9 أبريل، 2024 2:00 ص
Search
Close this search box.

محسنة توفيق.. الفن لديها تصوير لحياة أكثر عدلا وجمالا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“محسنة توفيق” ممثلة مصرية، ولدت في 29 ديسمبر 1939، حصلت على درجة البكالوريوس في الزراعة عام 1968، وتميزت بدور “بهية” في فيلم “العصفور” من إخراج “يوسف شاهين”. وأصبحت “بهية” رمزًا للوطنية ورمزًا لمصر، لتجسد في نهاية الفيلم بصرختها: ( لأ، حنحارب لأ، حنحارب) رغبة الشعب المصري في النضال بعد تنحّي جمال عبد الناصر عن الحكم. واشتهرت “بهية” من خلال كلمات “أحمد فؤاد نجم” في أغنية الفيلم (مصر يمة، يا بهية)، وشقيقتها أبلة “فضيلة” مذيعة ببرامج الأطفال.

حصلت “محسنة توفيق” على وسام العلوم والفنون من “جمال عبد الناصر”1967، وفي عام 2013 حازت جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالها الفنية. وكان آخر تكريم لها من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، وآخر ما قالته في مهرجان أسوان لسينما المرأة: “قدمت في حياتي ما أشعر به، وما استفزني وأعجبني من خلال انتمائي للطلبة والعمال منذ صغري، حيث جاءت ثورة 2011 فشاركت فيها، لذلك أنا مدينة لشعب مصر بوقوفي هنا”.

اشتركت في بطولة فيلم “العصفور” 1974، ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996. وكان آخر أعمالها الفنية مسلسل “أهل الإسكندرية” من تأليف “بلال فضل”، وإخراج “خيري بشارة”، عام 2014، ولكن المسلسل لم يتم عرضه.

رفضت السفر مع وفد الفنانين، تحت رئاسة جمال مبارك، إلى لبنان عقب الحرب الإسرائيلية، وقالت في تصريحات لجريدة الأخبار اللبنانية: “مش ممكن.. هسافر مع شوية طبالين”.

من أبرز أعمالها فيلم “البؤساء” مع المخرج الراحل عاطف سالم، و”ديل السمكة” مع المخرج سمير سيف، وفيلمي “قلب الليل” و”الزمار” مع المخرج الراحل عاطف الطيب، وفيلمي “إسكندرية ليه” و”وداعًا بونابارت” مع المخرج الراحل “يوسف شاهين”، الذي قدمت معه أيضًا فيلم “العصفور”.

ومن المسلسلات التي شاركت فيها: (المفسدون في الأرض- اللص والكلاب- ليالي الحلمية- المرسي والبحار-أم كلثوم) لكن يبقى دورها في “ليالي الحلمية” الأكثر تأثيرا لدى المشاهدين المصريين والعرب.. وقدمت العديد من المسرحيات منها “مأساة جميلة” و”منين أجيب ناس” و”حاملات القرابين” و”الدخان” و”إيرما” و”عفاريت مصر الجديدة”. و تزوجت من “أحمد خليل”، الذي رحل في ديسمبر 2017.

الحرمان من التمثيل..

في حوار معها أجرته “راوية عبد الباري” تقول “محسنة توفيق” عن عائلتها: “أبى الشيخ توفيق عبد العزيز مقرئ عبقري حرمني من التمثيل وجعلني أشعر بالظلم، لكنه غرس بداخلي المعاني الجميلة لعطاء الناس المحتاجين فتربيت منذ صغرى على عدم التخلي عن الناس ومات أبى ولم أحترف التمثيل، لكنه قادني لطريق ساهم في نضج اختياراتي وشخصيتي وإنسانيتي وشربت وتعلمت من أمي العطف على المظلومين لأنها كانت عميقة المشاعر الإنسانية.. ليس هناك أقرب للإنسان من أهله وإخوانه وأقاربه.. بكل أسف شديد مات أبى وأمي بمرض وراثي في سن مبكرة وكذلك نفس المرض مات به أخي وأختي مغنية الأوبرا في عز شبابها، ولم يتبق لي من الحياة إلا أبلة “فضيلة توفيق” الإذاعية المعروفة التي تعيش الآن مع ابنتها في كندا”.

وعن زوجها تواصل: “أعانى من مشاكل صحية خاصة بعد وفاة زوجي فقد تأثرت نفسياً بشكل كبير فقد كان متفتحاً ومتفهماً تربى على يديه شباب كثيرون واقتنع بقيمة الفن ودوره في تنمية المجتمعات وتحضر الشعوب آمن بي ودعمني وشجعني في كل مراحل عمري الفنية فقد تزوجنا عن حب وتفاهم وتشاور في كل شئون الحياة”.

الفن تصوير لحياة أكثر عدلا..

وعن التمثيل تقول: “الهواية الأكبر طول الوقت هي الغناء لأنني موهوبة (سوبر دراماتيك) أدندن للمطربين عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد وسعاد محمد ورغم عشقي الشديد للغناء، وبالذات الأوبرا إلا أنني فضلت التمثيل لأنه وسيلة لتوصيل رسالتك للناس والتمثيل أكثر شعبية، أيضاً القراءة منذ الصغر تعرفني على أمور الحياة والأحوال في السينما والمسرح والتليفزيون وأتواكب مع الجديد دائماً. ولدى مكتبة كبيرة بالمنزل تضم جميع الكتب في جميع مجالات الحياة، القراءة علمتني أن الفن من أقوى وأكبر القوى الناعمة ومن أكبر وسائل المقاومة ويدفعك بمشاعرك الإنسانية للتواصل والتعاون والقوة في مواجهة الصعاب والتحديات.. تعلمت من الفن كيف أجعل الحياة أكثر عدلاً وجمالاً وتفاؤلاً. وبرغم حصولي على الجوائز العديدة من مصر وغيرها إلا أن جائزة حب الناس أكبر لأنهم جعلوني أستحق كل هذا التقدير.. مخرجون كثيرون كانوا وراء نجاحي وإعطائي فرصة كبيرة واستفدت منهم، المخرج الراحل “كرم مطاوع” و”مراد منير”، والمخرج “يوسف شاهين” الذي مثلت معه 3 أفلام ومنها “العصفور” أصبحت رمزاً للوطنية ورمزاً لمصر وكذلك “وداعا بونابرت”، واعتز ب”عاطف الطيب” ب”قلب الليل” و”الزمار” و”البؤساء”، و”سمير سيف” وفيلم “ديل السمكة” و”عاطف الطيب” وفيلم “البؤساء” وأعمالي مع المخرج “خيري بشارة”.

وتضيف: “أنا محظوظة لأني مشيت طريق الفن الذي عشقته من كل قلبي والإنسان كلما عاش وهو يسير في نفس الطريق سيصل إلى أفق ومشاعر إنسانية لم يكن قادراً على الإحساس بها وهو صغير، إيماني بالمستقبل ليس له حدود والأجيال الجديدة الحلو فيها سيبقى وستنتصر القيم الإنسانية الجميلة، وأتمنى أن نتخلص من الحقد ويكون الإنسان نقياً وصافياً ودافئ المشاعر نحو نفسه والآخرين. زرت بلاداً عديدة ورفضت الحصول على جنسية غير جنسيتي التي أحترمها وأنتمي إليها وأعتز بها ستظل مصر أم الدنيا فهي في خاطري وفى فمي أحبها من كل روحي ودمى”.

ليالي الحلمية..

في حوار أجرته معها “إيناس عبد الله” تقول “محسنة توفيق”عن “ليالي الحلمية”: “حينما عرض الجزء الأول من «ليالي الحلمية» عام 1987 شعرت بغيرة، وأنا أشاهد هذا العمل الرائع، الذي ينطلق من «الحلمية» هذا المكان الشعبي الوطني الجميل، بدوني، وأنا عاشقة للأحياء الشعبية، أنا ابنة «الوايلى» بالأساس، وتمنيت أن أكون جزءا من هذه الملحمة الدرامية للمبدع أسامة أنور عكاشة، وهو المؤلف الوحيد الذي صنعت الدراما منه نجما كبيرا، وأرى أن «ليالي الحلمية» كانت تتويجا لأعماله السابقة الأكثر من رائعة، وشاءت الظروف أن أشارك معهم في الجزء الثاني حتى الجزء الخامس الذي عرض في منتصف التسعينيات، ولكن للأسف كان أضعف الأجزاء قوة، ولم يحقق نفس نجاحات الأجزاء السابقة، بشهادة عدد كبير من النقاد، وعندما سمعت بحكاية الجزء السادس، لم ترق لي الفكرة، لأن «الحلمية» مشروع عكاشة «وبرحيله كتب عليه النهاية، وهو مشروع المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ صاحب البصمة الإخراجية المتميزة، إضافة إلى أننا نعيش وقتا صعبا، وأي عمل إذا لم يأت على هوى النظام لن يرى النور”..

وتواصل: “للأسف نحن نعيش أسوأ وقت للحريات، والنظام الذي يمنع عرض «أهل إسكندرية» لن يسمح بعمل ينتقده، فلمن لا يعلم هناك مسلسل اسمه «أهل إسكندرية» ممنوع من العرض لأكثر من 3 سنوات، لماذا؟ لأن أبطاله ومؤلفه لهم مواقف سياسية، ومنهم من يعترض على النظام الحالي، ومنهم من لديه انتقادات عديدة لما يحدث في مصر، ويعلن رأيه صراحة على الملأ، ليعاقب المسلسل بمنعه من العرض، ويقوم بالتعتيم على أخباره تماما، والتعتيم على أبطاله، وتحديدا، لأنهم يعلمون مدى حب الناس لي، وثقتهم أنني مصرية خالصة عاشقة لتراب هذا البلد، ولن يقبل الناس أي كلام يسيء لي”.

حب الناس..

وعن حب الناس لها تقول: “أنا من جموع الشعب «المضروب بالسلك»، ابنة الطبقة المتوسطة أعيش بينهم وتراودني أحلامهم، منذ نعومة أظفاري ولم أكن طفلة عادية مثل كل الأطفال ومن بينهم أخوتي، كنت انتبه دوما لما يحدث بالشارع، وأذكر حينما سمعت عن حادث فتح كوبري عباس على المتظاهرين من الطلاب، شعرت بفجيعة شديدة وكان عمري حينها 9 أعوام، وأدركت هول ما حدث وتمنيت لحظتها ألا أكبر، ومنذ هذه اللحظة وأنا أبذل جهدي ألا أكبر، والكبر هنا ليس في السن ولكن في التغيير، فكلما مرت أعوام أرى التغيير البشع في الناس شكلا وخلقا وأفكارا، وبقدر ما استطعت حرصت على الاحتفاظ بنقاء أفكاري، وحبي للناس لدرجة العشق خاصة «ملح الأرض» الكادحين، وهذا يتضح بشدة حينما أشارك في بطولة أي عمل، وتجدينني بين عمال المسرح، النجارين وعمال الديكور والكهرباء وأشعر أنني منهم وهم منى. وكان سبب التحاقي بكلية الزراعة أن اقترب من جموع الفلاحين وأعيش بينهم قبل أن يخطفني التمثيل”.

وعن علاقتها مع كل الأنظمة الحاكمة التي عاشت خلال حكمها تضيف: “جميعهم بلا استثناء، منذ أيام جمال عبد الناصر حتى هذه اللحظة، وذلك لأنني لا أعرف مسك العصا من المنتصف، ولى موقف وطني صارم وحاد، ولا أخشى الدخول في أي معارك للدفاع عن أفكاري مهما كانت العواقب، فأنا أتعامل بفطرتي التي فطرني الله عليها، وحدث حوار بيني وبين نفسي في هذا الشأن مرة واحدة، وقلت لنفسي إذا شعرت بالخوف لا تنطقي، ولكن وجدت أنني سأحترق إذا لم أقل ما بداخلي، فانطلقت، وتعرضت للسجن والاعتقال في عهد السادات، أما في عهد مبارك فكان العهد الذهبي لنضالي والمشكلات التي واجهتها، فكان يتم كثيرا إبعادي عن الفن، وهم يعلمون عشقي له، ولا أبالغ إذا قلت أنني كلما ابتعدت عن الفن اشعر بالموت الحقيقي، ولم يعد لي رغبة بالحياة، ولكن يحسب لي أنني لم انحنى لهم، أو بقيت في منزلي استجابة لرغباتهم، بل كنت أحاربهم وأعود وأقف على خشبة المسرح أو أمام كاميرا الفيديو والسينما، وأقول لمن يحاربني الآن ويرفض عودتي للفن سأعود وبقوة”.

وعن الأقاويل عن أننا في أسوأ عهود السينما والمسرح والدراما تقول: “بعد زيارة السادات للقدس، كانت هناك حملة للتشهير بالناس، وكنا نسمع أن الجمهور سيئ والفن مبتذل، والفنانين «زبالة»، ووصف المرحلة الفنية بأنها مرحلة غثة وقبيحة، وكلام يشبه ما يقال حاليا، وفى هذا الوقت قدمت مسرحية «القصة المزدوجة» واستقبل الجمهور العرض استقبالا لم أجد له مثيل، وشعرت أنني أولد مع الناس، وهم يتفاعلون مع العرض وقوته ويتحمسون لأحداثه ويصفقون للحوار، خلاصة القول، أن الجمهور عاشق للفن المحترم، وجملة «الجمهور عايز كده» التي تستخدم كمبرر لتقديم بضاعة تالفة، ليست صحيحة بالمرة، ولذا نجد إقبالا كبيرا من الجمهور للأعمال الجيدة التي تذاع جنبا إلى جنب الأعمال الرديئة.. الجمهور لم ينصرف عن الدراما المصرية، ولكنه جمهور متميز، لديه المساحة والرغبة والحب للاطلاع على أشكال أخرى للدراما، وأنا أحب مشاهدة الدراما التركية والهندية، وإن كان تركيزي أكثر على الدراما التركية، فوالدتي تركية، تتحدث التركية، وانفصلت عن أبى وأنا في سن الثالثة من عمري، وموسيقى اللغة التركية تعيد لي ذكرياتي الجميلة مع أمي وتشعرني بالحنين الدائم لها والنوم بين ذراعيها، فأنا بالمناسبة أكره الدبلجة التي تفصلني عن العمل، وأحب أن أتذوق العمل بطعم أهل بلده، كما أن الدراما التركية جميلة بالفعل، والهجوم عليها حقد رخيص ومبتذل وغيرها من الناس تقدم أعمالا جيدة، وكفى لعب دور الوصي على الجمهور، فالجمهور يختار ما يشاء، ويحب من يشاء، وعلى صناع الفن في مصر أن يبذلوا جهدا لتقديم أعمالا جيدة”.

 بهية..

وعن دورها بهية في فيلم «العصفور»، وأنيسة في «ليالي الحلمية» تقول: “في «العصفور» نحن نتحدث عن سينما يوسف شاهين، الرجل الذي جعلني أعشق السينما، وهو صاحب تركيبة غاية التناقض، فرغم أنه ولد من رحم السينما التجارية، وعينه دوما كانت نحو هوليوود والنجومية والشهرة، ولكن حينما نشاهد النماذج البسيطة في أفلامه نجد احترامه الشديد لهم، وحبه لهم وشعوره أنه واحد منهم، ونرى نزعته الثورية واضحة تماما، يوسف شاهين ولد في ظروف صعبة بعد أن أفلس أبوه، وواجه مشاكل كبيرة في حياته، هذا التناقض انعكس أيضا في أفلامه، فنجده قد يلجأ كثيرا إلى فنانات يتمتعن بمواصفات شكلية معينة لجذب الجمهور وتحقيق إيرادات، مثلما حدث مع نجلاء فتحي وكانت مقوماتها في هذا الوقت أنها ممثلة «حلوة» ونفس الأمر مع نجوى إبراهيم في فيلم «الأرض»، أما في العصفور، فرغم أنني كنت في عز شبابي وكنت جميلة بحق بخلاف ما أظهر على الشاشة، إلا أن يوسف وضعني في دور يفوقني كثيرا في المرحلة العمرية، وتعاملت مع الدور على أنه فرصة للوقوف، أمام كاميرا هذا المخرج الكبير الذي أعشق أعماله، ولكنه فاجأني أثناء العرض بمدى أهمية دور بهية والذي اعتبره النقاد فيما بعد رمزا للوطنية.. لم أستلهم «أنيسة» من شخصية بعينها، ولكن من خلال إحساسي بالإنسان المصري البسيط وما بداخله من مشاعر تجاه بلد وجيرانه وأهل منطقته، والعفوية التي يتمتع بها في تصرفاته، ولا أنكر أن انتمائي للحى الشعبي لعب دور في أدائي لهذه الشخصية، وفى «ليالي الحلمية» كنا نتحدث عن حكاية شعب عشته، ولم أسمع عنه، بل عشت كل هذه اللحظات والأحداث وأصبحت جزءا منى وأصبحت جزءا منها”.

وعن العمل السياسي توضح: “رغم سني إلا أنني شاركت في ثورة 25 يناير الثورة الشعبية الحقيقية الأكبر في تاريخ مصر، وخرجت ضد الإخوان في 30 يونيو، حب الوطن لا يمكن اعتزاله أبدا، والعمل السياسي يجرى بدمى”.

وفاتها..

ورحلت “محسنة توفيق” صباح الثلاثاء 7 مايو2019، عن عمر ناهز 80 سنة بعد صراع مع المرض.

 

https://youtu.be/66aBLS0ZyV0

 

https://youtu.be/xb_c5MNfsXk

 

https://youtu.be/YnfGUhyu8Fc

 

 

https://www.youtube.com/watch?v=PrEvGS8OBqw

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب