21 ديسمبر، 2024 1:45 م

مخلوقات ميسلون هادي

مخلوقات ميسلون هادي

 

كتب: خضير اللامي – السويد

في البدء، ترسم لنا ريشة المبدعة ميسلون هادي في قصتها هذه، الإكلاريوم، أو حوض الأسماك الصغيرة، مشهدا بانوراميا غرائبيا، لأسماك تتحرك، في حوض زجاجي بانسيابية شفافة،  يضفي عليه غروب الشمس لمسات تلويناته، وتَظهر من خلاله بشفافية، حركة تلك الأسماك وتموجات ألوانها، وانسيابية حركتها، في وقت غروب الشمس، تعتقد فيه ميسلون هادي، أنه الوقت المناسب، الذي يُلقي بظلاله الهادئة، حيث ترسم لنا مشهدا لا تبدو فيه هنا، أنها تسرد عملا إبداعيا، رواية أو قصة قصيرة، بقدر ما ترسم لنا هذا المشهد بريشتها الرشيقة، خلل ضوء الغسق، الذي يغمر الحوض المائي كما وصفته بأنه “يمض الروح ويجعل الإنسان يشعر بالأسى والحزن”.

وتذهب بنا المبدعة هادي إلى رسم مشاهد أخرى؛ مثل الشخصية التي أطلقت عليها اسم الإنسان، الذي يراقب حركة الأسماك ليزجي الوقت بين الظلمة والضوء، وليراقب حركة تلك الأسماك، ولا يبدو على سيمائه حركة أو نأمة، سوى الاستغراق في التأمل لمشاهدة حركة تلك الأسماك حسب.. ويبدو أنًّ ميسلون هادي، هنا، ترسم لنا هذه البانوراما كما لو أنها تملك ريشة فنان تشكيلي يضفي على أشكال رسوماته مشهدا زيتيا.. وليست تلك الساردة للرواية والقصة كما عرفناها.

ومن هنا، ربما عزفت الروائية والقاصة ميسلون هادي، عن استخدام الشخصيات البشرية في أعمالها الروائية والقصصية الإبداعية. فراحت تفاجئنا اليوم بقصة  الاكلاريوم، مشكّلة بذلك مملكة جديدة لها حسب، إذ راحت ترسم لنا أيضا مشهدا بانوراميا يضفي عليه غروب الشمس لمسات ظلال باهتة، يشعر القارئ كما لو أنها أي الساردة، ترسم بلوحتها هذه مشهد مخلوقات مائية تتموج بانسيابية عالية في حوض الاكلارايوم. وشخصية أطلقت عليها الساردة الإنسان، كما جاء في كلامنا أعلاه، الذي ربما أنه هو هارب من واقعه، فراح يراقب الأسماك بصمت مطبق، وهّمه  في هذا مشاهدة حركة تلك الأسماك، من خارج ذلك الحوض، متأملا حركتها الانسيابية، ومستمتعا بألوانها الزاهية، والجذابة، وبالتالي ليسجي وقته معها، ويبدو أن الإنسان هذا، فقد أي دور آخر له في الحياة سوى مراقبة حركة هذه المخلوقات التي كادت أن تكون مجهرية. بيد أنه أي الإنسان لا تخلو مراقبته من تحليل واستمتاع لفعاليات هذه الأسماك الصغيرة. إلى حد يشعر بالحزن والأسى كما تقول الساردة.

ففي القصة هذه، وعلى قصرها وأسلوبها المكثف، فيها الكثير من الإيحاءات والمخيال والرموز والإيماءات، عمّا تستشرفه الساردة، من خلل هذا النص الإبداعي، أو هذه اللعبة الجميلة، التي راقت لها.. لذا، راحت المبدعة ميسلون هادي، تلعب لعبتها الجميلة لخلق شخصيات مجهرية، تعيش وعلى وفق نظام متسق، ويبدو من هذا كّله، أن ًّالساردة ميسلون ربما تعيد إلى ذاكرتنا، رواية مخلوقات الكاتب البريطاني ه . أ ويلز،W. H.Wells التي تحولت إلى فيلم في سبعينيات القرن الماضي تتحرك آليا دون وعي، ويعني هذا، هنا توقف تفكير الإنسان وتحوله حسب، إلى مجرد آلة سلوكا وحركة ووعيا..

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة