خاص: إعداد- سماح عادل
“مرسي جميل عزيز” شاعر مصري.
حياته..
ولد “مرسي جميل عزيز” ولد في يونيو سنة ١٩٢١ بمدينة الزقازيق لأب كان يعمل تاجرًا للفاكهة، وكان لأبيه دورا في حياة نجله واهتماماته الأدبية والفنية منذ صغره، فحفظ الكثير من آيات القرآن الكريم، والمعلقات السبع كاملة، وقرأ لكثير من الشعراء يتقدمهم “بيرم التونسي”، وبدأ “مرسي” حياته المهنية كتاجر فاكهة مثل والده، حتى أنه تأثر بنداءات الباعة على الفاكهة وبالأغاني الشعبية واستوعبها.
كتب أول قصيدة شعرية في سن الثانية عشرة في رثاء أستاذه. وفي عام 1939 أذيعت له أول أغنية في الإذاعة ولم يتجاوز الثامنة عشرة بعنوان “الفراشة” ولحنها الموسيقار “رياض السنباطي”. وفي نفس العام انطلقت شهرته عندما كتب أغنية “يامزوق يا ورد في عود” وغناها المطرب “عبد العزيز محمود”.
حصل على البكالوريا من مدرسة الزقازيق الثانوية عام 1940، والتحق بكلية الحقوق، وهناك أصبح رئيسًا وعضوًا لعدة جماعات أهمها الشعر، والآداب، وفنون التصوير، والموسيقى، والتمثيل، كما انضم لفريق الرحلات، وفيما بعد لم يكتف بموهبته لكتابة الشعر فدرس اللغة العربية والشعر والأدب والتراث العربي الحديث والقديم، وكذا الأدب العالمي وأصوله ونظرياته وقواعده النقدية، كما التحق بمعهد السينما، وكان الأول علي دفعته، وحصل على دبلوم في فن كتابة السيناريو عام 1963.
غنت له “أم كلثوم” الثلاثية الشهيرة التي لحنّها “بليغ حمدي” وهي: “سيرة الحب، فات المعاد، ألف ليلة وليلة”.
غنى “عبد الحليم حافظ” من كلماته 35 أغنية، بدايةً بـ”مالك ومالي يا أبو قلب خالي”، و(نعم يا حبيبي، بأمر الحب، يا خلي القلب، بتلوموني ليه، في يوم في شهر في سنة)، وغيرها من الأغاني.
تجلى التعاون مع “عبد الوهاب” في أغنية “من غير ليه” التي كانت آخر أغاني “مرسي جميل عزيز”، استمر العمل فيها لعامين بسبب خلافات بين “عبد الوهاب” و”مرسي” على بعض كلمات الأغنية، وكان من المقرر أن يغنيها “عبد الحليم” لكن وفاته حالت دون ذلك، وغناها “عبد الوهاب” في 1989.
هو الشاعر المعاصر المصري الوحيد الذي غنت له السيدة فيروز قصيدته “سوف أحيا”، وأصبحت الأغنية بعدها واحدة من أهم الأغنيات في تراث الإذاعة المصرية، حيث سُجلت في استوديوهاتها أثناء زيارة “فيروز” والرحبانية إلى القاهرة.
وساعد الشاعر في نجاح العديد من المطربين إذ أن أغنياته ساهمت في شهرة “فايزة أحمد”، إذ كان أول من آمن بموهبتها وقدّمها في الإذاعة المصرية بعد أن جاءت من سوريا، ومن أغانيه لها “تمر حنة، يامه القمر ع الباب، ليه يا قلبي ليه، حيران، بيت العز”.
كذلك “محرم فؤاد”، الذي ألّف له كلمات فيلمه الأول مع “سعاد حسني” “حسن ونعيمة”، كما تعاون مع “شادية”، في عدة أعمال منها أغاني فيلم “الزوجة 13″، وقدّمت أجمل أغانيها “على عش الحب، وحياة عينيك”. فقد تغنى معظم المطربين بكلماته ومنهم: “وردة الجزائرية، فريد الأطرش، صباح، محرم فؤاد، محمد قنديل، هاني شاكر، محمد ثروت”.
السينما..
ألّف “مرسي جميل عزيز” أغاني لـ25 فيلما بدأها بـ”مبروك عليكي” عام 1949، واختتمها بـ”مولد يا دنيا” عام 1976، وأشهرها أفلام: “حكاية حب، أنا وبناتي، المرأة المجهولة، أحبك يا حسن، أدهم الشرقاوي، الشموع السوداء، ويوم بلا غد”، وتنوعت حالات أغانيه بين طابع التفاؤل كـ “ليه تشغل بالك، ضحك ولعب”، والقصيدة الشعرية والأغنية الإنسانية التأملية مثل “غريبة منسية، وأعز الناس”، وكتب أيضا عدة أغانٍ وطنية منها “بلدي يا بلدي” لـ”عبد الحليم”، و”بلدي أحببتك يا بلدي” ل”محمد فوزي”.
قام بكتابة الأغنية بألوانها المختلفة العاطفية والوطنية والشعبية والدينية ووصلت لأكثر من ألف أغنية وقصيدة ولذلك لقب بشاعر الألف أغنية. وإلي جانب كتابته للشعر والأغنية كتب الأوبريت الغنائي والقصة القصيرة والسينمائية وسيناريوهات بعض الأفلام، وأيضا كانت له المقالات الأدبية في الصحف والمجلات المصرية حتي اعتبره النقاد ظاهرة أدبية وفنية بارزة.
كرمته الدولة بوسام الجمهورية للآداب والفنون عام 1965 من جمال عبد الناصر، ضمن أول مجموعة صغيرة مرموقة تحصل علية في مجالات الفكر والفنون والآداب، كما أطلقت محافظة الشرقية اسمه على الشارع الذي كان يسكن فيه بمدينة الزقازيق.
يحكي أخو “مرسي جميل عزيز” “الحاج سعيد”عنه: “في بداية التحاق أخي بالإذاعة المصرية أصر على احتفاظه باسمه كاملا حيث كان يعتز بأبيه وجده، وكان هوايته التصوير لدرجة أنه كان يحتفظ بعشرات الصور التاريخية عن مدينة الزقازيق ويستنبط أغانيه من الواقع مثلا شاف مرة واحدة بتزغرد بالقرب من المنزل فقام بتأليف أغنيته الشهيرة “زغرودة حلوة رنت في بيتنا “وياما القمر على الباب” والتي ارتبطت بخادمة وعندما كان مدعوا في حفل زفاف للشاعر فتحى قورة أعجب بالصينية اللي تقدم الشربات فألف “صينية بالفضة واللولي وحب الرمان” ونور عينيا وأكثر للفنانة شادية بمناسبة عيد ميلاد نجلته وغيرها من الأغاني الكثيرة التي ارتبطت بالواقع.. مكنش بيرتاح إلا في الزقازيق وجدران غرفته التي شهدت مولد أشعاره وقصائده””.
ويضيف: “عندما ألَّف “حموى يا مشمش” ولحنها الموسيقار الراحل فريد الأطرش وغنتها صباح غنتها في سنة الوحدة بين مصر وسوريا 1958 أحدثت ضجة كبيرة لدرجة أن مرسي جميل عزيز عندما وصل إلى دمشق فيما بعد قام السوريون بحمل سيارته على أكتافهم تكريما له مثلما حدث مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعندما كتب “ذات ليلة” لحليم والتي كانت تروي قصة قصة طالب لا يملك أي أوراق أو أقلام لكى يتعلم حيث كانت المصروفات وقتئذ باهظة وفي منتصف الأغنية أجهش العندليب في البكاء متأثرا بكلماتها حينها استقبله عبد الناصر قائلا له: “والله يا حليم الخزينة.. ودمعتك غالية علينا وهشيل المصاريف إن شاء الله””.
رسام الكلمات..
في حوار في أحد برامج التليفزيون يقول “مرسي جميل عزيز”: “أنا ولدت في ٩ يونيو ١٩٢١ في مدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، وكتبت أكتر من ١٠٠٠ أغنية، وقصيدة، ولقبت بفارس الأغنية العربية، وصاحب المدرسة الرومانسية في الأغنية العربية، ولقبت كذلك بمهندس الأغنية العربية، وأكثر ما أعجبنى أنني لقبت بشاعر الألف أغنية ناجحة، جواهرجي الكلمة، موسيقار الكلمات، رسام الكلمات، أبو الواقعية في الأغنية، عملاق الأغنية الشعبية. أنا بحسد نفسي على الإبداع في الاختيار من أجل حصولي على لقب من المحبين، وذلك يرجع إلى أنني كتبت أغنيات لأشهر مطربي الزمن الجميل، مثل كوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، والموسيقار محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، وفيروز، ومحمد فوزي، وصباح، وشادية، ونجاة، ففي أغنية ألف ليلة وليلة شكلت «دويتو» مع الموسيقار الكبير بليغ حمدي، وأنتجنا ٣ أغنيات لكوكب الشرق أم كلثوم، وهى «سيرة الحب» عام ١٩٦٤، والتي اشتهرت بمقطع «ياللى ظلمتوا الحب وقلتوا وعيدتوا عليه.. قولتوا عليه مش عارف إيه»، و«فات الميعاد» عام ١٩٦٧، والتي اشتهرت بمقطع «عايزنا نرجع زى زمان.. قول للزمان ارجع يا زمان»، و«ألف ليلة وليلة» عام ١٩٦٩، والتي أصبحت مقدمتها الموسيقية من أشهر مقدمات الأغاني على الإطلاق”.
وفاته..
توفى “مرسي جميل عزيز” في 1980 عزيز على إثر إصابته بمرض خطير سافر بسببه إلى أمريكا للعلاج.