23 يونيو، 2025 12:12 م

“محمد بيومي”.. أبو السينما المصرية المنسي

“محمد بيومي”.. أبو السينما المصرية المنسي

خاص: إعداد- سماح عادل

“محمد بيومى” مخرج ومصور ومؤلف وممثل ومنتج مصري من أوائل صناع السينما المصرية.

التعريف به..   

ولد يوم 3 يناير 1894 في مدينة طنطا سنة 1894، وكان والده تاجر وكان يحب الرسم، ونزل لميادين العمل في الإجازات الصيفية وعمل بتصليح الساعات، واشترى كاميرا فوتوغرافية . وعشق تصوير الوجوه وتخرج من المدرسة الحربية سنة 1915م, وأتلحق بواحدة من كتائب الجيش المصري بالسودان.

اتجه للمجال الفني بعد ثورة 1919 شارك في تأسيس (فرقه وادى النيل) مع (بشارة واكيم)، وبعدها سافر لإيطاليا والنمسا وحصل علي دبلوم في التصوير الضوئي والسينما توجرافى من حكومة النمسا، ومعه معدات ومعمل تصوير سينمائي.

أول فيلم وثائقي له هو (عوده سعد زغلول من المنفى) سنة 1923، وبنفس السنة قدم أول فيلم روائي وهو بعنوان (برسوم يبحث عن وظيفة) قام بتأليفه وإخراجه وتصويره وإنتاجه، شارك بعدها في الكثير من الأعمال من أشهرها (ليلة في العمر، ليلى البدوية، الباشكاتب). يعتبر أبو السينما المصرية وصاحب التراث المفقود.

جريده آمون السينمائية..

أصدر ”آمون السينمائية” أول جريدة مصرية وثائقية، وكان بيحلم يوصل بيها قضية مصر ضد الاحتلال للعالمية وخصص أول أعدادها لتسجيل لحظه وصول الزعيم سعد زغلول ورفاقه من منفى سيشل في سنة 1923م, وكانت مدة الفيلم 5 دقائق وهذا الفيلم التسجيلي أول شريط سينما مصري خالص.

وأول فيلم روائي له “برسوم يبحث عن وظيفة” كان بميزانية بلغت مية جنيه قام بيومى بتنفيذ اول فيلم روائى مصرى, ولعب فيه دور البطولة بشارة واكيم وشاركته فيكتوريا كوهين و فردوس حسن، و كانت مدة الفيلم حوالي 12 دقيقة.

 

وبسبب ندرة العاملين بالمجال السينمائى حرص محمد بيومى على دراسة كل فروع فن السينما وأجادها وكان يصور ويخرج وعمل عمليات الطبع والتحميض وتصميم الديكور والمونتاج بجانب تجسيده لشخصية ضمن أحداث الفيلم.

طلعت حرب..

في سنة 1925 قابل بيومي «طلعت حرب» وعرض عليه تصوير فيلم عن مراحل إنشاء المبنى الجديد لبنك مصر ووافق «حرب»  وأقنعه «بيومي» بتأسيس قسم للسينما يتبع شركة إعلانات مصر، وتأسس تحت اسم «مصر فيلم», وأسس شركه «مصر للتمثيل و السينما» وعين «بيومي» مديرا للشركة.

و سافر “بيومى” مع “طلعت حرب” «النمسا» لتطوير المعدات وشراء آلات جديدة، قضى الفترة ما بين 10 أغسطس و 19 أكتوبر 1925 يتدرب على إدارة المعامل السينمائية ونال شهادة من المركز الرئيسي للسينما في «ڤيينا» كتب فيها «يمتلك من الخبرة والكفاءة ما يؤهله للعمل في أكبر المعامل السينمائية في العالم».

تجاهل “طلعت حرب”..

لما رجع بيومي القاهرة تجاهله «حرب» في كلمته في الاحتفال بتأسيس شركة «مصر للتمثيل والمسرح» دور «بيومي» ونسب «حرب» الفضل في تأسيس صناعه السينما في مصر لنفسه هنا ترك «بيومي» الشركة في فبراير 1926 وندم على ما قدمه لـ«حرب» من أفكار ومجهود وحلم تحقق وتم إقصاؤه منه.

أسس «بيومي» في نوفمبر 1931 «المعهد المصري للسينما» وأعلن عن تعليم التصوير الفوتوجرافى والزنكوجرافى والسينمائى مجانا للمصريين بس.

وبالمعهد نفذ أول فيلم مصري بعنوان (الخطيب رقم13) وكان المصمم والمنفذ للديكور وكاتب السيناريو ومدير الإنتاج والتصوير والمخرج والمونتاج وممثل وكل عمليات الإظهار والطبع تمت على آلات صنعها «بيومي» بنفسه. وفى سنة 1934 في عام 1931، رد بيومي على ما حدث له بتأسيس «المعهد المصري للسينما» الذي أعلن استعداده لتعليم المصريين التصوير الفوتوغرافي والزنكوغرافي والسينمائي مجانا. ومن خلال هذه المؤسسة نفذ بيومي في عام 1933، بمساعدة ابنته مصممة ومنفذة الديكور دولت بيومي، أول فيلم مصري مائة بالمائة، وهو فيلم «الخطيب نمره 13» من اخراجه وانتاجه وتصويره وتأليفه، بل إنه شارك في تمثيله أيضا مع ابنته والممثلة القديرة دولت أبيض، وقام علاوة على ذلك بجميع عمليات الإظهار والطبع والتحميض على آلات صنعها بنفسه. غير أن صاحبنا اضطر في عام 1934 إلى إغلاق معهده، بعد أن قدم في تلك السنة آخر أعماله وكان فيلما بعنوان «ليلة في العمر»، وهو فيلم انتجه وأخرجه لصالح الراقصة المصرية أمينة محمد التي صدمته بعدم إعطائه مستحقاته. وبعد إغلاقه لمعهده بسبب خسائره من فيلم «ليلة في العمر»، قام بالاشتراك مع الأخويين وانلي بتأسيس قاعة الإسكندرية للفنون الجميلة في أول أغسطس 1935.

في عام 1940، قرر بيومي أن يعود إلى الجيش، بعد قرار الملك فاروق بإعادة من تم إحالتهم للاستيداع زمن الاحتلال البريطاني، لكنه يُقدم في العام التالي استقالته ويترك الجيش، ليتجه إلى قرية «صفط التراب» بمحافظة الغربية، حيث بنى لنفسه بيتا وصنع أثاثه بنفسه، وبدأ يمارس الزراعة دون الانقطاع عن ممارسة الرسم والتصوير وكتابة الأزجال التي طبعها سنة 1946 في كتاب بعنوان «ديوان الجندي المجهول.. مذكرات وأزجال». ومع قيام حرب فلسطين سنة 1948 يترك كل شيء وراءه ويذهب إلى فلسطين متطوعا ومندوبا للاتحاد العربي في الإسكندرية وضابط اتصال بين الأخير وقيادة المتطوعين، قبل أن يعود أدراجه.

سجل بكاميرته لحظات فريدة من عمر الوطن مثل حفل الألعاب الرياضية الذي أقامه الحرس الملكي، جنازة السير لى ستاك حاكم السودان، حفل افتتاح مباراة كرة القدم بين المنتخب القاهري وفريق هاكوا، ومشهد خروج الجماهير لتوديع الوفد اللي راح للتفاوض باسم مصر برئاسة النحاس باشا.

ألمانيا..

كتب  “بيومي” مقال عن ذكرياته عن دراسته للسينما في ألمانيا تحت عنوان “بفضل السجائر المصرية تعلمت السينما في ألمانيا”.

قال فيه: “فى سنة 1919 وجدت أبواب ألمانيا مفتوحة على مصراعيها بترحب بالطلبة المصريين فسافرت ليها وقضيت ست شهور عايش بجنيهاتى القليلة وبتمتع باللي اشتهرت بيه ألمانيا من أثار الفن والتصوير و ولما استقر بى المقام في برلين خليت كل همي التقرب من المنشغلين بالسينما، بفضل السجائر المصرية أتعرفت على شيخ المخرجين الألمان (ولهلم كارول) اللي مهد لي الطريق لدخول أستوديو (اوفا) كزائر وبفضل شعري الأسود وعيونى السود رشحني للعمل كومبارس في فيلم. وأثناء اندماجى بالوسط السينمائي بألمانيا أتعرفت بالمصور الألمانى (بارنجر)

وبفضل السجائر المصرية اللي كان ليها سحر عجيب عند الألمان وبيقول المصور داه ما بخلش بمعلوماته عن فن التصوير السينمائي وخدني مساعد ليه وبدأت التمرين العملي في التصوير واشتغلت في واحد من معامل تحميض وطباعة الأفلام ودرست كل اللي بيتعلق بالفن داه”.

حلة ملوخية..

بيقول “بيومى” لما رجعت مصر أنتجت أول فيلم وكان فيلم كوميدي خفيف وكان موضوعه شعبي وكان طبيعي يكون  لمة أبطال الفيلم هو حلة ملوخية ولكن كانت السبب في مصادره الفيلم لأن الرقيب شاف إن الحلة فيها سخرية من شعب مصر فمنع عرض الفيلم واتقبلت الصدمة وابتديت إخراج فيلم كوميدي تانى.

وكان فيلم “برسوم يبحث عن وظيفة” مع بعض المشاهير من الفنانين أسندت بطوله الفيلم لابنى الصغير لكن قبل الانتهاء من الفيلم أتوفى ابنى وكانت صدمه عنيفة وكان من الطبيعي إنى أتوقف عن إخراج الفيلم.

الرائد الأول للسينما المصرية..

في كتاب (محمد بيومي.. الرائد الأول للسينما المصرية) لمؤلفه “محمد كامل القليوبي” يحكي عن “محمد بيومي” أن محمد بيومي الذي ولد في الثالث من يناير عام 1894 لواحد من كبار تجار مدينة طنطا في منتصف الدلتا أعطى اهتماما واسعا لأمرين تلازما معه طوال حياته وهما الفن والسياسة.

عند قيام ثورة 1919 يقذف بيومي بنفسه في أتونها محرضا وملقيا بأشعاره التحريضية في كل مكان، ويصدر جريدة (المقص) للتحريض على الثورة مع ملاحظة أنه قد أصدر هذه الجريدة على شكل كتاب حتى لا تقع تحت طائلة قانون المطبوعات).

ومع نهاية الثورة بدا وكأن موضوع تفرغ محمد بيومي لممارسة العمل الفني قد تحدد بصورة نهائية وحاسمة، ولقد تمثل ذلك في أول خطواته بتأسيسه وصديقه الممثل بشارة واكيم لفرقة مسرحية باسم فرقة (وادي النيل).

في عام 1920 يقرر بيومي فجأة السفر إلى أوروبا، وهناك يتخذ من برلين مقرا لإقامته، ويركز على دراسة السينما وكان مدخله إلى ذلك عمله كممثل للأدوار الثانوية في شركة (جلوريا فيلم)، ثم اتجه للعمل وراء الكاميرا كمساعد مصور.

وتعرف على المصور الألماني الشهير بارنجر الذي ساعده على شراء المعدات الأساسية اللازمة لتأسيس أستوديو سينمائي صغير في مصر من ماكينات تصوير وتحميض ومونتاج.. إلخ.

يعود بيومي لمصر عام 1923 ليؤسس أول أستوديو سينمائي يقوم بإنشائه في مصر باسم آمون فيلم، ومنه يبدأ في إصدار جريدة آمون السينمائية، ويخصص أول أعدادها لتصوير عودة الزعيم سعد زغلول من منفاه في جزيرة سيشيل واستقباله في القاهرة في سبتمبر عام 1923.

بعد ذلك يشرع في عمل أول فيلم روائي قصير بعنوان (برسوم يبحث عن وظيفة) يقوم بتصويره وإخراجه وكتابة السيناريو له، بالإضافة إلى عمليات الطبع والتحميض والمونتاج.

وهو الفيلم الذي شارك فيه بشارة واكيم وعبد الحميد وكي ومحمد شفيق والسيد مصطفى، ثم قام بإخراج (الباشكاتب) عام 1924 لحساب الممثل الكوميدي أمين عطا الله، وهو عمل نصف كوميديا مصور سينمائيا. ويتم استكمال نصفها الآخر على المسرح.

علاوة على أعماله سالفة الذكر، قام بيومي بتصوير فيلم «في بلاد توت عنخ آمون» سنة 1923، وفيلم «مصطفى أو الساحر الصغير» سنة 1932، ومثل في فيلمي «ليلى بنت الصحراء» سنة 1937، وفي فيلم «ليلى البدوية» سنة 1944، وكلاهما من إخراج المخرج الايطالي المتمصر ماريو فولبي، ومن بطولة بهيجة حافظ. في أواخر حياته توجه إلى البنك ليصرف سندات بقيمة ألف جنيه، فيفاجأ أن الأسهم قد تجمدت، وأنه لا يستطيع صرف نقوده بسبب التأميم، فيصاب بالشلل النصفي في طريق عودته إلى المنزل ويُتوفى في 15 يونيو 1963، بالقسم المجاني بمستشفى المواساة بالإسكندرية، ويُدفن في مقابر أسرته في طنطا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة