20 أبريل، 2024 5:05 ص
Search
Close this search box.

مزدوجي الجنسية في إيران… بين قمع الداخل والمناورة مع الغرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ مرﭬت زكريا
ألقت زيارة وزير الخارجية البريطاني”جيرمي هانت” لإيران في 19 نوفمبر 2018 ظلالها على قضية مزدوجي الجنسية في الجمهورية الإسلامية وكيفية تعاطى الدولة معها؛ حيث دعا “هانت” خلال زيارته الحكومة الإيرانية إلي ضرورة الافراج عن المواطنين الذين يحملون جنسية بريطانية إيرانية. وبحسب صحيفة “رويترز” اعتقل “الحرس الثوري” ما لا يقل عن 30 شخصاً يحملون جنسيات مزدوجة منذ بداية عام 2017.

من الجدير بالذكر، أن طهران غالباَ ما تتهم مواطنيها من مزدوجي الجنسية بالتجسس لصالح دولتهم الثانية، و ازداد الأمر سوءاً مع الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني مع دول (4+1)، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى.

فعلى الرغم من تبنى بعض الاتفاقيات الدولية لمبدأ تنظيم الجنسية بما يضمن رفع الضرر الذي يمكن أن يحيط بالدولة من وجود أفراد بلا جنسية، وكذلك الضرر الذي يحيط بالأفراد على خلفية عدم انتمائهم لجنسية معينة، ولكن من أبرز مساوئ القانون الدولي أنه منح الحق لكل دولة في تنظيم الجنسية لديها واعتبرها من الأمور المتروكة لتصرف المشرع المحلى وفقاً لمبدأ السيادة بين الدول.

لذا، سنتناول في هذا التقرير المظالم التي تعرض لها مزدوجي الجنسية في ظل الاحتجاجات الأخيرة في إيران، دوافع طهران وراء هذه المظالم والتي تتمثل في ردع الداخل وتشديد القبضة الأمنية، مبدأ المساومة مع الغرب، وفي النهاية سنتطرق الى بعض الحالات الدراسية الهامة.

أولاً- مزدوجي الجنسية والاحتجاجات الأخيرة في طهران

صعدت مجموعة من الهبات الجماهيرية والاحتجاجية داخل الجمهورية الإسلامية منذ أواخر ديسمبر لعام 2017 ويناير 2018، اعتراضاً على سياسات إيران الخارجية التي ذهبت لدعم الأنظمة الحليفة في المنطقة مثل سوريا، لبنان والعراق تحقيقاً لمأرب إيرانية بحتة تتعلق بمد نفوذها وسيطرتها على معظم دول الشرق الأوسط.

كان يعتقد البعض أن المظاهرات اندلعت نتيجة موجات الغلاء التي وصلت إلي حد تجويع الشعب ولكن المراقب للواقع الإيراني يعى أن الغلاء هو القشة التي قسمت ظهر البعير. فالسياسات التي انتهجها النظام الإيراني مست حياة الشعب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وسببت له كثير من المتاعب قبل أن تضر الشعوب الأخرى في المنطقة(1).

نتيجة لما سبق، استغلت الجمهورية الإسلامية هذه الأحداث للتعويل على فكرة التجسس من قبل مزدوجي الجنسية، في الوقت الذي أشار فيه بعض المحللين إلى أن سبب الاعتقال لا يرجع لتهم التجسس كما تقر السلطات الإيرانية ولكن لأن إيران لا تعترف بفكرة الازدواج في الجنسية، ومن هنا تعتبرها جريمة في حد ذاتها(2).

ثانياً- مزدوجي الجنسية … والمناورة مع الغرب

تؤكد بعض التقارير الدولية زيادة عدد المعتقلين من مزدوجي الجنسية في إيران بمعدل الثلاثة أضعاف بعد الخروج الأمريكي من خطة العمل المشتركة الشاملة مع إيران ومجموعة (4+1)؛ حيث تسعى طهران لمقايضة الدول الغربية على مواطنيها الذين يحملون الجنسية الإيرانية كجزء من المناورة لإعادة الأموال المجمدة كما حدث في عام 2016 في قضية الصحفي الذي يحمل الجنسية الأمريكية “جيسون ريفان” الذي أفرجت عنه السلطات الإيرانية أثر تفاوض مباشر مع واشنطن أفضى لإعادة نحو 400 مليون دولار طالبت بها طهران(3).

وصعدت إيران من حملة الاعتقالات على مزدوجي الجنسية بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى على نظام الملالى في طهران لاسيما من المملكة المتحدة، ونتيجة لأن إيران لا تعترف بالازدواج في الجنسية فأنه لا يمكن للمحتجزين تلقى المساعدة القنصلية من دولهم، الا أنه في معظم الحالات يواجه مزدوجي الجنسية اتهامات سرية بغرف مغلقة في المحكمة الثورية الإيرانية (محكمة منوطة بحل مشكلات المحاولات المزعومة للإطاحة بالنظام).

ومن ناحية أخرى تستغل الجمهورية الإسلامية مزدوجي الجنسية في مساومة الدول الغربية لمبادلاتهم بمواطنيها المعتقلين في السجون الأوروبية، على خلفية اتهامهم بالإرهاب وقتل المعارضة الإيرانية في الخارج. والقت الصراعات الداخلية للنظام الإيراني ظلالها علي قضية مزدوجي الجنسية؛ حيث يقوم الحرس الثوري المحسوب على التيار المحافظ في طهران باعتقال العديد من مواطني الدول الأخرى ذوي الأصول الإيرانية من أجل الضغط على الحكومة الحالية المحسوبة على التيار الإصلاحي بغرض ابراز فشلها واحراجها أمام المجتمع الدولي(4).

ثالثاً- نماذج لبعض الحالات

سعت دول الاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة للتفاوض مع طهران ليس فقط بشأن الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في عام 2016 مع دول (5+1) ، ولكن بغرض وضع حد لحملة الاعتقالات المتزايدة من قبل الجمهورية الإسلامية، لاسيما للأوروبيين من أصل إيراني، وسنعرض فيما يلي لبعض النماذج من المعتقلين:

1. العالم السويدي ” أحمد رضا جلالي”

أحمد رضا جلالي هو عالم سويدي من أصل إيراني اعتقلته السلطات الإيرانية داخل طهران اثناء حضوره مؤتمراً عام 2016، وعلى خلفية المظالم الكثيرة التي كان يتعرض لها المحتجزون أذا تحدث أحد افراد أسرهم إلى الإعلام، أخفت زوجة أحمد “فيدا مهرانيا” خبر اعتقاله لمدة 9 أشهر كاملة، وأعلنت عنه في فبراير/شباط لعام 2017.

في السياق ذاته، قالت زوجة جلالي ” كنا نأمل في أن يتم الإفراج عنه في أقرب وقت ممكن، ولكن كان يقول عندما يتحدث الينا كل مرة أنه لم يتم توجيه أي اتهام رسمي له، فضلاً عن أنه سيتم الافراج عنه بعد الرد على عدة أسئلة، ولكن لم يحدث ذلك بعد”.

وأضافت وزيرة الخارجية السويدية في ذلك الوقت “مارجوت والستروم” أن هذه القضية من شأنها التأثير على علاقة إيران بدول الاتحاد الأوروبي، ومن هنا ينبغي أن يتم التفاوض ليس فقط بشأن الاتفاق النووي، ولكن من الجدير بالأهمية أن تؤخذ مثل هذه القضايا بعين الاعتبار، لكن حُكم على “جلالي” في أكتوبر /تشرين الثاني 2017 من قبل المحكمة الثورية في إيران بالإعدام بتهمة التجسس(5).

2. الصحفية البريطانية ” نزانين زغاري راتكليف”

نزانين زغاري راتكليف هي موظفة بمؤسسة “تومسون رويترز الخيرية” تم اعتقالها في إبريل/ نيسان لعام 2016 أثناء قضاءها العطلة الصيفية مع ذويها الإيرانيين بتهمة التأمر على قلب نظام الحكم، لكن نفت اسرتها وزوجها هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة، الأمر الذي لم تقتنع به السطات داخل الجمهورية الإسلامية.

وقال في ذلك زوجها “ريتشارد راتكليف” الشيء الوحيد الذي يمكن أن نفعله كأسرة أن نوضح الظلم في ذلك”. وأقر أنه من المؤسف أن وزير الخارجية البريطاني “بوريس جونسون” أدلى بتصريحات غير دقيقة عنها استغلها القضاء الإيراني في تلفيق اتهامات غير موجودة بالأساس.

على صعيد أخر، اتضح فيما بعد أن ما قاله ” جونسون” أن راتكليف كانت تُعلم الناس الصحافة، وأشار إلى أنه كان يقصد تدريب الصحفيين، التي لا تعد جريمة على الإطلاق، ولا تضفي أي مصداقية على مزاعم الحكومة الإيرانية التي تقر أنها كانت تشجع المواطنين الإيرانيين على التظاهر وقلب نظام الحكم(6).

ختاماً: اصبحت قضية مزدوجى الجنسية بالإضافة إلي بعض القضايا الأخرى مثل الأقليات العرقية والدينية من القضايا الشائكة التى من شأنها التأثير على مستقبل الجمهورية الإسلامية، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية التى تعانى منها إيران جراء الخروج الأمريكى من الاتفاق النووي و إعادة فرض العقوبات مرة أخرى. لكن بمقدور الدول الأوروبية التأثير على النظام الإيرانى، وكبح جماحه من أجل حماية مواطنيها من حملات القمع الإيرانية، التى لا تعترف بفكرة الإزدواج في الجنسية من الأساس.

الهوامش:

1. ضياء ناصر، هذه الأسباب اشعلت فتيل المظاهرات في إيران، العربية. نت، 29/12/2017، متاح على الرابط التالي:

http://cutt.us/OULyb .

2. إيران تعلن اعتقال أحد مزدوجي الجنسية أثناء الاضطرابات الأخيرة، اليوم السابع، 14/1/2018، متاح على الرابط التالي:

http://cutt.us/YWvHv .

3. إيران … اعتقال العشرات من مزدوجي الجنسية، سكاي نيوز عربية، 29/8/2018، متاح على الرابط التالي:

http://cutt.us/k8UuZ .

4. ثوري إيران واعتقال الأجانب بحجة التجسس… ورقة لمساومة الغرب، سكاي نيوز عربية، 19/11/2017، متاح على الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/iran-prisons-america .

5. Iran summons Sweden envoy to protest naturalization of spy on death row, press TV, 20/2/2018, available at :

https://www.presstv.com/Detail/2018/02/20/552967/Iran-Sweden-Mossad-nuclear-spy-Jalali-Foreign-Ministry .

6. تزايد اعتقالات الحرس الثوري لمزدوجي الجنسية، شبكة تومسون رويترز، 2/2/2017، متاح على الرابط التالي:

https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN1D91N4 .

المصدر/المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب