية تتعامل مع قضية الأقلية الكردية في المنطقة العربية بأزدواجية المعايير فهل موقف القيادات الكردية في العراق وسوريا يعبر عن سذاجة تلك القيادات أم يعبر عن خيانتها لقضيتها أولا ثم خيانة من آواهم وأكرمهم بالمواطنة طيلة السنين الماضية ؟ هذا السؤال
مطروح على جميع الأكراد سواء كانوا في أيران أو تركيا أو في الوطن العربي ليتبينوا أين هو طريقهم الصحيح .
2 – الأقلية الزنجية : وقوع المنطقة الغربية من الوطن العربي في القارة الأفريقية ، أدى الى وجود تجمعات زنجية في أقطار تلك المنطقة بكثافة متباينة . أعلى كثافة لهذه التجمعات هي في جنوب السودان بسبب وقوعه جنوبه في عمق القارة الأفريقية التي تقطنها
أغلبية زنجية مطلقة ثم تأتي موريتانبا في المرتبة الثانية بسبب وقوعها بين مالي والسنغال الزنجبان . ولأن الصحراء الغربية الشاسعة تفصل بين بقية أراضي المغرب العربي الأخرى والأراضي الأفريقية الزنجية فتواجد الأقلية الزنجية في أغلب مناطقها الأخرى ضعيفة
وقليلة التأثير في أوضاعها الأجتماعية والسياسية . 2.1 الأقلية الزنجية في السودان : أرض السودان كأية أرض عربية أخرى لا تخلو من
نوع أو أكثر من الأقليات والسودان ينفرد بوجود أقلية زنجية ذات كثافة عالية مؤثرة . أغلب التقديرات لنسبة المواطنين الزنوج في السودان تشبر الى أنها بين 25 و30% من مجموع تعداد السكان . ما يميز هذه المجموعة العرقية عن غيرها هو أختلافها عن مجموع سكان
السودان ليس بالعرق فقط وأنما بالدين أيضا . هذه الأقلية مكونة من مجموعة قبائل تتكلم لغات ولهجات مختلفة ليس لها دين – وثنية ما عدى أقلية أتخذت المسيحية دينا لها نتيجة تأثير البعثات التبشيرية الأوربية خلال فترة الأستعمار البريطاني للسودان . ولأنها كذلك
فهي تفتقر الى التجانس الأجتماعي وضعف نشاطها الأقتصادي بسبب حالة التخلف المريع الذي تعيشه في بيئتها الأفريقية العميقة بحيث أن السلطات السودانية ، منذ الأستقلال وحتى نجاح مؤامرة فصلهم عن السودان هي أما كانت عاجزة أو متكاسلة في بذل مساعي
جدية لتطويرهم . يتميز القطر السوداني ، قبل أنفصال الجنوب عنه بموقع جغرافي ستراتيجي هام فهو يطل على ساحل طويل من البحر الأحمر أما جنوبه فهو ممتد بعمق القارة السوداء ليصبح قريبا من منابع النيل ومناطق البحيرات . هذا الموقع ، الى جانب قدراته
البشرية والطبيعية دفع الأستعمار البريطاني الى زرع عوامل الفرقة بين الأغلبية السكانية في الشمال والأقلية في الجنوب من خلال فرض الفصل الأداري بين الشمال والجنوب لمنع السودانيين من التواصل مع بعظهم البعض (5) تمهيدا لمشروع التقسيم القادم . وما أن
قامت ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952 في مصر حتى أقدم الأستعمار البريطاني على التعجيل في سحب قواته من السودان ومنحه الأستقلال في 19 أيلول/ سبتمبر عام 1955 لقطع الطريق على قادة الثورة في ابقاء السودان موحدا مع مصر كما كان في زمن النظام
الملكي . لم تستقر أوضاع السودان بعد الأستقلال بسبب أنقلابات العسكرية متكررة وتفاقنت مشاكله الداخلية بعد أكتشاف النفط في عدة مناطق منها المنطقىة الحدودية بين شمال وجنوب السودان . بعد أن أخذت عمليات التمرد في الجنوب تتزايد بتحريض ودعم صريح
من قوى الهيمنة الدولية من أمريكان وأوربيين وصهاينة ليشهد العالم ميلاد دولة أنفصالية جديدة أسمها ” دولة جنوب السودان ” . قصة الأقلية الزنجية السودانية محزنة فعلا فبعد التصفيق والتهليل بميلاد هذه الدولة لم يتمكن مواطنوا هذه الدولة بالتمتع ” بنعمة الأستقلال ”
، عمتها الفوضى الصراعات القبلية فأصبح مواطنيها عرضة للجوع والتشرد فأخذوا يترحمون على أيامهم السالفة . وهكذا ، أذا كان الصهاينة قادرين على التقاط المقدم الماروني الخائن سعد حداد من داخل المؤسسة العسكرية اللبنانية لتضعه قائدا لميليشيا أغلب عناصرها
من شيعة لبنان في الشريط الحدودي (6) فكيف لا تتمكن من التقاط العقيد جرنج من داخل المؤسسة العسكرية السودانية ليخون وطنه وتضعه قائدا ” للجيش الشعبي الجنوبي ” الأنفصالي . ومن المعروف أن هذا العقيد يمتلك قدرة للتقلب فكريا وسياسيا لكنه وقع في
النهاية في فخ قوى الهيمنة الدولبة ليقود حربا أنفصالية طويلة ذهب ضحيتها الكثير من المواطنين السودانيين . وبهذا الخصوص ، يمكن التساؤل فيما أذا كان كل من سعد حداد وجارنج يختلفان في شيء عن ” الجنرال ” ملا مصطفى البرزاني أم أنهما متجانسان معه
في السير بنفس طريق الخيانة لشعوبهمم أولا ولمنطقتهم ثانيا ! . يستطيع أي أنسان بسيط أن يتبين بسهولة أن هؤلاء الرجال الثلاثة على النقيض من الرجل الشجاع والمخلص لشعبه الكردي عبد اللة اوجلان اللذي غدر به حافظ الأسد فطرده من سوريا لتتقبض عليه
عناصر مخابرات صهيونية وأمريكية عام 1999 وتسلمه للسلطات التركية مخدرا ليصحوا فيجد نفسه قابعا في زنزانة سجن لا يزال قابعا فيها لحد الأن .
2.2- الأقلية الزنجية في موريتانيا : تحتل موريتانيا المرتبة الثانية بعد السودان في نسبة الأقلية الزنجية فيها وهي تبلغ حوالي 20% من مجموع السكان . حال هذه الأقلية كحال الأقلية الكردية في سوريا ، القسم القليل منها أستوطن موريتانيا منذ فترة الأستعمار الفرنسي
والنسبة الأكبر منها دخل موريتانيا بعد الأستقلال في العام 1960 وأغلبهم بقطن جنوب موريتانبا بعد دخولهم اليها من دول الجوار ، السنغال ومالي .أراضي موريتانيا صحراوية شاسعة ولهذا السبب فأن عدد سكانها قليل وصل في العام 2014 ، أي بعد أكثر من أربع
عقود الى ما يقارب الأربعة ملاين نسمة . تعرضت موريتانيا يعد سنوات قليلة من الأستقلال الى أضطرابات عرقية بين المواطنين العرب في الشمال والمواطنين الزنوج في الجنوب أدت الى أضطرابات سياسية ، لكن السنين التالية وخاصة الأخيرة منها شهدت بوادر
أنسجام بين العرب والأقلية الزنجية بعد الأستقرار السياسي والأجتماعي التسبي لهذه الدولة العربية .
2.3- الأقلية البربرية : قبل كل شىء ، ينبغي القول هنا أن ادراج هذه الأقلية على انها عرقية مختلفة عن الأصل العرقي للعرب هو خطأ تأريخي وقد تم أدراجها هنا لتصحيح هذا الخطأ . ينحصر وجود هذه الأقلية في مناطق مختلفة من دول المغرب العربي وبنسب
تقريبية متفاوتة من قطر لأخر وعلى النحو التالي : 33 في الدولة المغاربية ، 23% في الجزائر أما في ليبيا وتونس فهي قليلة (5) . هناك نظريتان حول الأصل العرقي للبربر : الأولى هي تلك التي دأب الأستعمار الفرنسي ومؤسساته السياسية والثقافية على ترويجها
لأهداف أستعمارية كالونيالية واضحة وهي أن البربر هم ” السكان الأصليون للمغرب ” اللذين ليس لهم صلة بالعرب . اما الثانية فهي تلك التي تمسك بها باحثون من البربر والعرب والتي تقول بأن أصل سكان شمال افريقيا القدماء يعود الى الأصول العربية الكنعانية (7)
رغم أنهم يتكلمون لغة خاصة بهم وهي اللغة الأمازيغية . أن وجود مثل هذه اللهجات واللغات لبعض التجمعات ذات الأصول العربية أمر متوقع وطبيعي ففي سلطنة عمان مثلا هناك مواطنون يتكلمون اللغة الحميرية وغيرها من اللغات المحلية . لم تمنع هذه الفروقات
الجزئية والمحدودة من بناء لحمة وطنية في مواجهة الأستعمار الفرنسي في الجزائر فظهرت قيادات أمازيغية تاريخية في في صفوف قيادات الثورة الجزائرية مثل كريم بلقاسم وحسين آية أحمد وغيرهم .
2 – الأقليات الدينية : تظم المنطقة العربية أقليات دينية كثيرة غاية في التنوع والأختلاف ومن أهم هذه الأقليات الأكثر تأثيرا في أوضاع المنطقة العرية هي الأقلية المسيحية واليهودية . أما الأقليات الدينية الأخرى فسيجري الحديث عنها حسب أهميتها وعلآقتها بهذه
الدراسة .
2.1 : الأقلية المسيحية : من المعروف أن مركز أتشار الدين المسيحي هو في بلاد الشام وتحديدا في فلسطين حبث ولد وترعرع السيد المسيح في أراضيها الواقعة تحت الأحتلال الروماني . كأنت القدس أنذاك مكانا لتواجد كثيف لليهود فيها ولما كبر المسيح وأخذ بنشر
دعوته للدين الجديد ، راعهم أن هذه الدعوة موجهة لكافة البشر وليس لليهود ” شعب الله المختار ” فقط لأن في معتقدهم الديني العنصري ، أن الله يرسل الأنبياء لليهود فقط . لما بدأ السيد المسيح يبشر بالدين الجديد وتقبل بعض اليهود لهذا الدين الجديد، شعر أحبار
اليهود بأن هناك خطر يتهددهم فأخذوا يكيدون للنبي عيسى عند السلطة الرومانية . وصل حقد السلطة الرومانية على السيد المسيح لحد ملاحقته والقبض عليه عندما كان مجتمعا بحوارييه فقادوه ليصلبوه فيما بعد . وفيما يعتقد المسلمون الأن أن عيسى الحقيقي عند ربه
ولم يشنق وأن الذي أعدم هو شبيه له بينما يؤكد المسيحيون واقعة صلبه أما روحه فقد صعدت الى السماء حيث الرب . لم تكن نتيجة صلب المسيح نهاية المسيحية كما كان أحبار اليهود يتمنون فقد توزع الحواريون على مختلف أراضي الأمبراطورية الرومانية وهم يدعون
سرا للدين الجديد الى أن تكون لهم أتباع أزداد عددهم بالتدريج . لم يكن أمام أمبراطور الرومان قسطنطين حلا لمواجهة المد المسيحي والعدو الفارسي بعد تحول الى دين الزرادشتية المجوسي سوى تبني المسيحية في العام 313 بعد الميلاد ليتخه غطائا سياسيا في
صراعة مع الفرس فتحول الصراع بينهما من صراع عسكري الى صراع ديني أيضا . أن المسيحية قبل 313 ميلادية هي ليست كالمسيحية التي تبنتها الدولة ولذلك ظهرت عدة كنائس متنافسة أولها الكنيسة القبطية التي وضع أسسها تعاليمها القديس مرقص فبنى أول
كنيسة مسيحية في الأسكندرية . تلا ذلك الكنيسة المارونينية الأرثودكسية التي أسسها مار مارون في بلاد الشام والمؤيدة للكنيسة الرومانية الرسمية طوال فترة أحتلال الرومان لتلك البلاد و..الخ من الكنائس الأخرى . بعد حوالي أكثر من أربع قرون فقط من تبني الرومان
الدين المسيحي ، تمكن العرب المسلمون من طرد كل من الفرس والرومان عن الأرض العربية والقضاء على أمبراطوريتهما لتفتح صفحة جديدة في التأريخ الأنساني . بدأ هذا التاريخ دولة عربية أسلامية لم ينقل أحد بأنها مارست الأضطهاد الديني أو العرقي مما أدى
لأول مرة في التأريخ الى قيام مجتمع متئالف خال من العبودية . الدليل على ذلك هو أن المسيحيين في بلاد الشام بمختلف طوائفهم ظلوا يشكلون نسبة 80% من مجموع سكان بلاد الشام وهم تحت الحكم العربي الأسلامي (8) الى حين بدء الحملات الصليبية التي
أستمرت لعشرات من السنين . بدأت نسبة مسيحيي بلاد الشام التي كانت مسرحا للحرب ضد الصليبيين الأوربيين المعتدين بالتناقص تدريجيا بعد تحول أغلبهم الى الأسلام وظل هذا التناقص مستمرا لحد الأن حسب ما تمر بها المنطقة العربية من أحداث . في الوقت
الحاضر يتركز الوجود المؤثر للمسيحيون في كل من بلاد الشام التي قسمها الأستعمار الى أربعة دول وبلاد وادي النيل التي جرى تقسيمها أيضا الى ثلاث دول.
2.2 – الأقلية المسيحية في بلاد الشام : بعد أن كان المسيجيون في الماضي يشكلون 80 % من مجموع سكان بلاد الشام ، اصبحوا في السنين الأخيرة ، أستنادا الى أرقام تعدادهم ونسبهم في الدول الشامية الأربعة : سوريا الحالية ، لبنان ، الأردن وفلسطين ، يشكلون
نسبة 28.6 % فقط (9) . أسباب هذا التناقص المريع في نسبة المسيحيين عديدة أولها ، الحروب الدينية العدوانية الصليبية على المنطقة العربية الذي أستمر لسنين طويلة وثانيهما النتائج الكارثية التي أقرزتها الحربين العالميتين الأولى والثانية التي أدت الى تقسيم
الوطن العربي الى عدة دويلات ضعيفة ومتناحرة ثم تقسيم المقسم ليصل عدد الدول الأن الى 22 دولة وهي تحت الحماية الأستعمارية. والسبب الثالث والأخير هو الحروب والصراعات الداخلية التي أثارتها القوى الأستعمارية الغربية في العديد من هذه الدول سابقا ولاحقا .
الهدف الستراتيجي البعيد المدى للقوى الأستعمارية في تقسيم الشام والعراق هو زرع عوامل النزاع الطائفي والعرقي والديني فيهما لأستمرار السيطرة عليهما . لقد تم فصل لبنان عن الشام عندما كانت نسبة المسيحيين فيه 52 % وفق الأحصاء الرسمي غالبيتهم من الطائفة
المارونية التي أتخذت قياداتها الكنسية موقف الولاء للقوى الخارجية منذ مؤسسها مار مارون ولحد وقوع المنطقة العربية تحت الأحتلال البريطاني الفرنسي . ومع أنه يحسب للكثير من المارونيين نشاطاتهم التنويرية في الواقع العربي ووقوفهم الى جانب أخوانهم العرب ضد
السيطرة العثمانية وضد قوات الأحتلال الأوربي الا أن الكنيسة المارونية وتابعيها المتشددين هللوا ورحبوا بقرار السلطات الفرنسية بفصل لبنان عن بلاد الشام . أستمرت القيادات والبيوتات المارونية أتباع نهج الموالاة للقوى الخارجية الأستعمارية ولم تتخلى عنه لحد الأن
رغم ما جرى للشعب اللبناني من مآسي ومن ظرر في للمنطقة العربية . بعد أن غاب الأستعمار الأوربي القديم عن المنطقة وظهور الأستعمار الأمريكي الأمبريالي الحديث ، كان على الشعب العربي في لبنان بعد الأستقلال مواجهة حالات عدم الأستقرار التي أدت في
العام 1958 الى حصول حرب أهلية تلتها في العام 1975 حرب أهلية أخرى أستمرت سنين طويلة أدت الى تدمير وقتل وتشريد المواطنين اللبنانيين . الطرف الرئيسي المسؤول عن أشتعال هذه الحرب المأساوية هي القيادات والبيوتات المارونية المستمرة على نفس
النهج القديم في ولائها للقوى الخارجية من غربيين وأمريكان وحليفتهم الصهيونية العالمية . نتيجة لمثل هذ الأضطرابات والحروب تناقصت نسبة المسيحيين لتصل الى أقل من 40 % . أما مملكة ” شرق الأردن ” ودولة فلسطين الغائبة فقضيتهما معروفة لأبسط مواطن
عربي في الشرق والغرب وليست هناك ضرورة لتناول مسالة أقلياتهما . كل ما تبقى قوله هو أن المسيحيين في الوطن العربي ، عدى المتشددين منهم ، عاشوا بتناغم وأنسجام تام مع شركائهم في الوطن رغم أن الضرر الفادح الذي يأتي عادة من خارج المنطقة يلحق
بالأقليات أكثر مما يلح بشعب المنطقة .
2.3 : الأقلية المسيحية في وادي النيل : نسبة المسيحيين في وأدي النيل اللذين ينتمون الى الكنيسة القبطية الكاثالوكية تحتل المرتبة الثانية بعد نسبة المسيحيين في بلاد الشام غير أن هناك تقديرات متعددة لهذه النسبة لكن التقديرات المعتدلة تقول بأنها ظلت تتراوح بين
6.8 و8.3 % أي بنسبة متوسطة قدرها 7.15 % . هناك أختلاف وأضح بين المسيحيين المصرين وبقية المسيحيين في المناطق العربية الأخرى والسبب هو أنهم يتبعون كنيسة خاصة بهم قام بأرساء أسسها أحد حواريي السيد المسيح هو مرقص كاتب أحد الأناجيل
الأربعة . جاء هذا الحواري الى مصر هربا من أضطهاد السلطات الرومانية لمواصلة الدعوة للدين الجديد فتبعه جمهور من المصريين جرت تسميتهم فيما بعد بالأقباط فأسس أول كنيسة قبطية أرثدوكسية في الأسكندرية . بعد تحول الأمبراطورية الرومانية الى المسيحية
لأسباب سياسية لها علاقة بالصراع مع الأمبراطورية الفارسية توقف أضطهاد المسيحيين لفترة لكنه عاد مرة أخرى بسبب خلافات في التعليمات والتفسيرات اللاهوتية بين المسيحية الرسمية وبعض الكنائس الأخرى على رأسها الكنيسة القبطية . بسسب هذه الأختلافات
اللآهوتية ، تعرض الأقباط لحملات أضطهاد السلطات الرومانية مما أضطرهم لترك مركزهم الرئيسي في الأسكندرية والنزوح بكثافة الى صعيد مصر في عمق الأراضي المصرية للتخلص من ذلك الأضطهاد وممارسة طقوس ديانتهم بحرية (10) . ويبدو أن هذه الأجواء
المشحونة في العلاقة بين الرومان والأقباط قد سهلت دخول طلائع جيش التحرير العربي الأسلامي للأراضي المصرية وكل ما قيل بعد ذلك عن حصول أضطهاد عربي واسع للأقباط هو قول مغرض غير أنه قد تكون هناك أحداث فردية محدودة من هذا القبيل وهو أمر
طبيعي في كل المجتمعات . توضحت قوة اللحمة الوطنية بين الأقباط وبقية المواطنين المصريين في حادثين : الأول ، حصل خلال ثورة 1919 في مصر ضد الأحتلال البريطاني أن ساهم شيوخ الأزهر وقساوسة الأقباط جنبا الى جنب في قيادة تلك الثورة ، اما
الحادث الثاني فهو قيام بابا الكنيسة شنودا بأصدار بيان يحريم فيه الحج الى القدس على أثر زيارة السادات للقدس وتوقيع معاهدة صلح مع الكيان الصهيوني مما عرضه للنفي الي جبل النطرون في سيناء ولم يعد من منفاه الا بعد أغتيال السادات (11) .
2.4 : الأقللية المسيحية في العراق : يحتل العراق المرتبة الثالثة بعد الشام ومصر في نسبة المسيحيين فيه ، يقطن أغلبهم مناطق شمال غرب الموصل وأربيل وبغداد . كانت نسبة المسيحيين في أحصاء عام 1947 3.1 % من مجموع سكان العراق ويقال أن نسبتهم قد
زادت في سنوات الستينات والسبعينيات لتصل الى 7 % لكن يبدوا أن هذا الرقم غير صحيح ومبالغ فيه . ما يؤكد هذا الظن هو أن عدد ممثليهم في أجتماع ممثلي مكونات المجتمع العراقي الذي دعت اليه سلطات الأحتلال البريطاني لبحث الوضع العراقي في العام
1920 أحتل المرتبة التالية للمكون اليهودي وبنسبة 3% (2). عاش المسيحيون والمهاجرين الأرمن اللذين أستوطنوا العراق بعد هربهم من قوات أتاتورك بأجواء الأمن والتآخي مع بقية أفراد الشعب العراقي ، لكن هذه الأجواء قد تلاشت بعد أحتلال أمريكا للعراق عام
2003 لتحل مكانها أجواء الكراهية والقتل والتهجير . أصبح المسيحيون في هذه الأجواء هدفا للقتل والتهجير والأستحواذ على بيوتهم من قبل قوى ظلامية ميلشياوية بعد أن نصب الأمريكان مجموعات وأحزاب دينية أغلبها تعود للطائفة الشيعية . وكما قيل سابقا ، كان
الضرر الذي الحقه الأحتلال بالأقليات أكثر فداحة من الضرر الذي لحق ببقية أفراد الشعب العراقي مما أدى الى تناقص مستمر بأعداد هذه الأقلية الرائعة ليحسب عددهم الأن بالالاف فوصلت نسبتهم الى أقل من 1 % .
3 – الأقلية اليهودية : أخطر ما لعبته الأقليات من أدوار في أوضاع الوطن العربي والعالم على مدى التأريخ هو دور الأقلية اليهودية . التشدد و العنصرية الأنعزالية أضافة الى الأساطير التي درج أحبار اليهود على تكريسها في نفوس تابعيهم البسطاء ، أدت الى كل
المآسي التي عاشتها هذه الأقلية . مع ذلك لم يؤشر وجود أضطهاد رسمي ضد اليهود المنتشرون في مناطق الوطن العربي خلال وجود الدولة الأموية والعباسية والعثمانية ولحد ظهور الحركة الصهيونية في بدايات القرن العشرين . أدى ظهور هذه الحركة المدعومة من
عتاة قوى الهيمنة والتحكم الدولي في النهاية الى نشوب حروب عدة بين العرب واليهود ذهب فيها الكثير من الضحايا عند الطرفين (12) . أول حرب رسمية فرضتها قوى الهيمنة الدولية بدفع اليهود الصهاينىة لأشعال حرب مع العرب كانت في العام 1948 عندما تم
على أثرها أقامة دولة صهيونية دينية عنصرية في قلب الوطن العربي . قامت هذه الدولة على أساطير تلمودية تسوقها الحركة الصهيونية للتغرير باليهود البسطاء وجعلهم وقودا لحروب متواصلة (13) .
لم يتبق في الوطن العربي من اليهود سوى بعض العوائل القليلة بعد قيام الدولة الصهيونية موزعة على عدة دول عربية أما البقية فقد التحق بعظهم بالدولة الصهيونية بينما الأخر فظل الهجرة الى أمريكا والدول الأوربية . تقدر الوكالة اليهودية بأن عدد اليهود في
العالم عام 2018 هو 14.7 مليون 6 مليون منهم فقط في الدولة الصهيونية بفلسطين ورغم الجهود الحثيثة والأغرائات التي بذلتها الصهيونية العالمية خلال أكثر من سبعة عقود لترغيب يهود العالم بالستيطان في فلسطين الا انها لم تتمكن من جذب سوى أقل من
نصف عددهم (14) – RT الفضائية الروسية ، أحصائية للوكالة اليهودية ، 2018 . من هنا يتضح أن أغلب الجماهير اليهودية في العالم عازفة عن المجيىء الى فلسطين والأقامة فيها لأسباب مختلفة أهمها هو رفض الصهاينة في التوصل الى سلام عادل ودائم مع
العرب مما يعني أن الصهيونية العالمية تتلاعب بهم لتحقيق أهداف غير واضحة لهم بعد أن تبين أنها ظلت تتكتم على أهدافها الحقيقية في المنطقة العربية .
3 – الأقليات الطائفية : تتميز منطقة المشرق العربي الأن بكثرة الأقليات الطائفية وبقلتها في المنطقة الغربية والسبب في ذلك يعود الى أحداث تأريخية قديمة لها علاقة بجغراقية الوطن العربي والأقاليم المحيطة به . أهم هذه الأقليات المؤثرة في أوضاع المنطقة العربية
الأن هي الأقلية الشيعية الأمامية خاصة بعد تولي ملالي قم السلطة في أيران وأعلانهم قيام ” الجمهورية الأسلامية الأيرانية ” على المذهب الشيعي الأمامي الى جانب أعلانهم بتصدير ” الثورة الخمينية ” الى المحيط الأسلامي وكأنهم لا يعيشون في القرن الذي هم فيه
وأنما في القرن الثالث أو الرابع ميلادي . تتواجد هذه الأقلية بكثافة في العراق كما أن لها تواجد ملحوض في كل من مناطق الساحل الشرقي للخليج العربي في الأحواز الواقعة تحت الأحتلال الفارسي ومناطق الساحل الغربي في البحرين والمملكة العربية السعودية . يلي
الأقلية الشيعية الأمامية من ناحية الأهمية والتأثير ، الأقلية الشيعية العلوية في الأراضي الشامية أضافة الى أن الدراسة ستتناول أوضاع أقلية شيعية أخرى هي الأقلية الأسماعيلية التي كان لها دور كبير في تأريخ المنطقة العربية عندما نجحت في أقامة الدولة الفاطمية
لتتحول الأن الى أقلية قليلة العدد تقدر ببضع الاف اغلبهم يقطن مدينة السلمية في سوريا وهي المكان الروحي والتأريخي لهذه الطائفة .
3.1 – الطائفة الشيعية الأمامية : يعود بدايات تاريخ هذه الطائفة الى السنين الأولى التي أعقبت وفاة النبي محمد على أثر خلاف مفتعل حول من يعقب النبي محمد في قيادة الأمة عندما أجتمع المسلمون من الأنصار والمهاجرين في سقيفة بن ساعدة وأخذوا يناقشون
اوضاعهم بعد ما أحدثه غياب النبي محمد من أضطراب وحيرة . لتفادي أحتمال حدوث فتنة بينهم ، أتفق المسلمون المجتمعون هناك على مبايعة أبو بكر الصديق على تولي أمور المسلمين بعد النبي محمد . ولتلافي الأضطراب الناتج عن عدم تصديق الكثير من
المسلمين ألبسطاء بوفاة النبي محمد ، دعى أبو بكر جموع المسلمين على عجل للأجتماع والصلاة في مسجد النبي محمد . هناك ألقى ابو بكر خطبته الشهيرة التي قال فيها : ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افأن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب
على عقبه فلن يضر الله شيئا . حصل هذا وعلي بن أبي طالب غائب لأنهماكه بالتجهيزات المطلوبة لدفن النبي . في يوم من ألأيام بعد وفاة والدها دخلت فاطمة الأبنة الصغرى للنبي وزوجة علي بن أبي طالب على أبي بكر وطالبته بغضب برد ورثها من والدها في
أرض فدك فكان رده وهو يتودد اليها أن الأنبياء لا يورّثون فخرجت وظلت غاضبة منه الى أن توفت . هذا الحادث وحادث غياب علي بن أبي طالب عن أجتماع السقيفة شكلا فيما بعدد سببا رئيسيا لبداية تشكيل الطوائفة الشيعية الأمامية التي أنقسمت الى عدة فرق
بسبب تأاثير الأحداث التي صاحبت كل أدوار الدولة الأسلامية منذ بدايتها ولحد نهايتها .
في ظل الحرية النسبية التي وفرتها الدولة العباسية للمواطنين خلال القرن الثالث هجري ، قام ثلاثة شيوخ من الشيعة الأمامية على أرساء الأساس العقائدي للطائفة الشيعية هم : الكليني ، القمي والمفيد . وضع هؤلاء الثلاثة قواعد فقهية يجب أن يلتزم بها كل فرد
شيعي ويبدو أن الهدف منها هو خلق خلاف مستحكم بين الطائفة الشيعة وبقية المسلمين . هذه القواعد هي : 1 – ليس هناك وجود للأمة بدون أمام . 2 – الأمامة بعد النبي محصورة في ال بيته من أبنته فاطمة . 3 – أن عدد هؤلاء الأئمة هو أثنا عشر أمام أخرهم هو
المهدي المنتظر . 4 – أن هؤلاء الأئمة يملكون العصمة التي يختص بها الأنبياء فقط . نقل هؤلاء الشيوخ في كتبهم أحاديث كثيرة عن أئمة أهل البيت لتعزيز صحة وجود تلك القواعد في حين لو قرأ المواطن الشيعي ما نقله الشريف الرضي عن الأمام الأول علي بن
أبي طالب في كتابه ” نهج البلاغة ” فأنه لن يجد فيه شيئا قاله الأمام علي بن أبي طالب له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما نقله هؤلاء الشيوخ .
3.1.1 – الطائفة الشيعية في العراق : العراق هو منذ القدم بلد الطوائف والأقليات المتعدة التي لا يوجد مثلها في أية منطقة عربية أخرى كما أنه المكان التاريخي المأساوي للشيعة الأمامية التي تصل نسبتهم وفقا للتقديرات الى 48 % – 50 % من مجموع سكان البلاد
. حصلت في هذه البلاد نكبات مبكرة للمجموعات الشيعية من أهمها اغتيال الخليفة علي بن أبي طالب وقتل ولده الحسين من بعده في حرب رعناء غير متكافئة شنها جيش يزيدعلى الحسين ومن معه من الرجال والنساء والأطفال كما قتل فيه زبد بن علي عم جعفر
الصادق . القصة الدراماتيكية لهذه الأقلية بدأت بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان وهو في عمر 82 عام على يد مجاميع غوغائية جائت من العراق ومصر فدخلت بيته وقتلته وهو يقرأ القرآن لأسباب أختلف عليها المؤرخون . ومهما كانت الأسباب التي أدت الى قتل
هذا الخليفة فأن من الواضح أن مقتله قد أدى الى حصول فتنة بين المسلمين لم تخمد نارها لحد الأن . منذ سقوط بغداد على يد هولاكو وما تبعه من فوضى أستمرت لسنين الى أن أصبحت المنطقة العربية جزءا من الدولة العثمانية وأقدام الشاه أسماعيل الصفوي على
أستخدام القوة والعنف لتحويل سكان أرض فارس السنة الى شيعة ، فوقع الشيعة الأمامية في العراق تحت تأثير عاملين أحدهما داخلي وأخر خارجي . . العامل الدخلي : ينسب بعض
شيوخ الشيعة الأمامية اللذين جاء ذكرهم سابقا الى جعفر الصادق بعد أكثر من مئتي سنة من وفاته ، أحاديث يستشف منها انها تدعو الى الفرقة بين المسلمين بينما الحقيقة هي أن الصادق كرس جهوده لوحدتهم ولتدريس الدين الأسلامي على أصوله فتتلمذ على يده
بعض أئمة السنة مثل أبو حنيفة ومالك الى جانب الأخرين أضافة لأهتمامه في العلوم الأخرى . أستمر كافة الأئمة اللذين تلوه على هذا النهج الذي أتبعه جعفر الصادق الى حد وفاة الأمام العسكري في العام 232 هجري الموافق 846 مبلادي لتمر على الشيعة مرحلة
جديدة مختلفة تماما عن المرحلة السابقة . جرت العادة أن يكون لهؤلاء الأئمة وكلاء منتشرين في أصقاع الأرض الأسلامية لجمع أموال الخمس الطائلة للأمام ومنهم الأمام العسكري . كان لهذ الأمام أربعة وكلاء عملوا على ترويج وجود ولد للأمام العسكري أسمه المهدي
وقد تم حجبه خوفا عليه من السلطات العباسية . القصة التي تم تسويقها لأسباب سياسية ولربما مصلحية من قبل هؤلاء الوكلاء هي أن المهدي بعد وفاة والده دخل سردابا في سامراءخوفا من بطش السلطة العباسية ثم أختفى بعدها على أن يعود في آخر الزمان ليملأ
الآرض” عدلا وقسطا ” . خلال الفترة التي عاشتها الأقلية الشيعية الأمامية بين وفاة الأمام العسكري عام 232 وظهور الشيوخ الثلاثة في أوائل ووسط القرن 300 هجري كانت فترة غامضة ومشوشة في حياة الشيعة . قصة غياب الأمام المهدي وكتابات الشيوخ الثلاثة
أدت ، بوجود مناخ نسبي للحريات وللتعايش الى ظهور أول حوزة علمية دينية للشيعة الأمامية في النجف قام بتأسسها الشيخ الطوسي في العام 448 هجري . منذ ذلك الوقت أصبح الشيعة العرب تايعين لهذه الحوزة في تلقي العلوم الدينية الشيعية والفتاوي المتعلقة
بحياتهم المدنية متخذين بذلك مسارا أسلاميا طائفيا خاصا بهم بعد علقت بذلك ألمسار ألكثير من ألأساطير وألخرافات وألغيبيات التي يتقبلها ألناس ألبسطاء . مع ذلك لم يكن هناك ما يكدر حياة المواطنين العراقييين بسبب هذا ألأختلاف فعاشوا في ود ووئام كاد أن ينتهي
بعد سقوط بغداد على يد جيوش هولاكو عام 656 هج / 1258 م لتدخل المنطقة وشعبها حالة أضطراب وفوضى أخذت وقتا طويلا من الزمن .
العامل الخارجي : ظهرت الحوزة العلمية للشيعة الأيرانيين في قم عام 1340 م . كمنافسة للحوزة العراقية وفقا لمسار ديني سياسي مختلف لكن بدون ظهور خلاف على القواعد العقائدية الشيعية . منذ ذلك الوقت بدأت تظهر بالتدريج لدى شيعة أيران شعائر طائفية كتسيير
مواكب تحمل رايات متعددة الالوان والأشكال يتم اللطم وضرب الظهر بالزناجيل الحديدية على وقع منغم وتطبير الرأس بالسكاكين حزنا على الحسين بن علي . وكثيرا ما كان يتخلل مناسبة مقتل الحسين صيحات لعن بحق أبو بكر وعمر وعثمان في حين لم تكن قبل
ذلك ألوقت موجودة مثل هذه الممارسات عند الشيعة العراقيين . كانت ممارسة العراقيين تقتصر على زيارات لأضرحة الأئمة في بغداد والنجف وكربلاء للتبرك بهم كمواطنيهم البسطاء من السنة لكن مع مرور السنين خاصة بعد أن أجبر أسماعيل الصفوي المتطرف
والدموي سكان أيران السنة على تحويلهم الى شيعة أمامية متشددة . بدات هذه الممارسات تتسرب بألتدريج الى فقراء وبسطاء شيعة العراق للقيام بها عند كل ذكرى لعاشوراء لتصل ألعلاقة بين بعض هؤلاء وألفرس مع مرور ألزمن ألى حد منح ولائهم لبلاد فارس على
حساب ولائهم لوطنهم ألعراق كما ظهر واضحا خلال ألحرب ألعراقية ألأيرانية وفي ما تلاها . وبعد أن أحتلت ألقوات ألأمريكية وألبريطانية ألعراق عام 2003 ظهر بشكل فاضح مدى قوة تأثير العامل الثقافي ألطائفي ألصفوي على بعض من يدعون ألتشيع لدرجة أنهم بدأوا
يعلنون صراحة أنهم تابعين لولاية ألفقيه ألخمينية وهم يرحبون بذلك ألأحتلال . ألموقف ألخياني لهذا ألرهط وضع عموم الشيعة العراقيين ألعرب في مأزق ديني وسياسي غير مالوف ليتجمعوا مع مواطنيهم الأخرين من السنة ، المسيحيين ، الصايئة واليزيدية وكافة
العراقيين وهم يهتفون في تظاهراتهم ” بأسم الدين سرقونا ” خلال مسيراتهم لأسقاط نظام حكم المحاصصة الذي تقوده شلل رثة من ناهبي المال العام ممن يدعون التشيع ومن هم على شاكلتهم في نهب ألمال ألعام من السنة ألعرب وألأكراد وغيرهم من ألأثمين .
3.2 – الطائفة الشيعية الأسماعيلية : هذه الطائفة هي من أول الطوائف التي أنشقت عن الشيعة الأمامية والمكان الرئيسي التاريخي لبداية ظهورها على سطح الأحداث هو قرية السلمية من بلاد الشام وعلى يد رجل كان يعيش فيها أسمه عبيد الله المهدي . هذا الرجل
الغامض ألكثير الترحال في مناطق الدولة العباسية كان يدعي أنه من سلالة أسماعيل الأبن البكر لجعفر الصادق . تعرف المهدي خلال تجواله على شخص ذكي ولبق من اليمن أسمه أبوعبد الله ، أصبح فيما بعد أحد أهم دعاته في المغرب العربي . في موسم الحج
تعرف أبو عبد الله على حجاج مغاربة أخذ يلتقي بهم فأقنعهم بدعوة المهدي ليتعهدوا له بأنهم سيناصرون سيده في حالة مجيئه الى المغرب . في وقت ما ترك أبو عبد اللة اليمن والتحق بأصدقائه في المغرب حيث البيئة مناسبة لنشر مثل تلك الدعوة فأثمر نشاطه الدعوي
على تأييد عدة مجموعات مناصرة للمهدي . عندما وصلت الى عبد الله المهدي أنباء تعرف السلطات العباسية على مخبئه ، كتب الى صاحبه أبو عبد الله يقول له أن عليه أن ينتظر مجيئه الى المغرب . جمع المهدي أمواله وأخذ عائلته وأتجه ليلا الى مصر ومنها تابع
سيره الى المغرب وما أن وصلها والتقى بداعيته أبو عبدالله حتى تجمع الناس حوله مرحبين بالأمام من سلالة النبي من فالطمة الزهراء زوجة علي بن أبي طالب . بعد أستقراره بالمغرب وحصوله على حشود من الأنصار ، تمكن المهدي من القضاء على دولة الأغالبة
فحل مكانها دولة صغيرة ناهضة أسمها الدولة الفاطمية . خلال سنين قليلة توسعت رقعة هذه الدولة في منطقة المغرب العربي ليتمكن عبد الله المهدي فيما بعد من أحتلال تونس في العام 909 م. فأتخاذها عاصمة للدولة الفاطمية التي أستمرت لمدة 64 عام .
تولى أحد أحفاد ألمهدي هو المعز لدين الله الخلافة في ألعام 953 م . وسرعان ما أخذ يتطلع لأحتلال مصر مستغلا ضعف الدولة العباسية وضعف والي مصر فقرر أختيار أحد أفضل قواده هو جوهر الصقلي فأمره بالسير نحو مصر لفتحها . دخل جوهر
الصقلي مصر 969 م. دون مقاومة تذكر وأتخذ من أرض القاهرة الحالية لتكون العاصمة الجديدة للدولة الفاطمية . على هذه الأرض بدأ الصقلي التخطيط لبناء المدينة وبعد أن أكتمل بناؤها أرسل الى الخليفة بالقدوم فدخلها في العام 973 م. فسميت بقاهرة ألمعز لتصبح
ألعلصمة الجديدة للدولة الفاطمية . بعد أن كتمل بناء مسجدها الكبير الأزهر دخله المعز فأم الناس وصلى اول عيد له فيه جاعلا من هذا المسجد مكانا لتدريس المذهب الشيعي الأسماعيلي فقط . أستغلت الدولة الفاطمية الضعف التي كانت تمر فيه الدولة العباسية حين
ذاك فأحتلت الشام وكادت أن تهدد وجودها الا ان ما عطل مشروع الفاطميين هو هجوم الصليبيين على المنطقة . في ظل التعقيدات التي مرت على المنطقة بدون سرد تفاصيلها ، بدأت بوادر ضعف ظاهر للدولة الفاطمية في زمن خليفها الشاب المريض العاضد لدين
الله خاصة بعد أجتاح الصليبيون أراضي الساحل المصري . كان حاكم الشام آنذاك هو السلطان نور الدين زنكي الذي جائه طلب من أحد وزراء ذلك الخليفة أرسال قوات لأنهاء الصراع الدائر بين أجنحة حكم الدولة والمساعدة على مواجهة الصلبيين . أستجاب السلطان
للطلب فأرسل نور الدين شيركو ومعه أبن أخيه الشاب صلاح الدين على رأس جيش الى هناك وبعد حل بعض أشكالات الدولة قام الخليفة على أثرها بتعين شركو وزيرا للدولة لكنه مات فجأة فعين أبن أخيه صلاح بدلا عنه . قام صلاح الدين الأيوبي بعدة هجمات على
المحتلين الصليبيين الى أن تم له طردهم من مصر فكسب حب وتقدير الشعب المصري لشجاعته وعدله ودماثة خلقه . وفي وقت كان فيه الخليفة ينازع على فراش الموت ، أصبح واضحا أن الدولة الفاطمية بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة فأخذ بعض أئمة الجوامع في القاهرة
بالقاء خطبهم بأسم الخليفة العباسي لتلتحق مصر ومعها المغرب العربي بالدولة العباسية مرة أخرى بينما ظل الخطر الصليبي يهدد كيان تلك الدولة الى أن تمكن صلاح الدين الأيوبي من طردهم نهائيا من المنطقة.
3.3 – الطائفة اليزيدية : هذه الطائفة هي الثانية في التسلسل الزمني للأنشقاقات التي حصلت في تأريخ الشيعة الأمامية الطويل وقد ظهرت هذ الطائفة علي يد أولاد وأحفاد زيد بن علي الشقيق الأصغر لمحمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبن عم
النبي محمد وبالتالي فهو عم الأمام جعفر الصادق . عرف عن زيد كرهه الشديد للأمويين وكان كثير التنقل في أرجاء الدولة وهو يتحين الفرص للقضاء على الأمويين فجاء يوما الى أبن أخيه الأمام جعفر وطلب منه تأيدا للخروج على الدولة الأموية فكان رد الأمام هو
الرفض والنصح له بعدم التفكير بمثل هذا الأمر . ذهب زيد واحدة من تنقلاته الى العراق زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك فقابل فيها والي الكوفة فأحسن الوالي وفادته وكرمه ولما وصل خبر هذا اللقاء الى الخليفة عبد الملك بن مروان أستشاط غضبا فعزل الوالي
وعين واليا آخر ، أمره بالذاهاب الى الكوفة والتحقيق بالذي حصل . لما سمع أهل الكوفة وفيهم الكثير من الموالي الفرس بوجود زيد بن على في الكوفة ، بدأوا يتقاطرون الي مسكنه الى أن وصل عددهم كما تقول الروايات الى 4000 شخص وهم يعلنون مبايعتهم له
مقسمين على أنهم مستعدون للقتال معه حتى الموت أذا ما أعلن الثورة غلى الأمويين . يبدو أن زيدا أنصاع وقتها لمشاعره القديمة فوافق على الخروج ضد الدولة الأموية وطلب منهم الأنتظار لتعيين التوقيت المناسب للخروج . مثل هذه الضجة في مثل تلك المدينة لا
يمكن أخفائها عن أعين السلطة فوصلت أخبارها الى الخليفة اللذي أمر على الفور بتحرك الجيش نحوالكوفة . ظن زيد أن الوقت المناسب هو أشعال الثورة قبل وصول جيش الأمويين فأرسل أحد رجاله للطواف في أزقة الكوفة يدعوا الى التجمع للبدأ بالثورة فلم يحضر
منهم ، على حد ما ذكرته الروايات ، سوى 300 رجل فقط . أسقط بيد زيد ولم تعد هناك فرصة للتراجع فدارت معركة غير متكافئة بين جند الوالي والثوار كان من نتائجها أصابة زيد بسهم في رأسه فسقط على الأرض مبتا تفرق بعدها مناصروه تاركين جنود الوالي
التمثيل بجثته على نحو ما فعله جيش يزيد بجده الحسين . في هدأة الليل ، حضر بعض المخلصين لزيد فرفعوه ودفنوه بمكان أختلف حوله الرواة فقال قسم منهم أنه دفن في أرض الكوفة وأخر قال أنه دفن في الكفل . بسبب تلك المأساة ، قرر أولاده مع عوائلهم الأبتعاد
والذهاب الى اليمن حيث يصعب على الأمويين تعقبهم لتقوم ذريتهم فيما بعد بتأسيس المذهب الزيدي فيه . حكم أحفاد زيد اليمن لعدة قرون الى أن تمكن الجيش من القيام بثورة يقودها السلال لينتهي حكم الأمامة عام 1962.
أتخذ أئمة المذهب الزيدي الطريق الوسط الأقرب الى السنة فهم يختلفون عن الشيعة الأمامية بأهم قاعدتين فقهيتين هما أن اليزيديين لا يقولون بحصر الحكم بالأئمة ولا بمعصوميتهم وأنما يمكن أن يتولى الحكم أي شخص تجتمع عليه الأمة أضافة الى أنهم يترضون
على الخلفاء الراشدين الأربعة . بعد غياب حكم الأئمة في عام 1962 ونتيجة للضروف السياسية والأجتماعية التي مرت بها المنطقة العربية وشدة التآمر الأقليمي والدولي عليها خاصة بعد وصول ملالي طهران الى السلطة ، تحول الحوثيون عن أصولهم المذهبية
الزيدية ليصبحوا من أتباع مذهب ولاية الفقيه الذي يحمل في طياته أهدافا مشتركة مع قوى الهيمنة والتحكم الدولي لينتهي الوضع في اليمن الى معليه من خراب ومآسي تطال الحجر والبشر .
3.4 – الطائفة الشيعية العلوية : لم يكن لهذه الطائفة تأثير واضح في أوضاع المنطقة سابقا لكن في السنين التي أعقبت الحرب العالمية الأولى بدأت تظهر بوادر تأثيرها بشكل متزايد مع مرور الزمن ليصل الى ما وصل اليه الأن . كانت بداية ظهور أهمية هذه
الطائفة في الفترة التي أعقبت الحرب الأستعمارية الأولى فعلى غرار ما فعله الأستعمار البريطاني ، أستخم الأستعمار الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى نفس قاعدة ” فرق تسد” لمنع العرب من أمتلاك عوامل النمو والتقدم . قرر الفرنسيون والبريطانيون تقسيم بلاد الشام
فيما بينهم الى كيانات تابعة للأحتلال : شرق الأردن وفلسطين للبريطانيين وسوريا الحالية ولبنان للفرنسيين فلم يكفيهم هذا التقسيم فأخذوا يبحثون عن عوامل تقسيم المقسم . فكر الفرنسيون يمنحوا العلويين دويلة خاصة بهم تلقفها العلويون بالفراح والأبتهاج لكن الفرنسيين
تراجعوا عن الفكرة لأنهم على الأغلب توصلوا الى نتيجة هي أن ضررها سيكون أكثر من فائدتها خاصة وأن الشعب السوري واجه هذه الفكرة بالرفض وأشتعال المظاهرات . لم يتخل الفرنسيون نهائيا عن فكرة التقسيم فأقدموا هذه المرة على أرتكاب جريمة بحق الشعب
السوري أبشع من التقسيم ، تلك الجريمة هي سلخ لواء الأسكندرونة ذو الغالبية العلوية ومنحه لتركيا عام 1936 فخسرت سوريا أضافة لأراضي هذا اللواء ساحلا بحريا طويلا يكاد أن يكون مساويا لساحلها الحالي .
مؤسس هذه الطائفة هو محمد بن نصير ويلقب بالنصيري عاش في سامراء بكنف كل من الأمام علي الهادي وأبنه حسن العسكري فهو بالتالي من أقرب المقربين لال البيت . أنتشرت الكثير من الروايات عن بداية ظهور هذه الطائفة لكن الرواية الأقرب والمنسجة
مع أحداث تلك الفترة هي الرواية التالية : قام الخليفة العباسي بأستدعاء علي الهادي وعائلته الى سامراء ليكون قريبا من دار الخلافة وتحت رعايتها فأنتقل الأمام علي الهادي وعائلته الى سامراء للعيش فيها . رافق محمد بن نصير عيش هذه العائلة منذ زمن الأمام علي
الهادي وأستمر في زمن ولده الأمام حسن العسكري فكان هذا الرجل أقرب الجميع الى الأمامين وعلى علم بكل تفاصيل حياتهما . كان للأمام حسن العسكري وقتها ثلاثة وكلاء مسؤولين عن تأمين جمع أموال الخمس الطائلة . في السنين الأخير من حياة العسكري ولكي لا
تختفي الأمامة ويحصل تشتت للطائفة ومعها أموال الخمس ، أتفق الوكلاء ومعهم محمد بن نصير على ترويج قصة وجود أبن للأمام أسمه المهدي تم أخفائه عن أعين الناس كي لا يتسرب خبره الى السلطات العباسية فتقتله . حانت لحظة الحقيقة بعد وفاة الأمام
العسكري عام 270 هجري فلم يكن أمامهم الا القول بأن الأمام الثاني عشر ذو الخمسة أعوام قد دخل السرداب ثم غاب ” ليعود في أخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا ” . أفضل من تناول تفاصيل هذه الحكاية هو الكاتب الشيعي أحمد الكاتب الذي قال : أعندما كنت
طالبا لدراسة العلوم الدينية ، لم أترك كتابا من حوزتي النجف وقم لم أقرأه فلم أجد في أي واحد منها ما يؤكد بشكل قاطع وملموس وجود مثل هذا الأمام (15) . الذي حصل بعد ذلك هو أن محمد النصيري التقى بالوكلاء الثلاثة ليسالهم عن مصير أموال الخمس بعد
وفاة الأمام ولما رفظوا الأجابة على سؤاله فهددهم بأنه سيفشي سر عدم وجود ولد للأمام فخرج الأمر عن نطاق التلاسن وكاد أن يصل حد العراك . بسبب ضعف قوة محمد نصير ومؤيديه وقوة سطوة أولائك الوكلاء ، قرر بن نصير وأتباعه أتخاد طريق العزلة المطلقة
عن مثل هؤلاء الناس فغادروا العراق بأتجاه بلاد الشام . بحث بن نصير وتابعيه من عرب وأكراد وعجم عن مكان منعزل فوجدوا ظالتهم في منطقة جبلية معزولة هي جبال العلويين الحالية ليستقروا فيها حيث قام بن نصير ومن جاء من بعده من الشيوخ بوضع
الأساس العقائدي للمذهب الباطني الشيعي المسمى الأن بالمذهب العلوي . ليست هناك أحصائية رسمية تبين نسبة العلويين في سوريا مما فتح الباب لوضع تقديرات غالبا ما تكون لخدمة أهداف مرتبطة بالمصلحة والسياسة . صدر لأحد الكتاب السوريين المهتمين
بمسائل الأقليات عدة كتب تتناول وضع أغلب الطوائف في سوريا فذكرفي كتاب له صادر في العام 2007 بأن نسبة عدد العلويين في سوريا هي بين 10% – 11% (16) . يعود نفس هذا الكاتب ليقول في كتاب صدر له في العام 2010 هذه المرة ليقول بأن نسبة
العلويين في سوريا أزدادت لتصل الى 21% (17) . لا يستطيع أي أنسان تقبل مثل هذه الزيادة خلال ثلاث سنوات خاصة وأن المؤلف قد وضع تبريرا متهافتا لهذه الزيادة بقوله انها نتيجة البحبوحة التي عاشها العلويون في تلك الفترة ليقع هذا القول في دائرة النفاق
السياسي . بدأ التأثير السياسي لهذه الطائفة منذ الأحتلال الفرنسي لسوريا عندما بدأت دوائره السياسية تبحث عن أمكانية تقسيم أخر لسوريا من خلال منح العلويين حق أقامة دولة خاصة بهم على غرار لبنان فعم الفرح بين أوساط العلويين غير أن الفرنسيين لأسباب
معينة تخلوا عن الفكرة . أزداد تأثير هذه الطائفة بعد حصول سوريا على الأستقلال عام 1946 وسعي الدولة الحديثة لتشكيل جيش وطني وشرطة فوجد أبناء هذه الطائفة اللذين أتعبهم الفقر والحرمان فرصة للحصول على مصدر رزقهم عن طريق الأنظمام للجيش
والشرطة .
شهدت فترة قرب الحصول على الأستقلال ظهور أحزاب جديدة في سوريا لعبت أدوارا مهمة وخطيرا في أوضاع المنطقة العربية من أهمها ، حزب البعث العربي في العام 1947 ثم الحزب العربي الأشتراكي في العام 1950 . وبسبب التفارب الكبير في الأفكار
والأهداف قرر هذان الحزبان عام 1952 الأندماج في حزب هو ” حزب البعث العربي الأشتراكي ” . حاز هذا الحزب بزمن قياسي على جماهيرية واسعة في أوساط الطلبة والفلاحين والبرجوازية الصغيرة مما أهله ليكون رقما صعبا في المعادلة السياسية السورية ليصبح في
السنين التالية 1954 – 1958 المتحكم الفعلي في سياسة الدولة السورية . وصول الحزب الى هذه المكانة لم يكن أعتباطيا فبالأضافة الى شعبيته أخذت قيادته تحث شباب الحزب على الأنتساب للمؤسسة العسكريىة . أول هؤلاء الشباب هو صلاح جديد من الطائفة
العلوية الذي أنهى دراسته الثانوية بتفوق عام 1948 مما أهله لدخول كلية الطب لكنه تركها ودخل الكلية العسكرية أنصياعا لأمر الحزب وفي العام 1952 تبعه شاب علوي أخر لدخول تلك الكلية الذي لم تساعده ظروفه المادية على مواصلة الدراسه . خبأ التاريخ لهذين
الشابين مستقبلا معقدا وخطرا في حياتهما الشخصية وفي أوضاع سوريا والمنطقة العربية بعد أن أقدما على خرق القواعد التنظيمة للحزب عندما تزعما أنقلابا عسكريا في شباط/ فبراير عام 1966 لأزاحة قياداته التأريخية وأصدرا أحكام أعدام بحقهم في ظل أسوأ مناخ
سياسي محلي وعربي مرت به المنطقة العربية . المثير في هذا الأنقلاب هو أن الضباط الخمسة اللذين تزعموا الأنقلاب ، أربعة منهم من الأقليات الطائفية وواحد فقط من الأغلبية السنية : حافظ الأسد وصلاح جديد من الأقلية العلوية ، سليم حاطوم من الأقلية الدرزية
، عبد الكريم الجندي من الأقلية الأسماعيلية مصطفى طلاس من السنة . لا شك أن بعض هؤلاء الضباط ومؤيديهم تصرفوا بسلامة نية مثل صلاح جديد وعبد الكريم الجندي وسليم حاطوم ، الأول تم القبض عليه بعد “حركة التصحيح ” التي أقدم عليها الأسد عام 1970
ليموت في سجنه والثاني أقدم على الأنتحار في مكتبه بعد ترك وصية قال فيها ما ملخصه بأن لديه معلومات عن وجود مؤامرة خارجية وداخلية ضد الحزب لا يستطيع منعها (18) والثالث تم نصب فخ له بعد دخوله دمشق “للأشتراك ” في حرب 5 حزيران 1967 فتم
أعدامه فورا . وبما أن نتائج العمل السياسي لا تأتي بالنية الحسنة للوطن وشعبه وأنما بالذكاء والحسم فقد مرت على سوريا وشعبها سلسلة طويلة من الكوارث . أول هذه الكوارث هي نتائج حرب 5 حزيران عام 1967 وأخرها كارثة تفرد بها الأسد وتابعه طلاس في القيام
بأنقلاب عسكري عام 1970 على رفاق الأمس تم فيه أيداع رئيس الدولة والأمين العام للحزب نور الدين الأتاسي ومساعد الأمين العام صلاح جديد وأغلب قيادات الحزب السجن ليموت فيه الواحد بعد الأخر . منذ ذلك الوقت وحتى وفاته واصل حافظ الأسد بأسم البعث
أنتهاج نفس الطريق المؤدي الى سلسلة أخرى من الكوارث . كانت نتائج حرب أكتوبر 1973 مع الصهاينة بالأتفاق بين الأسد والسادات التي سمتها الجماهير العربية حرب تحريك وليس حرب تحرير ، أكثر قساوة ومرارة في الأوضاع السياسية للمنطقة العربية . وما أن
أندلعت الحرب العراقية الأيرانية حتى أتخذ الأسد بدون تردد موقف الأنحياز الى جانب نظام ولاية الفقيه فقدم للقوات الأيرانية الصواريخ التي ضربت بغداد فأصاب أحدها مدرسة أطفال فقتل العشرات منهم . كثيرة هي المواقف السياسية أتخذها الأسد التي الحقت الضرر
بسوريا وشعبها مما لا يتسع المجال لذكرها الأن فكان أخر ما أقدم عليه هو سعيه لأقامة حكم سلالي عائلي في سوريا . حصل هذا بعد تعرض الأسد لحالة مرضية ما أن تجاوزها حتى أقدم على أعفاء شقيقه رفعت من كافة صلاحياته فأخذ يعد ولده البكر باسل ليستلم
قيادة حكم سوريا . وعندما قتل باسل في حادث أصطدام أرسل الى ولده التالي بشار بترك دراسته والعودة الى سوريا ليتم أعداده لحكم سوريا . بعد وفاة حافظ قامت بطانة الأسد بأتخاذ كافة الأجراءات العاجلة لتنصيب بشار رئيسا للجمهورية ورغم كل أنواع الخداع والتضليل
ظلت سوريا وشعبها العظيم منذ عام 2011 ولحد الأن تعاني من الدمار والقتل والتهجير المستمر دون أن يلوح في الأفق بصيص أمل في التخلص من هذه الكارثة الحالية .
3.5 – الأقايات الطائفية الأخرى : سبق وأن تم ذكر وجود طوائف دينية أسلامية كثيرة في منطقة المشرق العربي لكن أغلبها قلبلة العدد ومعدومة التأثير بأستثناء الطائفة الدرزية التي أرتكب الأستعمار الأوربي القديم جريمة توزيعها قسرا على ثلاث كيانات أعلى نسبة لهم
هي 5.2% في لبنان 3% قي سوريا و1.2 في أسرائيل . العقيدة الدينية لهذه الطائفة هي باطنية كالعقيدة العلوية لا يعرف أحد من تابعيها أسرارها الا بعد بلوغه سن الأربعين من العمر ويتشابهان أيضا في أن لكل منهما كتابا يتبعان ما هو مدون فيه من فقهيات . الى
جانب وجود هذا التشابه بينهما ، هناك تعارض واضح في مواقفهما من الأحداث السياسية التي مر بها الوطن العربي منذ أواخر سنوات منتصف القرن الماضي ولحد الأن وأفضل دليل على وجود هذا التعارض هي مواقف زعيم الأغلبية الدرزية كمال جنبلاط من تلك
الأحداث . هذا الرجل ظل مخلصا للتيار القومي الناصري منذ ظهوره على سطح الأحداث العربية وحتى بعد غيابه على يد السادات . واصل جنبلاط نظاله الوطني والقومي فترأس الحركة الوطنية اللبنانية في بداية السبعينيات لتخوض معارك متعددة مع القوى
المسيحية الأنعزالية المتحالفة مع نظام الأسد . في أخر معركة خاضتها الحركة مع تلك القوى هي معركة ” الجبل ” أنتصرت فيها الحركة لتفتح الطريق للقضاء على نطام المحاصصة اللبناني . ما أن بدأ يظهر في الأفق قيام نظام سياسي لبناني تقدمي بدل النظام القديم
حتى أقدمت قوى الظلام على تنفيذ عملية أغتيال كمال جنبلاط عام 1977 . تؤكد حيثيات هذا الأغتيال أن الجهة المنفذة له هي ليست محلية وأنما هي عناصر مخابراتية ذات تدريب عال تعود لدولة أما أقليمية أو خارجية . دفع جنبلاط حياته ثمنا لمواقفه الوطنية
والقومية ليترك لأبناء طائفته أرثا سياسيا لن يزول يتمثل هذا الأرث في أن الوعاء القومي العربي هو مكان عيشهم وتنفسهم وليس الوعاء الطائفي الذي عادة ما يقع تحت هيمنة القوى الخارجية من أقليمية ودولية ليقوم بدور الوكيل السياسي لها .
. الخلاصة : كل ما
حصل وما سيحصل للمنطقة هو نتيجة لما فرضه الأستعمار الأوربي القديم من خارطة تقسيم للوطن العربي الى كيانات قطرية ضعيفة وفقا لأسس تستطيع فيها القوى الأقليمية أيران وتركيا وقوى الهيمنة الدولية من أوربية وصهيوأمريكية من التدخل بسهولة في أوضاع
هذا الوطن . ولأستمرار تحقيق مصالحها الأمبريالية ، أخذ هذا التدخل أشكلا متنوعة ، منها أستخدام الأقليات تارة والتنظيمات الأسلامية والمناطقية القبلية تارة أخرى وأن عجزت فيها فأنها لن تتردد في اللجوء الى أستخدام قواتها العسكرية .
____________________________________________________________
المصادر والهوامش :
1 – سليم مطر ، الموسوعة العراقية ، بغداد 2009.
2 – البرت ناصر ، وثيقة بيد الأشوريين تفضح حقيقة الأكراد ، الفيس بوك ، 13 اكتوبر 2011 . 3 – عوني فرسخ ،
الأقليات في التأريخ العربي ، رياض الريس للنشر ، بيروت 1994 .
4 – بيتر غران ، ما بعد المركزية الأوربية ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة 1996. 5 – د. يسري الجوهري ونريمان درويش ، الجغرافية الحضارية
، مؤسسة شباب الجامعة ، الأسكندرية 1987 . 6- جاء في مذكرات موشي دايان وزير الدفاع الأسرائيلي أن على أسرائيل أن تحصل على مقدم أو عقيد
في الجيش اللبناني للمساعدة على تحقيق أقامة الشريط الحدودي بين لبنان وأسرائيل كبديل عن مشروع أيغال الون في أقامة دويلات طائفية صغيرة لتكون حاجزا بين أسرائيل والعرب وهو نفس حصل مع العقيد غارنغ.
7 – عز الدين المناصرة ، المسالة الأمازيغية في الجزائر ، دار الشروق 1988.
8 – فيكتور سحاب ، من يحمي المسيحيين العرب ، دار الوحدة ، بيروت 1988. 9 – سحرحسين سلمان ، كم عدد سكان الشام ، دمشق 2016.
10 – صحيفة الشرق الأوسط ، حقائق عن أضطهاد الرومان لأقباط مصر ، عدد 8258 ، تموز/ يوليو 2001. 11 –
تعرض بابا الكنيسة القبطية شنودا في عهد أنور السادات الى النفي في دير قبطي يقع في الصحراء بسبب أصدار هذا البابا قرارا يحرم أتباع الكنيسة من الذهاب للحج الى الأماكن المسيحية المقدسة في القدس أحنجاجا على أتفاقية الصلح المنفرد مع الصهاينة وظل في
المنفى ولم يفرج عنه الا بعد أغتيال السادات . 12 – وزع طلاب أالجامعات البريطانية من منتسبي الجناح اليساري في حزب العمال في العام 1977 كراسا صغيرا عن ” المسالة اليهودية ” يحتوي على رد ليون تروتسكي الرجل الثاني بعد لنين في تفجير الثورة البلشفية
في روسيا ، قبل أغتياله في 1939 لأسالة تلاقاها من مواطنين يهود حول أستعمار الصهاينة لأرض فلسطين . ملخص رد هذا الرجل أن حل المسالة اليهودية مرهون بنهاية النظام الأمبريالي العالمي داعيا يهود العالم الى الأندماج بالحركات العمالية التقدمية في بلدانهم
والأبتعاد عن مشروع أستيطان فلسطين لأنه سيؤدي الى سفك مستمر لدماء العرب واليهود. . 13 – روجيه غارودي ، الأساطير المكونة للدولة
الصهيزنية ، ترجمة ونشر جريدة الزمن ، المغرب 1996.
14 – RT الفضائية الروسية ، أحصائية للوكالة اليهودية ، 2018. .
15- أحمد الكاتب ، تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه ، القاهرة 1990.
16 – سمير عبده ، دار حسن ملص ، دمشق 2006. .
17- سمير عبده الملل والنحل فيالمجتمع السوري ، دمشق 2010.
18- نشرت جريدة النهار اللبنانية في 3 أذار 1969 نص وصية عبد الكريم الجندي وبعد عدة أيام بدأت جريدة الثورة السورية الناطقة بأسم حزب البعث العربي الأشتراكي بنشر بعض مقتطافات من تلك الوصية
الملحق 1 : جدول أرقام الأقليات العرقية والدينية والطائفية ونسبهم في المنطقة العربية

ملحق 2 : الخارطة الطبيعية لأراضي كردستان :

الملحق 3 :

الهوامش والمصادر :
1: J. M. Roberts,Hestory Of The World,Penguin,England. 1976 ,
2- عوني فرسخ ،الأقليات في التأريخ العربي ، رياض الريس للكتب والنشر ، 1994.
3: أنتفض العراقيون عام 1920 يثورة مسلحة عارمة ضد الأحتلال البريطاني للعراق مما أجبر بريطانيا على التخلي عن الحكم المياشر للعراق و تسليم الحكم للعراقيين بتنصيب حكومة وطنية دستورية ملكية على رأسها الملك فيصل الأول
4: بيتر غراف ، ما بعد المركزية الأوربية ، مترجم ، المجلس الأعلى للثقافة ، مصر 1996 . 5: نشرت صحيفة السنداي تايمز اللندنية في أول يوم أحد الذي تلا أنهيار النشاط الكردي المسلح في شمال العراق ، أول لقاء صحفي مع الملا العشائري
مصطفى البرزاني أبدى فيه دهشته وأستغرابه عن الذي حصل وقال بأن لديه ” ضمانات من أعلى المستويات في أمريكا في حماية أكراد العراق” أما لمذا أكراد أبران وتركيا لا يتمتعون بنفس الضمانات فهو في علم الدوائر الأستخبارية لقوى الهيمنة الدوللية .
6: د. يسري الجوهري ونريمان درويش ، الجغرافية الحضارية ، مؤسسة شباب الجامعة ، الأسكندرية 1987 .
7: جاء في مذكرات موشي دايان وزير الدفاع الأسرائيلي التي نشرت في سبعينات القرن الماضي أن على أسرائيل ” ان تحصل على مقدم أو عقيد في الجيش اللبناني للمساعدة على تحقيق مشروع الشريط الحدودي ” بين لبنان والكيان الصهيوني كبديل لمشروع أيغال
الون بتقسيم لبنان وسوريا الى دويلات دينية وطائقية صغيرة . هذا هو ما نجحت به الدولة الصهيونية عندما تمكنت من شراء العقيد في الجيش اللبناني سعد حداد لتنصبه قائدا عسكريا لجيش ذلك الشريط ومما هو معروف ويستحق ذكره هنا هو أن غالبية أفراد هذا
الجيش هم من أبناء الطائفة الشيعية في الجنوب . 8: عز الدين المناصرة ، المسالة الأمازيغية في الجزائر ، دار الشروق ، 1988 . 9:من القادة التأريخيين للثورة الجزائرية ذوي الأصول البربرية المعروفين
هم كريم بلقاسم وحسيت آية أحمد وهنك أخرين من نفس الأصول . 10: لقد تعرض بابا الكنيسة القبطية شنودا في عهد أنور السادات الذي أقدم على عقد أتفقية صلح منفرد وتطبيع العلاقات مع الدولة الصهيونية ، الى النفي ليقبع في دير
يقع في عمق صحراء سيناء بسبب تظامن شنودا مع غالبية شرائح الشعب العربي المصري في رفض تلك التفاقية وأصداره فتوى بتحريم تابعيه من الحج الى الأماكن المقدسة في القدس وظل في المنفى ولم يفرج عنه الا بعد أغتيال السادات بمدة .
11: صدر كراس في لندن عن المسالة اليهودية يتضمن رسائل لمواطنين يهود الى ليون تروتسكي القائد الثاني في الثورة البلشفية الروسية وهو من أصول يهودية محافظة يسالونه فيها
عن موقفه من المسالة اليهودية فكان رده على تلك الرسائل بأن حل هذه المسالة يكمن في نهاية النظام الأمبريالي العالمي وان ما يروج عنه الأن عن مشروع توطين اليهود في فلسطين فهو مشروع سيؤدي الى سفك مستمر لدماء اليهود والفلسطينيين .
12: د.مصطفى حسين ، الأسرائيليات في التراث الأسلامي ، جمعية الدعوة الأسلامية ، طرابلس 1986 .
13: سعيد الديوجي ، اليزيديون في العراق ، الموصل 1973 .
14: د. محمد طاهر
15: أحمد الكاتب ، تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه ، المعارف، القاهرة 1990 .
16: سمير عبده ، العلويون في سوريا ، دار حسن ملص ، دمشق 2006 .
17: سمير عبدو ، العلويون في سوريا ، دار حسن ملص ، دمشق 2010 .
18: سميرعبدو ، الملل والنحل والأعراق في المجتمع السوري ، دار حسن ملص ، دمشق 2010 .

25 : أيغال الون ، تكوين جيش الدفاع الأسرائيلي ، مركز الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، 1972 .

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب