خاص: إعداد- سماح عادل
المراهقة هي العمر الفاصل بين الطفولة والرشد، وذلك في الفترة العمرية الممتدة من سن 13 إلى 25 وقد تختلف في بدايتها ونهايتها من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر وعلى حسب الجنس فالأنثى تبلغ قبل الذكر وتنضج قبله، وذلك حسب البيئة والظروف المحيطة بالشخص. فقد تبدأ مرحلة المراهقة من سن 13 وقد تنتهي في سن 19، ولربما تبدأ أساسا من سن 15 وتنتهي في سن 25 تقريبا، كحد أقصى.
لكن هناك مجتمعات قد تعتبر الأشخاص من هم أقل من سن 18 أطفالا بينما الأشخاص الأكبر هم المراهقون الشباب فعليا وهناك مجتمعات تؤمن بأن الأشخاص في سن العشرات والعشرين هم مراهقين باختلاف بداية المرحلة ونهايتها، لأن البعض لا يؤمن بمصطلح المراهقة فيعد مرحلة الشباب بجميع أنواعهم مراهقين مالم يبلغوا سن الرشد وهو الأربعين.
ثلاثة أقسام..
قسم العلماء سن المراهقة لثلاثة أقسام هي المراهقة المبكرة، المراهقة المتوسطة، والمراهقة المتأخرة. وهي فترة متقلبة وصعبة تمر على الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول له في حياته الممتدة، حيث أن مستقبل الإنسان وحضارة الأمم تتأثر بمراهقة أفرادها.
يعتمد الفهم الشامل للمراهقة في المجتمع على معلومات من منظورات مختلفة، تشمل علم النفس، وعلم الأحياء، والتاريخ، وعلم الاجتماع، والتعليم والأنثروبولوجيا. ينظر إلى المراهقة، ضمن كل هذه المنظورات، على أنها فترة انتقالية بين الطفولة والبلوغ، الغرض الثقافي منها هو إعداد الأطفال لأدوار البالغين. وتعد فترة انتقالات متعددة تشمل التعليم، والتدريب، والتوظيف والبطالة، بالإضافة إلى التحولات من ظروف معيشية إلى أخرى.
تختلف نهاية المراهقة وبداية مرحلة البلوغ باختلاف البلد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يصبح الفرد ناضجا كفايةً لكي يوكل إليه المجتمع امتيازات ومسؤوليات معينة في أعمار مختلفة، حتى داخل الدولة أو الثقافة الواحدة. تشمل هذه الامتيازات والمسؤوليات قيادة السيارة، وإقامة علاقات جنسية قانونية، والخدمة في الجيش أو في لجنة المحلفين، وشراء الكحول وشربه، وشراء منتجات التبغ، والتصويت، وإبرام العقود، وإنهاء مستويات معينة من التعليم، والزواج، والمساءلة عن الحفاظ على القانون. تترافق المراهقة عادة باستقلال متزايد يسمح به الوالدان أو الأوصياء القانونيون، يتضمن إشراف أقل مقارنةً بمرحلة ما قبل المراهقة.
تطور المراهقين..
في دراسة تطور المراهقين، يمكن تعريف المراهقة بيولوجيا، على أنها انتقال جسدي يتميز ببداية سن البلوغ وانتهاء النمو الجسدي أو معرفيا، على أنها تغييرات في القدرة على التفكير بشكل تجريدي ومتعدد الأبعاد أو اجتماعيا، على أنها فترة تحضير لأدوار البالغين. تشمل تغييرات البلوغ والتغيرات البيولوجية الرئيسية التغييرات في الأعضاء التناسلية، والطول، والوزن وكتلة العضلات، بالإضافة إلى التغييرات الرئيسية في بنية الدماغ وتنظيمه. يشمل التقدم المعرفي الزيادة في المعرفة والقدرة على التفكير المجرد والتفكير بشكل أكثر فعالية.
تتضمن دراسة تطور المراهقين غالبا تعاونا متعدد التخصصات. قد يركز الباحثون في علم الأعصاب أو الصحة السلوكية الحيوية مثلا على التغييرات البلوغية في بنية الدماغ وتأثيراتها على الإدراك أو العلاقات الاجتماعية. في حين يركز علماء الاجتماع المهتمون بالمراهقة على اكتساب الأدوار الاجتماعية مثل العامل أو الشريك الرومانسي وكيف يختلف ذلك عبر الثقافات أو الظروف الاجتماعية. وقد يركز علماء النفس التنموي على التغييرات في العلاقات مع الآباء والأقران باعتبارها وظيفة في البنية المدرسة وحالة البلوغ. وقد شكك بعض العلماء في عالمية المراهقة كمرحلة نمو، زاعمين أن السمات التي تعتبر غالبا نموذجية للمراهقين غير متأصلة حقا في سنوات المراهقة.
التطور المعرفي..
تعد المراهقة وقتا للتطور المعرفي السريع. يصف “بياجيه” المراهقة بأنها مرحلة من الحياة تبدأ فيها أفكار الفرد في اتخاذ شكل أكثر تجردا وتتناقص الأفكار المتمحورة حول الذات، ما يسمح للفرد بالتفكير والإدراك من منظور أوسع. أظهرت مجموعة من الدراسات السلوكية ودراسات الرنين المغناطيسي الوظيفي تطور الوظائف التنفيذية، أي المهارات المعرفية التي تتيح التحكم وتنسيق الأفكار والسلوك، والتي ترتبط عموما بقشرة الفص الجبهي. تؤثر الآراء والأفكار والمفاهيم المطورة في هذه الفترة من الحياة كثيرا على حياة الفرد المستقبلية، وتلعب دورا رئيسيا في تكوين الطابع والشخصية.
تتفاعل التغييرات البيولوجية في بنية الدماغ والترابطات داخل الدماغ مع تزايد الخبرة والمعرفة والمتطلبات الاجتماعية المتغيرة لتحقيق نمو معرفي سريع. يختلف العمر الذي تحدث فيه تغييرات معينة بين الأفراد، ولكن تبدأ التغييرات الواردة مناقشتها أدناه في سن البلوغ أو بعده بوقت قصير، وتستمر بعض المهارات في التطور مع تقدم سن المراهقة. يقترح نموذج النظم المزدوجة وجود اختلال توازن في النضج بين تطور النظام الاجتماعي العاطفي وأنظمة التحكم المعرفي في الدماغ، يساهم في الاندفاع والسلوكيات الأخرى المميزة للمراهقة.
النظرية..
توجد طريقتان رئيسيتان على الأقل لفهم التغيير المعرفي في خلال فترة المراهقة. تعتبر وجهة النظر البنائية للتطور إحدى الطرق. استنادا إلى عمل “بياجيه”، تتبع منهجا كميا لنظرية الحالة، يفترض أن التحسن المعرفي للمراهقين يكون مفاجئا وجذريا نسبيا. ويعد منظور معالجة المعلومات، المستمد من دراسة الذكاء الاصطناعي، طريقة ثانية تحاول شرح النمو المعرفي على أساس نمو مكونات محددة لعملية التفكير.
التحسينات في القدرة الإدراكية..
عندما يصل الأفراد إلى سن 15 عاما أو نحو ذلك، تكون قدرات التفكير الأساسية لديهم مماثلة لقدرات البالغين. تحدث هذه التحسينات في خمسة مجالات في خلال فترة المراهقة:
الانتباه: تظهر التحسينات في الانتباه الانتقائي، وهي العملية التي يركز المرء بفضلها على حافز ما مع تجاهل آخر. يتحسن أيضا الانتباه المقسم، أي القدرة على الانتباه إلى اثنين أو أكثر من المحفزات في نفس الوقت أيضا.
الذاكرة: تلاحظ التحسينات في كل من الذاكرة العاملة والذاكرة الطويلة الأجل.
سرعة المعالجة: يفكر المراهقون أسرع من الأطفال. تتحسن سرعة المعالجة بشكل حاد بين سن الخامسة والمراهقة المتوسطة؛ ثم تبدأ في الاستقرار في سن 15 ويبدو أنها لا تتغير بين المراهقة المتأخرة والبلوغ.
التنظيم: يعد المراهقون أكثر وعيا بعمليات التفكير الخاصة بهم ويمكنهم استخدام أجهزة استذكار واستراتيجيات أخرى للتفكير بشكل أكثر كفاءة.
إدراك الإدراك: تحسين المعرفة بأنماط تفكيرهم يزيد من ضبط النفس والرؤية الاجتماعية.
تشير الدراسات التي أجريت منذ عام 2005 إلى أن الدماغ لا يتشكل بالكامل حتى أوائل العشرينات.
التفكير التجريدي..
يعد تفكير المراهقين أقل ارتباطًا بالأحداث الملموسة من تفكير الأطفال: فهم قادرون على التفكير في احتمالات خارج نطاق ما هو موجود حاليا. يعد تحسين المهارة في التفكير الاستنباطي أحد مظاهر زيادة قدرة المراهق على التفكير في الاحتمالات، الذي يؤدي إلى تطوير التفكير الافتراضي. يوفر هذا القدرة على التخطيط المسبق، ورؤية العواقب المستقبلية لأي عمل وتقديم تفسيرات بديلة للأحداث. ويجعل المراهقين أكثر مهارة في المناظرة، إذ يمكنهم التفكير ضد افتراضات أحد الأصدقاء أو الوالدين. يطور المراهقون أيضًا فهمًا أكثر تعقيدا للاحتمالات.
سيكولوجية المراهقة..
هي مرحلة العمر التي تتوسط الطفولة واكتمال الرجولة أو الأنوثة بمعنى النمو الجسمي، وفترة المراهقة غالبا ما تقابل مرحلتي التعليم الإعدادية والثانوية ولكن قد تصادف عند بعض الأشخاص المرحلة الجامعية إلى تقريبا سن 25 كحد أقصى. وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل النمو في حياة الفرد، حتى إن بعض العلماء يعدونها بدء ميلاد جديد للفرد. وتختلف بداية هذه المرحلة ونهايتها باختلاف الأفراد والجماعات اختلافا كبيرا. وتعرف مرحلة ما قبل المراهقة أو البلوغ المؤدي إلى المراهقة في الولد منذ بدء ظهور الإفرازات المنوية مع ظهور بعض الخصائص الظاهرة في الجسم وتسمى بالخصائص الثانوية، وتعرف هذه المرحلة عند البنت منذ بدء ظهور الحيض مع بعض الخصائص الثانوية.
أنماط المراهقة..
المراهقين لا يشترط أن يمروا بنمط معين فقد تختلف أنماط حياتهم فالبعض يعتقد أن الشخص عديم الخلق، المتنمر، والسيئ أخلاقيا ونظاميا هو مراهق بينما شخص آخر ملتزم أخلاقيا ونظاميا ليس بكذلك، هذه صفات شخصية تعود للتربية وللصفات الخلقية والبيئية المحيطة بالشخص. فلا يمكن تحديد المراهقة من خلال أخلاقيات الشخص.
المراهقة المتكيفة: وهي تكون هادئة نسبيا وتميل إلى الاستقرار العاطفي وتكاد تخلو من التوترات الانفعالية، وقد تكون علاقة المراهق بالمحيطين به علاقة طيبة. أي أن المراهق هنا أميل إلى الاعتدال ولا يسرف المراهق بهذا الشكل في أحلام اليقظة.
المراهقة العدوانية المتمردة: فيها يكون المراهق ثائرا ومتمرداً على السلطة، ويميل إلى توكيد ذاته. والسلوك العدواني عنده قد يكون صريحا مباشرا يتمثل في الإيذاء، أو غير مباشر يتخذ في صوره العناد.
المراهقة المضطربة: وتكون هذه المراهقة أقرب إلى التصرف بشكل متناقض يعبر عن حيرتها وإتباع ما يملي عليها المجتمع من سلوكيات وتوجهات جديدة تتفق مع العصر، يعاني منها كلا من الأشخاص الاجتماعيين والانطوائيين.
المراهقة المنحرفة: وهذا النوع يمثل الصورة المتطرفة للشكلين المنسحب والعدواني.
مظاهر النمو في المراهقة..
النمو الجسمي: يتميز النمو الجسمي في السنوات الأولي من المراهقة بسرعته المذهلة. وتأتي سرعة النمو الجسدية الكبيرة في المراهقة عقب فترة طويلة من النمو الهادئ الذي تتصف به الطفولة المتأخرة.
وتتميز مرحلة المراهقة في جانب كبير منها بالاهتمام الشديد بالجسم، والقلق للتغيرات المفاجئة في النمو الجسمي، والحساسية الشديدة للنقد. فيجب أن نقيم في مدارسنا وأنديتنا الندوات التي تهدف إلى التثقيف الصحي للمراهقين وتعريفهم بتغيرات البلوغ.
النمو العقلي..
الذكاء: ينمو الذكاء نموا منتظما حتى الثانية عشرة، ثم يتعثر قليلا في أوائل فتره المراهقة، وتظهر الفروق الفردية بشكل واضح. وفترة المراهقة هي فترة ظهور القدرات الخاصة.
انتباه المراهق: تزداد مقدره المراهق على الانتباه، فهو يستطيع أن يستوعب مشاكل طويلة ومعقده في يسر وسهولة.
النمو الاجتماعي: يتأثر النمو الاجتماعي السوي الصحيح في المراهقة بالتنشئة الاجتماعية من جهة وبالنضج من جهة أخرى. ويتصف النمو الاجتماعي في المراهقة بمظاهر رئيسية وخصائص أساسية وتظهر هذه المظاهر في تآلف المراهق مع الأفراد الآخرين. ويتضح تآلف المراهق فيما يأتي:
يميل إلى الجنس الآخر ويؤثر هذا الميل على نمط سلوكه.
الثقة وتأكيد الذات فيخفف من سيطرة ويؤكد شخصيته.
يدرك العلاقات القائمة بينه وبين الأفراد الآخرين ويلمس ببصيرته آثار تفاعله مع الناس.
اتساع دائرة التفاعل الاجتماعي فتتسع دائرة نشاطه الاجتماعي ويدرك حقوقه وواجباته.
الفرق بين المراهقة والبلوغ..
المراهقة هي تغيرات جسدية وعقلية وعاطفية واجتماعية أما البلوغ فهو تغير جسدي يدل على أن الفرد أصبح قادرا على النسل، وبمعنى آخر فإن البلوغ هو مرحلة فرعية ضمن مراحل المراهقة، وعادة يكون أولى العلامات الدالة على بداية فترة المراهقة، وهناك من يعد أنهما مترادفان فالبلوغ يعني المراهقة، وهناك من يعد أن البلوغ هو العلامة المتميزة كبداية مرحلة المراهقة، ومنهم من يعد أن المراهقة أعم فالبلوغ يختص بالنمو الجنسي أو النمو العضوي والجنسي والمراهقة تشمل ما سوى ذلك.