24 فبراير، 2025 1:08 ص

مرثية للراحل والثورة !

مرثية للراحل والثورة !

في ذكرى رحيل الرفيق “هاني شكرالله”

خاص : بقلم – سعيد العليمي :

كان من عادة “ماركس” أن يقول مستشهدًا بـ”أبيقور”: “ليس الموت كارثة بالنسبة لمن يموت؛ بل بالنسبة إلى الباقين على قيد الحياة”. أما “إنغلز” فكان يقول: “إن جميع الأحداث التي تقع بفعل الضرورة الطبيعية تحمل معها عزاءها الخاص، مهما تكن رهيبة”. والحال أنه مهما اشتدت رغبتنا في أن نكون “ماديين جدليين” لا نستطيع أن نتجاوز معها هذا الإحساس بالفقد والحزن والحسرة على غياب رفيق رحل واقفًا مدافعًا عن فكره الماركسي، مناضلاً من أجل مجتمع إنساني مقبل، ولم يحنِ هامته لطاغية قط على مدار عقود حياته السبعة. وفي معمعان الإستبداد والاستغلال والقهر سيظل هو ومن سبقوه من رفاقنا مثلاً نضاليًا – كما آمل – لبعض شبابنا الجاد الواعد – جيل الثورة المقبلة التي كانت حلم حياته ومعناه. وها أنا ذا أضع وردة حمراء على مثواك الأخير بعد قلوبنا يا “هاني”.

التقيت بالرفيق “هاني شكرالله”؛ (عصام)، لأول مرة في أوائل صيف عام 1975 – ربما في آيار/مايو أو حزيران/يونيو – بعد الإفراج المؤقت عني مع رفاقنا: “إبراهيم فتحي، وخليل كلفت، وفتح الله محروس، وجمال عبدالفتاح”، في قضية الإسكندرية رقم (501) سنة 1973 الرمل؛ المقيدة برقم: 65 لسنة 1974 أمن دولة عليا. كان يمكن أن نلتقي قبل ذلك؛ حيث كنت عضوًا في منطقة “القاهرة”، ومسؤولاً عن لجنتي قسم جنوب، وهما تضمان “جامعة القاهرة”، و”منطقة حلوان الصناعية”، غير أن ذلك لم يحدث، فقد صعدت لـ”الجنة المركزية”، وكلفت بمسؤولية “منطقة الإسكندرية” في النصف الثاني من عام 1972.

قررت “اللجنة المركزية” أن على بعض الرفاق من (متهمي) القضية المذكورة أعلاه – لا كلهم – أن ينتقلوا إلى الحياة السرية الكاملة نظرًا لإحتمال تعرضهم لصدور أحكام طويلة ضدهم، وحيث أنني كنت المتهم الأول، فقد كنت معرضًا للحكم عليّ بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة عشر سنوات. تم تأميننا (خليل كلفت وأنا)؛ في شقة رفيقنا (………)، بعزبة النخل لبعض الوقت إلى أن يستقر كل منا في مكان آخر مناسب يُتيح لنا أن نُمارس مهامنا الحزبية.

صدر التقرير التنظيمي فى 09 آيار/مايو 1975، وتم الشروع في تطبيقه، وكان من ضمن ما ورد فيه توسيع الكادر، فترتب على ذلك تصعيد جملة من الرفاق الشباب الذين برزوا كقيادات للحركة الطلابية والعمالية في الفترة بين: 1973 – 1975 إلى “اللجنة المركزية”، وكان منهم رفيقنا الراحل؛ “هاني شكرالله”.

جرى تقسيم عمل جديد في “اللجنة المركزية”، ونظرًا لتجربتنا في العمل السري تراءى لنا أن من الضروري أن يتم تأمين جزء من القيادة خارج “مصر”، حتى يمكن مواصلة العمل في حال توجيه ضربات بوليسية لنا، واسترشادًا بتجربة البلاشفة؛ حيث كانت “اللجنة المركزية” في الداخل أى القيادة السياسية العملية اليومية، والقيادة النظرية السياسية من خلال الصحافة الثورية في الخارج.

تم تكليفي بمسؤولية فرع الخارج داخل “اللجنة المركزية”؛ حيث كان مقررًا تهريبي خارج البلاد نظرًا لوضع اسمي في قائمة الممنوعين من السفر، وفي كل الأحوال بوصفي نواة القيادة في فرع الخارج.

وفي هذا السياق التقيت برفيقنا “هاني”؛ (عصام)، لأول مرة في شقة “جسر السويس” الرحبة؛ واستمعت إليه وهو يُحدثني بثقة وتأنٍ وبتفصيل دقيق منطقي واضح عن تجربته مع الشيوعيين الماويين في “كندا”، حيث أقام هناك لفترة مرافقًا والده الذي كان من كبار العاملين في “جامعة الدول العربية”، واهتممت أن أعرف مواقفه من “الماوية” عمومًا؛ وما هي حدود التقاءنا معها وانفصالنا عنها في تطوراتها الأخيرة في أعقاب: “المناظرة حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية”؛ التي طرحها الصينيون وكنا نتبنى وجهتها العامة، فبيّن أنه يعتقد في صحة موقفنا الذي أنطوى على مناهضة مقولات الإمبريالية الاشتراكية، وأن الريف العالمي يُحاصر المدينة العالمية، ونظرية العوالم الثلاثة: الأول والثاني والثالث، ونظرية البؤرة الثورية، والكفاح المسلح على النمط البلانكي (المنعزل عن الجماهير). وأسترسل في نقد خط “ألبانيا”؛ آنذاك، وقائدها: “أنور خوجة”، بوصفه امتدادًا للخط الصيني.

ثم انتقل ليُحدثني عن تجربته في “الهند”؛ وعن الانقسام الحادث داخل (الحزب الشيوعي الهندي)، الذي انتهى إلى وجود ثلاث أحزاب مستقلة، أحدهما سوفياتي: (الحزب الشيوعي الهندي)، والآخر ماوي: (الحزب الشيوعي الهندي الماركسي اللينيني)؛ (الناكساليست)، والثالث (الحزب الشيوعي الهندي)؛ (الماركسي)، وكيف يلتقي خطنا وموقفنا من المراجعة اليمينية السوفياتية والجمود العقائدي الصيني مع (الحزب الشيوعي الهندي)؛ (الماركسي)، و(حزب العمل الشيوعي الفييتنامي)، و(الحزب الشيوعي الكوري)؛ (الذي كان يقوده آنذاك الزعيم المحبوب من أربعين مليون كوري: كيم آيل سونغ).

وعد بإهدائي بعض الكتابات عن “الهند” لمؤلفين ماركسيين. وكان وفيًا بوعده ففي لقاءنا التالي أعطاني مجلدًا عن: (ملكية الأرض في الهند)، وأهمية الكتاب ترتبط بدخول “مصر” و”الهند” في إطار البلدان النهرية التي وصفها “ماركس”؛ بأن لها نمطًا خاصًا للإنتاج يُسمى: نمط الإنتاج الآسيوي، كما أهداني كتابًا آخر عبارة عن: (تقرير سياسي تنظيمى) لـ”الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي). وكان تقريرًا غنيًا بمادته حول الوضع الدولي، وأزمة الاقتصاد الهندي، والوضع السياسي القومي، ومراجعة لعمل اللجنة المركزية والمكتب السياسي. (مازلت أحتفظ بالكتابين حتى الآن).

اقترح عليّ أن أقوم بترجمة موقف (الحزب الشيوعي الهندي الماركسي) من المراجعة السوفياتية والجمود العقائدي الصيني، فقمت بترجمته بالفعل وتوقفت عند كلمة: “Ballistic”، وعدت إليه فيها؛ فبّين ليّ مصوبًا أنها ليست: “بلاستيكية”، وأن الكلمة الصائبة هي: “باليستية”، فجنبني الخطأ الذي وقع فيه: “المقاتل الشرس” بعدها بعقود رغم عسكريته. ونشر المقال في أحد أعداد مجلة الشيوعي المصري بعد ذلك.

كان الرفيق (عصام) وقلة من الرفاق هم من سمحت لهم ظروف حياتهم بأن يكتسبوا خبرات نوعية أتاحها لهم اتصالهم أو حياتهم بالخارج، فضلاً عن اتساع الأفق ورحابة الرؤية والعمق النسبي لثقافتهم بحكم دراستهم الأجنبية أو للغة أجنبية. وقد كانوا رفاقًا محدودين هم من يمتلكون ناصية لغة أجنبية أو أكثر. الأمر الذي ينبغي أن يُحققه أي مثقف ثوري جاد. وقد أمتلك رفيقنا كل هذه الصفات التي ذكرت.

كنت أتابع معه – ومع رفاق آخرين – بحكم مسؤوليتي عن فرع الخارج – أوضاعنا في: “بيروت، لندن، باريس، موسكو” أو بعض الاتصالات برفاقنا الفيتناميين، أو “الجبهة الشعبية لتحرير البحرين”، كما كنا نلتقي في اجتماعات “اللجنة المركزية”؛ التي كانت تُعقد بمعدل مرة كل ثلاث شهور.

وبعد تشكيل “المكتب السياسي” كان عضوًا فيه مع الرفاق: “خليل كلفت وصلاح العمروسي” وأنا ورفيق آخر. فكنا نُمثل قيادة الحزب بين اجتماعي “اللجنة المركزية”، وكنا نلتقي شهريًا تقريبًا. ولتفادي أي خلاف حول المسؤول السياسي للحزب إذا نالت الهيكل التنظيمي ضربة بوليسية اتفق على تسلسل قيادي لـ”المكتب السياسي” و”اللجنة المركزية”؛ كان ترتيبه فيه هو الخامس.

رغم أنني كنت أسن من رفيقنا في العمر بخمس سنوات فقط؛ فقد كنت أراه شابًا قياسًا بي، ولكن هذا الشاب برهن ليّ من خلال احتكاكنا في “المكتب السياسي” على نضج استثنائي، الأمر الذي كان سببًا في اختياره وموافقة “اللجنة المركزية” على عضويته فيه.

كان هادئًا رزينًا يتحدث وكأنه يملك حكمة الشيوخ، ودائمًا بموضوعية، وبهدف الإقناع أو الإقتناع، ولم يكن من طراز طواويس البورجوازية الصغيرة الذين يسعون بنقدهم لموقف ما إلى التبختر والبروز، وسواء أكان هناك جدال شفوي في اجتماع، أو في أوراق النشرة الداخلية المركزية؛ (ندم)، فقد كان يحتفظ بمزاج رصين ودود، وبإصرار على التحلي بروح رفاقية مستقيمًا شريفًا. ولم أره على مدار سنوات طويلة، منفعلاً خارجًا عن طوره، أو متخليًا عن الأخلاق الشيوعية في فترة الصراع داخل “اللجنة المركزية”؛ اعتبارًا من عام 1978، وانقسامها إلى أقلية وأغلبية، وكان أبعد ما يكون عن النميمة والإغتياب، فرغم شيوع بعض الأساليب غير الرفافية؛ آنذاك، فلم يُسهم فيها ولم يُشجع عليها. وأحتفظ باحترام الفريقين المتصارعين. وأصر في كل المواقف على التحلي بصرامة مبدئية وفق قناعاته – ولعب دورًا في جميع ما سبق وجوده خارج البلاد لفترات طويلة مما أعطاه مساحة للنظر عن بُعد نسبي لواقع الأحوال.

أعتاد أن يزورني في مكمني السري لرؤية صديقته، وزميلته، وأم أولادي البحرينية السيدة؛ “هناء الجشي”، وقد أمتدت صداقتهما لعقود بعد تخرجهما من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. ودائمًا ما كانت مودته تتضمن إهدائي كتابًا، أو قنينة نبيذ، أو شيئًا ما. وتتسع الزيارات دائمًا لما هو خارج العمل الحزبي، فكان يُحدثني عن ولعه بالروايات البوليسية، ومتابعته لمسلسل شهير في السبعينيات عن حرب الكواكب، وأحدثه عن ولعي بالموسيقى اليونانية والرقص اليوناني وكيف انهما مليئان بالحياة والحيوية.

اضطرتني ظروف انقسام “اللجنة المركزية” إلى أغلبية وأقلية، وعدم الإلتزام بفتح باب الصراع الحزبي المبدئي؛ إلى مغادرة البلاد، وكنت من استهل طرح الخلافات داخلها عام 1978، وتعرضت لحصار شديد احتملته عدة سنوات، وقد تعرضت لتفصيل ذلك بموقعي على (الحوار المتمدن)، وليس هذا مجال إعادة بيانه بالتفصيل.

وفي الخارج كنت أتابع الأوضاع داخل الحزب من خلال بعض الرفاق والقيام بزيارات لـ”مصر” قد تطول أو تقصر حسب الأحوال.

كان هناك بعض الرفاق ممن أقدرهم وعملت معهم حزبيًا بجواري في “الكويت”؛ (الرفيقان …..)، حيث كنت مقيمًا بـ”المنامة” في “البحرين”، فقمت بالإتصال بهما، ورتبت لعمل زيارة لهما. وتمت الزيارة في 24 تشرين ثان/نوفمبر 1981، ثم زيارة ثانية 19 كانون أول/ديسمبر 1981، وزيارة ثالثة في 27 شباط/فبراير 1983، وكان من مفاجآت حياتي الجميلة أنني وجدت الرفيق “هاني شكرالله” (عصام)، في بيت رفاقنا بمنطقة “الرقعى” في هذه الزيارة الثالثة.

كان موضوع زياراتي السابقة هو كيف نصوب أحوال الحزب التي كانت همنا جميعًا، فقد صار الوضع يتجه للتدهور، ولا كوابح تقف في الطريق، وبادر رفيقنا؛ “إبراهيم”، بدعوة رفيقنا “عصام”، الذي كان يتحدث باسم بعض رفاق “الداخل”؛ ممن باتوا يتتحققون من نقد الأقلية السابق للأوضاع الحزبية، وعدم إمكان بقاء الوضع على ما هو عليه. فاتفقنا على ضرورة عقد “كونفرانس” استشاري لكوادر الحزب تُطرح فيه الأمور الخلافية الأساسية، ويُطبع تقرير الأقلية المطول: “حول الانحراف البيروقراطي التصفوي العزلوي”، ثم لابد وأن تُطرح مسألة عزل المسؤول السياسي عن القيادة الحزبية حتى تستقيم الأحوال.

استغرق الإعداد لـ”الكونفرانس”، ومتطلباته، ومناقشاته، ومناوراته، ومرواغاته، حوالي العام. عُقد “الكونفرانس” في 03 آذار/مارس 1983، وكان في استقبالي الرفيق: ….، في مطار القاهرة في اليوم السابق؛ حيث توجهت إلى مكان الاجتماع (منزل عائلة الرفيق أمير سالم)، حيث التقيت برفاق الأقلية: “صلاح العمروسي وفتح الله محروس وخالد جويلي”.

انتهى “الكونفرانس” بسلام أمنيًا وسياسيًا، حيث جرت الموافقة على ما طُرح فيه وجرت التوصية بضرورة الإعداد لمؤتمر حزبى تُمثل فيه كل مستويات الحزب.

عدت إلى “البحرين”؛ وبقيت في الخارج لمدة طويلة، ولم تنقطع صلتي بعدد من الرفاق كان منهم؛ “هاني شكرالله”، عبر الاتصال التليفوني، أو زيارته في مسكنه العائلي بالمهندسين، أو مسكنه الشخصي، وخاصة إذا كنت برفقة أم أولادي البحرينية. ولطالما التقينا حين أكون بمفردي في حانات الزمالك أو مقاهيها. وكثيرًا ما اجتمعنا مصادفة في بيت “صلاح العمروسي”. بت عمليًا خارج الحزب، مع ذلك كنت أعامل وكأنني مازلت عضوًا فيه تجري مناقشتي في الأمور المطروحة، ويتم إطلاعي على الأدب الحزبي الجديد. ووجدت “هاني” وقد صور ليّ كومة من الكتب كانت تدور جميعًا حول الطبيعة الطبقية لـ”الاتحاد السوفياتي” على خلاف بينها في التشخيص؛ (ومازلت أحتفظ بها أيضًا).

ولا أنسى لرفيقنا أنه أهداني كتابًا كنت في غاية الشغف لقراءته وترجمته؛ وهو: (أسس المسيحية)؛ لـ”كارل كاوتسكي”. وقد قمت بالفعل بترجمته ونشره بعدها بسنوات.

كان أول لقاء لنا بعد أن عدت إلى البلاد بصفة نهائية؛ في “مركز البحوث العربية”، الذي كان يُديره الأستاذ “حلمي شعراوي”، في محاضرة قدم لنا فيها البروفيسور “غينارو جيرفازيو”، الذي عرض ما تضمنته أطروحته التي نال عليها درجة الدكتوراه؛ وهي: “الحركة الماركسية في مصر” (1967 – 1981). والتقيت به بعدها في ندوة عقدها (تيار التجديد الاشتراكي) لمناقشة نفس الأطروحة بعد صدورها في كتاب عن “المركز القومي للترجمة” 2010.

كنت أتابع أخباره من خلال رفيقنا؛ “صلاح العمروسي”، ولم أصادفه في أعوام الثورة كما صادفت كثيرًا من الرفاق، كما لم أسمع عن التحاقه بأى حزب من الأحزاب القائمة.

وفى عزاء رفيقنا الراحل “صلاح العمروسي”؛ كان يقف مع “باهر” ابن “صلاح العمروسي”، متلقيًا عزاء المعزين، فصافحته وقبلته، واتخذت مكاني جانب الدكتور “هشام عبدالله” وأمام “فتح الله محروس”، وبعد دقائق وجدت “هاني” مندفعًا باكيًا نحوي: “كيف تدخل دون أن تصافحني”؛ هدأت روعه حاضنًا إياه وقلت له: “يا هاني كيف يمكن لهذا أن يحدث، لقد صافحتك وقبلتك وعزيتك”، وصادق الرفاق على ما قلت.

واتفقنا كما نتفق في كل عزاء على أن نتصل ببعض وأن نلتقي، ولكن بعض الظروف منها الصحية كانت تحول دون ذلك.

أسعدني أن تظهر مجلة (بالأحمر)، وأرسلت له مقالاً بعنوان: “علم النفس السياسي البورجوازي – نقد العقل القمعى وميتافيزيقا الجلاد – ضد أحمد عكاشة”. وقد نُشر بالفعل في أحد أعدادها. وحين كتب جملة مقالات عن: “مشكلة التنظيم والثورة”؛ في نفس المجلة شعرت أنه كان ينتظر مني مناقشتها، خاصة وأنني كنت قد نشرت وثائق (حزب العمال الشيوعي المصري) الأساسية على موقعى بـ (الحوار المتمدن)، وتعرضت لمسيرة الحزب تاريخيًا في بعض المقالات والكتابات. وعدته بأن أفعل ذلك. وآلمني أنني لم أتمكن بالوفاء بوعدي حيث تعرضت لعمل جراحة إستصالية وعلاج كيماوي لما يقرب من العام والنصف، وظللت أعاني من آثار العلاج لفترة تالية – وهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها بعد انقطاع دام عامين ونصف، ويالحزني عن رحيله !

منذ أيام مضت كنت فى عزاء رفيقنا؛ “بشير السباعي”، جالسًا بآخر السرادق، شاهدت رفيقنا “مدحت الزاهد”؛ يُغادر سرادق العزاء فحاولت اللحاق به، ولم أتمكن فعدت مكاني بعد أن سألت عنه الدكتور “علاء عوض”؛ الذي كان في استقبال المعزين وتوديعهم.

ثم رأيت الرفيق “هاني شكرالله” بظهره يُغادر بعدها سرادق العزاء أيضًا فتحرجت من أن أقوم خلفه مرة أخرى، وِقلت في نفسي، ربما نلتقي في عزاء آخر، ولم أكن أعلم أن هذ الآخر سيكون عزاءه.

ما من عزاء يكفي. إلا أننا نحمل تراث رفاقنا الذين رحلوا تاركين في قلوبنا حزنًا وحسرة – لكنهم أحياء دومًا في كل من يواصل حلمنا – رحل رفيق العمر في خندق الثورة؛ “هاني شكرالله” – عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية لـ (حزب العمال الشيوعي المصري) في السبعينيات. وداعًا.. حلمك باقٍ يا “هاني”…

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة