خاص: إعداد- سماح عادل
“محمد مفتاح الفيتوري” شاعر سوداني بارز، يعد من رواد الشعر الحر الحديث، ويلقب بشاعر إفريقيا والعروبة. وتم تدريس بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كما تغنى ببعض قصائده مغنّون كبار في السودان.
حياته..
ولد “محمد مفتاح رجب الفيتورى” في 1936 في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور الحالية بالسودان، ووالده هو الشيخ مفتاح رجب الفيتوري وهو ليبي، وكان خليفة صوفي في الطريقة الشاذلية، العروسية، الأسمرية.
نشأ “محمد الفيتوري” في مدينة الإسكندرية بمصر وحفظ القرآن الكريم في مراحل تعليمه الأولى، ثم درس بالمعهد الديني وانتقل إلى القاهرة حيث تخرج في كلية العلوم بالأزهر الشريف.
عمل محرراً أدبياً بالصحف المصرية والسودانية، وعُيّن خبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 1968 و 1970. ثم عمل مستشارًا ثقافياً في سفارة ليبيا بإيطاليا. كما عمل مستشاراً وسفيراً بالسفارة الليبية في بيروت بلبنان، ومستشارا للشؤون السياسية والإعلامية بسفارة ليبيا في المغرب.
أسقطت عنه الحكومة السودانية في عام 1974 إبان عهد الرئيس جعفر نميري الجنسية السودانية وسحبت منه جواز السفر السوداني لمعارضته للنظام آنذاك، وتبنّته الجماهيرية الليبية وأصدرت له جواز سفر ليبي وارتبط بعلاقة قوية بالعقيد معمر القذافي وبسقوط نظام القذافي سحبت منه السلطات الليبية الجديدة جواز السفر الليبي، فأقام بالمغرب مع زوجته المغربية “رجات” في ضاحية سيدي العابد، جنوب العاصمة المغربية الرباط. وفي عام 2014، عادت الحكومة السودانية ومنحته جواز سفر دبلوماسي.
شعره..
يعتبر “محمد الفيتوري” جزءً من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث، وغالبًا ما يركّز شعره على الجوانب التأملية، ليعكس رؤيته الخاصة المجردة تجاه الأشياء من حوله مستخدماً أدوات البلاغة والفصاحة التقليدية والإبداعية. تعد إفريقيا مسرحا أساسياً في نص “الفيتوري” الشعري، شكلت فيه محنة الإنسان الإفريقي وصراعه ضد الرّق و الاستعمار ونضاله التحرري أهم الموضوعات التي تناولتها قصائده، وألف عدة دواوين في هذا المضمار منها ديوان «أغاني أفريقيا» الصادر في عام 1955، و «عاشق من أفريقيا» وصدر في عام 1964، و«اذكريني يا أفريقيا» ونشر في عام 1965، وديوان «أحزان أفريقيا» والصادر في عام 1966، حتى أصبح الفيتوري صوتَ أفريقيا وشاعرها.
إلى جانب نظمه للشعر نشر “الفيتوري” العديد من الأعمال النثرية والنقدية وبعض الدراسات في الصحف والمجلات العربية وتمت ترجمة بعض أعماله إلى لغات أجنبية ومن بين تلك الأعمال المترجمة: (نحو فهم المستقبلية (دراسة)- التعليم في بريطانيا- تعليم الكبار في الدول النامية)
كتب الفيتوري أربع مسرحيات شعرية هي: “سولارا” (1970)، “ثورة عمر المختار” (1974)، “يوسف بن تاشفين ومأساة الأمير الأندلسي” (1979)، و”الشاعر واللعبة” (1979). وقد حظيت الأولى بشهرة واسعة في سبعينات القرن الماضي، وقُدمت في أكثر من بلد عربي. وحصل على «وسام الفاتح» الليبي و«الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب» بالسودان.
هوية ملتبسة..
في حوار مع “محمد الفيتوري” أجراه “أنور المرتجي” يقول عن هويته المُلتبِسة، كشاعر عاش بين تخوم الجغرافيات العربية: “إنني أشعر بالانتماء الوجداني إلى كل أرض عربية أقمت فيها، لأنني مزيج مركب لما تميز به غيري من الشعراء، في كل المحطات الحياتية التي مررت بها، ستجدها حاضرة في أشعاري بصدقها وعفويتها، في صور ذكريات طفولتي التي تمثل مسرح أحلامي، حيث سعيت من خلالها إلى أن ألتزم الصدق في التعبير عن ذاتي وعن علاقتي مع الآخرين، إنني أشعر أن هويات متعددة تخترقني، هذا ما عَبّرت عنه في قصائدي.. لا أدعي التميُّز والتفرُّد، لقد كنت في شعري مثل الآخرين، إنسان يحلم بأن تصل كلمته إلى الإنسانية جمعاء. وأن تنمو كلمتي الشعرية وتتلاقح مع أفكار الآخرين”.
وعن تعبيره عن القضايا الإفريقية في شعره يقول: “بالرغم من التحوُّلات التي عرفتها إفريقيا، فإنني ما زلت مُتحمسّاً ومُخلصاً لقضيتها.. لقد سعيت منذ أن وعيت وجودي إلى أن: أكون مخلصاً لعدالة كفاح شعوب إفريقيا، التي مازالت تجري في عروقي. كل ما أتمناه لإفريقيا السمراء أن تستمر في كفاحها. وأن تتخلّص من مستغليها الجدد ومن حكامها الفاسدين، الذين يقبلون بالسيادة المنقوصة مقابل بقائهم في السلطة، أنا متفائل بأن إفريقيا قادرة غداً أن تتخطى عثراتها، وأن تجتاز بنجاح حروب الحقد والكراهية التي تجتاحها، ومواجهة حروب الإبادة العرقية التي تتعرّض لها شعوبها نتيجة للانقلابات العسكرية التي تنتج عنها أنظمة استبدادية، وذلك بالتحدي اليقظ لشعوبها ضد كل المناورات الخارجية التي تُحاك ضدها.. أعيش قلقاً، نتيجة للأوضاع المتدهورة التي تعرفها إفريقيا في مجال الحريات وحقوق الإنسان، التي لا تتجاوب ولا تنسجم مع تطلعاتنا التي حلمنا بها بعد الاستقلال. إن تغيير إفريقيا إلى الأحسن، لن يتحقق في ظل واقع الفرقة والتجزئة وتكريس الحدود المُصطنعة وتأجيج الصراعات القبلية التي تعرفها اليوم شعوب إفريقيا المتناحرة”.
الشعر السوداني..
وفي حوار ثان مع جريدة الخليج الإماراتية يقول “محمد الفيتوري” عن الشعر السوداني: “كان هناك قبلي في السودان شاعر كبير يجب أن يذكر الآن وهو «التيجاني يوسف بشير»، صدر ديوانه الأول «إشراقه» بعد وفاته، وكان لهذا الشاعر علاقة وثيقة بالثقافة المصرية، وكان أحد الشعراء الثلاثة الموهوبين في ثلاثينيات القرن ال «20» وهم رواد الشعر العربي الحديث في رأيي الذين كان توجههم إنسانياً رومانسياً وهم بجانب التيجاني أبو القاسم الشابي التونسي، والمصري محمد عبد المعطي الهمشري، وهم الذين مهدوا الطريق أمامنا وعرفنا من خلالهم أن للشعر قضايا، وهم الذين كانوا نواة لمدرستي «الديوان وأبوللو» اللتين كانتا خلاصة لمدارس أخرى نشأت في الغرب وهي «مدرسة شعراء المهجر» مثل جبران خليل جبران وغيره، الذين تعرفوا على المجتمع الغربي وغيروا الشكل في القصيدة، ولقد تأثرت شخصياً بأحدهم وهو الشاعر ميخائيل نعيمة. وقد جاء من بعدي شعراء سودانيون بالطبع، حيث إن الأرض ولادة كما يقولون، وقد كان رفيقي الشاعر محيي الدين فارس شفاه الله وأيضاً صلاح أحمد إبراهيم تغمده الله برضوانه وهناك شعراء الآن في السودان منهم «صديق المجتبي»، وكذلك الشعراء روضة الحاج وهي مذيعة وشاعرة، هاجر سليمان، عبد القادر الكتيابي، وخالد فتح الرحمن”.
وعن النقد وموقفه من إنتاجه يقول: “لا أعرف في الحقيقة البواعث التي تدفع النقاد المصريين إلى تجاهل اسمي عندما يكتبون عن واقع الثقافة المصرية، وعن شعرائها وأبرز من فيها من المبدعين، يجب أن يفهم هؤلاء النقاد أنني شاعر عربي ينتمي إلى دماء سودانية وليبية، ولكني في الحقيقة شاعر أنتمي إلى الفكر والثقافة المصريين وكذلك التراث المصري، ولا أعلم إن كان تجاهلهم هذا من باب الحسد أو الحقد أو الغيرة، وأنا في رأيي أنه ليس هناك نقاد حقيقيين في هذه المرحلة”.
وعن قصيدة النثر يؤكد “محمد الفيتوري”: “أنا أرى أن الشعر هو الشعر، حتى لو كان نثرًا أي يخلو من التفاعيل والأوزان ولكنه يحمل جوهر الشعر، هنا يتحول من النثر إلى الشعر، فالروح الشعرية هي التي تحدد قيمة القصيدة فهل يمكن أن نقول إن ناظم حكمت الشاعر التركي الذي ترجمت أشعاره نثرًا، ليس شاعرًا؟ ليست المسألة شكلية، فالإيقاع يجب أن يكون في رؤى الكلمات وليس فقط إيقاعاً خارجياً وبحورًا وتفاعيل”.
البذرة النارية..
وفي حوار ثالث أجراه معه “خالد عبد اللطيف” يقول “الفيتوري” عن نفسه: “أنا الذي ولدت في السودان وتربيت وتفتحت عيوني في مدينة الإسكندرية المصرية.. فيها تعلمت وحفظت القرآن.. كأي طفل ينتمي إلى أسرة مهاجرة في مصر.. ومع ذلك عندما بدأت كتاباتي الشعرية لم ابدأها كما يبدأها أي شاعر.. بدأتها بالحنين إلى إفريقيا.. بالبكاء على ما كان في الماضي (العبودية) والصراخ في وجه المستعمرين والغزاة والقتلة الذين يوما ما داسوا على هذه الأرض الطيبة.. الأرض الإفريقية.. واستعبدوا أحرارها.. كانت صرخات غير عادية في الشعر العربي.. حيث خرجت عن قوالب الغزل وتحولت من التغني بالحبيبة إلى الصراخ في وجه الغزاة.. كان هذا هو صوتي.. صوت ذلك اليافع.. لأن عمري لم يكن قد تجاوز حين ذاك الثانية عشرة تقريبا.. كنت قد حفظت القرآن الكريم وقرأت الكثير من الشعر العربي من مكتبة أبي.. وتلقيت أسس الثقافة العربية القديمة التي كنا نتعلمها في المعهد الديني بالجامع الأزهر.. كنت قد قرأت السيرة النبوية.. وبدأت أخرج من قوقعتي وأحتك بالآخرين.. كطفل صغير يشعر بعقدة النقص لأنه أسود في مجموعة عربية.. أنا الذي لم أصرخ وأبكي على ذاتي ولم التفت إلى الحصار من حولي.. أو أبكي على غربتي.. لكنني هتفت وصرخت وبكيت باسم الإنسان الإفريقي الذي أردت أن ينفض عنه الغبار ويتطلع إلى العالم بعيون ملأى بالتحدي والإصرار”.
ويواصل بوحه: “نعم.. السواد والبياض هو أسى مرحلة البدايات.. فعندما كنت طفلا وذلك في الأربعينيات كانت الإسكندرية مدينة البيروسقراطية المصرية.. كنت أتحرك في شوارعها وأكاد أكون أنا الأسود وحدي الذي يستطيع أن يتحرك وسط قوم هم من اليسر والبهاء والجمال والبياض.. في تلك المرحلة المضببة الآن في ذهني.. صرخ محمد الفيتوري الشاعر بعنفوان الإنسان الإفريقي وتمرده وسخطه على ما كان ورغبته في أن يشكل هذا الواقع على نحو أفضل.. هل كان لتلك المرأة العجوز (جدتي) فضل في هذا الصراخ.. نحن من عائلة ميسورة أبواي مهاجران.. تنحدر في أعصابي وشراييني دماء كثيرة.. قبائل زنجية وقبائل عربية وقبائل شريفة وأخرى مختلفة.. ما الذي جعل هذا الشاب ينتبه إلى هذه النقطة الحساسة في حياة الإنسان المعاصر.. هل هي حكمة جدتي العجوز التي أسرت واختطفت رغم انتمائها إلى إحدى أهم القبائل الإفريقية ما بين الجنوب السوداني وغربه وتحديدا منطقة بحر الغزال في قبيلة (القرعان) هل كانت (زهرة) جدتي هي الصوت الذي انبثق من خلالي ليعبر عن آلام الإنسان الإفريقي.. كانت ابنة شيخ قبيلة كما حدثتني.. وكان أهلها فرسان كما حدثتني أيضا.. وكانت صغيرة عمرها تسع سنوات.. وخرجت لتأتي بالماء من البئر مع قريناتها.. وفجأة وجدت شخصا أسمته بالجلابي.. قالت لي: جاء أحد (الجلابة) ثم خطفني وأردفني وراء ظهره ثم أهداني إلى جدك.. قلت لها: من هو جدي؟! قالت لي: جدك السيد علي بن سعيد بن يعقوب الشريف.. كان تاجر رقيق.. وكان ذلك هو حديثها.. عندها شعرت وكأني أقف على صراط ما بين الحرية والعبودية.. هذه الجدة مستعبدة.. هذا الجد تاجر رقيق.. وأنا طفل صغير لا يعرف معنى العبودية ولا معنى الحرية.. اعتقد أن هذه السيدة هي التي بذرت هذه البذرة التي لا أقول أنها سوداء وإنما البذرة النارية في روحي.. البذرة التي أشعلتني”.
وعن إسقاط الجنسية السودانية عنه يقول: ” امتدت بي سنوات الغربة والتشتت.. لكن ثمة مسألة مهمة جدا لابد أن اذكرها للتاريخ.. فعندما أبعدت في ذلك الوقت أسقطت عني الجنسية السودانية وأنا سوداني بالميلاد وهذا ممنوع قانونا، ولذلك هاجمت جعفر النميري وقلت أنه أسقط عني الجنسية، ولكن الذي حدث أنني منذ شهر فقط من هذا الحوار كنت في السودان وعلمت من زوجتي (آسيا) المقيمة هناك أن النميري يريد أن يقابلني لينفي لي ما أشيع عن أنه هو الذي أسقط عني الجنسية، وأنه لم يفعل ذلك.. ولم أذهب إليه لكن اعتبرته بريئا وفي حل من هذه المسألة.. وأعود لأقول عندما سمعت عن إسقاط جنسيتي اتجهت إلى ليبيا وتعرفت على القائد معمر القذافي الذي قال لي أنا أعلم أن لك جذورا في هذا البلد حيث أجدادك ينتمون إلى ليبيا.. فلماذا لا تأخذ الجنسية الليبية.. فقلت له أنا أحمل الجنسية السودانية.. فقال لي أنا عربي وهذه الجنسيات جوازات مرور لا قيمة لها.. خذ الجنسية الليبية واحتفظ بجنسيتك السودانية.. وهكذا أصبح لدي الجنسيتان”.
تزييف الثقافة..
وعن رؤيته للمشهد الثقافي العربي يقول: ” أنا لست في موقف الدفاع عن النفس فأنا والآخرون يعرفون أن الحياة الأدبية المعاصرة هي مجموعة من (الشلليات) القائمة على المصالح الشخصية، فهناك من النقاد من لا يكتب عنك إلا إن كنت صديقه، ولكل مبدع معروف جماعته النقدية التي تدافع عنه وتمجد له.. فمازالوا يختلفون حول أول من بدأ كتابة الشعر الحديث كتابة حقيقية ومن الذين أسهموا ولا أقول وضعوا أساس القصيدة الحديثة حيث لا يمكن لناقد نزيه أن يقول هنا أن نازك الملائكة ولا السياب ولا البياتي ولا بندر الحيدري هم الذين فعلوا ذلك، رغم أنهم كتبوا في أواخر الأربعينيات، ففي مصر كتب قبل هؤلاء محمود حسن إسماعيل قصيدة النثر وقبله هناك شاعر يتجاهلونه جميعا اسمه (حسين عفيف) وكتب حوالي سبعة دواوين شعر ما يعرف بقصيدة النثر.. وإذا كانت نازك الملائكة هي التي كتب قصيدتها الأولى (الكوليرا) سنة 47 فأنا أقول أنني عندما قرأتها آنذاك وقفت منها موقف المعارض وفي نفس العام قرأت قصيدة عنوانها (إصرار) وهي اسم الديوان وكانت القصيدة عبارة عن هجوم على الملك فاروق وكان صاحبها شاعرا هو سكرتير الحزب الشيوعي المصري كمال عبد الحليم وديوانه (إصرار) كان قد هوجم هجوما شديدا من الدولة نفسها وسجن.. هذا الديوان أقول من وجهة نظري أنه يتميز بأن بعض قصائده كتبت بالطريقة الكلاسيكية ولكن أغلبها بالطريقة الحديثة (التفعيلية) وأتساءل الآن لماذا تجوهل هذا الرجل.. لماذا تجوهل حسين عفيف الذي وضع الأساس الحقيقي للقصيدة المعاصرة وليس قصيدة التفعيلة فقط.. هنا لا يمكن إغفال التأثير الإعلامي وضعفه ورغبته في إرضاء نزوات الناس مهما خالفت الحقائق والمنطق والبكاء على الأشياء التي لا تفيد حركة الوعي الإنساني ونحوه”.
وعن تأثيره على الشعر يقول “الفيتوري”: “لقد كتبت في بداية الخمسينيات وقصيدتي (أحلام إفريقيا) في ديواني (أغاني إفريقيا) عام 1955 مكتوبة بطريقة التفعيلة التي خرجت فيها عن القواعد الكلاسيكية القديمة لكن ومع ذلك إذا أهملنا هذا الجانب الشكلي فهناك أيضا الجانب الموضوعي، أنا الشاعر العربي الوحيد الذي كتب عن إفريقيا حتى هذه اللحظة، أربعة دواوين شعرية كاملة عن مأساة الإنسان الأسود ونضاله نحو الحرية وتاريخه الذي دمر يوما ما بالعبودية وعن تطلعاته المستقبلية.. أنا الشاعر العربي الوحيد الذي كتب عن (نيكروما) و(بن بلا) و(لوممبا) و(مانديلا) ومع ذلك يهمل هؤلاء النقاد هذا الجانب ولا يعيرونه اهتماما وهذا لا يعنيني لأنني أعرف أن كلامهم أجوف ولن يبقى في التاريخ ولكن ستبقى الحقيقة في النهاية.. ولأني لست صاحب شلة ولا مال ولا نفوذ أعطيه للآخرين ليكتبوا عني فلست بحاجة لهم على الإطلاق.. ويكفيني أنه كتب في شعري ما لا يقل عن عشرين رسالة دكتوراة ما بين المغرب والسودان ومصر وليبيا ولبنان، وكتب عني الكثير من النقاد والاصلاء كالدكتور (منين موسى) و(غريد الشيخ) وترجم شعري إلى مختلف اللغات الروسية والألمانية والانكليزية والفرنسية والكردية وفي الصحافة الغربية.. أما الحالة الأدبية والشعرية في الوطن العربي فتحكمها العلاقات الشخصية وغياب التقاليد النقدية.. فأنا عاصرت آخر النقاد وعاصرت محمد مندور ومحمد الشوباشي وعباس محمود العقاد وزكي مبارك.. انتهى هذا الجيل وأتى جيل ليس له علاقة بالنقد الحقيقي وإنما بالصداقات والمنافع الشخصية”.
وفاته..
توفي “محمد الفيتوري” في 2015، في المغرب التي كان يعيش فيها مع زوجته المغربية عن عمر ناهز 85 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
https://www.youtube.com/watch?v=D7O4VCx9j6I